سودانايل:
2025-01-31@02:29:00 GMT

عندما يبكي الإبداع لرحيل عبود سيف الدين

تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
أخر عقد السبعينات و بداية الثمانينات شهدت الإذاعة السودانية تطور جديدا من الناحية الإبداعية طالت كل الأقسام، و كان لخريجي معهد الموسيقى و المسرح القدر المعلا في ذلك. هؤلاء كانوا مستوعبين في إدارة الإخراج و المنوعات و هي الأقسام التي تعطي للمؤسسة شخصيتها الاعتبارية و خاصة برامجها في مختلف حقول المعرفة.

. و الغريب كان يستوعب خريجي الجامعات في اقسام الأخبار و السياسة و الثقافة و غيرها. كانت كوكبة يقودهم محمد سيايمان و احمد عبد الله عجيمي و الخاتم عبد الله و صلاح الدين الفاضل و معتصم فضل و محمود يسينو محمد سعيد دفع الله و عبد المطلب الفحل و رأس هؤلاء كان الأستاذ محمود أبو العزائم يمثل هؤلاء المدرسة الحديثة الى خلفت المدرسة التي تقليدية التي كانت تجعل من إذاعة " BBC" مدرسة حيث كانت الإذاعة ترسل أغلبية الإعلاميين فيها لتلقي التدريب في إذاعة " BBC" كان رائد التحول البروفيسور على شمو بعد عودته من أمريكا حيث جاء بفكرة البرامج السريع و موجة "FM" و كانت تجربتها التي أسسها محمود إبو العزائم في إذاعة " صوت الأمة" ذات البرامج الخفيفة.
تدرب على هذا الجيل العديد من الإذاعيين الذين جاءوا في نهاية عقد السبعينات و بداية الثمانينات و خاصة في الإخراج خطاب حسن أحمد و أبراهيم البزعي و صلاح التوم و سلمى الشيخ سلامة و المرحوم إحسان و عوض بابكر و طارق البحر و السر السيد و احمد طه أمفريب، العبادي و عوض بابكر و معهم البعض الذين اختاروا العمل أولا ثم مواصلة الدراسة في المعهد منهم عبود سيف الدين و عماد الدين إبراهيم و سيد احمد إبراهيم. و بعدهم جاء أزهرى العمرابي و خفاجة حتى لا تخونني الذاكرة.. هذه الكوكبة و الحديث عن الفنون و الإخراج هؤلاء هم الذين وضعوا اللبنة الأساسية الذي غيرالأداء من الدرسة التقليدية للمدارس الحديثة في العمل الإذاعي.
كانت جلساتنا نحن الذين نعمل في " إدارة الأخبار و السياسة" ذات المواد الجافة و التي تقع تحت مجهر المسؤولين على مدار الساعة، و لا نجد خلوة للحكى و بناء علاقات اجتماعية مع الزملاء إلا بعد الثالثة ظهرا، حيث يذهب أغلبية العاملين في الإذاعة، و يبقى قسم الأخبار و المذعيين و الإخراج و القسم الهندسي. و عم قطبي الذي يوزع للكل الشاي و القهوة عليه الرحمة. هذه الفترة التي التقيت فيها مع الأخوين الراحلين عبود سيف الدين و عماد الدين إبراهيم اللذان كانا تلميذان في مدرسة البروف صلاح الدين الفاضل عبود لم يكن متعود الجلوس كثيرا بعد الثالثة، لكن عماد كان يجيء بعد الثالثة، و الغريب الأثنين لا يتحدثون كثيرا.. تأثير صلاح الدين كان ظاهرا على أداء عبود سيف الدين في كيف توظيف الحواس في استيعاب الرسالة الإذاعية، لآن صلاح الفاضل يعتقد: يجب أن لا يعتمد الخيال من جانب واحد " الراسل" بل كيف يستطيع الراسل أن يحرك خيال " المتلقي" لكي يتجاوب مع الرسالة و يشارك أيضا في توظيفها لكي يتم استيعابها، و كان عبود يجيد هذا الضرب من الإبداع من خلال توظيف المؤثرات التي تبدأ صاخبة ثم تتدرج هبوطا، كان عبود يستخدم المؤثر للإنتباه و يتغير في حالة الصعود و الهبوط حسب لونية البرنامج.
مرة بعد الظهر؛ ذهبت و جدت عماد و عبود في قسم الإخرج، عماد جالسا و عبود واقفا بيتحدث، و عماد صمت لا يرد على عبود، من خلال الحديث فهمت أن عبود يتحدث عن شخصية أو مسألة عماد لم يريد أن يتجاوب معه. و فجأة صمت و صرخ و مسك يمعط شعر رأسه.. سألته مالك ياعبود قال عندي حاجة في رأسي ما عاوزه تخرج، و قال دا و هو يشير إلي عماد ما عاوز يتفاهم.. فجاة عماد نقر في التربيزة و غني " يا زمن وقف شوية" و صرخ عبود أي أي أي ياخ.. و ثانية كان في مكتبة الإذاعة..
بعد إفتتاح الإذاعات الإقليمية، عين صلاح طه مديرا لإذاعة الجزيرة في ود مدني و عبود سيف الدين مديرا للبرامج و الإخراج، و ذهبت إليهم عدة مرات، كان عبود في أمدرمان يكثر من الموسيقي المتنوعة سودانية و غربية كمؤثرات صوتية، لفت نظري في أول زيارة أن عبود بدأ يستخدم المؤثرات الطبيعية في البرامج، سألته.. هل المؤثر الطبيعي الذي تستخدمه فرضته البيئة أم تعتقد هو أكثر انتباها؟ قال عبود البيئة لها أثرها في العملية الإخراجية، في أم درمان كنت بشتغل على بعض من الدراما إلي جانب المنواعات، الأن الشغل هنا متنوع دراما و منوعات و ثقافة و سياسة و برامج اجتماعية و غيرها، و كل يحتاج للونية مختلفة، و البيئة بتعطي لونيات مختلفة، و لآن آهل الجزيرة دائما يكونوا في الحواشات و الخضرة و التعب يريدون مؤثرات تتناغم مع هذه الحالات التي تبعث الهدوء و التأمل، كان عبود فعلا مدرسة تتغير من الاحسن إلي الأفضل في تصاعد، لأنه كان يملك بالفعل خيالا موارا و مترع بتفاصيل الإبداع و الأوانه، و كانت تتماشى مع شخصيته الهادئة..
المشاهدة عبر الأذن.. قد كتب فيها أثنين دراسة أكاديمية في عملية توظيف الحواس في الفهم و الاستيعاب، كتب فيها البروفيسور صلاح الدين الفاضل المدير السابق للإذاعة السودانية و الدكتور السعودي المثقف عبد الله القزامي. و هي كيف تحول الصوت لمشاهد رؤية من خلالها يتم الاستيعاب الكامل للرسالة.. و هي القاعدة التي أتخذها عبود سيف الدين محور أدائه من خلال أن يحول الرسالة بدلا من التلقي فقط إلي رسالة حوارية لأن الحوار يخرج بنتاج أكثر نضجا، و هي تعتمد على كيفية التحكم و التوظيف للخيال. رحم الله عبود سيف الدين كان جميلا في كل شيء.ز في حالة صمته و سكونه في حديثه و ضحكتة و سريرته و طبعه، و أخلاقة نسأل الله له الرحمة و المغفرة و القبول الحسن و أن يجعل الجنة مسواه و الخير قفي ذريته...إنا لله و أنا إليه راجعون..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: صلاح الدین کان عبود

