متابعة بتجــرد: في مواجهة محدودية دور العرض السينمائي، وتحقيقاً لمبدأ العدالة الثقافية، أطلقت تونس مبادرة جديدة من نوعها، تجوب فيها شاحنة متنقلة مدن وقرى البلاد، لإسعاد عشاق الفن السابع تحت عنوان “سينما تدور”.

الشاحنة التي تضم داخلها 100 مقعد مزودة بشاشة، ومجهزة بالمؤثرات الصوتية والبصرية اللازمة لتقديم مجموعة من الأفلام، تستهدف مختلف الفئات العمرية، وتلبي ذوق شرائح عريضة من الجمهور.

وفي غضون 3 سنوات، تستهدف “سينما تدور”، في عامها الأول، تقديم عروضها بالمناطق الداخلية لجنوب تونس في ولايات تطاوين، وقلبي، ومدنين، وقابس، وتوزر، وقفصة، والذهاب في العام الثاني إلى ولايات صفاقس، وسيدي بوزيد، والقصرين، والقيروان، والمهدية، والمنستير، وسوسة، على أن تصل في العام الثالث إلى ولايات الكاف، وسليانة، وجندوبة، وباجة، وزغوان، ونابل.

والجمعة، انطلقت أولى عروض “سينما تدور” من أمام معرض قابس الدولي بعرض فيلم “الإبرة” للمخرج عبد الحميد بوشناق، وبطولة فاطمة صفر، وجمال مداني، وبلال سلاطنية، وصباح بوزويتة.

سينما متنقلة

واختار المشرفون على المبادرة شعار: “تجيك السينما وين إنت” في إشارة لهدف هذا المشروع الذي يخلق مساحة فنية لمحبي مشاهدة الأفلام في مختلف الجهات التونسية، بسعر رمزي يبلع 5 دنانير (نحو 1.5 دولار).

وقالت غفران هراجي مديرة المشاريع الثقافية لـ”رويترز”، إن تجربة السينما المتنقلة جاءت لكسر ما أسمتها “العزلة الثقافية” لسكان الجهات والقرى والفئات الهشة.

وأضافت أن نشأة الفكرة جاءت “لسد النقص في الفضاءات، وفي قاعات السينما، ولتلبية احتياجات الجمهور في الجهات، حيث توجد فقط 15 قاعة سينما في كامل الجمهورية التونسية”.

وأكدت هراجي أن شاحنة “سينما تدور” هي “أول سينما متجولة في تونس وفي القارة الإفريقية بأكملها، استطاعت في جولتها الأولى في محافظة قابس استقطاب عدد كبير من الجماهير، من أطفال وشباب وكبار السن”.

وأشارت إلى أن التجربة لاقت ترحاباً من أهل الفن السابع، وزارها خلال عروضها الأولى العديد من الوجوه الفنية من موسيقيين ومخرجين وممثلين، منهم فاطمة بن سعيدان، ونجوى زهير، وجليلة بكار، ومحمد قريع، وروضة عبد الله وغيرهم.

وعبَّر ضيوف “سينما تدور” عن سعادتهم بهذا المولود الثقافي الجديد، الذي سيمنح لمحبي الفن السابع في المناطق الداخلية، والأرياف التونسية فرصة اكتشاف قاعة سينما.

وقالت إن “من يحب الحياة يذهب إلى السينما” ولكن “سينما تدور” هي التي ستذهب للمواطنين.

ظافر العابدين

واعتبر المخرج التونسي إبراهيم لطيف أن شاحنة “سينما تدور” بادرة جيدة، وقال إنه “حتى ولو كان المشروع تجاري فإن أهدافه في تقريب فن السينما من كل المواطنين مميزة وفريدة”.

وقال لطيف لـ”رويترز”، إنه يشجع مثل هذه المبادرات الخاصة، وعلى استعداد لدعمها من خلال وضع أفلامه على ذمة المشروع خدمة للثقافة وللسينما، ووقع اختيار القائمين على المبادرة على الممثل والمخرج التونسي ظافر العابدين ليكون “عرَّاباً” لها وواجهة للترويج لأنشطتها.

وأبدى العابدين سعادته بهذا الاختيار، مؤكداً استعداده التام للمساهمة في التعريف بهذه المبادرة، التي يراها أداة لنشر الوعي وثقافة الفن والحياة، في مواجهة ظواهر سلبية في المجتمع، مثل: العنف، والتنمر في المدارس، والانقطاع المبكر عن التعليم.

ولا تقتصر مبادرة “سينما تدور” على عرض الأفلام، بل تصاحبها فعاليات فنية متنوعة، مثل: الحفلات الموسيقية، والعروض المسرحية، إضافة إلى حملات تواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية.

وأعربت مريم بن زايد رئيسة مشروع “سينما تدور” عن سعادتها بالانطلاقة الموفقة لهذه المبادرة، وما صاحبها من نقاشات وورش عمل موجهة إلى الشبان والأطفال.

وقالت لـ”رويترز”، إن “مثل هذه المشاريع المميزة لن تتواصل إلا بدعم أهل القطاع، ومكونات المجتمع المدني حتى تستمر التجربة، وتكون حجر أساس لتجارب ثقافية وفنية مماثلة تؤثث المشهد الثقافي في تونس”.

وأشارت إلى أن مشروع “سينما تدور” يطمح لتنمية موارده المالية من خلال بيع التذاكر بتعريفة منخفضة، وتأجير الشاحنة للمؤسسات الخاصة أو العامة، ومهرجانات أو تظاهرات ثقافية.

main 2024-05-05 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: الفن السابع

إقرأ أيضاً:

مبادرة شارع الحوادث تحوّل التطوع إلى نموذج إنساني فريد بالسودان

واستعرضت حلقة 2025/3/28 من برنامج "عمران" -الذي يقدمه الإعلامي سوار الذهب- كيفية تطور المبادرة من فكرة بسيطة إلى شبكة إنسانية متكاملة.

