خيام رفح ليست للنزوح فقط.. بل لنيْل الماجستير أيضًا
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
رفح - خــاص صفا
بِذات التوتر المعهود الذي يشعر به طلبة الدراسات العليا قبيل دقائق من نيل درجاتهم، يُشاطر الباحث تامر أبو موسى ذلك الإحساس من هم في المؤسسات الأكاديمية، لكن هذه المرة من خيمة.
تلك الخيام الصغيرة التي ما زال يقضي فيها مئات الآلاف من النازحين في قطاع غزة أشهر نزوحهم؛ حوّلها ابن مدينة رفح إلى مكانٍ لمناقشة رسالته العلمية العليا.
ففي مخيم "فلسطين" للنازحين بحيّ الجنينة وسط المدينة التي فاق عدد سكانها المليون جرّاء النزوح القسري؛ أقام تامر (41 عامًا) خيمةً مؤقتةً ليستضيف بها مناقشيه الذين سيقررون منحه درجة الماجستير في الإرشاد التربوي.
وانطلاقًا من الأمانة العلمية؛ لم تشفع ظروف العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ أكثر من 30 أسبوعًا لدى تامر لنيل الدرجة العلمية بسهولة؛ فقد كانت الخيمة الصغيرة مُفعمةً بالملاحظات والانتقادات والإرشادات لرسالته التي فاقت الـ160 صفحة، من لجنة المناقشة التي قررت في نهايتها منحه الإجازة العليا المأمولة.
الرسالة التي حملت عنوان: "المناعة النفسية كمتغيّر وسيط بين الضغوط النفسية والدافعية للإنجاز لدى المرشدين التربويين بالمحافظات الجنوبية في فلسطين"، لجامعة الأزهر بغزة، كانت دافعًا هي الأخرى لأن ينال تامر إجازته من الخيمة التي يحيط بها 64 خيمة نزوحٍ أخرى في المخيم بالحيّ.
وجامعة الأزهر في غزة كغيرها من مئات المؤسسات الأكاديمية الأخرى تعرضت إلى دمارٍ هائل خلال العدوان، فيما لجأ نازحو غزة إليها وأقاموا خيامهم في ساحاتها وقاعاتها.
ويقول تامر لمراسل "صفا" الذي سيستعد كذلك لنيل إجازة الدكتوراه في الإرشاد التربوي، إنه سعيدٌ بنيل "الماجستير" من الخيمة.
ويُضيف تامر، الأب لأربعة أبناء، أن مشروعه الصغير رسالةٌ قوية أنه وأبناء المدارس والجامعات صامدون في أرضهم ولن تمنعهم المجازر من إكمال تعليمهم.
ويستذكر الباحث العشرات من الأسرى والمُبعدين الذين سبقوه في نيل درجاتهم العلمية، قائلاً: "إننا شعبٌ يعشق العلم ولو كان وراء القضبان أو حتى في مخيمات النزوح والإبعاد، كما حدث في مخيم مرج الزهور جنوبي لبنان".
من ناحيته، قال المحاضر الجامعي ومناقش الرسالة عماد الكحلوت إن انقطاع العملية التعليمية وتدمير الجامعات لن يعني توقفها التام، مشيرًا إلى أن العديد من المبادرات شهدت تعليمًا للأطفال في الخيام.
في ركن مخيم "فلسطين"، الذي يضم 400 شخص تقريبًا، كان يقف رئيس مجلس إدارته خالد النجار الذي قال إنه في غاية السعادة كون مخيمه يهب الدرجات العلمية العليا؛ "فهو شعورٌ يدعوك للفرحة، ويمكن أن أُحدّث به الجميع بكل فخر".
ولم تغِب العواطف عن أجواء خيمة النقاش، فقد كان صلاح- والد الباحث- يدعو ساكني المخيم إلى الاقتراب أكثر لمشاركته فرحة نجله.
ويقول الأب المِضياف (68 عامًا) الذي كان يوزِع التمر: "خيامنا هذه رسالة تحدٍّ للاحتلال أنه مهما بلغت التحديات والمجازر فإننا لن نبرح أرضنا وسنزداد علمًا وتحديًا".
أما صديق تامر المفضّل عبد الهادي أبو عمرة، فيقول إن تامر بالأمس كان حاضرًا في قاعة جامعتهما حين نال هو درجته العلمية، واليوم يردُّ عبد الهادي جميل صديقه.
ويضيف لمراسل "صفا" أن رسالة العلم تمرّ بالكثير من العقبات والظروف الاستثنائية، ولكنها تنتهي بحصاد النجاح.
