" أصبح رهينة لحكومة متطرفة"| هنية ورسالة قاسية لاسرائيل.. وهذه تطورات اجتياح رفح
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
تتواصل العملية العسكرية الاسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 مما أدى إلى استشهاد نحو 35 ألف فلسطيني وإصابة نحو 78 ألفا آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى كارثة إنسانية جعلت حياة سكان القطاع على حافة المجاعة.
ولقد أدت الحرب بين إسرائيل وحماس إلى نزوح حوالي 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.
أصدر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بيانا، الأحد، قال فيه إن "حركة حماس لا تزال حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط ينهي العدوان، ويضمن انسحاب (الجيش الإسرائيلي من غزة)، ويحقق صفقة تبادل أسرى جادة".
وجاء بيان إسماعيل هنية في الوقت الذي استمرت فيه المفاوضات المتعددة الأطراف في القاهرة.
وأضاف إسماعيل هنية أنه تأكيدا على جدية الحركة وإيجابيتها قبل الجولة الحالية من المفاوضات، "أجرت (حماس) سلسلة اتصالات مع الإخوة الوسطاء ومع فصائل المقاومة"، و"أجرت اجتماعات ومشاورات مكثفة" في الداخل والخارج قبل إرسال وفدها إلى القاهرة.
وقال هنية إن الوفد حمل "مواقف إيجابية ومرنة" تهدف إلى وقف "العدوان على شعبنا، وهو موقف جوهري ومنطقي ويؤسس لمستقبل أكثر استقرارا".
وتساءل رئيس المكتب السياسي لحماس قائلا: "ما مفهوم الاتفاق إذا لم يكن وقف إطلاق النار أول نتائجه؟".
وفي إشارة إلى الحكومة الإسرائيلية، قال إسماعيل هنية إن "العالم أصبح رهينة لحكومة متطرفة، لديها كم هائل من المشاكل السياسية والجرائم التي اُرتكبت في غزة"، حسب وصفه، واتهم هنية قيادتها بالسعي إلى "تخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة".
وكان قد شدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأحد رفضه مطالب حماس أو إنهاء الحرب على غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن، قائلاً إن ذلك من شأنه أن يبقي الحركة الفلسطينية في السلطة، ويشكل تهديداً لإسرائيل.
وأضاف : "الاستسلام لمطالب حماس سيكون بمثابة هزيمة فظيعة لدولة إسرائيل، وسيكون انتصارا كبيرا لحماس وإيران ومحور الشر برمته".
وأكد أن إسرائيل "لن توافق على مطالب حماس التي تعني الاستسلام، وستواصل القتال حتى تحقيق أهدافها كافة".
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن حماس حصلت على ضمانات من الولايات المتحدة بانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وأن القوات الإسرائيلية لن تواصل القتال بمجرد إطلاق سراح الرهائن.
وأفادت هآرتس أيضاً أن مسؤولاً إسرائيلياً قال لها إن "إسرائيل لن توافق، تحت أي ظرف من الظروف، على إنهاء الحرب ضمن صفقة، وهناك تصميم على دخول رفح".
وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مُخاطباً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إن إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب "سيكون كارثة، وينبغي بدء عملية رفح الآن".
وكتب بن غفير على منصة إكس "لا لصفقة غير مسؤولة نعم لاجتياح رفح".
وحذر بن غفير في منشوره نتنياهو من مغبة "عدم الوفاء بالالتزامات التي قطعها معي الأسبوع الماضي وهو يدرك جيدا ثمن عدم الوفاء بها".
غارات جوية على رفحتنفذ إسرائيل بانتظام غارات جوية على رفح منذ بداية الحرب قبل سبعة أشهر، وهددت بإرسال قوات برية، قائلة إن رفح هي آخر معقل رئيسي لحماس في القطاع الساحلي. وحثت الولايات المتحدة وآخرون إسرائيل على عدم الغزو خشية حدوث كارثة إنسانية.
