البهائيون في اليمن.. اضطهاد مستمر وسعي حوثي لتدمير هويتهم الثقافية
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
لا تزال الأقلية التي تدين بالبهائية، تعاني الملاحقات والاضطهاد والاعتقالات في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون في اليمن، وفقا لما أفادت المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين.
وأوضحت المبادرة في تصريحات خاصة لموقع "الحرة"، أن "اليمن يشهد في السنوات الأخيرة، خاصة منذ عام 2014، استهدافا منهجيا للمواطنين البهائيين من قبل سلطة الأمر الواقع في صنعاء (الحوثيين)، حيث تعرضوا إلى صنوف من الاضطهاد والقمع وانتهاك الحقوق الأساسية".
وأضافت: "البهائيون هناك يتعرضون لنوع من أنواع الإبادة الصامتة، التي تستهدف هويتهم ومعتقدهم وحياتهم اليومية، وذلك من خلال ضغوط متتالية ومنهجية تُمارس لإجبارهم على ترك معتقدهم لإخفاء هويتهم، وعبر مساعٍ حثيثة لإجبار العديد على ترك قراهم ومدنهم، بل والهجرة من البلاد".
واعتبرت المبادرة أن ما يتعرض له البهائيون "يرتقي إلى مستوى جريمة تطهير ديني".
وسجلت المبادرة اليمنية خلال السنوات الخمس الأخيرة، المئات من الانتهاكات لحقوق المواطنين البهائيين، لافتة إلى أنه "بالإمكان تصنيفها إلى 34 صنفا من الانتهاكات، إذ أن بعضها تتكرر عشرات المرات للعديد من الأفراد والأسر البهائية، ناهيك عن أن نسبة كبيرة ممن يعانون من هذه الانتهاكات هم من الأطفال والنساء وكبار السن".
المعتقلون الخمسة
كانت المداهمة المسلحة العنيفة التي قام بها الحوثيون لاجتماع سلمي للبهائيين في صنعاء، في 25 مايو 2023، حيث تم اعتقال 17 بهائيا من بينهم 5 نساء، أحد أوضح الانتهاكات في سلسلة مستمرة من الاضطهادات الممنهجة ضد تلك الأقلية الدينية، حسب المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين.
وفي هذا الصدد، حصل موقع "الحرة" على فيديو حصري من المبادرة، يتضمن أسماء المعتقلين الخمسة الذين لايزالون يقبعون في سجون جماعة الحوثي، مع بعض المعلومات الشخصية عنهم.
وفي هذا الصدد، أوضح مدير مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن، نادر السقاف: "من الواضح أن المحرك الحقيقي خلف ما يحدث للبهائيين في اليمن هو دافع طائفي يحاربهم بسبب اختلاف معتقدهم، ويسعى إلى عملية تطهير طائفي ضد البهائيين".
وأضاف في حديث إلى موقع "الحرة": "الأجهزة الأمنية الحوثية والشخصيات الفاعلة في ملف البهائيين، أعربت أكثر من مرة – تصريحا وتلميحا – بأن المعتقد هو الدافع الرئيسي خلف عمليات الانتهاك والاضطهاد".
وأكد السقاف أن قضايا المعتقلين البهائيين تشهد "تخبطا واضحا" في الاتهامات الموجة لهم، "ففي العديد من المناسبات حملت لغة الخطاب صبغة طائفية صريحة وصلت إلى درجة اتهام كل من يقف إلى جانب البهائيين بالكفر والخروج عن الإسلام والعمالة لأعداء الدين"، على حد قوله.
ولفت إلى أنه "خلال الأيام المقبلة ستكون ذكرى مرور سنة على الاعتقالات اللاإنسانية للبهائيين، وعليه فإننا نطالب تلك الجماعة بإطلاق سراح المعتقلين الخمسة المحتجزين لديها فوراً ودون شرط؛ فالإيمان ليس جريمة يُعاقب عليها، والحرية حق للجميع".
أعربت الخارجية الأميركية الاثنين عن "قلقها العميق حيال تقارير موثوقة أفادت باستمرار الحوثيين في إساءة معاملة البهائيين في اليمن بشدة، واعتقالهم بشكل عشوائي، وتعذيبهم".
من جانبها، أوضحت الناشطة الحقوقية، رئيسة منظمة التميز لتنمية المجتمع، روحية ثابت، أن "الأحداث أثبتت بوضوح أن الحوثيين هم الجهة الرئيسية المسؤولة عن الاضطهاد الممنهج الحالي للبهائيين في اليمن".
