رئيس جامعة الأزهر: التعليم ركيزة أساسية للتنمية المستدامة في العالم الإسلامي
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
أكدّ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أهمية التعليم في تحقيق التقدم والتنمية المستدامة في جميع مناحي الحياة، وذلك خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الدولي للتعليم المعاصر في العالم الإسلامي الذي عُقد بجامعة السلطان أحمد شاه مسعود الإسلامية بولاية بهانج بماليزيا تحت عنوان: «التعليم المعاصر أساس التنمية المستدامة في العالم الإسلامي».
وشهد المؤتمر حضورًا كبيرًا ضمّ وزراء بولاية بهانج ووزير الشئون الإسلامية الماليزي، وعددًا من كبار المسئولين، ورؤساء الجامعات من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر لشئون الوافدين عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين.
واستهل الدكتور سلامة داود كلمته بالتأكيد على فضل العلم ومكانته السامية في الإسلام، مصداقًا لقول الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾(المجادلة: 11)، مشدّدا على أنّ العلم والإيمان هما أساس الرفعة والتقدم، وأنّهما قرينان لا ينفكان.
ونقل رئيس جامعة الأزهر تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إلى جميع الحاضرين، مُعربًا عن خالص أمانيه للمؤتمر بالتوفيق والسداد.
كما نقل رئيس جامعة الأزهر، تحيات الجامع الأزهر الشريف، الذي يَسْنِدُ ظَهْرَهُ لنحو ألفٍ وأربعةٍ وثمانين عامًا مَضَتْ مِن عُمْرِ الزمن، وتضمّ جامعته في جنباتها سبعةَ عَشَرَ ألفِ عُضْوِ هيئةِ تدريسٍ، وأكثرَ من نصف مليون طالبٍ مصريٍّ يَدْرسُونَ في ثلاث وتسعين كليةً وثمانيةَ عَشَرَ معهدًا ملحقًا بها في جميع محافظات مصر، ناهيك عن ستينَ ألف طالبٍ وافدٍ يَدْرسُونَ في الأزهر جامعًا وجامعة ينتمون لنحو مائة وثلاثين دولةً من دول العالم.
واكد التزام جامعة الأزهر الشريف بنشر العلم والمعرفة، وتعزيز القيم الإسلامية السمحة، مُشيرًا إلى أنّ الجامعة تُوَاصِلُ مسيرتها الحضاريَّة والإصلاحيَّة، مُتخذةً من القرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة الشريفة منهجًا لها.
وشددّ على ضرورة تضافر الجهود من أجل تطوير التعليم في العالم الإسلامي بما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويُعزّز مكانة الأمة الإسلامية في العالم، مشددًا على أنّ التعليم هو مفتاح المستقبل، وأنّه مسئولية الجميع، حكومات وشعوبًا ومؤسسات، داعيًا إلى العمل الجاد من أجل بناء مجتمعات إسلامية مُتقدّمة مُزدهرة.
وأعرب رئيس جامعة الأزهر، في كلمته، عن خالص شكره وتقديره لجامعة السلطان أحمد في بهانج بدولة ماليزيا؛ لدعوتها الكريمة للمشاركة في هذا المؤتمر المهم.
وأشاد بماليزيا كبلدٍ كريمٍ رفع شعار الإسلام والعلم، وآمن بأن نهضة التعليم هي السبيل إلى نهضة البلاد وتقدمها، مشدّدا على أنّ ماليزيا حقّقت نهضة شاملة صارت مضرب الأمثال، وسارت مسير الضحى في البلاد، حتى دعونا اليوم لنناقش هذا الموضوع المتميز وهو: «التعليم المعاصر أساس التنمية المستدامة في العالم الإسلامي».
وأكّد رئيس جامعة الأزهر على أهمية انعقاد هذا المؤتمر، مُشيرًا إلى أنّ لا سبيل لرقي العالم الإسلامي وتقدمه ونهضته إلا سبيلٌ واحدٌ هو أن نُنْتِجَ المعرفةَ ونُضيفَ إليها ولا نعيشَ عالة على ما تُنْتِجُهُ العقولُ الأخرى، موضحًا أنه وإن خرجنا من هذا المؤتمر بتوصية: «ضرورة إنتاج المعرفة» فقد خرجنا بيد ملآنة بالخير كله.