وقالت وكالة المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إن مئات الآلاف من الأشخاص سيكونون "في خطر الموت الوشيك" إذا شنت إسرائيل هجوما عسكريا على مدينة رفح جنوب قطاع غزة ، حيث كان قد تعهد نتنياهو يوم الثلاثاء 30 أبريل بشن عملية توغل في مدينة رفح بجنوب غزة ، حيث يتواجد مئات الآلاف من الفلسطينيين يلوذون بالفرار من الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر تقريبًا، في الوقت الذي يبدو فيه أن مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس تكتسب زخمًا.
وتعد المدينة الحدودية نقطة دخول مهمة للمساعدات الإنسانية وهي مليئة بالفلسطينيين النازحين، والعديد منهم يقيمون في مخيمات مكتظة بالسكان.
وأدت غارة جوية إسرائيلية على رفح ليلة الجمعة إلى مقتل سبعة أشخاص، معظمهم من الأطفال.
ويعاني شمال غزة من "مجاعة شاملة"، بحسب رئيسة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، سيندي ماكين. وتذهب تعليقات رئيس الوكالة التي توزع المساعدات الغذائية إلى أبعد من غيرها، حيث قالت الأمم المتحدة وآخرون إن الأراضي الفلسطينية على شفا المجاعة.
ويلعب معبر رفح دورًا محوريًا في توفير الغذاء والمياه والصحة والصرف الصحي والنظافة وغيرها من أشكال الدعم المهمة للسكان هناك، بما في ذلك مئات الآلاف من سكان غزة الذين فروا من القتال في أماكن أخرى.
وقال مسؤولو منظمة الصحة العالمية إنهم يعدون خطط طوارئ لهجوم محتمل على رفح. وفي الوقت نفسه، أشاروا إلى أن المزيد من الغذاء وصل إلى الفلسطينيين المحاصرين في الأسابيع الأخيرة، ولكن خطر المجاعة لا يزال قائما.
وكانت الأمم المتحدة قد أبلغت في وقت سابق عن انهيار في خدمات الصرف الصحي في غزة، ويقدر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن هناك الآن 270 ألف طن من النفايات الصلبة المتراكمة في القطاع.
وقال الدكتور ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في المناطق الفلسطينية المحتلة، في مؤتمر عبر الفيديو، إن خطر المجاعة "لم يتراجع على الإطلاق". وقال الدكتور أحمد ضاهر، رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة، إن الوضع الغذائي هش، وأن "خطر المجاعة لم ينته بعد".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قطاع غزة غزة حماس هنية إسماعيل هنية نتنياهو إطلاق سراح الرهائن رفح إسماعیل هنیة على رفح
إقرأ أيضاً:
شالوم حماس.. ماذا تخفي إسرائيل في حربها الجديدة؟
في 5 مارس/ آذار الجاري، وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيرًا شديد اللهجة لحركة حماس عبر منصته "تروث سوشال"، مستهلًا رسالته بعبارة "شالوم حماس"، موضحًا أن الكلمة تعني "مرحبًا ووداعًا" في آن واحد. وطالب ترامب حينها الحركة بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن وإعادة جثث القتلى، مهددًا بأن عدم الامتثال سيؤدي إلى "نهايتهم".
كما أشار إلى أن الولايات المتحدة ستقدم لإسرائيل كل ما تحتاجه "لإنهاء المهمة"، محذرًا من أن أي عضو في حماس لن يكون في مأمن إذا لم يتم تنفيذ مطالبه. ودعا ترامب قيادات الحركة إلى مغادرة غزة قبل فوات الأوان، مؤكدًا أن مستقبلًا مشرقًا ينتظر سكان القطاع إذا تم الإفراج عن الرهائن، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة.
ولم تكد يمضي أسبوعان على ذلك التهديد، حتى أمطرت الطائرات الإسرائيلية سماء غزة وأرضها بالقنابل والقهر، وذلك في هدأة السحور الرمضاني، حيث لم تكد غزة بعد قد لملمت جراحها من عدوان ضروس استمر قرابة العام والنصف.
