وقف انتصارات السودان وصرف الأنظار عن غزة
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
في تحرك مشبوه عاد التحالف الأمريكي- الأوربي إلى الاهتمام بالسودان مدعيًا حرصه على شعب السودان، وخوفه من اندلاع حرب مدمرة في مدينة الفاشر بين الجيش، والدعم السريع، وسبق هذا التحرك المشبوه صدور تقارير عن المجاعة، وعقد مؤتمرات كان أبرزها مؤتمر وباريس.
(مؤتمر باريس)وتدشينًا لكل هذه التحركات عقدت الدول الأوربية منتصف أبريل الماضي مؤتمرًا للمانحين في باريس، وجاء المؤتمر متوافقًا مع تحركات قوات الدعم السريع لاحتلال مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر الولايات الخمس التي تقع بيد الجيش حيث يسيطر الدعم على أربعة من الولايات الخمسة لدارفور، وباحتلالها يمكن للدعم أن يعلن انفصال دارفور عن البلاد، أو يشكل حكومة من داخلها، وهو ما يعني تقسيمًا فعليًّا للبلاد، وهذا ما تحدثت عنه أوساط سياسية وإعلامية حيث أكدت أن هناك اتجاهًا لتطبيق النموذج الليبي بإعلان حكومتين وجيشين في البلاد، ومما يدفع في هذا الاتجاه أن إقليم دارفور محاط بدولتي تشاد وأفريقيا الوسطى اللتين ترتبطان مع الدعم السريع بعلاقات قوية، ويتخوف قادة الجيش السوداني من استغلال قوافل الإغاثة في إمداد قوات الدعم بالأسلحة عبر الدخول من حدود تلك الدولتين، وكان الجيش السوداني قد اكتشف استغلال دول إقليمية، وأوروبية لقوافل الإغاثة، وشحنها بالأسلحة للدعم السريع بدلاً من الأدوية والأغذية لمتضرر الحرب، وربما يأتي إعلان الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة عزم الجيش إغلاق الحدود مع دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى ترجمة لهذا التخوف الذي بات معلومًا لكل متابع للشأن السوداني، ويمكن الإشارة لهذا المؤتمر الذي يعكس وجهة النظر الأمريكية- الأوروبية في النقاط التالية:
1- حاولت باريس استخدام وتوظيف المؤتمر في تحقيق أهدافها السياسية عبر تحويل مساره من مؤتمر لجمع التبرعات، وحشد مواد الإغاثة إلى مؤتمر يناقش وقف إطلاق النار، ومناقشة الفترة الانتقالية، وكيفية الوصول إلى حكومة مدنية وهذا ما أكده وشدد عليه وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، وهو ما يكشف النوايا الحقيقية للتحالف الأمريكي- الأوروبي من وراء عقد هذا المؤتمر.
2- أكد سلطان قبيلة المساليت سعد عبد الرحمن، أن دعوته للمؤتمر كانت بقصد تشريع فصل دارفور عن البلاد حيث كان الخطاب السائد في المؤتمر ينصب على دارفور وكأنها دولة مستقلة عن البلاد.
(وقف انتصارات الجيش السوداني)
وهنا يمكن تلخيص أهداف التحالف الأمريكي في الآتي:1-صرف الأنظار عما يحدث من عمليات الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
2 - محاصرة انتصارات الجيش السوداني، ومحاولة تقديم إعانات عسكرية لقوات الدعم السريع من خلال استغلال قوافل الإغاثة.
3- الدفع في اتجاه فصل دارفور وهي ثلث البلاد عن السودان خاصة بعدما تأكدت تلك الدول أن الجيش السوداني في طريقه لتحقيق نصر مؤكد على قوات الدعم السريع.
4- القيام بخطوات استباقية توقف التدخل الروسي في السودان خاصة بعد إعلان روسيا أن البرهان ومجلس السيادة هما الممثل الشرعي للسودان.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الجیش السودانی الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
تسارع خطى تكوين حكومة سودانية «موازية» في مناطق «الدعم السريع» وسط تحذيرات من أن الخطوة تهدد وحدة البلاد
تتسارع المشاورات بين «قوى سياسية» سودانية وحركات مسلحة من جهة، وممثلين عن «قوات الدعم السريع» من الجهة الأخرى، في العاصمة الكينية نيروبي، لبحث تكوين حكومة «موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» وتحت حمايتها، وذلك في موازاة الحكومة التي تتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة تحت حماية الجيش، الأمر الذي يسبب مخاوف من انقسام التحالف المدني، ويهدد وحدة السودان.
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، ظلت مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» بلا حكومة، في حين تفرض الحكومة الموالية للجيش، ومقرها المؤقت مدينة بورتسودان، سلطتها الكاملة على 7 ولايات، بالإضافة إلى بعض المدن ومناطق معزولة في ولايات أخرى، بما في ذلك العاصمة الخرطوم التي تمارس سلطتها فيها على مناطق محدودة منها.
وإزاء ذلك، طُرحت فكرة حكومة في مناطق «الدعم السريع» للمرة الأولى في المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، ثم أعيد طرحها في اجتماع الهيئة القيادية للتنسيقية مطلع الشهر الجاري، وتم التوافق على إحالتها للآلية السياسية التابعة للتنسيقية، لكن المؤيدين لفكرة هذه الحكومة سارعوا إلى الدخول في مشاورات تكوينها قبل بحثها في الآلية السياسية.