وشدّد على أنّ التنمية المستدامة في مجال التعليم أساسُها بناء الإنسان المتعلم؛ لأن الإنسان المتعلم هو صانع التنمية، وهو الذي إذا صَلَحَ صَلَحَ كلُّ شيء، وإذا فسد فسد كل شيء.
ودعا الدكتور سلامة داود إلى أن تكون عيونُنا مَعْقُودةً في تربية أجيالنا على أن يكونوا أفضلَ منا، مستشهدًا بقول العلامة الدكتور محمد أبو موسى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف -حفظه الله تعالى-: «إذا خَرَّجْنَا جِيلًا أقلَّ من مُستوانا فقد حَكَمْنَا على الزَّمَنِ بالتَّخَلُّفِ، وإذا خَرَّجْنَا جِيلًا في مستوانا فقد حَكَمْنَا على الزَّمَنِ بالتوقُّفِ؛ فلا مَفَرَّ مِن أنْ نُخَرِّجَ جِيلًا أفضلَ مِن مُستوانا».
واستعرض رئيس جامعة الأزهر الشريف، في كلمته، تجربته في إدارة الجامعة، وتركيزه على تعزيز العلم والبحث العلمي، مُشيرًا إلى أنّ الأزهر الشريف يُولي اهتمامًا كبيرًا بنشر المعرفة وتطويرها.
وأوضح أنّ من أهمّ مبادرات جامعة الأزهر تكوين مجالس علمية نشطة في مختلف الأقسام تُعنى بقراءة ودراسة العلوم المختلفة، وتُسهم في نشر ثقافة العلم بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، مشيرًا إلى أنّ الجامعة تُشجّع على تكوين مجموعات بحثية تعمل على مشاريع علمية رائدة تُسهم في رفع مكانة الجامعة وتُعزّز مسيرتها العلميَّة.
وأشار رئيس الجامعة إلى أنّ من أبرز هذه المشاريع «موسوعة جامعة الأزهر في الحديث النبوي الشريف» التي يُشارك فيها نخبة من كبار علماء الحديث من داخل الجامعة وخارجها، وتهدف إلى إخراج عشرة آلاف حديثٍ صحيحٍ متنًا وسندًا، مشيرا إلى أن اللجنة أنجزت حتى الآن ما يزيد عن سبعة آلاف حديث، واستدركت على جميع طبعات صحيح الإمام البخاري ما يزيد عن مئة وخمسين استدراكًا.
وأضاف أنّ من هذا العمل الموسوعي الذي تنهض به اللجان ولا ينهض به فرد واحد موسوعة: (أسرار تنوع القراءات في القرآن الكريم)، وأن كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر نوقشت فيها نحو عشرين رسالة دكتوراه في هذا المشروع، والآن يجري تنقيح هذه الرسائل العشرين واختصارها وتهذيبها والعمل على إخراجها لتكون أول موسوعة تتناول جميع القراءات القرآنية بالتحليل الشامل.
وأكّد أنّ جامعة الأزهر لم تقتصر في اهتماماتها على العلوم العربيَّة والشرعيَّة، بل حرصت على الجمع بينها وبين العلوم العمليَّة، مثل: الطِّب، والصيدلة، والهندسة، والزراعة، والتجارة، وضرب مثالًا على ذلك بتجربة جامعة الأزهر في تدريس مادة الفقه الإسلامي لطلاب كليات الطب، حيث تمّت طباعة المادة بطابع الطب، ممّا أدّى إلى ظهور فقه جديد بطعم الطب، يُعالج القضايا المهمة التي يتعرض لها الطبيب، ملفتًا إلى أنّ الجامعة تُطبّق هذا النهج أيضًا في كليات أخرى، مثل: كلية التجارة؛ حيث تمّت طباعة مادة الفقه الإسلامي بطابع التجارة.
