الجزيرة:
2025-04-07@01:58:00 GMT

تركيا والخليج.. مرحلة جديدة قاطرتها الاقتصاد

تاريخ النشر: 31st, July 2023 GMT

تركيا والخليج.. مرحلة جديدة قاطرتها الاقتصاد

أتت جولة الرئيس التركي على عدة دول خليجية في مستهل ولايته الرئاسية الجديدة لتؤكد مسار التهدئة مع القوى الإقليمية، وتفتح باب العلاقات على مرحلة جديدة يشكل التعاون الاقتصادي والتجاري عنوانها الأبرز ورافعتها الرئيسة.

عقد من التوتر

رغم حرص حكومات العدالة والتنمية على علاقات جيدة مع دول الخليج العربية وما شهدته السنوات الأولى من حكم الحزب بقيادة رجب طيب أردوغان من تطور ملموس في العلاقات بين الجانبين، فإن العقد الفائت شهد توترًا كبيرًا بين تركيا من جهة وبعض الدول الخليجية، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى.

في 2016 انتهجت أنقرة سياسة "تكثير عدد الأصدقاء وتقليل عدد الخصوم"، لكنها لم تلق تجاوبا، إلا أن العامين الأخيرين شهدا تغيرًا ملحوظًا وسريعًا في العلاقات

لم يكن الأمر نتيجة تضارب المصالح أو تعارضها بالضرورة، إذ كانت هناك دائما مصالح اقتصادية وأمنية تدفع باتجاه التعاون. كانت الاصطفافات الإقليمية -تحديدًا بعد الثورات العربية في 2011- السبب الرئيسي خلف توتر العلاقات بين أنقرة من جهة والرياض وأبو ظبي من جهة أخرى، والذي وصل ذروته بعد الانقلاب بمصر في 2013، ليدخل الجانبان في سلسلة من المواجهات المباشرة وغير المباشرة.

كانت تركيا هدفا دائما لحملات إعلامية تحريضية من وسائل إعلام تدور في فلك محور السعودية/ الإمارات/ مصر، بالإضافة إلى مواقف سياسية من هذه الدول أو من الجامعة العربية بدعم منها تندد بالدور التركي في أكثر من ملف من سوريا للعراق ومن ليبيا لشرق المتوسط. وفي شرق المتوسط تحديدا تشكل منتدى غاز شرق المتوسط مستثنيًا بشكل واضح حقوق تركيا التي تملك الساحل الأطول عليه.

في المقابل، وجهت تركيا بشكل غير رسمي أصابع الاتهام لهذه الدول -خصوصا الإمارات- بالوقوف خلف عدة أحداث في تركيا وربما دعمها، مثل أحداث منتزه "غازي" التي تحولت لأحداث شغب في 2013، والمحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016، بل صدرت أحيانًا تلميحات من مسؤولين حكوميين أو حزبيين بهذا الاتجاه.

وضاعفت محطات -مثل أزمة حصار قطر في 2017، وقضية مقتل جمال خاشقجي من التوتر بين الجانبين، لا سيما مع التطور البارز في العلاقات التركية-القطرية التي وصلت حدود التحالف الإستراتيجي بين الطرفين.

مسار المصالحات

في 2016 انتهجت أنقرة سياسة "تكثير عدد الأصدقاء وتقليل عدد الخصوم"، لكنها لم تلق تجاوبًا في حينه من العواصم المذكورة، إلا أن العامين الأخيرين شهدا تغيرًا ملحوظًا وسريعًا في العلاقات.

دفعت عدة عوامل لمسارات متزامنة من التهدئة والحوار بين عدد من القوى الإقليمية، تمثلت في سلسلة من المصالحات بين تركيا والمحور المواجه لها في المنطقة (السعودية – الإمارات – مصر) والمصالحة الخليجية والحوار بين السعودية وإيران والمصالحة المصرية القطرية… إلخ.