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي لملائكة الرحمة.. تعرف على رساله بابا الفاتيكان لهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدر البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، رسالة بمناسبة اليوم العالمي الثالث والثلاثين للمريض الذي سيحتفل به في ١١ فبراير ٢٠٢٥ كتب فيها نحتفل باليوم العالمي الثالث والثلاثين للمريض في السنة اليوبيلية لعام ٢٠٢٥، التي تدعونا فيها الكنيسة لكي نصبح حجاج رجاء. 

وترافقنا في هذه الرحلة كلمة الله التي تقدم لنا من خلال القديس بولس رسالة تشجيع عظيمة للتشجيع: “الرجاء لا يخيب” لا بل هو يجعلنا أقوياء في الشدّة.

وتابع البابا فرنسيس يقول إنها كلمات تعزية، ولكنها قد تثير بعض التساؤلات في قلوب الذين يتألمون، على سبيل المثال: كيف نبقى أقوياء عندما تلمسنا في أجسادنا الأمراض الخطيرة أو المرهقة التي قد تتطلب علاجات تتجاوز إمكانياتنا؟ كيف نثبت في القوة عندما نرى بجانب ألمنا معاناة أحبائنا الذين، رغم قربهم منا، يشعرون بأنهم عاجزين عن مساعدتنا؟ في مثل هذه الظروف، نشعر بالحاجة إلى دعم أكبر منا: نحن بحاجة إلى مساعدة الله، ونعمته وعنايته، وإلى تلك القوة التي هي عطيّة روحه القدوس.

أضاف  يقول لنتوقف لحظة للتأمل حول حضور الله القريب من المتألمين، لاسيما من خلال ثلاثة جوانب تميِّزه: اللقاء، العطية، والمشاركة. أولاً اللقاء. عندما أرسل يسوع الاثنين والسبعين تلميذًا في رسالة أوصاهم بأن يقولوا للمرضى: “قد اقترب منكم ملكوت الله”. بمعنى أنه طلب منهم أن يساعدوهم لكي يفهموا أنَّ المرض، على الرغم من كونه أليم ويصعب فهم، يمكنه أن يكون فرصة للقاء مع الرب. ففي زمن المرض، في الواقع، بينما نشعر من جهة بضعفنا كمخلوقات – جسديًا ونفسيًا وروحيًا – نختبر من جهة أخرى قرب وشفقة الله الذي في يسوع المسيح قد شاركنا آلامنا. فهو لا يتركنا، وغالبًا ما يفاجئنا بعطية ثبات لم نكن نتوقع أننا نملكه أو أننا سنجده بمفردنا.