هل تفعلها إسرائيل؟مع كل تصعيد عسكري إسرائيلي ضد غزة، يتكرر التساؤل: هل هذه حرب تكتيكية لإضعاف المقاومة، أم خطوة في مخطط استراتيجي طويل الأمد لتغيير الخريطة السكانية والسياسية في فلسطين؟
هل تفعلها إسرائيل هذه المرة: التهجير؟
يبدو للوهلة الأولى أن التصعيد الإسرائيلي الجديد هدفه إحداث اختراق في ملف الأسرى والعض على أصابع حماس لتحرير الجنود الإسرائيليين ومن معهم من مواطني الرئيس الأميركي ترامب مزدوجي الجنسية.
وفي نطاق أوسع، فإن البعض يرى في هذه الحرب مجرد "ردع"، فيما يعتقد آخرون أنها جزء من خطة أشمل تسعى إسرائيل لتنفيذها منذ عقود، مستفيدة من ضعف النظام الإقليمي وتغير أولويات القوى الكبرى، فهل نحن أمام حرب جديدة أم محاولة لصياغة معادلة مختلفة بالكامل؟
غايات إسرائيل العسكرية والسياسيةتسعى إسرائيل من خلال عملياتها العسكرية في غزة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العسكرية والسياسية، تتراوح بين القضاء على المقاومة الفلسطينية أو إضعافها بشكل كبير، وبين استخدام الحرب كأداة داخلية لتخفيف الضغط عن الحكومة الإسرائيلية. ومنذ بداية العدوان، كرر المسؤولون الإسرائيليون أن الهدف الأساسي هو القضاء على حماس، وهو شعار يتكرر منذ عام 2008، لكنه لم يتحقق فعليًا في أي من الحروب السابقة. وتبدو العمليات الإسرائيلية في هذه الجولة أكثر عنفًا واتساعًا، إلا أن التساؤل يظل قائمًا حول ما إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لإنهاء المقاومة بالكامل، أم أن التوازنات الدولية تفرض على إسرائيل سقفًا معينًا لحملتها العسكرية، بحيث لا تصل إلى نقطة تؤدي إلى تداعيات دبلوماسية وأمنية غير محسوبة.
إلى جانب ذلك، هناك تزايد في الحديث عن مخطط محتمل لتهجير سكان غزة إلى سيناء أو مناطق أخرى، لكن دون وجود وثائق رسمية تؤكد تبني إسرائيل لهذه الاستراتيجية بشكل معلن. ويرى مؤرخون ومحللون أن التاريخ العسكري الإسرائيلي شهد عمليات تهجير قسرية واسعة النطاق منذ نكبة 1948، كما أن هناك سياسات مستمرة تهدف إلى "التضييق المعيشي" لدفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية، عبر فرض حصار مشدد، وتدمير البنية التحتية، وجعل الحياة في غزة شبه مستحيلة.
إعلانومع ذلك، فإن تنفيذ عملية تهجير قسرية بشكل مباشر قد يؤدي إلى ردود فعل دولية غير محسوبة، خاصة إذا قررت بعض الدول الكبرى التدخل سياسيًا أو فرض عقوبات على إسرائيل. ورغم الضعف العربي الحالي، فإن هناك إدراكًا إسرائيليًا بأن إجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم بالقوة قد يخلق أزمة دبلوماسية واسعة، قد لا تتحملها تل أبيب في هذه المرحلة.
وعلى الصعيد الداخلي، تواجه حكومة بنيامين نتنياهو واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، حيث تعاني من احتجاجات داخلية حادة، وخلافات بين الأجهزة الأمنية، إضافة إلى الضغوط السياسية والدبلوماسية المتعلقة بالحرب. في هذا السياق، يستخدم نتنياهو التصعيد العسكري كأداة سياسية داخلية لإعادة توحيد الشارع الإسرائيلي خلف حكومته، وتحويل الاهتمام عن الأزمات الداخلية، خصوصًا في ظل صراعه مع المحكمة العليا وأزمات الفساد التي تحيط بحكومته. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى نجاح هذه الاستراتيجية على المدى البعيد، وما إذا كانت ستؤدي بالفعل إلى تعزيز موقفه السياسي، أم أن التكاليف العسكرية والسياسية ستتجاوز الفوائد المتوقعة، مما قد يؤدي إلى تآكل دعم الشارع الإسرائيلي له بدلًا من تحقيق أهدافه السياسية.