في مقدمة هذه الأسباب تضرر اقتصادات المنطقة من جائحة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية وغير ذلك، وتراجع حضور وأهمية الملفات الخلافية وعوامل الاستقطاب المرتبطة بالثورات والثورات المضادة بالنسبة لهذه الدول، وتغير الإدارة الأميركية ورغبتها في تعزيز التعاون بين حلفائها في المنطقة، فضلا عن عدم قدرة أي من الطرفين على إلغاء الطرف الآخر أو هزيمته في نزاعات وصراعات المنطقة، إضافة إلى تثبيت تركيا وجودها وأدوارها في كل من ليبيا وسوريا وجنوب القوقاز وغيرها.

بشكل مفاجئ، كانت الإمارات أسرع الدول تقاربا مع تركيا من خلال زيارة ولي عهد أبو ظبي -في حينه- الأمير محمد بن زايد لأنقرة، ثم زيارة أردوغان لأبو ظبي، ثم تعمقت العلاقات بين البلدين بشكل ملموس.

رغم تباطؤ المسار مع كل من السعودية ومصر مقارنة بالإمارات، فإن العلاقات معهما دخلت كذلك في مسار من التهدئة والحوار والتعاون، ووصلت ذروتها بمصافحة أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في افتتاح كأس العالم في الدوحة، وزيارة أردوغان للرياض وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأنقرة.

مرحلة جديدة

جاءت جولة أردوغان الخليجية، التي شملت السعودية وقطر والإمارات، في بدايات ولايته الرئاسية الجديدة لتؤكد أهمية العلاقات مع دول الخليج العربية بالنسبة لتركيا في الفترة المقبلة. ويرتبط ذلك من جهة بمسار السياسة الخارجية التركية في الفترة القادمة، لا سيما في ما يتعلق بقضايا المنطقة والعلاقة مع القوى الإقليمية، وفي مقدمتها الدول العربية والخليجية، ومن جهة أخرى بأولوية الملف الاقتصادي في مرحلة ما بعد الانتخابات والاهتمام بالاستثمارات الخليجية على وجه التحديد في هذا الإطار.

فقد استبق أردوغان هذه الجولة بإيفاد نائبه جودت يلماظ ووزير المالية محمد شيمشك للخليج لإعداد الأرضية المناسبة لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية في المقام الأول مع دوله.

الرغبة التركية في تطوير العلاقات، لا سيما التجارية والاقتصادية والاستثمارية، مع دول الخليج العربية ليست من طرف واحد؛ بل قابلتها الأخيرة برغبة مماثلة. ويتبدى ذلك بوضوح في حفاوة الاستقبال للرئيس التركي والوفد المرافق له في الدول الثلاث، وتؤكده الاتفاقات الموقعة مع هذه الدول؛ عددًا ومجالاتٍ ومضمونًا.

وإذا كان من المتوقع والبديهي أن تعمّق أنقرة علاقاتها مع الدوحة وتوقيع اتفاقات في مجالات مختلفة، نظرًا للعلاقات المتميزة بين البلدين في العقد الأخير على وجه التحديد ورؤية قيادة البلدين باتجاه ضرورة رفع مستواها بشكل مستمر؛ فإن الاتفاقات الموقعة مع كل من الرياض وأبو ظبي لفتت الأنظار.

وقعت تركيا مع السعودية عدة اتفاقات في مجالات الاستثمار المباشر والصناعات الدفاعية والطاقة والدفاع والاتصالات، وعُقد على هامش الزيارة منتدى الأعمال التركي-السعودي، وكان العنوان الأبرز في الزيارة توقيع عقدين مع شركة الصناعات الدفاعية التركية (بايكار) لشراء طائرات مسيّرة (من دون طيار)، وُصفت بأنها الصفقة الدفاعية الأبرز في تركيا.

