“سينما تدور”.. مبادرة تونسية لعرض “الفن السابع” بالمدن والقرى
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
متابعة بتجــرد: في مواجهة محدودية دور العرض السينمائي، وتحقيقاً لمبدأ العدالة الثقافية، أطلقت تونس مبادرة جديدة من نوعها، تجوب فيها شاحنة متنقلة مدن وقرى البلاد، لإسعاد عشاق الفن السابع تحت عنوان “سينما تدور”.
الشاحنة التي تضم داخلها 100 مقعد مزودة بشاشة، ومجهزة بالمؤثرات الصوتية والبصرية اللازمة لتقديم مجموعة من الأفلام، تستهدف مختلف الفئات العمرية، وتلبي ذوق شرائح عريضة من الجمهور.
وفي غضون 3 سنوات، تستهدف “سينما تدور”، في عامها الأول، تقديم عروضها بالمناطق الداخلية لجنوب تونس في ولايات تطاوين، وقلبي، ومدنين، وقابس، وتوزر، وقفصة، والذهاب في العام الثاني إلى ولايات صفاقس، وسيدي بوزيد، والقصرين، والقيروان، والمهدية، والمنستير، وسوسة، على أن تصل في العام الثالث إلى ولايات الكاف، وسليانة، وجندوبة، وباجة، وزغوان، ونابل.
والجمعة، انطلقت أولى عروض “سينما تدور” من أمام معرض قابس الدولي بعرض فيلم “الإبرة” للمخرج عبد الحميد بوشناق، وبطولة فاطمة صفر، وجمال مداني، وبلال سلاطنية، وصباح بوزويتة.
سينما متنقلة
واختار المشرفون على المبادرة شعار: “تجيك السينما وين إنت” في إشارة لهدف هذا المشروع الذي يخلق مساحة فنية لمحبي مشاهدة الأفلام في مختلف الجهات التونسية، بسعر رمزي يبلع 5 دنانير (نحو 1.5 دولار).
وقالت غفران هراجي مديرة المشاريع الثقافية لـ”رويترز”، إن تجربة السينما المتنقلة جاءت لكسر ما أسمتها “العزلة الثقافية” لسكان الجهات والقرى والفئات الهشة.
وأضافت أن نشأة الفكرة جاءت “لسد النقص في الفضاءات، وفي قاعات السينما، ولتلبية احتياجات الجمهور في الجهات، حيث توجد فقط 15 قاعة سينما في كامل الجمهورية التونسية”.
وأكدت هراجي أن شاحنة “سينما تدور” هي “أول سينما متجولة في تونس وفي القارة الإفريقية بأكملها، استطاعت في جولتها الأولى في محافظة قابس استقطاب عدد كبير من الجماهير، من أطفال وشباب وكبار السن”.
وأشارت إلى أن التجربة لاقت ترحاباً من أهل الفن السابع، وزارها خلال عروضها الأولى العديد من الوجوه الفنية من موسيقيين ومخرجين وممثلين، منهم فاطمة بن سعيدان، ونجوى زهير، وجليلة بكار، ومحمد قريع، وروضة عبد الله وغيرهم.
وعبَّر ضيوف “سينما تدور” عن سعادتهم بهذا المولود الثقافي الجديد، الذي سيمنح لمحبي الفن السابع في المناطق الداخلية، والأرياف التونسية فرصة اكتشاف قاعة سينما.
وقالت إن “من يحب الحياة يذهب إلى السينما” ولكن “سينما تدور” هي التي ستذهب للمواطنين.
ظافر العابدين
واعتبر المخرج التونسي إبراهيم لطيف أن شاحنة “سينما تدور” بادرة جيدة، وقال إنه “حتى ولو كان المشروع تجاري فإن أهدافه في تقريب فن السينما من كل المواطنين مميزة وفريدة”.
وقال لطيف لـ”رويترز”، إنه يشجع مثل هذه المبادرات الخاصة، وعلى استعداد لدعمها من خلال وضع أفلامه على ذمة المشروع خدمة للثقافة وللسينما، ووقع اختيار القائمين على المبادرة على الممثل والمخرج التونسي ظافر العابدين ليكون “عرَّاباً” لها وواجهة للترويج لأنشطتها.
