مع تصاعد عمليات إطلاق الأقمار الصناعية، ازدادت المخاوف من حدوث اصطدامات بين تلك الأقمار في المدار القريب من الأرض، مما يمكن أن يؤدي لحطام ونفايات فضائية قد تجعل أجزاءً من الأرض غير صالحة للعيش، وفق موقع "أكسيوس" الأميركي.
ونقل الموقع عن مختصين قولهم إن "العام 2023 شهد إطلاق 2877 مركبة فضائية، بزيادة قدرها 15% تقريبا عن العام السابق.
وقالت المدير العام لشركة سلينغشوت أيروسبيس، ميليسا كوين، إن "الفضاء أصبح أكثر ازدحاما منذ سنوات، ولكن الآن بدأت الصورة في الظهور أكثر، ولذلك المساعي مستمرة لمعالجة المخاطر المتزايدة في المدار".
ويشير مختصون إلى أن أكثر من 91% من الأقمار الصناعية موجودة في مدار أرضي منخفض، وأن ما يقرب من 80% من جميع الأقمار الصناعية مخصصة للاتصالات، بينما تستخدم أقمار أخرى في خدمات الطقس والدفاع الصاروخي، بجانب أغراض عسكرية أخرى.
وفي نوفمبر 2021 اضطر طاقم محطة فضاء دولية، وهم 4 أميركيين، وروسي وألماني، إلى إخلائها، وصعود مركبتين فضائيتين، بعد تحذيرهم من تناثر حطام في الفضاء قد يهدد حياتهم.
وفر رواد الفضاء دون أن يعلموا في ذلك الوقت مصدر هذا الخطر، ثم تبين لاحقا أنه حطام قمر للتجسس، يعود إلى الحقبة السوفيتية (يسمى كوزموس)، وأن روسيا استخدمته في اختبار صاروخ مضاد للأقمار الصناعية.
وتسبب ذلك الاختبار في انتشار آلاف قطع الحطام في المدار المحيط بالأرض، وهدد حياة رواد الفضاء، مما أثار غضب الولايات المتحدة ووصفه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بأنه تصرف "متهور".
ولا يتوقف السباق نحو الفضاء على الدول والحكومات وحدها، إذ أن أكثر من 89 في المئة من الأقمار الصناعية العاملة في الفضاء مملوكة لشركات تجارية، مما يعكس نمو اقتصاد الفضاء.
وفي وقت سابق أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن "الصين تركز جهودها لتطوير شبكة إنترنت تعمل بالأقمار الصناعية يمكنها منافسة شركة ستارلينك التابعة لإيلون ماسك".
وتوسعت ستارلينك بسرعة في جميع أنحاء العالم وعرضت تطبيقاتها العسكرية لتعزيز دفاع أوكرانيا ضد روسيا.
وتلفت كوين إلى وجود أكثر من 3300 قمر صناعي غير نشط حول الأرض، مشيرة إلى أن "تلك الأقمار تشغل مساحة كبيرة".
وبرأي خبراء، فإن المدار الأرضي المنخفض يضم الآلاف من الأقمار الصناعية غير النشطة، بما في ذلك 187 قمرا صناعيا خرج عن الخدمة العام الماضي.
وأدى السباق نحو الفضاء إلى إنعاش سوق التأمين، إذ حصلت شركات التأمين على الفضاء على حوالي 557 مليون دولار من أقساط التأمين العام الماضي. وفي المقابل، دفعت تلك الشركات 955 مليون دولار من جراء الخسائر.
وبحسب موقع أكسيوس الأميركي، فإن غالبية تلك الخسائر تعود إلى مطالبتين بخصوص قمرين صناعيين تملكهما شركة إنمارسات وشركة فياسات.
ونقل الموقع عن باحثين ومختصين قولهم إن "نمو صناعة الأقمار الصناعية، إلى جانب المخاوف بشأن الحطام الفضائي والتحديات التي تواجه التأمين على الفضاء، "تستلزم اليقظة المستمرة لضمان استدامة العمليات الفضائية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأقمار الصناعیة
إقرأ أيضاً:
ما بعد الفيتو الروسي
ياسر عرمان
أُشبع الفيتو الروسي تحليلاً وتخميناً بمعلومات صحيحة من مظانها الحقيقية وأخرى خاطئة عن قصد أو دونه من مختصين ومطلعين وآخرين قافزين بالزانة أو بالشباك، ليس لدي ما أضيفه ونحن نتعامل مع العلاقات الإقليمية والدولية في أخطر فترة يواجهها المجتمع والدولة السودانية الحديثة منذ نشأتها.
يجب أن نكون حذرين وصبورين في التعامل مع جيراننا الأقربين وفضائنا الحيوي وامتداداتنا في الجغرافيا السياسية والمصالح المتقاطعة سيما في البحر الأحمر والقرن الأفريقي وحزام الساحل الذي تشهد بعض بلدانه انهيار الدولة الوطنية مثلنا والأطماع في الموارد وغياب النواة الصلبة التي توحد التنوع وضبابية الرؤية وعدم وحدة القيادة.
