قادة جيش الاحتلال يعترفون بالفشل العسكري في قطاع غزة.. والانسحاب الخيار الأنسب لإعادة الأسرى
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
◄ المسؤولون الأمنيون: الجيش لا يخوض حربًا فعلية في غزة.. ونتنياهو يتجاهل هذه الحقيقة
◄ إجماع على أولوية استعادة الأسرى دون شروط
◄ المقاومة تُغيّر من استراتيجيات الحرب وتختار أهدافها العسكرية بكفاءة
◄ تكبيد الاحتلال خسائر بشرية وعسكرية بتنفيذ عمليات نوعية
◄ محاور تمركُز قوات الاحتلال باتت هدفًا سهلًا لفصائل المقاومة
الرؤية- غرفة الأخبار
على الرغم من استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 213 يومًا وسقوط أكثر من 35 ألف شهيد إلى جانب آلاف المفقودين، إلّا أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق أي أهداف عسكرية كان قد أعلن عنها منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
ولقد اعترف قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيلي خلال اجتماع حضره وزير الدفاع ورؤساء هيئة الأركان والشاباك والموساد ومسؤول ملف المفاوضات، بأن الحرب على قطاع غزة وصلت إلى طريق مسدود في ضوء عدم دعم الولايات المتحدة عملية في رفح.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن الاجتماع عقد قبل 12 يوما ووصف بالحاسم وشكّل نقطة تحول في الموقف الإسرائيلي من صفقة التبادل، مؤكدة أن القادة أجمعوا على أولوية استعادة المحتجزين مقابل عودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع دون شروط والانسحاب من نتساريم.
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين رأوا أن الجيش لا يخوض حربا فعلية في غزة، ونتنياهو وبن غفير يتجاهلان هذه الحقيقة، كما أنها أكدوا أن إسرائيل فقدت ميزتين أساسيتين هما الدعم الأميركي ووحدة الشارع.
وكان أبو عبيدة المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، قال في مقطع فيديو يوم 23 أبريل الماضي، إن إسرائيل عالقة في قطاع غزة وتعرقل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار، مضيفا: "العدو الإسرائيلي يحاول لملمة صورته وما يزال عالقا في رمال غزة ولم يستطع خلال 200 يوم من الحرب أن يحقق سوى المجازر الجماعية والتدمير والقتل".
ويشير الواقع الميداني إلى أن فصائل المقاومة غيرت من استراتيجيات الحرب داخل القطاع، وذلك عبر السماح لقوات جيش الاحتلال التمركز في عدة مناطق ظنها باتت آمنة وخالية من عناصر المقاومة، ليتفاجأ بعد ذلك بالأكمنة المركبة والقصف المستمر بقذائف الهاون والصواريخ قصيرة المدى، مثل ما يحدث في الأيام الأخيرة بمحور نتساريم الذي تمركزت فيه قوات الاحتلال وباتت هدفا سهلا لفصائل المقاومة.
وبالأمس، نفذت كتائب القسام عملية عسكرية دقيقة بقصف قاعدة عسكرية قرب معبر كرم أبو سالم، ما أدى إلى مقتل جنديين على أقل تقدير بحسب ما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، وإصابة 10 أشخاص من بينهم 4 "في حالة ميؤوس منها"، إذ قرر جيش الاحتلال استدعاء الطائرات لنقل المصابين إلى المستشفيات.
وتؤكد هذه العملية أن فصائل المقاومة لاتزال موجودة ميدانيا وقادرة على اختيار أهدافها العسكرية بكفاءة عالية لتحقيق أكبر قدر من الخسائر البشرية والعسكرية في صفوف جيش الاحتلال.
ويرى المحلل الفلسطيني سعيد زياد أن الفشل الذي اعترف به قادة الاحتلال جاء نتيجة ثلاثة نقاط أساسية، الأولى هي الفشل الميداني الذي منيت به إسرائيل في المرحلة الأولى والثانية والثالثة من حملتها البرية إذ إنها لم تتمكن من تقويض البنية التحتية للمقاومة أو تصفية وجودها العسكري والأمني في مختلف مناطق القطاع.
كما يشير إلى أن إسرائيل وجدت نفسها في مأزق بعدما اتسعت دائرة التنديد بما تقوم به من ممارسات إجرامية بحق الشعب الفلسطيني، واتساع دائرة الدعم لفصائل المقاومة، مبينا أن جيش الاحتلال لا يملك ما يفعله في غزة لتحقيق أي أهداف عسكرية سوى إسالة دماء الأبرياء من الأطفال والنساء.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما علاقة سوريا الجديدة مع إسرائيل؟ ملاحظات أولية
(1) تحرك بقيادة نتنياهو؟جاء التحرك العسكري للمعارضة السورية "سابقا" بعد أيام من تصريحات لرئيس وزراء الاحتلال نتنياهو يحذر فيها نظام الأسد من "اللعب بالنار". استخدم هذا التصريح للترويج لفكرة أن التحرك تم بالتنسيق مع حكومة الاحتلال الفاشي، للاستفادة من حالة التراجع التي يمر بها "محور المقاومة"، بعد توقيع حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار مع الاحتلال.