هذه الأخيرة ليست اتفاقية اعتيادية أو هامشية، بل لعلها المؤشر الأهم على تخطي البلدين مرحلة الفتور والتوتر السابقة. ويعضد هذا المعنى إصدار البلدين بيانًا مشتركًا تخطى راهنية الزيارة الأخيرة وقدم رؤية مشتركة للبلدين تجاه جملة من قضايا المنطقة والعالم الإسلامي بشكل عام، وهذا كذلك بدوره ليس تفصيلا هامشيًا بالنظر لمستوى العلاقات بينهما في العقد الماضي.

كما وقعت أنقرة مع أبو ظبي عدة اتفاقات ومذكرات تفاهم قدّرت قيمتها بـ50.7 مليار دولار، إضافة إلى إعلان اتفاق مشترك بين الجانبين لإنشاء لجنة إستراتيجية عليا بين البلدين. وبشكل مشابه، فإن الاتفاقات الموقعة بين البلدين تؤكد فتح صفحة جديدة مختلفة تمامًا من العلاقات، ولعل اتفاق تبادل المطلوبين على وجه التحديد يؤكد هذا المعنى، ويشير إلى أن الطرفين مصرّان على استمرار مسار تحسين العلاقات وتجاوز فترة المواجهات السابقة بينهما.

الخلاصة، أكدت زيارة الرئيس التركي الأخيرة لكل من السعودية والإمارات وقطر أن توجهات السياسة الخارجية المستجدة لأنقرة ليست مرتبطة بشكلٍ حصري بالانتخابات السابقة، بل إنها جزء من رؤية صادرة عن قناعة لدى صانع القرار بضرورة انتهاج سياسة خارجية مختلفة عن تلك المطبقة في العقد الفائت. كما تثبت الزيارة مجددًا مدى أولوية الاقتصاد في هذه الرؤية، لا سيما من جهة جذب الاستثمارات الخارجية التي تشكل دول الخليج العربية مصدرا أساسيا لها.

في العموم، إن مخرجات هذه الزيارة -جنبًا إلى جنب مع عدد من التطورات الإقليمية والدولية- تحيل إلى إرهاصات إنشاء نظام إقليمي جديد في المنطقة مختلف عن فلسفة الاصطفافات التي حكمت المنطقة خلال العقد الماضي، ويبدو أن الاقتصاد -على وجه التحديد- هو رافعة هذا المسار ودافعه الأهم.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دول الخلیج العربیة العلاقات بین بین البلدین فی العلاقات هذه الدول مع دول من جهة

إقرأ أيضاً:

وزير العمل يستقبل مدير عام الأكاديمية العربية السعودية لبحث التعاون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل وزير العمل محمد جبران ،اليوم الأحد ، بمكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة ،مدير عام الأكاديمية العربية السعودية ،إبراهيم الشرقاوي،بحضور المستشار العمالي بالرياض محمد عليان..

وذلك للتباحث في مجموعة من الملفات ذات الإهتمام المُشترك ،والإستفادة من النموذج المتطور الذي تقدمه "الأكاديمية"، في إطار الحرص على تعزيز التعاون بين مصر و"المملكة" فى مجالات التدريب المهني، وتأهيل الشباب وتنمية مهاراتهم لسوق العمل، وبحث إمكانية افتتاح فرع للأكاديمية في مصر، بهدف نقل المعرفة وتأهيل الشباب المصري للوظائف الحديثة، بما يواكب متطلبات أسواق العمل الإقليمية والدولية..

وأكد الوزير جبران على منظومة التدريب المهني التابعة للوزارة ،وتوجيهات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بشأن إعداد الشباب الماهر والمدرب لسوق العمل في الداخل والخارج ،كما أكد على جاهزية "الوزارة" بتوفير الكوادر المصرية الماهرة والمُدربة لكافة الأسواق الخارجية.

