أكد بيان صادر عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، عن فولكر تورك، أنّ تعامل إسرائيل مع توزيع المساعدات في غزة قد يشكل "جريمة حرب"، ونشأ غداة البيان نقاش قانوني حاسم في خضم الحرب الدائرة في غزة. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنّ "جوهر بيان تورك يكمن في تأكيد أن القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى غزة، إلى جانب سلوكها أثناء الأعمال العدائية، يمكن أن ترقى إلى مستوى استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، وهو انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي وجريمة تستوجب الملاحقة القضائية بموجب نظام روما الأساس للمحكمة الجنائية الدولية".



وتشير تصريحات تورك إلى "خطورة الوضع الذي يتكشف في غزة، إذ أشارت التقارير إلى أزمة إنسانية، بما في ذلك احتمال حدوث مجاعة، مسلطًا الضوء على الحاجة الملحّة لمعالجة محنة المدنيين في القطاع".

وبدورها، وصفت سيندي ماكين، مديرة برنامج الغذاء العالمي، أجزاء من شمال غزة بأنها تعاني من "مجاعة شاملة"، مسلطة الضوء على العواقب الوخيمة المترتبة على تقييد وصول المساعدات.

وأوضحت الصحيفة أن "موقف إسرائيل بشأن تسليم المساعدات أصبح موضوع خلاف، ففي حين أكد المسؤولون الإسرائيليون التزامهم بتسهيل تدفق المساعدات، مستشهدين بجهود التنسيق مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة ومصر، يرى المنتقدون أن القيود التي فرضتها إسرائيل أعاقت التوزيع الفعال للمساعدات".

وتتفاقم تعقيدات تقديم المساعدات بسبب الصراع الدائر؛ ما يطرح تحديات لوجستية ومخاطر لعمال الإغاثة.

وأوضحت الصحيفة أنه "رغم إدانة حرمان المدنيين عمدًا من الموارد الأساسية منذ فترة طويلة باعتباره انتهاكًا للقانون الدولي، فإن تصنيف المجاعة كجريمة حرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية في عام 1998 أضاف بُعدًا جديدًا إلى هذا الخطاب".

وبدورهم، يؤكد الخبراء القانونيون أن أركان الجريمة تتوقف على الفعل نفسه، أي الحرمان من الموارد الأساسية والقصد من ورائه الاستخدام المتعمد للتجويع كوسيلة من وسائل الحرب.

وأثارت التصريحات المنسوبة إلى مسؤولين إسرائيليين بشأن فرض "حصار كامل" على غزة تكهنات حول شرعية مثل هذه الإجراءات بموجب القانون الدولي.

وفي المقابل، فإن تأكيد إسرائيل أن سياساتها تهدف إلى منع وقوع كارثة إنسانية يتناقض مع مزاعم عرقلة المساعدات التي يطلقها مسؤولون أجانب ومنظمات إنسانية، إضافة إلى التناقضات في أرقام تسليم المساعدات والتقارير عن التأخير والرفض.

وأكدت الصحيفة أن احتمال إصدار أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين يلوح في الأفق، مبينة أنه في حين أن إصدار أوامر الاعتقال من شأنه أن يمثل تطورًا مهمًّا، فإن التحديات المرتبطة بالإنفاذ والولاية القضائية تثير تساؤلات حول الآثار العملية لمثل هذا الإجراء القانوني.

وختمت الصحيفة بالقول إن التدقيق المستمر في تصرفات إسرائيل في غزة يعكس مخاوف أوسع نطاقًا فيما يتعلق بالامتثال للقانون الإنساني الدولي وحماية السكان المدنيين في مناطق الصراع.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آدم راسجون وآرون بوكسرمان من القدس بناء على أكثر من 20 مقابلة مع مسؤولين وعمال إغاثة ورجال أعمال وسكان غزة قالا فيه إن العصابات تملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في بعض أجزاء جنوب غزة، وتختطف المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة.

فبينما كان حازم إسليم، سائق شاحنة فلسطيني، يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات نصب له لصوص مسلحون كمينا لقافلة الشاحنات التي كان فيها.