الوطنيون حقاً يخشون على بلادنا من ثلاثة مصادر أولها إطالة أمد الحرب وثانيها تقسيم شعبنا وأرضنا وثالثهم الشيطان عودة النظام القديم في دولة هشة، وبحكم مشاركتي في قضايا الحرب والسلام وامتداداتها في العلاقات الإقليمية والدولية كتبت أكثر من عشر مقالات في هذه القضية منذ بداية الحرب في محاولة للمساهمة في الحوار الهام بين قوى الثورة والتغيير حول كيفية الوصول إلى إطار متكامل وحزمة منسجمة لوقف وإنهاء الحرب تضع الإغاثة قبل السياسية والحقوق الطبيعية قبل السياسية، وتجعل من مخاطبة الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين مدخلاً للعملية السياسية التي يجب أن تقوم في فضاء مفتوح قائم على حماية المدنيين ومشاركتهم، وأن تكون ذات مصداقية لا أن تقوم على الحلول التجارية السريعة القائمة على الربح والخسارة وغير المستندة على المبادئ والمؤقتة والهشة.
شهد الشهر الأخير بداية جديدة وصحيحة في أوساط القوى المدنية في التركيز على قضية حماية المدنيين ومخاطبة الكارثة الإنسانية قبل الدخل في أي عملية سياسية لا توفر الأمن والطعام والسكن والعلاج واتساع الفضاء المدني قبل الدخول في حوار يرقص على ساق قسمة السلطة.
ما بعد الفيتو الروسيأصدر مجلس الأمن قرارين حول السودان، ورغم انقسام المجلس، فإن الخمسة الكبار سمحوا بتمرير القرارين في شهري مارس ويونيو (٢٧٢٤- ٢٧٣٦)، عجز القراران ناجم عن عدم توفر الآليات لتطبيقهم وعدم وجود بعثة سلام للفصل بين القوات والتحقق، وصدروهما خارج الفصل السابع، ورغم أن الكارثة الإنسانية والنزوح واللجوء وجرائم الحرب في بلادنا هي الأكبر على مستوى العالم، لكن يتهرب المجتمعان الإقليمي والدولي من التزاماتهم في ظل انقسامات حادة وقضايا أخرى تستأثر باهتمام سيما أوكرانيا وغزة.
الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين مدخل لوحدة قوى الثورة والعملية السياسية:
الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين تشكلان الحد الأدنى لوحدة قوى الثورة وأساس الحقوق الطبيعية في الحياة والإقامة، وفي نفس الوقت تشكلان المدخل الصحيح للعملية السياسية القائمة على حق الشعب في حقوقه الطبيعية قبل السياسية، وهي تحرج المجتمعين الإقليمي والدولي، وتذكرهما بالتزاماتهم المنصوص عليها في المواثيق الإقليمية والدولية والقانون الإنساني والدولي.
مجلسا الأمن الأفريقي والدولي يوفران الإجماع:
في ظل الانقسام الذي يشهده مجلس الأمن الدولي علينا العمل مع أعضاء مجلس الأمن الأفريقي وتصعيد خطابنا حول الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين في السودان، حتى يخرج مجلس الأمن والسلم الأفريقي بخارطة طريق ستجد القبول والإجماع في مجلس الأمن الدولي كما جرت العادة في ظل الانقسام الحالي، بل يجب الدعوة إلى اجتماع في مقر الاتحاد الأفريقي بين مجلسي الأمن الأفريقي والدولي كما تم من قبل وبعد اتفاق نيفاشا، وقد عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً في نيروبي قبل الاتفاق وزيارة للخرطوم بعد الاتفاق، ومن الضروري مشاركة الجامعة العربية في هذا الاجتماع.
المناطق الآمنة أم نزع السلاح؟ تقليص الفضاء المدني أو العسكري؟
مفهوم المناطق الآمنة للمدنيين علينا طرحه في إطار توسيع الفضاء المدني وتقليص الفضاء العسكري وحق المدنيين في نزع السلاح من أماكن تواجدهم لا عبر تحديد مناطق معزولة تقلص الفضاء المدني وتوسع الفضاء العسكري، ويجب أن يتم ذلك بتطبيق القانون الإنساني الدولي الذي يعطي المدنيين حرية الحركة، ويطالب العسكريين بالخروج من المناطق المدنية حتى تكون آمنة، الأمن يعني انسحاب العسكريين وحصر تواجدهم وليس العكس، وفي أي ترتيبات مقبلة لوقف العدائيات أو إطلاق النار سيطالب العسكريين بالرجوع إلى أماكنهم قبل الحرب برقابة وتحقق من بعثة السلام، وهذا لن يتوفر إلا باتفاق الطرفين أو تطبيق الفصل السابع، وفي الوضع الدولي الحالي وعدم الاهتمام بالسودان الحل هو في تصعيد الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية معاً.
نواصل..
الوسومياسر عرمان