وأشار إلى ان هذا اللقاء يعكس عمق العلاقات المصرية السعودية في مجال تطوير الموارد البشرية والتدريب المهني، بالإضافة إلى حرصه على هذا اللقاء كونه يأتي في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الشراكة المصرية السعودية في مجالات التدريب والتأهيل المهني، بما يسهم في إعداد جيل جديد من الكفاءات المصرية المدربة وفتح مزيد من الفرص أمام الشباب لاكتساب المهارات المتخصصة التي تؤهلهم لسوق العمل المتطور، بما يتماشى مع رؤية الدولة التي تركز على تنمية رأس المال البشري وتعزيز الابتكار في مختلف القطاعات..
واستمع الوزير جبران من مدير "الأكاديمية" عن تجربتها في تأهيل الشباب لسوق العمل،وإلى شرحٍ تفصيلي حول منظومة التدريب المتبعة، والتي تعتمد على أحدث الأساليب والتقنيات الحديثة، بالإضافة إلى استعراض الشراكات المحلية والدولية التي تعزز من جودة التدريب وتطوير الكفاءات،وتقديم عرض شامل حول رحلة المتدرب داخل الأكاديمية وأحدث الممارسات في التدريب المهني، والتي تهدف إلى تزويد المتدربين بالمهارات العملية المطلوبة في سوق العمل..
جدير بالذكر أن "أكاديمية" تُعد  إحدى أبرز الجهات التدريبية الرائدة في المملكة العربية السعودية، حيث تأسست عام 2024 في مقرها الرئيسي بالرياض، وتهدف إلى تمكين الأفراد والمؤسسات من خلال حلول تدريبية مبتكرة ومتكاملة، تساهم في سد الفجوات المهنية وتعزيز الكفاءات الوطنية. وتُقدّم الأكاديمية برامج تدريبية متخصصة تغطي مجالات متعددة، مثل المبيعات وخدمة العملاء، إدارة التجزئة، التجميل، الأزياء وتصميم الموضة، إضافة إلى الضيافة والسياحة، مما يجعلها منصة تدريبية متكاملة تستهدف الباحثين عن عمل، رواد الأعمال، والمؤسسات الساعية إلى تحسين أدائها وكفاءتها...

وتمثل الأكاديمية نموذجًا فريدًا في التدريب المهني، حيث تجمع بين التعليم النظري عبر القاعات والمنصات الإلكترونية، والتدريب العملي في بيئات تحاكي الواقع، مما يضمن إعداد كوادر مؤهلة قادرة على الاندماج الفعّال في سوق العمل. كما أن برامجها التدريبية معتمدة من "المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني"، ما يمنح المتدربين ميزة تنافسية في مسيرتهم المهنية.
حضر اللقاء رشا عبدالباسط رئيس الإدارة المركزية للعلاقات الدولية ،ووائل عبد الصبور مدير عام شئون مراكز التدريب،وأحمد معروف مدير عام العلاقات العامة

487395395_10160714555962130_3068818828344973942_n 487815796_10160714556042130_7355715467995133534_n 488575614_10160714556132130_5908623038744558056_n 489927900_10160714555832130_4518663182330900082_n

مقالات مشابهة

  • وزير النقل: تأهيل مطار الخرطوم الدولي بالتفاهم مع المملكة العربية السعودية
  • وزير العمل يستقبل مدير عام الأكاديمية العربية السعودية لبحث التعاون
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • هل ستختلف الدول العربية حول عيد الأضحى مثل حالة عيد الفطر؟
  • الجامعة العربية: الحروب الإسرائيلية دخلت مرحلة جديدة من العربدة الكاملة
  • الأمين العام لجامعة الدول العربية يحذر من عواقب العربدة الإسرائيلية في المنطقة
  • الأمين العام لجامعة الدول العربية: إسرائيل تعمد إلى خرق الاتفاقات الموقعة واستباحة الدول
  • أوروبا تعلن عن حقبة جديدة في العلاقات مع آسيا الوسطى
  • بسبب انتهاكاتها في غزة وسوريا ولبنان.. بيان عربي حادّ ضد إسرائيل
  • الجامعة العربية تحذر من عواقب العربدة الإسرائيلية في المنطقة