وبين رئيس الجامعة أن الأزهر الشريف لا يعيش على التغني بأمجاد الماضي، بل يضيف إليه جديدًا كل يوم، ويواصل مسيرته التطويرية والتجديدية، مُشيرًا إلى بعض الإنجازات الحديثة؛ مثل: إنشاء «مرصد الأزهر» لرصد الفكر المتطرف، وانتشار «الرواق الأزهري» في جميع أنحاء مصر، وهو تعليم غير نظامي يقوم على تحفيظ القرآن الكريم للصغار والكبار وتدريس العلوم العربية والشرعية، وأكثر من 40 عالمًا في جامعة الأزهر هم في قائمة أفضل 2% من علماء العالم الأكثر تأثيرًا في جميع المجالات العلمية وفقًا لتقرير ستانفورد الأمريكي.
وشدد على أنّ الأزهر يُؤدّي دورًا محوريًّا في نشر العلم والمعرفة وتعزيز القيم الإسلامية السمحة، مستشهدًا بكلمة لفضيلة الشيخ محمد الغزالي قال فيها: «إن الأزهر مصنع الأدوية لعلل الأمة، فإذا غُشَّتِ الأدويةُ التي يُصْدِرُها المصنع فإن العلل ستبقى مضاعفة»؛ ولذا كانت العناية بالأزهر الشريف من العناية بالدِّين.
واختتم رئيس جامعة الأزهر الشريف كلمته بإطلالة سريعة على أسس تربية العالم والمتعلم في الحضارة الإسلامية، مؤكّدًا أنّ بناء كلّ منهما بناءً قويًّا هو السبيل لتحقيق التنمية المستدامة في التعليم، موضحًا أنّ تربية الأجيال على علوّ الهمة وتنشئتهم على حبّ العلم والبحث هما أساسان رئيسان للنجاح، لافتًا إلى بعض الأمثلة من التاريخ الإسلامي التي تُجسّد هذه الأسس؛ مثل قول المبرّد لمن يريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه: "هل ركبت البحر؟" وقول الشاعر:
أأبيت سهران الدجى وتبيته
نومًا وتبغي بعد ذاك لحاقي
وشدّد على ضرورة التخلّص من التعصّب والانفتاح على الأفكار الجديدة، مُشيرًا إلى قول المبرّد: «وليس لقِدَمِ العَهْدِ يُفَضَّلُ القائلُ، ولا لِحِدْثانِ عَهْدٍ يُهْتَضَمُ المُصِيب، ولكنْ يُعْطَى كُلٌّ ما يستحق».
وأكّد رئيس الجامعة على أهمية تميّز العالم في باب أو فن معين، مُشيرًا إلى قول علماء الإسلام: «مَنْ لَزِمَ شيئًا عُرِفَ به»، داعيًا إلى البحث عن الثغور العلمية والغوص في الأعماق وعدم الاكتفاء بالوقوف على السطح، مُشيرًا إلى قول العرب: «تحت الرَّغْوَةِ اللَّبَنُ الصَّرِيحُ»، منبهًا إلى أنّ القرب من الله تعالى والبعد عن الغواية أساسان آخران لنجاح العالم والمتعلم، مُشيرًا إلى قول الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾(البقرة: 282)، وأهمية طول صحبة العلماء وملازمتهم ومجالستهم، مُشيرًا إلى قول العرب: «العيش كله في الجليس الممتع».
وحذر رئيس جامعة الأزهر من الملل؛ فإنَّ الملل من شر ما يَذْهَبُ بالعلم؛، داعيًا إلى الإنفاق من العلم وعدم كتمانه، مُشيرًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
واختتم كلمته بالتوجه إلى الله تعالى بالدعاء لإخواننا في غزة أن ينصرهم وأن يشفي صدورهم بهزيمة عدوهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التنمیة المستدامة فی جامعة الأزهر الشریف فی العالم الإسلامی رئیس جامعة الأزهر القرآن الکریم الله تعالى ا على أن فی جمیع
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة المنصورة يستقبل فريق القومية لضمان جودة التعليم لاعتماد كلية السياحة والفنادق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل الدكتور شريف يوسف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، اليوم الأحد، فريق الاعتماد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، للاعتماد المؤسسي لكلية السياحة والفنادق، واعتماد برنامج الإرشاد السياحي بالكلية، وذلك ضمن برنامج زيارة الجامعة المحدد من الهيئة.