وقال، عبر الهاتف من غزة، إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، وأجبره على القيادة إلى حقل قريب حيث تم تفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبا من القافلة التي تضم نحو مئة شاحنة من المساعدات التابعة للأمم المتحدة، والتي تكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.


وقال إسليم، 47 عاما، الذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة أثناء نهبهم للدقيق: "لقد كان الأمر مرعبا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الطعام إلى الناس".

وينتشر الجوع على نطاق واسع بالقطاع، كما فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا على دخول المساعدات إلى غزة ومنع حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر إنها لن تسلم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين الاحتلال وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. وتتراكم مئات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة عند المعبر جزئيا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.


وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة ومقره مدينة رفح الجنوبية، إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجما للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من العام ــ غالبا من قِبَل سكان غزة الجائعين ــ أصبح الآن "نهبا منهجيا وتكتيكيا ومسلحا من قِبَل عصابات الجريمة" المنظمة. وأضاف: "هذه مجرد سرقة واضحة".

ويستند هذا التقرير إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة، وعمال إغاثة، وسكان غزة، ورجال أعمال فلسطينيين. كما استعرضت صحيفة نيويورك تايمز مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها.

تدهور الوضع في غزة بعد أن دخول الاحتلال الإسرائيلي رفح في أيار/ مايو الماضي، سعيا في القضاء على المقاومة في أحد معاقلها الأخيرة٬ واستغلت العصابات المنظمة ـ دون أن يوقفها أحد ـ الفراغ الذي حدث بعد غياب الإدارة المدنية٬ في اعتراض شاحنات المساعدات أثناء توجهها من معبر الحدود الرئيسي إلى جنوب غزة. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه العصابات تقوم بسرقة الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع وبيعها بأسعار فلكية.


وفي جنوب غزة، ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلا إلى ما يصل إلى 220 دولارا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط.

وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون الاحتلال الإسرائيلي بتجاهل المشكلة والسماح للصوص بالتصرف دون عقاب. ولا تسمح الأمم المتحدة للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.

وقد استهدف الاحتلال مرارا وتكرارا شرطة حماس، مما أدى إلى إضعافها بشدة، ويقول السكان إنه نادرا ما يُرى ضباط الشرطة في معظم أنحاء غزة.

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، سمح الاحتلال لبعض شاحنات المساعدات بالسفر على طول حدود غزة مع مصر، وهو طريق جديد تسيطر عليه بالكامل القوات العسكرية الإسرائيلية. وتمكنت وكالات الأمم المتحدة من تجنب اللصوص وتقديم بعض الإغاثة.


ولكن هذا لم يكن كافيا لمعالجة النقص في المساعدات، كما تقول جماعات الإغاثة والسكان. وقد ساهمت الأسعار المرتفعة للسلع التي يبيعها اللصوص في خلق مشاهد يائسة بين سكان غزة العاديين الذين يكافحون من أجل الحصول على القليل من الطعام المتاح بأسعار معقولة.

في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجمعت الحشود بالفعل عند مخبز "زادنا" في مدينة دير البلح بوسط غزة قبل ساعات من افتتاحه، على أمل شراء كيس من الخبز يحتوي على عشرين قطعة بسعر دولار واحد تدعمه الأمم المتحدة. وفجأة، اندلعت الفوضى عندما اندفع الناس العاديون في الحشد ــ بعضهم يحمل السكاكين ــ للوصول إلى مقدمة الصف، بحسب ما قاله عبد الحليم عوض، صاحب المخبز.

وأثناء الاضطرابات، دوت طلقات نارية. وقال إن امرأتين قتلتا وأصيبت أخريات، وتوفيت امرأة ثالثة في وقت لاحق متأثرة بجراحها. ومع تصاعد الاضطرابات، أغلقت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في جنوب ووسط غزة أبوابها في الوقت الحالي.
وقال عوض: "اليوم، أصبح حلم المواطن الغزي العادي وطموحه هو الحصول على قطعة خبز. لا أستطيع أن أقول أي شيء أكثر حزنا من ذلك".