يصبح المرض إذًا، تابع البابا  يقول مناسبة للقاء يغيرنا، واكتشاف لصخرة لا تتزعزع يمكننا أن نتشبَّث بها لمواجهة عواصف الحياة. إنها خبرة، على الرغم من التضحية، تجعلنا أقوى لأننا ندرك أننا لسنا وحدنا. ولهذا يقال إن الألم يحمل دائمًا سرَّ خلاص، لأنه يجعلنا نختبر التعزية القريبة والحقيقية التي تأتي من الله، وصولاً إلى “معرفة ملء الإنجيل بكل وعوده وحياته”. وهذا الأمر يقودنا إلى نقطة التأمل الثانية: العطية. في الواقع نحن لا نتنبّه أبدًا كما في زمن الألم أن كل رجاء يأتي من الرب، وأنه أولاً عطية علينا أن نتقبلها وننميها، “ثابتين في الأمانة لأمانة الله”، كما تقول مادلين ديلبريل. في الواقع، لا يجد مصيرنا مكانه في الأفق اللامتناهي للأبدية إلا في قيامة المسيح. فمن خلال فصحه المقدس فقط يأتينا اليقين بأن لا شيء، “لا مَوتٌ ولا حَياة، ولا مَلائِكَةٌ ولا أَصحابُ رِئاسة، ولا حاضِرٌ ولا مُستَقبَل، ولا قُوَّاتٌ، ولا عُلُوٌّ ولا عُمْق، ولا خَليقَةٌ أُخْرى، بِوُسعِها أَن تَفصِلَنا عن مَحبَّةِ اللهِ”. ومن هذا “الرجاء العظيم” ينبع كل شعاع نور آخر يساعدنا على تخطّي تجارب وصعوبات الحياة.

أضاف  يقول ليس هذا فحسب، بل إن المسيح القائم من بين الأموات يسير معنا أيضًا، جاعلاً نفسه رفيقنا في الطريق، كما فعل مع تلميذي عماوس. مثلهما، يمكننا أن نشاركه نحن أيضًا حيرتنا وقلقنا وخيبات أملنا، وأن نصغي إلى كلمته التي تنيرنا وتلهب قلوبنا، وأن نتعرف على حضوره في كسر الخبز، ونفهم أنه في وجوده معنا، حتى ضمن حدود الحاضر، نجد ذلك “البعد الآخر” الذي يقترب منا، ويعيد إلينا الشجاعة والثقة. ونصل هكذا إلى الجانب الثالث، وهو المشاركة. غالبًا ما تكون أماكن الألم أماكن مشاركة متبادلة، نُغني فيها بعضنا البعض. كم من مرة، بجانب سرير شخص مريض، نتعلم الرجاء! وكم من مرة، بالقرب من شخص يتألّم، نتعلم الإيمان! وكم من مرة، عندما ننحني لمساعدة شخص محتاج، نكتشف المحبة! ندرك حينها أننا “ملائكة” رجاء، ومرسلون من لله، لبعضنا البعض، جميعنا معًا: مرضى، وأطباء، وممرضون، وأقارب، وأصدقاء، وكهنة، ورهبان وراهبات؛ أينما كنا: في العائلات، في العيادات، في دور الرعاية، في المستشفيات والعيادات المتخصصة. من المهم أن نفهم جمال وقيمة هذه اللقاءات المليئة بالنعمة، وأن نتعلم أن نحفظها في أرواحنا لكي لا ننساها: فنحافظ في قلوبنا على ابتسامة لطيفة لأحد العاملين الصحيين، أو نظرة مُمتنّة وملؤها الثقة لمريض، أو وجهًا متفهّمًا ومهتمًا لطبيب أو متطوع، أو وجهًا مترقبًا وقلقًا لزوج أو ابن أو حفيد أو صديق عزيز. جميع هذه الأمور هي علينا أن نكتنزها، وهي حتى في ظلام التجربة، لا تمنحنا القوة فحسب، بل تعلمنا المعنى الحقيقي للحياة في المحبة والقرب.

مقالات مشابهة

  • الأوبرا تتوجه إلى فرنسا في الذكرى 50 لرحيل أم كلثوم
  • الأمم المتحدة: مئات آلاف الفلسطينيين انتقلوا بالفعل من جنوبي غزة إلى الشمال مرورا بشارع صلاح الدين
  • احتشاد النازحين في شارع صلاح الدين انتظارا للعودة لشمال القطاع
  • لاعب لا يمكن إيقافه.. نجم مانشستر سيتي يتحدث عن محمد صلاح
  • نفق حزب الله ليس عماد 4؟
  • تنظيم القاعدة يحل حرّاس الدين في سوريا.. دعا إلى التمسك بالسلاح
  • كيف وصل مشروعُ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي إلى العالمية؟
  • السجن لمدير مستشفى في صلاح الدين سرق أجهزة طبية
  • السجن 7 سنوات بحق مسؤول حكومي سابق في صلاح الدين
  • في اليوم العالمي لملائكة الرحمة.. تعرف على رساله بابا الفاتيكان لهم