تبذل مصر قصارى جهدها من أجل إحلال السلام فى المنطقة بما يؤدى إلى ترطيب الأجواء على الساحة الفلسطينية وحل أي معضلة تكتنفها، لهذا بادرت مصر فطرحت خطة لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة مقابل الإفراج عن رهائن إسرائيليين ما زالت حركة حماس تحتجزهم، وهى الخطة التى حدت باللواء "عباس كامل" رئيس المخابرات العامة فى مصر إلى قيامه بزيارة مفاجئة على رأس وفد أمنى لإسرائيل فى السادس والعشرين من أبريل الماضى وذلك من أجل بحث تفاصيل هذه الخطة، وجاءت الزيارة المصرية فى الأساس محاولة لنزع فتيل أي هجوم إسرائيلي محتمل لمدينة رفح، التى يوجد بها مليون ونصف المليون نازح فلسطيني من مختلف مناطق قطاع غزة، الأمر الذى من شأنه فيما إذا وقع أى هجوم أن يُعقِّد الموقف ويزيد من المخاوف الإقليمية والدولية.
لقد تطلع الوفد المصري الزائر لإسرائيل إلى توسيع نطاق الهدنة لتشمل الانسحاب الإسرائيلي من ممر "نيتزر" ومنح حرية الحركة على الطرق الرئيسية في غزة، وهو ما يأتى فى إطار الرؤية المصرية الجديدة التى تتضمن عودة النازحين إلى شمالى القطاع. فى الوقت نفسه تأخذ مصر الحذر من احتمال أي هجوم إسرائيلي على رفح فى حال فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار، ولهذا شملت الإجراءات الأمنية التى حرصت مصر على اتخاذها رفع حالة التأهب فى منطقة قناة السويس ومناطق أخرى بسيناء، كما شملت إعلان حالة الطوارئ فى المستشفيات فى منطقة القناة.
الجدير بالذكر أن الخطة المصرية تتضمن ثلاث مراحل، بحيث يتم فى المرحلة الأولى وقف كل الاستعدادات للقيام بعملية عسكرية فى رفح، أما المرحلة الثانية فهى تتضمن إطلاق سراح كل الرهائن الإسرائيليين فى قطاع غزة على مدار عشرة أسابيع مقابل إطلاق اسرائيل سراح المئات من السجناء الفلسطينيين، وتتضمن المرحلة الثالثة وقف إطلاق النار لمدة عام، ويكون ذلك أساسا لبدء محادثات سياسية لإقامة دولة فلسطينية. أما حركة حماس فتطالب بإطلاق سراح خمسين معتقلا مقابل كل عسكري أو أمنى لديها، بالإضافة إلى اطلاق سراح ثلاثين أسيرا مقابل كل مدنى مخطوف.
لقد قيل إن التحركات لإقامة الدولة الفلسطينية ستشمل مفاوضات مباشرة بين الجانبين: الإسرائيلي، والسلطة الفلسطينية، والتى تُجرى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وكل من ومصر والأردن. فى الوقت نفسه أفاد مسئول فى حماس بأن الحركة لديها نحو ثلاثين جنرالا وضابطا من الشاباك ألقى القبض عليهم من وحدات خاصة ومن عدة مواقع عسكرية شديدة الحساسية، وأنهم يتواجدون في أماكن شديدة الحراسة بعيدة عن اسرائيل، ولا يمكن الوصول إليهم. ولا تزال كل هذه النقاط قيد المناقشة والتفاوض، ولم يعلن عن أى منها بشكل رسمى ليظل هناك احتمال لعقد صفقة بوساطة مصرية مقابل إلغاء العملية العسكرية البرية في رفح جنوبي قطاع غزة.
كان مسئول إسرائيلي قد قال إن المؤسسة الأمنية الاسرائيلية أوضحت للوفد المصرى بأنها مستعدة لإعطاء فرصة أخيرة للتوصل إلى صفقة، وإنها أعطت الضوء الأخضر تقريبا لكل ما عرضه الوفد المصرى، بيد أن هناك انقساما داخل حكومة الحرب الإسرائيلية فيما يتعلق بالتعامل مع الخطة المصرية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
كيف نثبت على الحق في زمن الاختلاط وندعو للسلام؟
في حديثه عن التحديات التي يمر بها المجتمع المسلم في زمننا هذا، دعا الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الدينية في وقت تكثر فيه الفتن والتحديات في هذه الأيام.