وضمت لجنة المناقشة كلاً من أسامة حمدونة (مشرفًا ورئيسًا) ومحمد عليان (مناقشًا داخليًا) وكلاهما من كلية التربية بجامعة الأزهر، وعماد الكحلوت (مناقشًا خارجيًا).
وشهدت خيام النزوح في القطاع العديد من الحالات الاستثنائية كحفلات الخطوبة وعقد القران والطلاق وإقامة المشاريع الربحية.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى خيام النازحين رفح
إقرأ أيضاً:
غزة وسوريا محور التقرير السنوي لمركز الجزيرة للدراسات
أصدر مركز الجزيرة للدراسات يوم الأحد 16 فبراير/شباط الجاري تقريره السنوي لعام 2024-2025، والذي حمل عنوان "مراجعة الاستراتيجية المتصارعة في ضوء الحرب على غزة والتغيير في سوريا"، وتضمن عددا من التقارير التي أعدها باحثو المركز.
وكتب في التقرير الباحث شفيق شقير عن المقاومة الفلسطينية وإستراتيجية إسرائيل للقضاء عليها، كما تناول خروج حزب الله من تداعيات الحرب، فيما تناولت الدكتورة فاطمة الصمادي أولويات إيران و"محور المقاومة"، بينما كتب الباحث محمد عبد العاطي عن دعم أنصار الله لغزة وانخراطهم في حربها، وتطرق الدكتور لقاء مكي للعراق ومواجهته تداعيات الحرب على غزة وتغيير النظام في سوريا، في حين كتب الباحث الحواس تقية عن سوريا الجديدة بعد تغير النظام فيها وعن إستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أبعاد الصراع في السودانExternal Linkسيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدةlist 2 of 2أبعاد الصراع في السودانExternal Linkسيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدةend of list المقاومة الفلسطينية وإستراتيجية إسرائيلوافتتح التقرير السنوي للمركز بمقال عن "المقاومة الفلسطينية: العودة إلى إستراتيجية الصمود"، ناقش فيه الباحث شفيق شقير سياق عملية طوفان الأقصى وأهدافها القريبة والبعيدة وما بعد وقف إطلاق النار، وذهب إلى أنها جاءت في ظرف صعب باتت معه غزة والمقاومة أمام تهديد وشيك، خاصة مع اتفاقيات أبرهام وانشغال عدد من الدول العربية بأوضاعها الداخلية، ثم توسعت أهدافها لتلمس أبعادا استراتيجية متمثلة في "إعادة الحياة إلى العمل المقاوم المنظم".
إعلانوناقش شقير في مقال آخر "إستراتيجية إسرائيل: القضاء على المقاومة وإعادة تشكيل النظام الإقليمي"، متسائلا عن مدى تحقيق تل أبيب أهدافها من الحرب في ضوء الاتفاق الذي فاوضت فيه حماسا وأقرت فيه باستعادة الأسرى عبر عملية تبادل، بدل استعادتهم بالقوة، وهو ما كانت أعلنته سابقا.
ورأى الباحث أن توسع الحرب من قطاع غزة وتعدد جبهاتها مثلت ساحة اختبار لإستراتيجية إسرائيل في إخضاع أعدائها الخارجيين، الذين شارك جزء منهم في "حرب إسناد" ضمن محور تقوده إيران، مما جعل من قدرة إسرائيل محدودة على إحداث تغيير عميق في المنطقة.
وفي مقال ثالث للباحث نفسه بعنوان "حزب الله: الخروج من تداعيات الحرب والتكيف مع التحولات الداخلية والخارجية"، ناقش إستراتيجيات الحزب في المواجهة مع إسرائيل والخروج منها، والتغيرات الطارئة على بيئته المحلية والإقليمية، وسيناريوهات تعافيه وعودته للمواجهة. وأوضح أنها 3 إستراتيجيات مختلفة: الأولى في سياق محور المقاومة التي تقوده إيران، والثانية تعلقت بتوسيع إسرائيل عملياتها في لبنان، فيما تعلقت الثالثة بكيفية الخروج من الحرب.
وتناولت الباحثة فاطمة الصمادي في مقالها: "إيران ومحور المقاومة: إعادة ترتيب الصفوف والأولويات"، شبكة الحلفاء والفسيفساء الدفاعية الإيرانية والأثمان التي دفعتها إيران بعد طوفان الأقصى، معرّجة على سوريا بوصفها "حلقة القوة والضعف" ومآلات الإستراتيجية الدفاعية الإيرانية الجديدة وإعادة تعريف محور المقاومة.
