بعد أشهر من تلقي الاقتصاد المصري ضرباتٍ أثّرت على تصنيفه في التقارير الدولية، تحفز صفقات استثمارية وبرامج إقراض دولية تحسين النظرة "الإيجابية" لمصر، فيما يؤكد محللون أن هذا لا يعني أن الدولة تجاوزت الأزمة المالية التي تحوم في الأجواء منذ فترة.

خلال الأشهر القليلة الماضية، خفضت موديز نظرتها المستقبلية لمصر إلى سلبية، وفعلت "فيتش" الأمر ذاته بوضع البلاد ضمن تصنيف "بي سالب" هبوطا من "بي" وبنظرة سلبية، فيما استبعد بنك "جي بي مورغان" من مؤشر السندات الحكومية في الأسواق الناشئة.

سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الأحد في البنوك المصرية صدمة جديدة لبايرن ميونخ قبل مواجهة ريال مدريد

وأكدت وكالة فيتش، الجمعة، تصنيف مصر عند "بي سالبة" مع تعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى إيجابية، مشيرة إلى انخفاض مخاطر التمويل الخارجي وقوة الاستثمار الأجنبي المباشر.

 

ومنذ أشهر تمر مصر بأزمات وتقلبات اقتصادية، بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا عند 36 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة الجنيه ونقص الاحتياط الأجنبي في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية، وزادت الديون الخارجية أكثر من ثلاثة أضعاف في العقد الأخير لتبلغ 165 مليار دولار.

 

ومن آثار الحرب الأوكرانية التي رفعت أسعار الحبوب، إلى تأثيرات ما يحدث البحر الأحمر وتعطيل حركة النقل البحري بسبب الهجمات التي ينفذها الحوثيون، وتراجع حركة العبور في قناة السويس، ناهيك عن تأثير التوترات السياسية في الشرق الأوسط، جميع هذه العوامل كان لها دور هام في التأثير على الاقتصاد المصري.

 

التضخم في مصر

وشهدت مصر تعويما للعملة المحلية، في عام 2016، ليفقد الجنيه نحو نصف قيمته أمام الدولار الأميركي، كجزء من برنامج إصلاح اقتصادي بدأته الحكومة وحصلت بموجبه على قرض من صندوق النقد الدولي.

 

ومنذ بداية العام رفع البنك المركزي المصري معدل الفائدة بهدف مكافحة التضخم وتقريب سعر الصرف الرسمي من سعر السوق السوداء، ما أدى إلى انخفاض الجنيه.

 

وفي مارس، أقر المركزي المصري "السماح لـ سعر الصرف أن يتحدد وفقا لآليات السوق"، مشيرا إلى أهمية "توحيد سعر الصرف.. في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي".

 

وقالت فيتش في تعليقها على تعديل نظرتها للاقتصاد المصري إن "الخطوات الأولية لاحتواء الإنفاق خارج الميزانية من شأنها أن تساعد في الحد من مخاطر القدرة على تحمل الدين العام".

 

وأضافت في بيان "ستكون مرونة الصرف أكثر استدامة مما كانت عليه في الماضي.. وهو ما يعكس جزئيا مراقبتها الوثيقة في إطار  برنامج تسهيل صندوق النقد، والذي يستمر حتى أواخر عام 2026".

 

المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، وائل النحاس، يقول إن "فيتش بالنهاية لم يعدل تصنيفه لمصر، ولكنه عدل نظرته من سلبية إلى إيجابية، وهذا يعني تحسّنا طفيفا، في نظرته للاقتصاد المصري".

 

واعتبر النحاس في حديثه لموقع "الحرة" أن هذا التعديل يشبه "المجاملة من فيتش، للاقتصاد المصري، في ظل التحركات التي تجري على الصعيد المالي، وبرنامج القرض مع صندوق النقد، والإجراءات التي اتخذت خلال الفترة الماضية".

 

ويعتقد الخبير أن هذه التصنيفات أو حتى المؤشرات الاقتصادية التي أعلنت عنها وزارة المالية المصرية أخيرا، "لا تمثل انعكاسا حقيقيا في أرقام المالية العامة".

 

وأعلنت وزارة المالية المصرية، الأسبوع الحالي، تحقيق الموازنة العامة للدولة، فائضا أوليا خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام المالي 2024/2023، أي ما يتجاوز ثماني مرات ونصف نفس الفترة من العام المالي السابق.

 

وقال وزير المالية، محمد معيط، إن الفائض الأولي وصلت نسبته إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 416 مليار جنيه، بمعدل نمو سنوي يتجاوز 8 مرات ونصف، وذلك رغم التأثر بالأزمات العالمية.

 

وعدلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لمصر إلى "إيجابية"، في أوائل مارس، بينما أبقت تصنيفها دون تغيير بسبب ارتفاع نسبة الدين الحكومي وضعف القدرة على تحمل الديون مقارنة بنظيراتها.

 

ولا يرى النحاس أن المؤشرات التي اعتمدت لتصنيف مخاطر الائتمان والملاءة المالية لمصر في "تحسن حقيقي، إذ قد يكون هناك تحسن طفيف، ولكن نحتاج لرؤية انعكاسات وتدفقات مالية حقيقية للاستثمارات التي يُعلَن عنها، والبدء في ضخ القروض من صندوق النقد لتنعكس بشكل حقيقي في الاقتصاد المصري".

 

وقال إن "الاقتصاد المصري لا يحتاج إلى تصريحات لتجميل الواقع الصعب، بل نحتاج لأفعال، تنعكس على تخفيض العجز في الموارد، حتى لا يتم تضليل الرأي العام المصري، والمكاشفة مع الناس بأننا نحتاج بالنهاية للاقتراض لسد التزاماتنا الداخلية والخارجية".

 

وحذر النحاس من تنامي المديونية المصرية بشكل كبير، مشيرا  إلى أن "مستوى الدين يرتفع بطريقة مهولة، ما يحتّم علينا تقديم الموقف المالي بطريقة محاسبية حقيقية، بعيدا عن التقييمات الاقتصادية التي تحتمل التأويل، أو لا تعبّر عن الأرقام الحقيقية في بعض الأحيان".

 

مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، قال لوكالة فرانس برس، في فبراير الماضي: "بعض وكالات التنصيف عدلت في التصنيف الائتماني لمصر. نحن نعتبر أن الاقتصاد المصري له قدرات قوية وقدرة على النمو، ولتوسيع هذه القدرة يجب القيام بمجموعة من الأمور على صعيد السياسات والاصلاحات الاقتصادية".

 

أدت الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون اليمنيون في البحر الأحمر وخليج عدن إلى انخفاض عائدات القناة "بنسبة 40 إلى 50 في المئة" منذ بداية العام، وفقا لصندوق النقد الدولي.

 

ومنذ توليه السلطة، في عام 2013، شرع الرئيس، عبد الفتاح السيسي، في تنفيذ سلسلة من المشاريع العملاقة التي يقول الاقتصاديون إنها لم تدر إيرادات جديدة وحدت بشدة من القدرات المالية للدولة.

 

وفي الفترة بين عامي 2013 و2022، ارتفع الدين الخارجي لمصر من 46 مليار دولار إلى أكثر من 165 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك الدولي، ما يجعل مصر ثاني أكثر الدول عرضة لخطر التخلف عن السداد، بعد أوكرانيا التي تخوض حربا.

 

ومع ذلك، أبدى صندوق النقد الدولي تفاؤلا بشأن السنة المالية المقبلة 2024/25، ويتوقع أن يرتفع النمو إلى 4.4 في المئة، مقارنة بـ3 في المئة للعام الحالي، الذي ينتهي في 30 يونيو، وأن ينخفض التضخم إلى النصف عند 15 في المئة سنويا.

 

ويعيش ما يقرب من ثلثي سكان مصر البالغ عددهم 106 ملايين نسمة تحت خط الفقر أو فوقه بقليل، وتواجه البلاد انخفاضا في عائدات النقد الأجنبي، سواء من السياحة التي تضررت من وباء كوفيد ثم الحرب في أوكرانيا.

 

وفي أواخر فبراير، أعلنت مصر عن صفقة مع القابضة "إيه.دي.كيو"، أحد صناديق الثروة السيادية الإماراتية، من شأنها أن تجلب للبلاد 35 مليار دولار على مدى شهرين، بما في ذلك 11 مليار دولار محولة من الودائع الموجودة بالفعل، بما يعرف صفقة "رأس الحكمة".

 

ومطلع مارس، تسلمت مصر الدفعة الأولى المتفق عليها من قبل البلدين والمقدرة قيمتها بـ15 مليار دولار، هي 10 مليارات تم تحويلها مباشرة إضافة إلى 5 مليارات تشكل جزءا من وديعة إماراتية لدى البنك المركزي.

 

الخبير الاقتصادي المصري، علاء عبدالحليم، يرى أنه منذ الإعلان عن صفقة رأس الحكمة وحتى الآن تتوالى "الأنباء الإيجابية"، ولكن يجب "التمسك بهذا الزخم حتى يستطيع الاقتصاد المصري تحقيق تحسن ملموس خلال الفترة المقبلة".

 

وقال في حديث لموقع "الحرة" إن الاقتصاد المصري قد يكون في أزمة "غير عادية، ولهذا يحتاج إلى حلول غير تقليدية، قد تحتاج لفريق اقتصادي مبتكر ويفكر خارج الأساليب التقليدية، التي لم تنجح في إدارة الملف بالقدر الكافي".

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصر التضخم في مصر المركــزي المصـري سعر الصرف صندوق النقد الدولی الاقتصاد المصری ملیار دولار فی المئة

إقرأ أيضاً:

الرقابة المالية: 22 مليار جنيه لعملاء التمويل العقاري في 11 شهر

أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية، زيادة قيمة التمويل الممنوح لعملاء نشاط التمويل العقاري في مصر بنسبة 160.6%، خلال أول 11 شهر من العام 2024، على أساس سنوي.

وكشف هيئة الرقابة المالية، أن قيمة الممنوح لنشاط التمويل العقاري في مصر بلغت نحو 22.1 مليار جنيه خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر 2024، مقارنة 8.4 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام 2023، بنمو 160.6%.

وارتفعت أعداد عملاء التمويل العقاري بنسبة كبير بنمو 110.6% لتصل إلى 9430 عقدًا خلال الفترة ما بين يناير حتى نوفمبر 2024 مقابل 4477 عقد في الفترة من  يناير حتى نوفمبر 2023.

وارتفع إجمالي قيمة إعادة التمويل العقاري في مصر خلال الـ 11 شهر الأول من العام 2024، بنسبة 156.8 %، لتسجل 3.428 مليار جنيه مقارنة بنحو 1.335مليار جنيه في الـ11 شهر الأول  من العام 2023، بحسب هيئة الرقابة المالية.

وبلغ إجمالي أرصدة التمويل العقاري لدى شركات التمويل العقاري في مصر  بنهاية نوفمبر 2024 نحو 32 مليار جنيه مقارنة 21 مليار جنيه بنهاية نوفمبر من العام 2023 وفقا لأحدث تقرير صادرة عن هيئة الرقابة المالية.

 الرقابة المالية: 73.6 مليار جنيه أقساطا لنشاط التأمين التجاري في 11 شهراالرقابة المالية: 911 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للهيئة في 2024أسباب زيادة التمويلات

أرجعت هيئة الرقابة المالية الزيادة قيمة التمويلات الممنوحة لنشاط التمويل العقاري إلى إصدار مجلس إدارة الهيئة بتعديل قرار القرار السابق للمجلس رقم (111) لسنة 2015 بشأن قواعد ومعايير ممارسة نشاط التمويل العقاري، مما يسمح بزيادة قيمة قسط التمويل العقاري ليصبح %50 من إجمالي دخل المتقدم للحصول على التمويل العقاري بدلا 35% و40% للفئات ذات الدخول المختلفة، ليخفف من حدة الانخفاض الذي سبق تلك الزيادة.

نشاط التمويل العقاري

ويعد قطاع نشاط التمويل العقاري أحد أهم القطاعات التي تؤثر في الاقتصاد المصري، وتعد القوانين المنظمة للسوق العقارية ذات أهمية قصوى لأنها تشكل الإطار القانوني الذي ينظم السوق. ومن أهم القوانين التي وضعت لتنظيم السوق العقاري قانون التمويل العقاري، حيث يسهم في توفر التمويل متوسط وطويل الأجل اقتناء العقارات سواء كانت لأغراض اقتصادية أو أغراض تمويل المساكن أو ترميمها وصيانتها.

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية: 22 مليار جنيه لعملاء التمويل العقاري في 11 شهر
  • وزير الصناعة الإماراتي: الطاقة هي العمود الفقري للاقتصاد العالمي
  • جيه بي مورجان يتوقع خفض "المركزي المصري" الفائدة 4% خلال اجتماعه القادم في أبريل
  • رحلة البرنامج مع صندوق النقد بدأت... ولكن بأيّ شروط؟
  • برج الجدي.. حظك اليوم الأحد 16 مارس 2025: نظرة إيجابية
  • برلماني: تحسن ملحوظ للاقتصاد المصري رغم التوترات الجيوسياسية بالمنطقة
  • 47 مليار دولار.. برلماني: تسجيل أكبر احتياطى يؤكد صمود الاقتصاد المصري
  • برلمانية: صرف الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد رسالة ثقة في قوة الاقتصاد المصري
  • مصر القومي: افتتاح المتحف المصري الكبير يوفر واجهة سياحية فريدة لمصر
  • مشاركة متميزة لمصر في بورصة برلين ITB 2025 تحقق نتائج إيجابية