يقول جمعة، نواجه اختلاطاً في الأوراق يراه البعض فوضى فكرية؛ حيث يُسمي البعض المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، في مشهد يعكس ضياع البوصلة الأخلاقية والدينية في عالمنا المعاصر.
وأكد جمعة أن المؤمن مطالب بأن يعرف المعروف الذي حدده الله عز وجل، وأن ينكر المنكر الذي حذرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه. كما شدد على أهمية أن نسمي الأشياء بأسمائها، فأي محاولة لتسميتها بغير أسمائها الصحيحة قد تؤدي بالإنسان إلى الضلال.
صبر المؤمن وثباته على الحق
في هذا السياق، دعا الدكتور علي جمعة المؤمنين إلى التحلي بالصبر والثبات، مؤكداً أن الحق لا يضرنا من خالفنا عليه. وهذا التوجيه النبوي يتجسد في الحديث الصحيح الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة".
هذه الطائفة التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي تلتزم بالحق وتثابر عليه مهما كانت التحديات، وهي على يقين بأن النصر في النهاية هو حليف الحق، مهما كانت الظروف أو الصعوبات.
الفرقة الناجية في زمن الفتن
دعا جمعة المسلمين إلى أن يظلوا ثابتين على الحق، مُستشهدًا بالأحداث المتتالية التي تُرشدنا إلى ما هو خير، بينما يصر البعض على السير في دروب الحرب والقتال والتعصب. هؤلاء الذين "يأبون إلا الحرب والقتال والإبادة الجماعية" حسب تعبيره، هم الذين ضلوا الطريق وأصبحوا لا يرون إلا مصالحهم الآنية أو شهواتهم العمياء. وذكر د. علي جمعة كيف أن البعض "يسمى العلم جهلاً، والحكمة تخاذلاً، والشهوة عقلاً"، في ظل هذا الاضطراب الحاصل في القيم.
في حديثه عن التحديات الروحية التي تواجه المؤمنين، أشار د. علي جمعة إلى أن الله سبحانه وتعالى يسلي قلوب المؤمنين ويذكرهم بحقائق عظيمة في كتابه الكريم. وقد استشهد بآيات من سورة الضحى، التي نزلت لتسلّي قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتبعث الأمل في نفسه بعد ما تعرض له من أذى، مؤكداً أن هذه الآيات ليست مقتصرة على حال النبي صلى الله عليه وسلم بل تشمل أيضاً المؤمنين في جميع الأوقات.
قال جمعة: "لقد شعرت أن هذه الآيات نزلت اليوم خصيصًا لتسلّي قلوبنا، فهي لا تتحدث فقط عن حال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي رسالة موجهة إلينا جميعًا. إن الله سبحانه وتعالى يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له 'مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى'، وهذا يشير إلى أن الله لم يترك نبيه ولم يقصِّه، بل كان معه في كل لحظة".
كما أشار إلى أن الله سبحانه وتعالى في هذه السورة يدعونا إلى العناية باليتامى والسائلين، وتذكيرنا بنعم الله علينا التي يجب أن نشكره عليها في كل وقت. "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" هو توجيه لنا بأن نتذكر نعم الله وننشرها في حياتنا اليومية، وأن نكون واعين بفضل الله الذي لا يعد ولا يحصى.
وفي الختام، أكد الدكتور علي جمعة على ضرورة تصحيح المفاهيم الدينية التي اختلطت في هذا العصر. ينبغي على المؤمنين أن يكونوا على دراية تامة بأن الحق أحق أن يُتبع، وأن الانحراف عن الطريق المستقيم يؤدي إلى الضلال والضياع. وأن يتحلوا بالصبر والتمسك بالحق، لأن الله سبحانه وتعالى وعدهم بالنصر والنجاة إذا ما ثبتوا على طريقه المستقيم.