وأشارت إلى أن "عمليات الانتهاك والاضطهاد تفاقمت من حالات فردية إلى عملية منهجية واضحة الملامح، تستهدف كافة أبناء هذا المعتقد، وذلك منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في أواخر عام 2014".
ونوهت بأن تلك الجماعة، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، تعمل على "مسح الهوية الثقافية والاجتماعية للبهائيين، باعتبارهم أحد مكونات المجتمع اليمني".
انتهاكات عديدة
وأشار كل سقاف وثابت إلى الانتهاكات التي تتعرض لها الأقلية البهائية منذ سيطرة الجماعة الحوثية على مقاليد الحكم في صنعاء، ومن بينها:
- التضييق عليهم ودفعهم للخروج من مدنهم وقراهم، بل وحتى الهجرة القسرية خارج اليمن.
- تضييق سبل العيش، والمضايقات المالية وتجميد المعاملات المصرفية للبهائيين ومن يتعاملون معهم، من خلال المؤسسات المالية ومراكز الصرافة وغيرها.
- إخفاء صوتهم ووجودهم الاجتماعي من خلال المضايقات المستمرة.
- تحريض المجتمع على البهائيين وإثارة المخاوف تجاههم، من خلال نشر الأكاذيب والتهم السياسية والثقافية والأخلاقية المفبركة.
- تخويف أفراد تلك الأقلية من خلال حملات متابعة، وإصدار الأحكام الجائرة، وتعذيب المعتقلين، وسجن النساء والقصَّر.
كما نوه السقاف بأن الأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين "تقوم بإجبار المعتقلين البهائيين على التوقيع على تعهدات بوقف الأنشطة الثقافية أو الحديث عن معتقدهم، خوفا من انتشار التعاليم البهائية، مما يؤكد أن الهدف الرئيسي لاعتقالهم هو هدف طائفي مرتبط بعقيدتهم".
الخوف من الاعتقال
وفي حديث إلى موقع الحرة، كشف "ن. س" الذي ينتمي إلى الأقلية البهائية، عن بعض الأوضاع المزرية التي يعانون منها منذ أن خضع معظم شمال اليمن لسطوة الحوثيين.
وقال "ن. س" الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "يمر اليمن بضائقة اقتصادية بسبب الأوضاع، لكن الاضطهاد الممنهج علينا كبهائيين كان السبب الرئيسي في تدهور أحوالي وانقطاع مصدر رزقي".
وزاد: "بسبب التخوف من حملات الاعتقال التي تستهدفنا فقط لاعتقادنا الديني، نضطر للعيش تحت ظروف قاهرة، فأنا على سبيل المثال، أُجبرت على تغيير مكان سكني مع عائلتي، وبالتالي فقدت عملي لصعوبة الذهاب إليه".
معاناة الأطفال
وعن تأثير حملات الاضطهاد والتمييز التي يشنها الحوثيون على الأطفال والنساء بشكل خاص، قالت ثابت: "تعرض أطفال البهائيين لصدمات نفسية من جراء اعتقال أحد الوالدين أو كليهما، ليحرموا بذلك من الرعاية الأسرية لفترات متفاوتة، ناهيك عن التداعيات النفسية الخطيرة لتفريق الأسر عن بعضها".
مرة أخرى تعود إلى الواجهة قضية اعتقال بهائيين في اليمن. فبعد اعتقال مجموعة منهم في آب/ أغسطس الماضي، اعتقل آخرون في نيسان/أبريل الجاري.
وشددت ثابت على أن العديد من ربات المنزل عانين من أجل توفير مصادر مالية لتغطية نفقات أطفالهن اليومية، وتغطية مصاريف تعليم أولادهن، في ظل غياب المعيل الوحيد للأسرة، مما كان سببا في العديد من الحالات بأن تعيش العائلات تحت ضائقة الفقر الشديد.
وبدورها، أوضحت المبادرة اليمينة للدفاع عن حقوق البهائيين، أن العديد من الأطفال "حُرموا من متابعة التعليم بسبب الأساليب الطائفية المتبعة في المدارس، وكذلك بسبب إرغام أسرهم على ترك قراهم ومدنهم".