معارضة داخل «تقدم»
لكن «تقدم» التي يترأسها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، تعارض هذه الفكرة؛ إذ قال رئيس حزب «المؤتمر السوداني» والقيادي في «تقدم»، عمر الدقير، في تصريحات صحافية، إنهم لن يعترفوا بحكومة في مناطق سيطرة «الدعم السريع» ولا بأي شرعية أخرى. ويحذر الدقير من أن فكرة الحكومة الموازية قد تقود إلى انقسامات داخل صفوف «تقدم» والقوى المدنية المنادية بوقف الحرب. وقال: «ما نحتاجه فعلياً هو إجماع مدني لينقلنا من مربع الحرب إلى مربع السلام».
ورغم أن رئيس «تقدم» عبد الله حمدوك كان قد أشار إلى نزع الشرعية عن الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة لها، وهي أيضاً غير معترف بها من قبل الاتحاد الأفريقي، فإن الكثيرين حذروا من أن يقود التباين على فكرة الحكومة الموازية إلى انشطار «تقدم» التي تعد التحالف المدني الأكبر في تاريخ البلاد.
وحسب مصادر، فإن الحكومة الموازية يمكن أن تعتمد الوثيقة الدستورية الموقعة بين قادة المجلس العسكري الانتقالي وتحالف «الحرية والتغيير» في 17 أغسطس (آب) 2019، والتي تنص على مشاركة السلطة بين العسكريين والمدنيين، دستوراً يحكم العلاقات بين مكوناتها.
وتشير بعض المصادر إلى أن الحكومة المزمعة قد تتكون من مجلس سيادي ومجلس وزراء، وتتخذ من الخرطوم مقراً لها، وأن يتسلم أعضاء مجلس السيادة السابقون: محمد الحسن التعايشي، والهادي إدريس، والطاهر حجر، عضوية مجلس السيادة المزمع. كما يشارك كل من إبراهيم الميرغني من «الحزب الاتحادي الديمقراطي»، وسليمان صندل من «حركة العدل والمساواة»، وأعضاء مدنيون آخرون أبرزهم أسامة سعيد من حزب «مؤتمر البجا» المعارض، ووزراء سابقون أبرزهم وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري.
وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت عن مصادر قولها إن الحكومة المزمعة ستكون مدنية بالكامل ومستقلة عن «الدعم السريع»، لكنها تنسق معها على تولي قواتها الدور العسكري والأمني.
حرمان من خدمات الدولة
ويرى المؤيدون للفكرة أن ملايين المواطنين في مناطق سيطرة «الدعم السريع» قد حُرموا من خدمات الدولة، جراء ما يعتبرونه استخداماً لهذه الخدمات كأدوات للحرب من قبل حكومة بورتسودان ضد أعدائها في «الدعم السريع». وفي هذا الصدد، يقول الناشط السياسي عزّام عبد الله إبراهيم إن «ما أُطلق عليها حكومة بورتسودان تحرم المواطنين في المناطق التي لا تسيطر عليها من حقهم في الحصول على خدمات مثل جوازات السفر والأوراق الثبوتية، بل وتعاقب بموجبها المعارضين والنشطاء».
ويعتبر عزّام أن قرار حكومة بورتسودان تبديل العملة الجزئي في مناطق سيطرتها واستثناء مناطق سيطرة «الدعم السريع»، دليل صارخ على «توظيف ملف الاقتصاد في حرب ضد ملايين المواطنين، وعقاب جماعي لهم على جريمة لم يرتكبوها». وأضاف: «لقد هرب الجيش من تلك المناطق، بما فيها العاصمة الخرطوم، وتخلى عن سكان هذه المناطق ولم يتخلوا هم عنه... والآن يعاقبهم على خذلانه لهم». ويتابع عزّام: «كما أن عقد امتحانات الشهادة السودانية في مناطق سيطرة الجيش، يحرم آلاف التلاميذ في مناطق (الدعم السريع) من حقهم في التعليم والحصول على الشهادات».
ورغم أن دعاة الحكومة الموازية يستندون على هذه الأفعال كمبرر لتشكيل حكومة موازية، فإن البعض يرى أن أي حكومة في مناطق «الدعم السريع» - مهما كان شكلها - لن تحقق الأهداف المرجوة منها؛ لأنها ستصبح جزءاً من الأداة الحربية لـ«قوات الدعم السريع» مثلما يفعل الجيش. لكن المحامي والمحلل السياسي، حاتم إلياس، يعتبر أن الحكومة الموازية تأتي «استجابة موضوعية لحاجات المواطنين في مناطق (الدعم السريع) لرعاية مصالح المواطنين». ويقلل إلياس من مخاوف الانفصال، بقوله: «الزعم بأن هذه الحكومة ستكون بذرة للانفصال، مجرد تهويل وشكل من أشكال الدعاية الحربية. من وجهة نظري، من الأفضل تسميتها بالحكومة الإسعافية». ودعا إلياس «تقدم» إلى أن تكون جزءاً من مثل هذه الحكومة إذا كانت تتحدث عن الوضع الإنساني ودخول المساعدات العاجلة، «فهذا يستدعي وجود سلطة مدنية يمكن محاسبتها على التفريط».
كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس