فرض حالة الطوارئ في الخرطوم.. دواعٍ أمنية أم عسكرية؟
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
الخرطوم– بعد أكثر من عام على اندلاع القتال في السودان، أعلن مجلس السيادة فرض حالة الطوارئ في العاصمة، بناء على توصية والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، في خطوة اتبعها الأخير بتشكيل خلية أمنية.
وقال حمزة للجزيرة نت إن الخطوة تهدف لإرساء الأمن ومحاربة "المظاهر السالبة" في حين أبدى مراقبون مخاوفهم من استخدام "الطوارئ" لقمع المعارضين.
ويسيطر الجيش على محلية كرري شمالي مدينة أم درمان حيث تنشط ولاية الخرطوم، وكذلك على أحياء أم درمان القديمة، بينما تنتشر قوات الدعم السريع في أجزاء من مناطق أم بدة غرب أم درمان وصالحة جنوبها، وجنوب وشرق العاصمة، ووسط الخرطوم بحري وشرقها.
وأصدرت سلطات ولاية الخرطوم قرارا بتكوين ما سمّتها الخلية الأمنية في أعقاب موافقة رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، على إعلان حالة الطوارئ في العاصمة.
وأوضحت وكالة الأنباء الرسمية "سونا" أن الخلية تختص بمهام عدة، منها العمل كجهاز إنذار مبكر لبقية القوات النظامية، والتركيز على المعلومات الاستخباراتية والأمنية العاجلة التي "تشكل تهديدا ماثلاً".
كما تتولى الخلية مراقبة وتفتيش ومداهمة المواقع التي تأكد "وجود نشاط عدائي بها، والاستجواب المشترك للمقبوض عليهم وتعزيز ومساندة عمل القوات النظامية". وتعمل تحت إشراف اللجنة العليا للتنسيق الأمني والعملياتي وترفع تقارير دورية لها.
وقال والي الخرطوم للجزيرة نت إن هناك تحديات أمنية عدة دفعت حكومته إلى رفع توصية بشأن فرض حالة الطوارئ إلى البرهان، وتوقّع أن تؤدي الخطوة لفرض الأمن والاستقرار ومحاربة "الظواهر السالبة" مثل نهب ممتلكات المواطنين، وإنشاء أسواق عشوائية لبيعها، وتعاون "بعض ضعاف النفوس" مع "مليشيا" الدعم السريع.
وأوضح أن ولايته "تؤوي عشرات الآلاف من الأجانب من دول مجاورة وصديقة، لكن بعضهم استغل التسامح والمعاملة الحسنة وانخرطوا في القتال مع الدعم السريع". وقال إنهم أبلغوا مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن من حملوا السلاح لا يمكن تصنيفهم لاجئين ويجب ترحيلهم إلى دولهم.
وأكد حمزة أن حال الطوارئ لن تُستخدم للحد من الحريات العامة والشخصية، وأن فرضها من أجل تأمين وحماية المواطنين وممتلكاتهم، مرجحاً أن يكون لها تأثير واضح في هذه الجوانب قريبا.
تطبيق متعذر
من ناحية أخرى، قلل بكري الجاك المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) من أهمية إعلان ولاية الخرطوم حالة الطوارئ، مشيراً إلى أنه من الصعب تنفيذ القرار في الوضع الراهن.
وتساءل الجاك في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "هل يملك الجيش طريقة لتنفيذ هذا القرار، والأهم ما قيمة استصدار قرار لا يمكن تنفيذه؟".
ويرى أن الجيش ربما يكون بصدد القيام بحملات عسكرية، ويرغب في عمل تغطية بإعلان حالة الطوارئ.
وتوقع أن تقوم سلطات ولاية الخرطوم بشن حملة اعتقالات للمناوئين للجيش، خصوصاً الرافضين للحرب أو الواقفين على الحياد على أقل تقدير.
وأضاف "هذا أصلاً بدأ يحدث، فهناك تصور أن من هم ضد الحرب هم ضد الجيش، وبالضرورة مع الدعم السريع، وكأنما الدعم السريع ليس طرفاً في الحرب".
وتابع الجاك "ربما سيكون هنالك تأثير في مناطق سيطرة الجيش في محلية كرري شمال أم درمان، ولا أدري ماذا سيكون تأثيره في المناطق المتنازع عليها وفي مناطق سيطرة الدعم السريع".
غير أن الخبير العسكري اللواء متقاعد مازن إسماعيل يرى أن حالة الطوارئ تفرض نفسها في أوقات الكوارث الطبيعية أو بفعل البشر، مما يتطلب من الحكومة القيام بمهام كبيرة، لكن القوانين تقيد فاعلية الحكومة، الأمر الذي يدفعها لفرض الأحكام العرفية.