كثير ممن طرحوا هذه الفكرة لا يستحقون النقاش، لأنهم ينطلقون في هذا الطرح من عدائهم للثورة السورية منذ يومها الأول، ولكن البعض ممن أيدوا الثورة في بداياتها السلمية، ثم بدأت المخاوف تطغى على تأييدهم بعد عسكرة الثورة، يطرحون هذا التزامن من باب القلق على مستقبل سوريا، وهؤلاء بالطبع يستحقون النقاش بهدوء.
إن الرد الأساسي على هذا التزامن "المفتعل" هو أن السياسة لا تعمل بشكل "خطيّ"، ولذلك فإن تزامن حدث سياسي أو عسكري مع تصريح لسياسي هنا أو هناك لا يعني بالضرورة أن الحدث والتصريح مترابطان.
يضاف إلى ذلك أن الاحتلال الإسرائيلي يعلن عداءه وهجومه على نظام الأسد منذ عقود، ولم تتوقف التصريحات المناوئة له خصوصا بعد دخول القوى العسكرية التابعة لإيران إلى سوريا، وبالتالي إذا كان تحرك "المعارضة" السورية هو "تنفيذ" لتصريحات نتنياهو، فلماذا لم تتحرك سابقا؟
بات مؤكدا أن انتصار "المعارضة" السورية وهروب الأسد بعد سقوط نظامه تحقق في جزء منه بسبب خسارة ما كان يعرف بـ"محور المقاومة".ولا بد من الإشارة هنا إلى أن "المعارضة" لو أرادت أن تكون جزءا من حرب "إسرائيل" على "محور المقاومة" لتحركت أثناء العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، ولكنها التزمت بالصمت رغم استعدادها للهجوم منذ أكثر من سنتين إلى حين انتهاء العدوان.
ولكن هذا لا يعني أن المعارضة لم تستفد من نتائج التغييرات التي حصلت في المنطقة منذ "طوفان الأقصى".
(2) هزيمة لمحور المقاومة؟
بات مؤكدا أن انتصار "المعارضة" السورية وهروب الأسد بعد سقوط نظامه تحقق في جزء منه بسبب خسارة ما كان يعرف بـ"محور المقاومة". لم تتمكن إيران من تقديم المساعدة العسكرية اللازمة للنظام كما فعلت خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية بسبب تراجع اقتصادها، وتضرر قوتها بعد الضربات التي وجهها الاحتلال لأهدافها العسكرية خلال الشهور الماضية. ولم يتمكن حزب الله أيضا من القتال في مواجهة المعارضة السورية كما فعل سابقا، بسبب تعرضه لضربة كبيرة خلال العدوان الإسرائيلي الذي بلغ ذروته بعد عملية تفجير البيجر الإرهابية وما تبعها من اغتيالات لكبار قادته وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله وشن حرب عدوانية على لبنان برا وجوا.
هذا يعني أن اختيار توقيت عملية "ردع العدوان" أخذ بعين الاعتبار هذه العوامل، ولكن هل يعني هذا أن العملية تسببت في هزيمة "لمحور المقاومة"؟
الحقيقة أن هزيمة النظام السوري لم تكن سوى إسدال للستار على نهاية "محور المقاومة" كما كنا نعرفه سابقا، ولم يكن السبب لهذه النهاية. لقد بات ثابتا الآن حسب مصادر إعلامية دولية وعربية وحتى مقربة من حزب الله أن نظام الأسد كان ينفذ خطوات متسارعة للابتعاد عن المحور بوساطة إماراتية منذ أكثر من سنتين، وقد بدا هذا واضحا في خطوات اتخذها النظام ضد النفوذ الإيراني في سوريا، ومنع حزب الله -حسب مصادر إعلامية ـ من تنشيط قواعده العسكرية أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان، إضافة إلى السكوت المطبق حتى عن البيانات المساندة لقوى "المحور" التي كانت تشن حرب إسناد لقطاع غزة بعد "طوفان الأقصى".
هذا يعني أن سوريا أصبحت خارج "المحور" قبل هزيمة النظام وهرب الأسد، كما أن المحور أضعف بسبب ما تعرض له من عدوان شرس من الاحتلال، بعد عملية السابع من أكتوبر 2023 وليس بسبب سقوط نظام الأسد. ولذلك فإن التباكي على المقاومة باعتبارها قد تلقت ضربة بهروب الأسد، هو قراءة في غير محلها.
(3) الأهداف "الإسرائيلية"
يمكن معرفة الأهداف "الإسرائيلية" في سوريا من خلال ما تنفذه من اعتداءات يومية على الأراضي السورية، وما تطلقه القيادات السياسية والعسكرية من تصريحات تجاه مستقبل هذا البلد العربي المهم.
خلال أيام قليلة، قصف الاحتلال سوريا بوتيرة عالية جدا، تفوق ما كان ينفذه من قصف منذ عام 2011 بنسبة كبيرة، واحتل جيش العدوان أراض سورية جديدة أهمها القنيطرة، إضافة إلى مناطق في الجنوب السوري تصل إلى درعا على حدود الأردن.