تلعب البيئة الإقليمية والدولية دورًا حاسمًا في تحديد مسار الحرب الدائرة في غزة، حيث تعكس المواقف العربية والدولية توازنات القوى والمصالح المتشابكة في المنطقة. وفي العالم العربي، تواجه الأنظمة معضلة مزدوجة؛ فمن جهة، لا تستطيع تحمل عبء مواجهة إسرائيل سياسيًا أو عسكريًا في ظل الأوضاع الداخلية الهشة والانقسامات الإقليمية، ومن جهة أخرى، فإن أي قبول ضمني لمخطط التهجير القسري للفلسطينيين قد يتحول إلى كارثة سياسية، قد تهدد شرعية هذه الأنظمة أمام شعوبها. وبينما تبنت الدول الأكثر ارتباطًا بالقضية الفلسطينية، مثل مصر، الأردن، مواقف رافضة لسيناريو التهجير، فإن هذه المواقف لا تزال تندرج في الإطار اللفظي دون امتلاك أدوات فاعلة أو قرارات حاسمة لوقفه إن حدث.
إعلانعلى الجانب الأوروبي، تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية نتيجة لانشغال القارة بالصراع الأوكراني، الذي بات أولوية السياسة الخارجية والدفاعية للدول الغربية. وقد أدى ذلك إلى فتور واضح في مواقف العواصم الأوروبية تجاه التصعيد الإسرائيلي في غزة، حيث تظهر ازدواجية المعايير في التعامل مع الأزمات العالمية؛ ففي حين يتم دعم أوكرانيا ضد روسيا تحت شعار "الحق في الدفاع عن النفس"، يتم في الوقت ذاته تبرير الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين تحت الذريعة ذاتها. ورغم ذلك، بدأت بعض الدول الأوروبية، مثل إسبانيا وأيرلندا، في انتقاد السياسات الإسرائيلية بشكل أكثر صراحة، إلا أن هذه التحركات لم تصل بعد إلى مستوى التأثير الحقيقي على مجريات الصراع أو السياسات الإسرائيلية.
أما الولايات المتحدة، فتواصل دعمها التقليدي لإسرائيل، لكنها في الوقت ذاته تتعامل مع الحرب بحسابات استراتيجية دقيقة. فالتصريحات الأميركية تؤكد أن واشنطن لا تزال الراعي الأكبر لتل أبيب، لكن دون منحها تفويضًا مفتوحًا، إذ لا تريد الإدارة الأميركية أن تتحول الحرب في غزة إلى أزمة إقليمية كبرى قد تستنزف نفوذها في الشرق الأوسط. ومع تصاعد عمليات المقاومة في البحر الأحمر، يبدو أن توقيت التصعيد الإسرائيلي قد يكون جزءًا من مخطط أوسع لإبقاء إسرائيل قوة رادعة أمام القوى المناوئة للولايات المتحدة في المنطقة، مما يرسّخ التحالف الأمني الأمريكي-الإسرائيلي في ظل إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية.
مستقبل الحرب.. إلى أين تتجه الأمور؟مع استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، يظل التساؤل قائمًا حول مدى إمكانية تحقيق "الحسم "في هذه الحرب. ومنذ عام 2008، أثبتت التجربة العسكرية الإسرائيلية أن الحروب المتكررة على غزة لا تؤدي إلى حسم نهائي، وإنما تعيد تشكيل ميزان القوة مؤقتًا، دون القضاء الكامل على المقاومة. حتى في حال إضعاف القدرات العسكرية للفصائل الفلسطينية، فإن البنية التحتية للمقاومة لطالما أظهرت قدرة على إعادة بناء نفسها خلال فترة قصيرة، كما حدث في جولات الصراع السابقة. وبالتالي، فإن أي انتصار إسرائيلي سيكون محدودًا زمنيًا، وقد لا يغير المعادلة الاستراتيجية على المدى البعيد.
