كنت قبل سنوات أمرّ على صيدلية "الإسعاف" وأشتري منها ما أحتاجه من الأدوية شأنها شأن باقي الصيدليات فلا زحام ولاطوابيرولا انتظار، غير أن المشهد الذى أصبح واقعا ومنذ ثلاث سنوات هو مشهد الطوابير المتراصة منذ الصباح الباكر أمام شبابيك صرف الأدوية تحت أشعة الشمس الحارقة فى أيام الصيف والبرد القارس أيام الشتاء، فالصيدلية توفر فى أوقات كثيرة نواقص الأدوية التى يعاني منها سوق الدواء منذ فترة طويلة.
كتبت فى هذه المساحة منذ عام تقريبا وقلت "منذ عدة شهور وأنا أسمع شكوى الكثير من المحيطين من عدم توافر أدوية بعينها وخاصة تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة، لم أكن أتصور أن الأمر بهذه الخطورة إلا عندما تعرضت شخصيا للتجربة، فمنذ أربعة أشهر تقريبا أجريت عملية استئصال الغدة الدرقية، وهو ما يعني ضرورة تناول جرعة يومية محددة من الدواء التعويضي، وقتها أشتريت علبتي دواء بتركيزين مختلفين يتوافقان مع الجرعة المطلوبة، ثم امتنعت جبرا عن تناول نصف الجرعة بعد انتهاء صلاحية عبوة الدواء، بحثت كثيرا عن علبة بديلة وأوصيت زملاء وأقارب بالبحث فى صيدليات فى مناطق متنوعة.
اتصلت بعدد كبير من الصيدليات والرد يكون دائما غير متوافر للأسف، وقمت بنفسي بالمرور على صيدليات أخرى ويكتفي الصيدلي بإيماءة من الرأس تعني عدم تواجده، وعندما كنت أسأل أحدهم ماذا أفعل والدواء ضرورى؟ فإن بعضهم يؤكد أن الشركة توقفت عن إنتاجه بسبب نقص الخامات.
.
هذه الكلمات التى كتبتها منذ عام مازالت تعبر عن نفس المشكلة ومازال دواء الغدة الدرقية غير متوافر، ولولا أن جاءتني علب دواء من أقارب مقيمين بالخارج لكنت مازلت أبحث عنه فى الصيدليات، أو أضطررت إلى استعمال دواء بديل ليس بنفس الفعالية المطلوبة، للأسف هناك نوعان آخران من الأدوية أبحث عنهما منذ شهر تقريبا دون جدوى، لأنه وبرغم كل الجهود التى تبذل لحل الأزمة مازالت مشكلة الدواء متفاقمة ولها عدة أسباب.
أحد الصيادلة قال لى إن بعض مخازن الأدوية تتعمد إخفاءه لحين تعديل الأسعار، لأن آخر تسعير للدواء تم فى عام 2017 مع أول تحرير للجنيه مقابل الدولار، ووقتها كان سعر الصرف 18 جنيها بينما قارب الآن على الخمسين جنيها.
ووفقا لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن انفاق المصريين على الصحة انخفض بنسبة 3% كما أن الخريجين الجدد لا يقدمون على فتح صيدليات كما يقول محمود فؤاد رئيس جمعية "الحق في الدواء"، الذى أضاف فى تصريحات صحفية أن أصل أزمة الدواء في مصر ينبع من كونه سلعة تخضع لما يُعرف بـ "التسعيرة الجبرية" التي تضعها الحكومة، باعتبارها سلعة استراتيجية مهمة، لا يجوز التخلي عنها، أو تركها لقوى العرض والطلب.
مشكلة نقص الدواء أصبحت مشكلة مؤرقة للمرضي نفسيا وجسديا، وعليه يجب أن تكون فى أولوية أى خطة للتعامل مع الأزمات.. ويكفي المرضى ما يعانون من تبعات "آلامهم المزمنة".
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
شبكة ترصد مجموعة من الاختلالات بخصوص سوق الأدوية في المغرب
رصد تقرير للشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة حول أسعار الأدوية مجموعة من الاختلالات من أبرزها احتكار وارتفاع أسعار الأدوية واستيراد جميع الأدوية باستثناء الجنيسة منها.
واعتبر التقرير أن أسعار الأدوية بالمغرب (صناعة محلية ومستوردة) مرتفعة، مقارنة مع عدد كبير من دول العالم بحوالي 3 إلى 5 مرات، منتقدا “عجز” الحكومة عن محاربة لوبي شركات الأدوية التي تحقق أرباحا خيالية.
كما وقف تقرير الشبكة على “فوضى” بيع الأدوية والمكملات الغذائية المزورة عبر الأنترنيت من دون رقابة، رغم خطورتها على صحة وحياة المستهلك.