ويوضح إسماعيل -في حديث للجزيرة نت- أن حالة الطوارئ تسمح للحكومة بتنفيذ السياسات خارج إطار المؤسسات التقليدية، واتخاذ الإجراءات الاستثنائية.
ولذلك، يتساءل المتحدث ذاته عن دواعي تأخير فرض الطوارئ 13 شهراً منذ بدء الحرب وتوسعها في عدة ولايات بعدما كانت بالخرطوم، وعد ذلك "تذويباً للدولة" لا يجد له تبريراً.
من جهته، يرى المحلل السياسي الصديق عبد الرحيم أن سلطات ولاية الخرطوم تسعى إلى فرض سيطرتها على المناطق التي توسع فيها الجيش، وتوسيع دائرة الأمن لإعادة الحياة وإقناع المواطنين بالعودة لمنازلهم والتضييق على المتعاونين مع الدعم السريع.
وحسب حديث المحلل السياسي للجزيرة نت، فإنه في ظل عدم انتشار الشرطة وغياب النيابة عن غالب محليات ولاية الخرطوم، تسمح حالة الطوارئ للجيش، و"قوات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة" التابعة لجهاز المخابرات، بالعمل على فرض الأمن ومحاربة كل ما يعتبرونه مهدداً للدولة والمجتمع، وإنشاء محاكم عسكرية لردع مهربي السلع والمحروقات والمتعاونين مع الدعم السريع.
ويُرجح عبد الرحيم أن يكون فرض حالة الطوارئ إجراء اقتضته ضرورات أمنية وليست عسكرية، لأن الجيش يعمل وفق قانونه، بينما يسعى والي الخرطوم لتوسيع دائرة الأمن وتطبيع الحياة المدنية وفرض سلطاته عبر الطوارئ.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات فرض حالة الطوارئ مع الدعم السریع ولایة الخرطوم والی الخرطوم للجزیرة نت أم درمان
إقرأ أيضاً:
عاجل| مقتل 8 من ميليشيا الدعم السريع في مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني
أعلن الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، عن تنفيذ عملية عسكرية نوعية أسفرت عن القضاء على 8 من عناصر ميليشيا الدعم السريع، وتدمير ثلاث عربات قتالية وشاحنة وقود، وذلك خلال مواجهات عنيفة اندلعت في محور الفاشر بولاية شمال دارفور.
استمرار العمليات العسكرية على نطاق واسعوأوضح الجيش، في بيان رسمي، أن العملية تأتي في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها القوات المسلحة لصد تحركات ميليشيا الدعم السريع ووقف تقدمها، مشددًا على أن القوات تواصل تنفيذ عملياتها الميدانية وفق خطط استراتيجية تهدف إلى استعادة الأمن والاستقرار في الإقليم.
وأشار البيان إلى أن قوات الجيش تواصل إحراز تقدم ميداني على عدة محاور، رغم سيطرتها على القصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، في دلالة على استمرار العمليات العسكرية على نطاق واسع، وعدم الاكتفاء بالمواقع الرمزية.
تصاعد القتال وتدهور الأوضاع الإنسانيةوتشهد ولايات إقليم دارفور منذ عدة أشهر تصاعدًا لافتًا في حدة المواجهات بين الجيش والدعم السريع، في ظل الأزمة السياسية والعسكرية التي اندلعت في البلاد منذ منتصف أبريل 2023، مخلفةً أوضاعًا إنسانية مأساوية ونزوحًا واسعًا للسكان.
حظر تجوال في الفاشر للسيطرة على الوضع الأمنيأصدرت لجنة أمن ولاية شمال دارفور، برئاسة الوالي المكلّف الحافظ بخيت محمد، أمس، قرارًا بفرض حظر التجوال داخل مدينة الفاشر، وذلك اعتبارًا من اليوم الثلاثاء الموافق 14 أبريل 2025، من الساعة السابعة مساءً وحتى الخامسة صباحًا.
واستثنى القرار عيادات الأطباء، والصيدليات، بالإضافة إلى الحالات الطارئة في إطار الحفاظ على سير الخدمات الضرورية خلال فترة الحظر، فيما دعت اللجنة المواطنين إلى الالتزام الصارم بالقرار للمساهمة في حفظ الأمن.
اقرأ أيضاًالجيش السوداني يحبط استهداف «الدعم السريع» لسد مروي
البرهان: الجيش السوداني لن يتراجع عن هزيمة وسحق الدعم السريع
الجيش السوداني يُعلن سيطرته على الوزارات في وسط الخرطوم