ولفتت المبادرة في تصريحاتها إلى موقع "الحرة"، أن "السلطات الحوثية في مرات كثيرة أمرت بمراقبة وإيذاء الأطفال بهدف اعتقال ذويهم".
ورأت المبادرة أن تلك السلطات تستهدف "بشكل رئيسي أموال وأعمال وممتلكات البهائيين، وتمنعهم من الحصول على مستحقاتهم، وتجمد حساباتهم المصرفية، وتستولي على بيوتهم وممتلكاتهم".
وخلصت المبادرة إلى أن "سياسة الحوثيين تجاه أفراد الأقلية البهائية واضحة جدا، فهم يستهدفون إجبارهم على ترك معتقدهم، وإرغامهم على الحضور في محاضرات دينية حوثية، وإلا فالبديل هو السجن والتعذيب والتنكيل وقطع الأرزاق والتهجير وفي بعض الحالات النفي القسري من البلاد".
وفي نفس المنحى، قال السقاف إن" الاضطهاد الممنهج ضد البهائيين جعلهم يعانون من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية منذ نحو 10 سنوات وحتى الآن، حيث تم إجبار العديد منهم على حضور دورات قسرية يطلق عليها الحوثيين (دورات ثقافية)، بهدف التحريض على الآخر المختلف".
تاريخ البهائيين في اليمن
حسب الموقع الرسمي للبهائيين في اليمن، فإن المصادر التاريخية تشير إلى أن ذلك الدين وصل إلى تلك البقعة في بدايات ظهوره.
ففي عام 1260 هجرية (الموافق 1844م) شهد ميناء "المخا" على البحر الأحمر قدوم علي محمد الشيرازي المعروف بـ"الباب المبشر" بظهور الدين البهائي، وذلك في رحلته إلى الحج عبر موانئ اليمن في ذهابه وعودته.
ولم تكن هذه الحادثة التاريخية نهاية علاقة الدين البهائي باليمن، فعندما قضت الإمبراطورية العثمانية بحبس "حضرة بهاء الله" (مؤسس الدين البهائي) في سجن عكا، عادت شواطئ وموانئ اليمن لتشهد مرور أعداد متزايدة من "المؤمنين الأوائل بالدين البهائي والمحبين لرسالته"، وفقا للموقع الرسمي.
فالمسار المائي عبر بحر العرب وباب المندب والبحر الأحمر هو الطريق الذي سلكه جّمٌ غفيرٌ من أهل المشرق القاصدين زيارة "حضرة بهاء الله" في سجنه.
ومع مرور الزمن استمر مرور البهائيين بأرض اليمن، وتتابع احتكاك أهلها بهم، حيث اعتنق العديد من السكان الدين الجديد، وكان من بينهم شخصيات اجتماعية وقبلية معروفة.
ووفقا للسقاف، "يعتبر البهائيون اليوم من المكونات الأصيلة في المجتمع اليمني، ومن المعروف عنهم حبهم لبلدهم".
وتابع: "رغم أن البهائيين في اليمن مشهود لهم بتاريخهم المسالم البعيد من أي نشاط سياسي أو حزبي طوال عقود طويلة، ورغم ما عرف عنهم من اهتمام كبير بالأعمال الخيرية والتطوعية والمساهمة في بناء المجتمع، سواء على مستوى العمل المهني أو على مستوى العمل الاجتماعي، فإن السنوات الأخيرة شهدت موجات من الاستهداف والقمع تفاقمت إلى مراحل متقدمة من الاضطهاد المنهجي".
وشدد السقاف على أنه "يصعب حصر أعداد المؤمنين بأي معتقد في الظروف الحالية، خاصة مع ما يتعرض له البهائيون من اضطهاد".
وانتهى بالقول: "التقديرات تشير إلى أن عدد البهائيين في حدود عدة آلاف ينحدرون من مختلف مكونات وطبقات وقبائل المجتمع اليمني، ويتواجدون في معظم المدن والمحافظات".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن صنعاء الحوثي حقوق البهائیین فی العدید من على ترک من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليمن.. أسطورة الردع التي هزمت المشروع الأمريكي
يمانيون/ تقارير
أثبت اليمن، منذ عقد على نجاح ثورة 21 سبتمبر 2014م، مدى القدرة العالية على مواجهة أعتى إمبراطورية عسكرية على مستوى العالم “أمريكا” وأجبرها على الرحيل من المياه الإقليمية والدولية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي وخليج عدن وسحب حاملات طائراتها وبارجاتها ومدمراتها، وإخراج بعضها محترقة وأخرى هاربة تجر أذيال الهزيمة.وبالرغم مما تعرض له اليمن من عدوان وحصار من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، منذ عشر سنوات، إلا أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في إيجاد قوة ردع لم تكن في الحسبان، ولم يتوقعها الصديق والعدو، عادت باليمن إلى أمجاده وحضارته وعراقته المشهورة التي دوّنها التاريخ وكتب عنها في صفحاته، وأصبح اليمن اليوم بفضل الله وبحكمة وحنكة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، رقمًا صعباً في المعادلة الإقليمية والدولية.
