أكد رئيس جامعة الأزهر الشريف، الدكتور سلامة داود، أهمية التعليم كعامل رئيس لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة في جميع مناحي الحياة.. مشددا على أن للعلم مكانة سامية في الإسلام، مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾(المجادلة: 11)، موضحا أن العلم والإيمان هما أساس الرفعة والتقدم، وأنهما قرينان لا ينفكان.

وجاء ذلك في كلمة رئيس جامعة الأزهر اليوم خلال افتتاح المؤتمر الدولي للتعليم المعاصر في العالم الإسلامي الذي عُقد في جامعة السلطان أحمد شاه مسعود الإسلامية بولاية بهانج بماليزيا تحت عنوان "التعليم المعاصر أساس التنمية المستدامة في العالم الإسلامي".

وقال رئيس جامعة الأزهر إن الجامعة ملتزمة بنشر العلم والمعرفة، وتعزيز القيم الإسلامية السمحة، مُشيرًا إلى أنّ الجامعة تُوَاصِلُ مسيرتها الحضاريَّة والإصلاحيَّة، مُتخذةً من القرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة الشريفة منهجًا لها.

وشددّ على ضرورة تضافر الجهود من أجل تطوير التعليم في العالم الإسلامي بما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويُعزّز مكانة الأمة الإسلامية في العالم، مؤكدا أنّ التعليم هو مفتاح المستقبل، وأنّه مسئولية الجميع، حكومات وشعوبًا ومؤسسات، داعيًا إلى العمل الجاد من أجل بناء مجتمعات إسلامية مُتقدّمة مُزدهرة.

وأعرب رئيس جامعة الأزهر، في كلمته، عن خالص شكره وتقديره لجامعة السلطان أحمد شاه ببهانج بدولة ماليزيا، لدعوتها الكريمة للمشاركة في هذا المؤتمر المهم، وأشاد بماليزيا كبلدٍ كريمٍ رفع شعار الإسلام والعلم، وآمن بأن نهضة التعليم هي السبيل إلى نهضة البلاد وتقدمها، مشدّدا على أنّ ماليزيا حقّقت نهضة شاملة صارت مضرب الأمثال، وسارت مسير الضحى في البلاد، حتى دعونا اليوم لنناقش هذا الموضوع المتميز وهو "التعليم المعاصر أساس التنمية المستدامة في العالم الإسلامي".

وأكّد أهمية انعقاد هذا المؤتمر، مشيرا إلى أن لا سبيل لرقي العالم الإسلامي وتقدمه ونهضته إلا سبيل واحد هو أن ننتج المعرفة ولا نعيش عالة على ما تنتجه العقول الأخرى، موضحا أنّ التنمية المستدامة في مجال التعليم أساسها بناء الإنسان المتعلم، لأن الإنسان المتعلم هو صانع التنمية، وهو الذي إذا صلح صلُح كل شيء، وإذا فسد فسد كل شيء.

ودعا الدكتور سلامة داود إلى أن تكون عيوننا معقودة في تربية أجيالنا على أن يكونوا أفضلَ منا.. مستعرضا تجربته في إدارة الجامعة، وتركيزه على تعزيز العلم والبحث العلمي، مُشيرًا إلى أنّ الأزهر الشريف يُولي اهتمامًا كبيرًا بنشر المعرفة وتطويرها.

وأوضح أنّ من أهم مبادرات جامعة الأزهر تكوين مجالس علمية نشطة في مختلف الأقسام تعنى بقراءة ودراسة العلوم المختلفة، وتسهم في نشر ثقافة العلم بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، مشيرًا إلى أن الجامعة تُشجع على تكوين مجموعات بحثية تعمل على مشروعات علمية رائدة تسهم في رفع مكانة الجامعة وتعزز مسيرتها العلمية.

وأشار رئيس الجامعة إلى أن من أبرز هذه المشروعات "موسوعة جامعة الأزهر في الحديث النبوي الشريف" التي يُشارك فيها نخبة من كبار علماء الحديث من داخل الجامعة وخارجها، وتهدف إلى إخراج عشرة آلاف حديثٍ صحيحٍ متنًا وسندًا، لافتا إلى أن اللجنة أنجزت حتى الآن ما يزيد عن سبعة آلاف حديث، واستدركت على جميع طبعات صحيح الإمام البخاري ما يزيد عن مئة وخمسين استدراكًا.

وأضاف أنّ من هذا العمل الموسوعي الذي تنهض به اللجان ولا ينهض به فرد واحد موسوعة: (أسرار تنوع القراءات في القرآن الكريم)، وأن كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر نوقشت فيها نحو عشرين رسالة دكتوراه في هذا المشروع، والآن يجري تنقيح هذه الرسائل العشرين واختصارها وتهذيبها والعمل على إخراجها لتكون أول موسوعة تتناول جميع القراءات القرآنية بالتحليل الشامل.

وأكّد أنّ جامعة الأزهر لم تقتصر في اهتماماتها على العلوم العربيَّة والشرعيَّة، بل حرصت على الجمع بينها وبين العلوم العمليَّة، مثل: الطِّب، والصيدلة، والهندسة، والزراعة، والتجارة، وضرب مثالًا على ذلك بتجربة جامعة الأزهر في تدريس مادة الفقه الإسلامي لطلاب كليات الطب، حيث تمّت طباعة المادة بطابع الطب، ممّا أدّى إلى ظهور فقه جديد بطعم الطب، يُعالج القضايا المهمة التي يتعرض لها الطبيب، ملفتًا إلى أنّ الجامعة تُطبّق هذا النهج أيضًا في كليات أخرى، مثل: كلية التجارة، حيث تمّت طباعة مادة الفقه الإسلامي بطابع التجارة.