وأبدى العابدين سعادته بهذا الاختيار، مؤكداً استعداده التام للمساهمة في التعريف بهذه المبادرة، التي يراها أداة لنشر الوعي وثقافة الفن والحياة، في مواجهة ظواهر سلبية في المجتمع، مثل: العنف، والتنمر في المدارس، والانقطاع المبكر عن التعليم.
ولا تقتصر مبادرة “سينما تدور” على عرض الأفلام، بل تصاحبها فعاليات فنية متنوعة، مثل: الحفلات الموسيقية، والعروض المسرحية، إضافة إلى حملات تواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية.
وأعربت مريم بن زايد رئيسة مشروع “سينما تدور” عن سعادتها بالانطلاقة الموفقة لهذه المبادرة، وما صاحبها من نقاشات وورش عمل موجهة إلى الشبان والأطفال.
وقالت لـ”رويترز”، إن “مثل هذه المشاريع المميزة لن تتواصل إلا بدعم أهل القطاع، ومكونات المجتمع المدني حتى تستمر التجربة، وتكون حجر أساس لتجارب ثقافية وفنية مماثلة تؤثث المشهد الثقافي في تونس”.
وأشارت إلى أن مشروع “سينما تدور” يطمح لتنمية موارده المالية من خلال بيع التذاكر بتعريفة منخفضة، وتأجير الشاحنة للمؤسسات الخاصة أو العامة، ومهرجانات أو تظاهرات ثقافية.
main 2024-05-05 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: الفن السابع
إقرأ أيضاً:
” عندما يكون الفن القوة التي تتحكم في التعايش السلمي ونبذ الاعراف البالية “فصلية “
بقلم : سمير السعد ..
” فصلية “الاغنية التي اثارت جدلا واسعا في احترام المرأة اوائل السبعينات
الذائقة في الاستماع واصالة الماضي بعبقها الجميل وحين كان الفن في صراع لايصال الصوت النقي واللحن الذي يرتقي بأي صوت من اجيال العظماء والسلسة طويلة لجادة الفن العربي برمته حيث كانت الكلمة هي القوة التي تسكن القلب والاذن وتؤثر في استلاب روحك لتكن انت مؤديها دون ان يشغلك شاغل او هاجس هكذا انطلق عبادي العماري كما يحلو للبعض تسميته انذاك.حيث تُعَدّ أغنية “فصلية” للفنان عبادي العبادي من أشهر الأغاني في عقد السبعينات، وهي من كلمات الشاعر جودت التميمي. تميّزت هذه الأغنية ليس فقط بجمال لحنها وكلماتها، بل بإثارتها لجدل مجتمعي هام حول احترام المرأة وحقوقها، الأمر الذي ساهم في تغيير بعض المواقف تجاه النساء ورفع الوعي بقيم احترامهن.وكان المستهل فيها :
جابوها دفع للدار
لا ديرم ولا حنة ولا ملكة
ولا دف النعر بالسلف
لا هلهولة لا صفكة
سألت الناس عن قصة هابنية
عجب جارو عليها لغير حنية
رديت بقلب مكسور
من كالولي فصلية
جاءت الأغنية في وقت كان المجتمع بحاجة إلى هذا الصوت الفني الذي يدعو لاحترام المرأة بشكل أوسع، حيث أُحدثت ضجة في الرأي العام واستدعت مراجعة سلوكيات وقيم اجتماعية من شأنها أن ترفع من مكانة المرأة في المجتمع. وهذا الدور الذي قامت به أغنية “فصلية” يجسد بوضوح كيف يمكن للفن أن يكون رسالة سامية إذا تم توظيفه بشكل صحيح، إذ أن الفن ليس مجرد وسيلة ترفيه، بل هو أداة لنشر القيم وتعزيزها.
الفن “كوسيلة لتعزيز التعايش السلمي ومكافحة التطرف”
إلى جانب قضايا المرأة، يمكن أن يمتد تأثير الفن إلى تعزيز قيم التعايش السلمي ومحاربة الأفكار المتطرفة التي تؤدي إلى العنف. وبوصفه يدعو إلى السلم والاعتدال ونبذ العنف. ومن هنا، يمكن للفنانين والشعراء توجيه رسائل تعزز من هذه القيم، وإثارة الوعي حول مخاطر التطرف بأشكاله المختلفة.