وحسب مؤسسي المبادرة، فقد انطلق عملهم في العاصمة الخرطوم عندما قرروا توفير الأدوية للمرضى غير القادرين على تحمل تكاليف العلاج.

وبدؤوا بالتجمع في مستشفى واحد، ليتوسعوا تدريجياً مع انضمام متطوعين جدد، وقال أحدهم "بدأنا بـ5 شباب في مستشفى الخرطوم، ثم عشرة، ثم أكثر، وأنشأنا صفحة على موقع التواصل فيسبوك لتنسيق الجهود، حيث نقوم بنشر صور الوصفات الطبية للمرضى المحتاجين، وينساب الدعم من المجتمع مباشرة".

وبعدها تحولت مبادرة "شارع الحوادث" من مجرد فكرة إلى منظمة مسجلة تعمل في أكثر من 30 محلية في مختلف ولايات السودان.

وأوضحت الحلقة أن هذه المبادرة تعمل على مدار الساعة من خلال ورديات منظمة من المتطوعين، وأصبحت معروفة لدى العامة لدرجة أنه "لو مشيت لأي ولاية وسألت عن شارع الحوادث، سيدلك الناس عليهم" بحسب أحد القائمين عليها.

ومع تزايد الاحتياجات وتوسع نطاق عمل هذه المبادرة، لم تعد "شارع الحوادث" تقتصر على توفير الأدوية فحسب، بل تطور عملها ليشمل:

تأسيس أقسام خاصة داخل المستشفيات مثل وحدات العناية المركزة للأطفال والبالغين. إنشاء مراكز لغسل الكلى مع توفير 6 آلات غسل، وتجهيز حضانات للأطفال حديثي الولادة. توفير خدمات الإسعاف لنقل المرضى من المنازل إلى المستشفيات. إنشاء استراحات لمرضى الكلى الذين يأتون من مناطق بعيدة. تقديم المساعدة للنازحين والوافدين من مناطق الصراع. إعلان

نموذج عملي

وتعتمد مبادرة "شارع الحوادث" بشكل كامل على تبرعات المجتمع وأيادي المتطوعين، وقد أصبحت نموذجاً فريداً للتكافل الاجتماعي الحقيقي. ويعمل آلاف المتطوعين في مختلف الولايات دون مقابل مادي، يدفعهم إلى ذلك الإحساس بالسعادة عند مساعدة المحتاجين.

وكشفت الكاميرا عن أثر هذه المبادرة في حياة البسطاء. ففي مشهد مؤثر، رافق فريق "عمران" أحد فرق الإسعاف التابعة للمبادرة إلى ميناء البربر البري حيث كان هناك نازحون بحاجة للرعاية الطبية.

والتقى الفريق أسرة نازحة من مدينة مدني قطعت رحلة طويلة شاقة، تضم مريضين أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، والآخر فتاة تعاني من حالة مرضية تستدعي التدخل الطبي العاجل.

وأكد البرنامج أن التبرع بالمبالغ البسيطة يساعد على إحداث فرق كبير في حياة المحتاجين، فقد بلغت تكلفة فتح ملف طبي وإجراء الفحوصات اللازمة للفتاة النازحة حوالي 9 دولارات فقط، وهو مبلغ كان يمثل عائقاً أمام الأسرة التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة.

تحديات وآمال

ورغم ضخامة العمل الذي تقوم به مبادرة "شارع الحوادث" فإن الحلقة أوضحت حجم التحديات الكبيرة التي تواجهها، فالاتصالات لا تتوقف على مدار الساعة من مختلف أنحاء السودان، والاحتياجات تتزايد يوماً بعد يوم مع استمرار الأزمات الإنسانية.

ويظل أمل المتطوعين معقوداً على زيادة الوعي المجتمعي بأهمية التكافل، وتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية، كما يأملون أن تحظى مبادرتهم بدعم مؤسسي أكبر يمكنها من تطوير وتوسيع خدماتها.

"البركة في المجتمع وتبرعاته، المبادرة معتمدة على مواقع التواصل والخيرين، وما زالت أيادي الخير ممتدة من أبناء السودان داخل وخارج الوطن" كما يؤكد أحد المتطوعين.

الصادق البديري29/3/2025

مقالات مشابهة

  • نايضة كروشيات بين العدالة والعدل والإحسان حول زعامة “مظاهرات فلسطين” بالمغرب
  • وزارة الثقافة تطلق "مبادرة سفراء القراءة"
  • فحص نحو 11 مليون طالب ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة
  • الصحة: فحص 17 مليوناً و289 ألف مواطن ضمن مبادرة الأمراض المزمنة
  • الأردن.. دور سينما تعلن مقاطعتها لفيلم “سنو وايت” وانتظار قرار رسمي بمنع عرضه
  • كعك العيد يوحّد السوريين.. مبادرة تُعيد التواصل بعد سنوات من الانقطاع
  • مبادرة شارع الحوادث تحوّل التطوع إلى نموذج إنساني فريد بالسودان
  • محكمة تونسية تقضي بسجن 6 ليبيين لمدة 44 عاما، على خلفية استهداف “مليقطة”
  • السينما المغربية تحتفل بإطلاق “مايفراند” بحضور نخبة من المشاهير
  • موسكو: رفع العقوبات الأوروبية عن “روسلخوزبنك” جزء من مبادرة البحر الأسود