ضم الوفد الدكتورة سلوى السيد المليجي، رئيس فريق الاعتماد، وعضوية كل من الدكتور محمد أحمد محمد نصار، و الدكتورة فريدة محمد مجاهد محمود، و الدكتورة لمياء مصطفى سعيد، و الدكتور تامر مجدي، عيسى كما حضر اللقاء الدكتور محمد عبد اللطيف، عميد كلية السياحة والفنادق، و الدكتورة نسرين شلبي، مدير مركز ضمان الجودة وتقييم الأداء بجامعة المنصورة، الدكتورة منى عز، منسقة برنامج الإرشاد السياحي، والدكتور ريهام ممدوح، مدير وحدة ضمان الجودة والاعتماد.
وفي بداية كلمته، رحَّب الدكتور شريف خاطر بوفد الهيئة في رحاب جامعة المنصورة، مؤكدًا حِرص إدارة الجامعة على مواكبة معايير الجودة والتميز، وتطبيق ثقافة الاعتماد بمختلف كليات الجامعة بما يتوافق مع رؤية مصر 2030.
وصرح الدكتور شريف خاطر بأنه تم خلال اللقاء استعراض إنجازات الجامعة وكلياتها ووحداتها المختلفة، وما يتم عمله لاستيفاء معايير الجودة طبقًا لدليل الاعتماد، وكذلك الجهود التي تُبذل للتغلب على نقاط الضعف وتحسين الأداء.
وأشاد رئيس الجامعة بالتعاون المثمر مع الهيئة، موجهًا لهم الشكر على الدعم الفني والأكاديمي الذي قُدم للجامعة للحصول على الاعتماد الأكاديمي كأول جامعة حكومية معتمدة في مصر، مشيرًا إلى دور الجامعة في دعم الكليات المتقدمة للاعتماد على المستوى الفني واللوجستي.
فيما أكدت الدكتورة سلوى المليجي على تميز جامعة المنصورة في تقديم خدمات علمية وبحثية ومجتمعية عالية الجودة، مشيرة إلى أن الجامعة تسعى باستمرار إلى تطوير أدائها وتحقيق الريادة، وأوضحت أن زيارة فريق التقييم تأتي في إطار حرص الجامعة على الحفاظ على مكانتها المرموقة واعتماد كليتها وبرامجها.
كما أشادت بالجهود المبذولة من إدارة الجامعة للارتقاء بجودة التعليم بكل كليات الجامعة، وتميزها في كافة المجالات، والمساهمة الفعالة في تحقيق تطور نوعي مستمر لجامعة المنصورة.
وأوضح الدكتور محمد عبد اللطيف أن كلية السياحة والفنادق تقدمت بأوراق اعتمادها المؤسسي تنفيذًا لرؤية الجامعة، مضيفًا أن الكلية تشهد حاليًا طفرة كبيرة لرفع جودة العملية التعليمية، والسعي للمنافسة الدولية للجامعات، ورفع مستوى تنافسية الخريج محليًّا ودوليًّا، مؤكدًا أن الكلية حرصت على استيفاء المعايير المقررة للاعتماد والجودة، وأنها تسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال تطوير العملية التعليمية والبحثية، وحل مختلف المشكلات المجتمعية، والقيام بعمليات التطوير اللازمة.
وأشارت الدكتورة نسرين شلبي إلى أن مركز ضمان الجودة بالجامعة يعمل بالشراكة بين الهيئة والجامعة لتحقيق النجاح والحصول على الاعتماد الأكاديمي لكافة الكليات وجميع البرامج بها، اتساقًا مع أهداف الخطة الاستراتيجية للجامعة، والتي تهدف إلى حصول كافة الكليات والبرامج على الاعتماد من خلال تقديم كل وسائل الدعم المادية والبشرية لتوضيح وشرح المستجدات في معايير التقدم للاعتماد، والترتيبات التي تقوم بها الهيئة لرفع جودة العملية التعليمية، ورفع مستوى تنافسية الخريج محليًّا ودوليًّا.
وعقب اللقاء، توجه فريق لجنة الاعتماد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد إلى كلية السياحة والفنادق للقيام بالزيارة الميدانية وفقًا لبرنامج الزيارة المحدد من قبل الهيئة، والذي يستمر على مدار ثلاثة أيام.