إن تجربة أغنية “فصلية” في السبعينات تعد نموذجًا حيًا على قدرة الفن على التأثير في مسار المجتمع، فالأغاني والقصائد التي تُعنى بقضايا مجتمعية أساسية يمكنها أن تكون سببًا في تغيير نظرة المجتمع، وترسيخ قيم تتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف. الفن هنا ليس مجرد رسالة ترفيهية، بل دعوة إلى احترام الآخر، وتجنب التطرف، واحتضان قيم التسامح والاعتدال.
يتجلى دور الفن كصوت للضمير المجتمعي، ليكون رسالة
أمل وسلام، وليحمل في طياته قيمنا الأصيلة ويعزز الوعي بأهمية احترام المرأة ونبذ العنف والتطرف. الفن، حين يتم توجيهه بحكمة، يبقى وسيلة فعّالة لبناء مجتمع أكثر تماسكًا وسلامًا، قادرًا على التعايش بسلام مع اختلافاته، ورافضًا لكل أشكال العنف والتعصب.
في سياق تكريس الفن كأداة لتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، تأتي أعمال الفنانين والمبدعين كرسائل سلام ودعوات للتعايش، بما يتماشى مع روح العصر التي تدعو إلى الوسطية. إن الفن قادر على التأثير في العقول والقلوب، وهو وسيلة فعّالة لنشر الذائقة التي تسمو بالجمال والتسامح، لا سيما عندما تتبنى الأغاني والشعر والدراما مواضيع اجتماعية تمس القضايا التي يعاني منها المجتمع، كنبذ العنف والتطرف.
إن تأثيره لا يقتصر على التسلية أو التعبير عن المشاعر، بل يتعداه ليصبح موجهًا للمجتمع نحو تبني سلوكيات إيجابية، وحافزًا للتغيير. ففي السبعينات، كانت أغنية “فصلية” نموذجًا رائدًا لتحدي المفاهيم التقليدية السائدة حول المرأة والمطالبة بتعزيز مكانتها وحقوقها. ومع تكرار مثل هذه الرسائل في الأعمال الفنية، يُزرع في المجتمع وعي جديد وراسخ حول أهمية احترام الآخر، بغض النظر عن جنسه أو فكره أو خلفيته الثقافية.
يمكن النظر إليه على أنه مرآة للمجتمع، تعكس قضاياه وتطلعاته وتعبر عن همومه. فعندما يستخدم الفن في نقل القيم النبيلة ،والتجذر من أسس واعية وبذلك يكون وسيلة فعالة للارتقاء بالمجتمع. إن الأغاني التي تناولت قضايا المرأة في السبعينات، كأغنية “فصلية”، كانت خطوة جريئة وضعت النقاط على الحروف بشأن ضرورة احترام المرأة ومكانتها في المجتمع.
لقد حملت هذه الأغاني رسائل واضحة تدعو لإعادة النظر في المعايير الاجتماعية، وتأكيد أهمية المعاملة العادلة والمساواة. ومع مرور الوقت، بدأت هذه القيم تأخذ حيزها في وعي المجتمع، لتصبح جزءًا من ثقافته وتطلعاته نحو بناء مجتمع أكثر اعتدالاً وتسامحًا.
في النهاية، يمكن القول بأن الفن هو بوصلة أخلاقية تعبر عن ضمير المجتمع، وتشكل أحد أهم الوسائل لإيصال الرسائل الإنسانية السامية. فعندما يعبر الفنان عن قضايا مهمة مثل احترام المرأة، والتعايش السلمي، ونبذ العنف والتطرف، فإنه لا يقدم مجرد أغنية أو قصيدة، بل يبني جسرًا يصل بين الماضي والمستقبل، ويعزز قيمًا ستظل راسخة في نفوس الأجيال.
إذن “الفن” بهذا المعنى، هو رسالة سامية تستحق أن تُوظّف بالشكل الذي يعكس قيمنا الإسلامية السمحاء، ويعزز بناء مجتمع يزدهر بالتسامح والاعراف المجتمعية القادرة على خلق نواة تسمو بالفرد واحترام احقيته بالعيش الكريم .