علي شاطئ البحر مباشرة يوجد مبنى ضخم تحتل طوابقه أسماء شهيرة في مجال المطاعم، ويرتاده سكان الإسكندرية وزوارها، متحملين قيمة الفاتورة وشروط الحد الأدنى للطلبات- أشك في مدى توافقها مع القانون والتصاريح الممنوحة لتلك المنشآت- في مقابل الاستمتاع بالإطلالة الرائعة والهواء المعبق برائحة اليود.
إذا تركته، وابتعدت أمتارًا قليلة ستجد نفسك أكثر قربًا من البحر، وكأنك تعانق أمواجه، ويدغدغك رذاذه، وستعثر على مكان لا يعرف زوار المدينة عنه شيئا، لكنه معروف لدى أغلب السكندريين، مكان بسيط يجمع بين مزايا القهوة الشعبية والكافيه الحديث، والأهم أنه يرى الإطلالة ذاتها.
يتم استقبالك بالكلمة المتداولة شعبيًّا للتفخيم (يا باشا) بدلاً من الأسلوب الرسمي المعتاد (يا أفندم)، تختار مكانك دون أن تفاجئك لافتة "محجوز"، وتطلب المشروبات، ويسمح لك بإحضار طعامك المفضل من الخارج، والتدخين متاح، والشيشة متوافرة لمن يطلبها.
يتسلل إليك إحساس الراحة والأمان رويدًا رويدًا سواء كنت جالسًا بمفردك متأملاً، أو مع آخرين، فلا تطفل ممن حولك، كما تشعر بالمساواة، فالمكان يرحب بالجميع، طالب، محامٍ، طبيب، موظف، مهندس، عامل.. لا تمييز طبقيًّا، الكل محترم وطلباته مجابة على الفور.
إنها تلك الأماكن التي تشعرك بنبض الشعب، وبساطته، فتعيش لحظات من البساطة بلا تكلف أو سلوكيات مصطنعة، وتجد الاستمتاع في أبسط صوره بأقل تكلفة، بعيدًا عن (توحش) ملاك المنشآت السياحية ممن ينظرون للزبون كفريسة يجب اقتناصها، وإذا كنت من هواة التصوير سيمكنك التقاط مئات الصور مع خلفية البحر والصخور والمراكب الصغيرة وأحيانًا الطيور لتخلد ذكريات لحظات جميلة في أحضان البحر.
ونظرًا لانخفاض المكان عن مستوى الطريق، وعدم حجبه رؤية البحر عن المارة، فإنه يحظى بقبول أهل الإسكندرية ومحبيها من رافضي إقامة منشآت تحجب البحر عن عيون عشاقه.
إنه أشبه ما يكون بما تعرضه الدراما التركية، من قهاوي ومطاعم شعبية على امتداد البوسفور، والتي يستغلها صناع الدراما التركية للترويج السياحي غير المباشر، فلا يخلو أي مسلسل من مشهد الجلوس في تلك الأماكن البسيطة، وإظهار مدى طيبة أصحابها وكرمهم، وأن المتعة لا ترتبط بالغنى، والاستمتاع بالحياة لا يحتاج أموالاً طائلة، مما يجذب المشاهد ويؤثر فيه وجدانيًّا ليحلم بالسفر إليها، والاستمتاع مثل أبطال العمل!! على عكس الدراما المصرية التي تصر على إظهار تلك الأماكن الصغيرة كأوكار مشبوهة يديرها ذوو السوابق الإجرامية لارتكاب الموبقات كافة ضاربة عرض الحائط بتأثير القوى الناعمة في المتلقى!!
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
لحظات من مهرجان القاهرة.. عزف دانيس تانوفيتش على البيانو
دانيس تانوفيتش، رئيس لجنة التحكيم الدولية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أدهش الحضور مؤخراً بعزف مذهل على البيانو. وكان رئيس المهرجان، حسين فهمي، من بين المستمتعين بهذه اللحظة المميزة.
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية دانيس تانوفيتشوُلد تانوفيتش في زينيكا، البوسنة والهرسك، وهو مخرج أفلام بارز اشتهر بفيلمه No Man's Land عام 2001، الذي حصل على جائزة الأوسكار وجائزة الغولدن غلوب كأفضل فيلم أجنبي. وخلال مسيرته، نال العديد من الجوائز المرموقة، بما في ذلك جائزة الدب الفضي الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي عن فيلمه An Episode in the Life of an Iron Picker (2013) وDeath in Sarajevo (2016).
مهرجان القاهرة السينمائييُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (CIFF)، الذي يُقام هذا العام في دورته الـ45، واحداً من أعرق وأقدم المهرجانات السينمائية في العالم العربي وإفريقيا. تأسس المهرجان عام 1976 ويُعقد سنوياً في العاصمة المصرية النابضة بالحياة. يُعتبر المهرجان حدثاً ثقافياً مهماً يعرض مجموعة متنوعة من الأفلام من مختلف أنحاء العالم. وكونه المهرجان الوحيد في المنطقة المعتمد من الاتحاد الدولي لجمعيات منتجي الأفلام (FIAPF)، يلعب CIFF دوراً محورياً في الاحتفاء بالتميز السينمائي وتعزيز الحوار الثقافي العالمي.