لقد بات ثابتا الآن حسب مصادر إعلامية دولية وعربية وحتى مقربة من حزب الله أن نظام الأسد كان ينفذ خطوات متسارعة للابتعاد عن المحور بوساطة إماراتية منذ أكثر من سنتين، وقد بدا هذا واضحا في خطوات اتخذها النظام ضد النفوذ الإيراني في سورياوبالتزامن مع القصف الجوي والعدوان البري، فإن الاحتلال لم يخف أهدافه السياسية والعسكرية في سوريا، إذ أكد أنه يريد إضعاف ما تبقى من مقدرات للجيش السوري، والاستمرار باحتلال القنيطرة كمنطقة عازلة لمدة عام على الأقل، وربما يطمح لإقامة منطقة عازلة في الجنوب، كما أنه يريد منع أي فرصة لمهاجمة "إسرائيل" من قبل القيادة السورية الجديدة التي أعلن بشكل واضح أنها قيادة معادية متطرفة غير جديرة بالثقة.
أما الهدف الأبعد للاحتلال فهو تقسيم سوريا من خلال دعم الأقليات "الدروز والعلويين والأكراد"، وقد ورد هذا بوضوح عبر تحليلات تنشر في الصحف العبرية على لسان خبراء استراتيجيين وجنرالات سابقين، وبشكل غير مباشر في تصريحات وزير الخارجية جدعون ساعر الذي أكد أنه "من المهم ضمان حماية الأقليات في سوريا، من الأكراد والدروز والمسيحيين، إضافة للعلويين وهي الأقلية التي كانت حجر الأساس لنظام الأسد"، حسب قوله.
(4) ما هو المطلوب سوريا؟
إزاء هذا المشهد الإقليمي، والأهداف "الإسرائيلية" العدوانية المعلنة، فإن المطلوب سوريا هو تكوين موقف وطني سوري موحد ضد العدوان. يتطلب هذا ابتداء خطاب سياسي واضح يدين العدوان ويرفض الاحتلال الإسرائيلي سواء للجولان أو للأراضي التي احتلت في الأيام الأخيرة، والابتعاد عن الخطاب "الناعم" الذي يعلن الضعف عن مواجهة الاحتلال، وهو الخطاب الذي ساد في اللقاءات الإعلامية لقائد العمليات العسكرية أحمد الشرع بعد سقوط الأسد.
وحتى تتمكن سوريا من مواجهة العدوان "الإسرائيلي" السافر، فمن الضروري أن تضع القيادة السورية الجديدة مسألة وحدة البلاد على رأس أولوياتها، لأن مواجهة العدوان ووحدة سوريا قضيتان لا تقلان أهمية عن حل المشكلات الداخلية التي تستحق هي الأخرى اهتماما كبيرا بدون شك.لا يعني هذا دعوة قيادة سوريا الجديدة لشن حرب على الاحتلال، لأن موازين القوى المختل بين الطرفين يحول دون مثل هذه الحرب، ولكن المطلوب على الأقل تهديد الاحتلال بمقاومة شعبية لعدوانه، وإدانته بلغة واضحة، والكف عن تقديم الوعود والنوايا "الحسنة" المجانية للاحتلال، ووضع الاحتلال غير القانوني للجولان والقنيطرة وغيرها من الأراضي السورية على طاولة البحث مع الوفود الأجنبية.
وحتى تتمكن سوريا من مواجهة العدوان "الإسرائيلي" السافر، فمن الضروري أن تضع القيادة السورية الجديدة مسألة وحدة البلاد على رأس أولوياتها، لأن مواجهة العدوان ووحدة سوريا قضيتان لا تقلان أهمية عن حل المشكلات الداخلية التي تستحق هي الأخرى اهتماما كبيرا بدون شك.
إن السياسة الغربية تقوم على الضغط على دول منطقتنا بالتدريج، وكلما تنازلت قيادات هذه الدول أمام الضغوط، فإنها ستتعرض لضغوط إضافية من الغرب للحصول على المزيد من التنازلات، ولذلك فإن القيادة السورية الجديدة يفترض أن تعرف متى تقبل ومتى ترفض، وتعرف أيضا كيف تناور أمام الضغوط، بدون خسارة العلاقات مع دول العالم الضرورية لبناء سوريا وحل مشكلاتها المستعصية.
لقد بني نظام الأسد جزءا من شرعيته على دعم المقاومة وفلسطين، ولكن سوريا الجديدة التي قامت بعد ثورة وصراع طويل، سوريا الحرة وشعبها الذي بدأ يتنفس حريته وكرامته بعد سوط هذا النظام، هي الأولى بهذه الشرعية، التي ستظل منقوصة، ما دام الاحتلال الإسرائيلي يسرح ويمرح في الأراضي السورية دون خطاب قوي وموقف واضح واستعداد لمقاومة احتلال أراض سورية وفق الإمكانيات المتاحة.