إعلانأما فيما يخص سيناريو التهجير القسري، فبالرغم من وجود مؤشرات على محاولات إسرائيلية لدفع سكان غزة إلى الخروج، فإن تطبيق هذا السيناريو بشكل واسع النطاق يواجه تحديات ضخمة. وعلى المستوى السياسي، سيؤدي التهجير إلى تفجر أزمة دبلوماسية دولية غير مسبوقة، خاصة إذا رُفض استقبال اللاجئين الفلسطينيين في الدول المجاورة، مما قد يزيد الضغط الدولي على إسرائيل. أما على المستوى اللوجستي، فإن تهجير أكثر من مليوني فلسطيني يحتاج إلى بنية تحتية وموافقات دولية معقدة، وهو أمر غير متاح بسهولة. لذلك، قد تبقى فكرة التهجير مجرد أداة ضغط نفسي وسياسي أكثر من كونها خطة قابلة للتنفيذ في الواقع القريب. ولعل أكثر الجهات التي ستتحمل الضغوطات هي الدول العربية التي ستدقع فاتورة إعادة إعمار غزة، وذلك على طريقة ترامب في الصدمة والترويع حيث يرفع سقف المطالب في التفاوض ليحصل أقصى ما يستطيع من المنافع.
من جهة أخرى، ورغم التكاليف البشرية الهائلة، فإن المقاومة الفلسطينية أثبتت قدرتها على الصمود والاستمرار، مما يجعل من الصعب على إسرائيل تحقيق أهدافها بالكامل. وإذا فشلت إسرائيل في تحقيق "نصر استراتيجي"، فقد تتحول هذه الحرب إلى عامل تحفيزي لمزيد من التجنيد في صفوف المقاومة، بدلاً من إضعافها. في هذه الحالة، لن يكون الحسم العسكري سوى وهم قصير الأمد، وستظل غزة تمثل تحديًا استراتيجيًا دائمًا للحسابات الإسرائيلية، بغض النظر عن شدة القصف أو اتساع العمليات العسكرية.
بين الواقع والتوقعاتمع استمرار العدوان على غزة، يظل الغموض محيطا بمصير هذه الحرب، إذ لا يبدو أن هناك سيناريو واضحًا للحسم، سواء عسكريًا أو سياسيًا، لصالح أي من الأطراف. رغم القوة التدميرية الهائلة التي تستخدمها إسرائيل، إلا أن القضاء التام على المقاومة الفلسطينية لا يبدو احتمالًا واقعيًا، في ظل قدرتها المتكررة على إعادة بناء نفسها وإعادة التكيف مع الظروف المتغيرة.
إعلانأما سيناريو التهجير، ورغم أنه يبقى احتمالًا قائمًا في الخطاب السياسي الإسرائيلي، إلا أنه لا يزال غير محسوم، نظرًا للتعقيدات اللوجستية والسياسية التي تعترض تنفيذه. التحدي الأساسي يكمن في أن أي محاولة لترحيل سكان غزة قسرًا قد تؤدي إلى أزمة دبلوماسية كبرى، مما يجعل إسرائيل أكثر حرصًا على تحقيق "التهجير الطوعي" عبر التضييق الاقتصادي والمعيشي، بدلًا من اللجوء إلى ترحيل مباشر قد يشعل ردود فعل غير محسوبة إقليميًا ودوليًا.
في المقابل، لا تزال الدول الكبرى تستخدم الصراع لخدمة أجنداتها الأوسع، حيث تتعامل معه كأداة ضغط أو مساومة ضمن سياسات إقليمية ودولية أكثر تعقيدًا. وبينما تتغير الحسابات السياسية والعسكرية، تبقى غزة هي الضحية الرئيسية لهذه التوازنات الدولية، حيث يدفع المدنيون الفلسطينيون الثمن الأكبر لهذا التصعيد المستمر.
جاءت الجولة الجديدة من العدوان بتهديد ووعيد من ترامب حين تحدث بلسان عبري وقال "شالوم حماس". وإن دخول سيد البيت الأبيض في تفاصيل تكتيكات الحرب النفسية والإعلامية يجعل السيناريوهات المستقبلية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.