وبين رئيس الجامعة أن الأزهر الشريف لا يعيش على التغني بأمجاد الماضي، بل يضيف إليه جديدًا كل يوم، ويواصل مسيرته التطويرية والتجديدية، مُشيرًا إلى بعض الإنجازات الحديثة، مثل: إنشاء "مرصد الأزهر" لرصد الفكر المتطرف، وانتشار "الرواق الأزهري" في جميع أنحاء مصر، وهو تعليم غير نظامي يقوم على تحفيظ القرآن الكريم للصغار والكبار وتدريس العلوم العربية والشرعية، وأكثر من 40 عالمًا في جامعة الأزهر هم في قائمة أفضل 2% من علماء العالم الأكثر تأثيرًا في جميع المجالات العلمية وفقًا لتقرير ستانفورد الأمريكي.

وشدد على أن الأزهر يؤدي دورا محوريا في نشر العلم والمعرفة وتعزيز القيم الإسلامية السمحة، مستشهدًا بكلمة لفضيلة الشيخ محمد الغزالي قال فيها: "إن الأزهر مصنع الأدوية لعلل الأمة، فإذا غُشَّتِ الأدويةُ التي يُصْدِرُها المصنع فإن العلل ستبقى مضاعفة"، ولذا كانت العناية بالأزهر الشريف من العناية بالدين.

واختتم رئيس جامعة الأزهر الشريف كلمته بإطلالة سريعة على أسس تربية العالم والمتعلم في الحضارة الإسلامية، مؤكدا على أن بناء كل منهما بناء قويا هو السبيل لتحقيق التنمية المستدامة في التعليم، موضحا أنّ تربية الأجيال على علوّ الهمة وتنشئتهم على حبّ العلم والبحث هما أساسان رئيسان للنجاح، لافتا إلى بعض الأمثلة من التاريخ الإسلامي التي تجسد هذه الأسس.

اقرأ أيضاًرئيس جامعة الأزهر يهنئ الكليات التي اعتُمِدت من هيئة ضمان الجودة

رئيس جامعة الأزهر يتفقد لجان التصفيات النهائية لمسابقة الأزهر لحفظ القرآن

رئيس جامعة الأزهر في حفل مدرسة الإمام الطيب: القرآن هدفه السمو بالأخلاق وتهذيب النفس

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: التعليم الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر رئيس جامعة الأزهر الدكتور سلامة داود ركيزة أساسية للتنمية المستدامة التنمیة المستدامة فی فی العالم الإسلامی رئیس جامعة الأزهر القرآن الکریم الأزهر الشریف ا إلى أن على أن

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة طنطا يستقبل الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استقبل الدكتور محمد حسين رئيس جامعة طنطا بمكتبه اليوم، الدكتور سلامه داود رئيس جامعة الأزهر، وذلك لتقديم التهنئة بمناسبة صدور القرار الجمهوري بتعيينه رئيسا للجامعة، وذلك بحضور الدكتور ممدوح المصري القائم بعمل عميد كلية الآداب، ومستشار الاتصال السياسي بالجامعة.

خلال اللقاء رحب الدكتور محمد حسين بالدكتور سلامة داود في رحاب جامعة طنطا، معربا عن شكره وامتنانه لهذه التهنئة الطيبة، مؤكدا سعيه الدائم لتوطيد العلاقات بين جامعة طنطا وجامعة الازهر التي تمثل صرح تعليمي ومعرفي شامخ ومنارة للعلم على مر العصور، حيث تلعب دورًا محوريًا في حفظ ونشر علوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية، وكانت ولا تزال قبلة للعلماء والطلاب من كافة دول العالم، متمنياً أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من أوجه التعاون المشترك بين الجامعتين في العديد الأنشطة والفاعليات.

من جانبه نقل الدكتور سلامة داود تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وحرص على تقديم التهنئة للدكتور محمد حسين لثقة القيادة السياسية وصدور القرار الجمهوري بتعيينه رئيسا للجامعة، مشيدًا بخبرته الواسعة وكفاءته العملية والإدارية المتميزة، مؤكداً على استمرار التعاون بين جامعتي الأزهر وطنطا في العديد من المجالات مثل البحث العلمي والتعاون الطلابي، مثمنا الجهود العظيمة التي تبذلها الجامعة في إقليم الدلتا، متمنيا التوفيق لجامعة طنطا خلال الفترة المقبلة وأن تحقق مزيدا من التقدم والازدهار.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الجزائري يلتقي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية
  • الرئيس تبون يستقبل رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية
  • رئيس جامعة طنطا يستقبل الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر
  • وزير المالية يبحث مع رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تعزيز التعاون والشراكة
  • وزير المالية الجزائري يستقبل رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية
  • رئيس جامعة قناة السويس يفتتح المؤتمر الطلابي والبحثي السابع بكلية الآداب
  • بقرار من الطيب.. نقيب الصحفيين عضوًا بمجلس كلية الإعلام جامعة الأزهر
  • رئيس جامعة الأزهر ونائبه للوجه البحري يتفقدان الدراسة في كليات طنطا
  • قطاع التعدين .. ركيزة أساسية لتعزيز الاقتصاد المحلي ودعم التنمية المستدامة
  • كلية العلوم جامعة الأزهر بأسيوط تفتتح معمل الخلايا الشمسية ومتحف الجيولوجيا