يقول أصحاب شركات النقل في غزة وسائقو الشاحنات ومنظمات الإغاثة إن عصابات متعددة شاركت في عمليات النهب مؤخرا. لكن العديد من الأشخاص المشاركين في توصيل المساعدات أطلقوا على ياسر أبو شباب، 35 عاما، اسم الرجل الذي يدير العملية الأكثر تعقيدا.

يقولون إن عصابة أبو شباب تهيمن على جزء كبير من حي النصر في شرق رفح، والذي حولته الحرب إلى أرض قاحلة. ووصفه بيتروبولوس، المسؤول الأممي، بأنه "صاحب النفوذ في شرق رفح".

قال إسليم، سائق الشاحنة الذي تعرض لكمين في رفح، إن اللصوص الذين أسروه أخبروه أن أبو شباب هو رئيسهم. وقال عوض عبيد، وهو نازح من غزة حاول شراء الدقيق من عصابة أبو شباب في رفح، إنه رأى مسلحين يحرسون مستودعات تحتوي على صناديق مسروقة من المساعدات التي تحمل علامة الأمم المتحدة. وقال عابد: "طلبت من أحدهم كيسا من الدقيق لإطعام أطفالي، فرفع مسدسا في وجهي".


ونفى أبو شباب نهب شاحنات المساعدات على نطاق واسع، رغم أنه اعترف بأن رجاله ـ المسلحين ببنادق كلاشينكوف الهجومية ـ قاموا بمداهمة عددا من الشاحنات منذ بداية الحرب.

وقال في مقابلة هاتفية: "نحن نأخذ الشاحنات حتى نتمكن من الأكل، وليس حتى نتمكن من البيع"، مدعيا أنه كان يطعم أسرته وجيرانه. "كل شخص جائع يأخذ المساعدات".

إن سيطرة اللصوص على الإمدادات وارتفاع الأسعار تقوض حماس في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها. وفي 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس الحي الذي يقطنه أبو شباب، فقتلت أكثر من عشرين شخصا، من بينهم شقيقه، حسبما قال أبو شباب.

وأفادت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لحماس في ذلك الوقت أن قواتها قتلت عشرين عضوا من "عصابات اللصوص الذين كانوا يسرقون المساعدات".
ومع انتشار عمليات النهب في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل ظاهريا، اقترح سائقو الشاحنات وعمال الإغاثة أن الجيش الإسرائيلي يغض الطرف في الغالب عن هذه العمليات.


وقال بيتروبولوس: "إن القوات الإسرائيلية تتسامح باستمرار مع كميات غير مقبولة من عمليات النهب في المناطق التي تخضع ظاهريا وفعليا لسيطرتها العسكرية".

وفي بعض الأحيان، تنتشر الدبابات الإسرائيلية على طول الطرق الرئيسية التي تسافر عليها شاحنات المساعدات. وقال الوزراء الإسرائيليون إنهم ناقشوا تفويض شركات الأمن الخاصة بحماية قوافل المساعدات الدولية داخل غزة.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: ضرورة وصول المساعدات للجميع في سوريا
  • مقررة أممية: الجنائية الدولية أنسب مكان لمحاكمة الأسد
  • منع دخول المساعدات.. سلاح إسرائيل لمواصلة الإبادة الجماعية في غزة
  • بسبب الانتقادات الدولية..نتانياهو يطالب الجيش بالترويج لإدخال المساعدات إلى غزة
  • الأمم المتحدة تطلب رأي العدل الدولية في التزامات الكيان الصهيوني في فلسطين
  • الأمم المتحدة: "من المستحيل تقريبًا" إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل تقييد دخول المساعدات إلى غزة
  • إسرائيل تتبنى رسميًا اغتيال إسماعيل هنية وتهدد بقطع رؤوس قادة الحوثيين
  • الأمم المتحدة: أصبح من المستحيل تقريبًا توصيل المساعدات إلى غزة
  • كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