وحللت الصمادي إستراتيجية إيران الدفاعية على ضوء مفهوم "تصدير الثورة" بعد نهاية حربها مع العراق، فقد سعت طهران إلى بناء تحالف إقليمي يكون بمنزلة قوة ردع تبعد أعداءها في الخارج قبل وصولهم إلى حدودها، فيما جاء طوفان الأقصى ليعصف بكل الإستراتيجيات الدفاعية في المنطقة بما فيها الإستراتيجية الإيرانية، ويجد محور المقاومة نفسه أمام اختبار وجودي.
إعلان سوريا في مرحلة التغييروكتب الحواس تقية عن "سوريا الجديدة: إعادة رسم خريطة القوى الإقليمية والدولية"، معرّجا على تغيير المعادلة الداخلية في سوريا والرابحين والخاسرين من ورائها، كما ناقش الفرص والمخاطر المحتملة التي تواجهها القيادة الجديدة.
وأكد تقية على حقيقة أن الرابح الأكبر من سقوط نظام بشار الأسد هو عموم الشعب السوري، بغض النظر عن المستفيدين الإقليميين مثل تركيا وقطر والسعودية، فتركيا أصبحت محل ثقة لدى الإدارة الجديدة بعد أن كانت غير مرغوب فيها لدى النظام السابق، فيما استغلت الدوحة رصيدها مع قوى الثورة لإطلاق مشاريع الطاقة وإعادة الإعمار في البلاد، ولم تتأخر السعودية عن قطف ثمار التغيير باعتباره دحرا للمشروع الإيراني في المنطقة.
وفي مقال آخر بعنوان "الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: تفرق الحلفاء وتقارب الخصوم"، تناول الباحث نفسه مكاسب الولايات المتحدة في المنطقة رغم الخسائر المتعددة على أكثر من صعيد، مما يجعل 2025 عاما للفرص والمخاطر معا.
ويرى تقية أن الولايات المتحدة في عام 2024 حافظت على تحالفها الوثيق مع إسرائيل، ووفرت لها الحماية وساهمت في خفض خسائرها، كما نجحت في إضعاف نفوذ إيران في المنطقة دون جرّها إلى حرب إقليمية، لكن إخفاق إسرائيل في تحقيق أهدافها في غزة يعني بالضرورة إخفاق الولايات المتحدة.
وكتب الباحث محمد عبد العاطي عن "أنصار الله وحرب غزة: دعم مؤثر وانخراط غير مسبوق"، متناولا ملامح وأبعاد انخراط جماعة أنصار الله (الحوثيين) في حرب غزة، وإطار الدعم والمساندة الذي انخرطت فيه الجماعة منذ الأيام الأولى، من خلال الضغط الأمني والعسكري على إسرائيل لتوقف عدوانها على قطاع غزة.
وأشار الباحث إلى تعدد الأدوات التي استخدمتها الجماعة، وكيف تدرّجت في التصعيد، كما تطرق لأهم التحديات والعقبات الداخلية والخارجية وجعلها في ثلاثة مستويات: الأول يتعلق بإيران، واحتمال تغير أولوياتها، والثاني يتمثل في الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها على الجماعة، أما الثالث فهو التحدي الذي يأتي من إسرائيل التي شنت بدورها عمليات عسكرية في اليمن.
إعلانوعن تأثيرات حزب غزة والتغيير في سوريا على العراق، جاء مقال الدكتور لقاء مكي الذي حمل عنوان "العراق في مواجهة تداعيات الحرب على غزة وتغيير النظام في سوريا"، وتناول فيه ما وصفه بجدل الإسناد وانشغال الطبقة السياسية في العراق به، والانقسامات الحادة التي رافقته، مشيرا إلى أن هذا الجدل لم يؤثر كثيرا في انخراط المجاميع المسلحة في حرب الإسناد.
كما عالج مكي تداعيات سقوط نظام الأسد على الساحة العراقية، مشيرا إلى تغير صيغة الخطاب السياسي العراقي باتجاه التأكيد على ضرورة احترام الإرادة الحرة للسوريين، كما أشار إلى الضغوط الدولية لحل الجماعات المسلحة حتى أن رئيس الوزراء العراقي أكد في تصريح متلفز أنه "لا توجد أية شروط لحل الحشد الشعبي".
وختم الباحث بأن العراق يواجه تحديات متعددة، من أبرزها انهيار نظام الأسد في سوريا، وانتشار السلاح لدى جماعات ذات تأثير قوي في الوضع السياسي والأمني، والتهديدات الإسرائيلية المستمرة بتوجيه ضربات لهذه الجماعات وحتى لإيران عبر، فضلا عن تحدي التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة؛ مبينا أن مقاربات بغداد السياسية للتعامل مع هذه التحديات غير واضحة.