مجددًا تنتصر القوات المسلحة اليمنية لغزة وفلسطين، بعملياتها العسكرية النوعية خلال الساعات الماضية وتثبت للعالم بأن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل بما تمتلكه من إمكانيات وقوات عسكرية وحربية كبيرة، مجرد فقاعة اعتاد الإعلام والأدوات الصهيونية تضخيمها لإخضاع الدول والشعوب المستضعفة، لكنها في الحقيقة عاجزة عن إيقاف صواريخ ومسيرات باتت تهددّها في العمق الصهيوني وتدك مرابضها في البحار.
وفي تطور لافت، أفشلت القوات المسلحة اليمنية بعملية عسكرية نوعية أمس الأول، الهجوم الأمريكي البريطاني، باستهداف حاملة الطائرات “يو إس إس هاري إس ترومان” ومدمرات تابعة لها، وأجبرتها على الفرار من موقعها وأحدثت هذه العملية حالة من الإرباك والصدمة والتخبط في صفوف قوات العدو الأمريكي البريطاني.
بالمقابل حققت القوات المسلحة اليمنية تطورًا غير مسبوق في اختراق منظومة السهم والقبة الحديدية الصهيونية التي عجزت عن اعتراض الصواريخ والمسيرات اليمنية وآخرها صاروخ فرط الصوتي “فلسطين2” الذي دك منطقة “يافا” الفلسطينية المحتلة، محدثًا دمارًا هائلًا ورعبًا في صفوف العدو الصهيوني، وعصاباته ومستوطنيه.
لم يصل اليمن إلى ما وصل إليه من قوة ردع، إلا بوجود رجال أوفياء لوطنهم وشعبهم وأمتهم وخبرات مؤهلة، قادت مرحلة تطوير التصنيع الحربي والعسكري على مراحل متعددة وأصبح اليمن اليوم بما يمتلكه من ترسانة عسكرية متطورة يضاهي الدول العظمى، والواقع يشهد فاعلية ذلك على الأرض، وميدان البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي غير بعيد وما يتلقاه العدو الأمريكي البريطاني الصهيوني من ضربات موجعة خير دليل على ما شهدته منظومة الصناعة العسكرية والتقنية للجمهورية اليمنية من تطور في مختلف تشكيلاتها.
وفي ظل تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية للقضية الفلسطينية وتواطئها مع كيان العدو الصهيوني، تجاه ما يمارسه في غزة وكل فلسطين من جرائم مروعة، ودعمها للمشروع الأمريكي، الأوروبي في المنطقة، برز الموقف اليمني المساند لفلسطين، وملأ الفراغ العسكري العربي والإسلامي لمواجهة الغطرسة الصهيونية وأصبحت الجبهة اليمنية اليوم الوحيدة التي تواجه قوى الطغيان العالمي بقيادة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا نيابة عن الأمة.
يخوض اليمن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، منذ السابع من أكتوبر 2023م مع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، نصرة لفلسطين وإسنادًا لغزة، وهو متسلحاً بالله وبحاضنة شعبية وترسانة عسكرية ضخمة لمواجهة الأعداء الأصليين وليس الوكلاء كما كان سابقًا.
وبما تمتلكه صنعاء اليوم من قوة ردع، فرضت نفسها بقوة على الواقع الإقليمي والدولي، أصبح اليمن أسطورة في التحدّي والاستبسال والجرأة على مواجهة الأعداء، وبات اليمني بشجاعته وصموده العظيم يصوّر مشهداً حقيقياً ويصنع واقعًا مغايرًا للمشروع الاستعماري الأمريكي الغربي، الذي تحاول الصهيونية العالمية صناعة ما يسمى بـ” الشرق الأوسط الجديد” في المنطقة والعالم، وأنى لها ذلك؟.