سودانايل:
2025-03-03@17:12:38 GMT

عندما يبكي الإبداع لرحيل عبود سيف الدين

تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
أخر عقد السبعينات و بداية الثمانينات شهدت الإذاعة السودانية تطور جديدا من الناحية الإبداعية طالت كل الأقسام، و كان لخريجي معهد الموسيقى و المسرح القدر المعلا في ذلك. هؤلاء كانوا مستوعبين في إدارة الإخراج و المنوعات و هي الأقسام التي تعطي للمؤسسة شخصيتها الاعتبارية و خاصة برامجها في مختلف حقول المعرفة.

. و الغريب كان يستوعب خريجي الجامعات في اقسام الأخبار و السياسة و الثقافة و غيرها. كانت كوكبة يقودهم محمد سيايمان و احمد عبد الله عجيمي و الخاتم عبد الله و صلاح الدين الفاضل و معتصم فضل و محمود يسينو محمد سعيد دفع الله و عبد المطلب الفحل و رأس هؤلاء كان الأستاذ محمود أبو العزائم يمثل هؤلاء المدرسة الحديثة الى خلفت المدرسة التي تقليدية التي كانت تجعل من إذاعة " BBC" مدرسة حيث كانت الإذاعة ترسل أغلبية الإعلاميين فيها لتلقي التدريب في إذاعة " BBC" كان رائد التحول البروفيسور على شمو بعد عودته من أمريكا حيث جاء بفكرة البرامج السريع و موجة "FM" و كانت تجربتها التي أسسها محمود إبو العزائم في إذاعة " صوت الأمة" ذات البرامج الخفيفة.
تدرب على هذا الجيل العديد من الإذاعيين الذين جاءوا في نهاية عقد السبعينات و بداية الثمانينات و خاصة في الإخراج خطاب حسن أحمد و أبراهيم البزعي و صلاح التوم و سلمى الشيخ سلامة و المرحوم إحسان و عوض بابكر و طارق البحر و السر السيد و احمد طه أمفريب، العبادي و عوض بابكر و معهم البعض الذين اختاروا العمل أولا ثم مواصلة الدراسة في المعهد منهم عبود سيف الدين و عماد الدين إبراهيم و سيد احمد إبراهيم. و بعدهم جاء أزهرى العمرابي و خفاجة حتى لا تخونني الذاكرة.. هذه الكوكبة و الحديث عن الفنون و الإخراج هؤلاء هم الذين وضعوا اللبنة الأساسية الذي غيرالأداء من الدرسة التقليدية للمدارس الحديثة في العمل الإذاعي.
كانت جلساتنا نحن الذين نعمل في " إدارة الأخبار و السياسة" ذات المواد الجافة و التي تقع تحت مجهر المسؤولين على مدار الساعة، و لا نجد خلوة للحكى و بناء علاقات اجتماعية مع الزملاء إلا بعد الثالثة ظهرا، حيث يذهب أغلبية العاملين في الإذاعة، و يبقى قسم الأخبار و المذعيين و الإخراج و القسم الهندسي. و عم قطبي الذي يوزع للكل الشاي و القهوة عليه الرحمة. هذه الفترة التي التقيت فيها مع الأخوين الراحلين عبود سيف الدين و عماد الدين إبراهيم اللذان كانا تلميذان في مدرسة البروف صلاح الدين الفاضل عبود لم يكن متعود الجلوس كثيرا بعد الثالثة، لكن عماد كان يجيء بعد الثالثة، و الغريب الأثنين لا يتحدثون كثيرا.. تأثير صلاح الدين كان ظاهرا على أداء عبود سيف الدين في كيف توظيف الحواس في استيعاب الرسالة الإذاعية، لآن صلاح الفاضل يعتقد: يجب أن لا يعتمد الخيال من جانب واحد " الراسل" بل كيف يستطيع الراسل أن يحرك خيال " المتلقي" لكي يتجاوب مع الرسالة و يشارك أيضا في توظيفها لكي يتم استيعابها، و كان عبود يجيد هذا الضرب من الإبداع من خلال توظيف المؤثرات التي تبدأ صاخبة ثم تتدرج هبوطا، كان عبود يستخدم المؤثر للإنتباه و يتغير في حالة الصعود و الهبوط حسب لونية البرنامج.
مرة بعد الظهر؛ ذهبت و جدت عماد و عبود في قسم الإخرج، عماد جالسا و عبود واقفا بيتحدث، و عماد صمت لا يرد على عبود، من خلال الحديث فهمت أن عبود يتحدث عن شخصية أو مسألة عماد لم يريد أن يتجاوب معه. و فجأة صمت و صرخ و مسك يمعط شعر رأسه.. سألته مالك ياعبود قال عندي حاجة في رأسي ما عاوزه تخرج، و قال دا و هو يشير إلي عماد ما عاوز يتفاهم.. فجاة عماد نقر في التربيزة و غني " يا زمن وقف شوية" و صرخ عبود أي أي أي ياخ.. و ثانية كان في مكتبة الإذاعة..
بعد إفتتاح الإذاعات الإقليمية، عين صلاح طه مديرا لإذاعة الجزيرة في ود مدني و عبود سيف الدين مديرا للبرامج و الإخراج، و ذهبت إليهم عدة مرات، كان عبود في أمدرمان يكثر من الموسيقي المتنوعة سودانية و غربية كمؤثرات صوتية، لفت نظري في أول زيارة أن عبود بدأ يستخدم المؤثرات الطبيعية في البرامج، سألته.. هل المؤثر الطبيعي الذي تستخدمه فرضته البيئة أم تعتقد هو أكثر انتباها؟ قال عبود البيئة لها أثرها في العملية الإخراجية، في أم درمان كنت بشتغل على بعض من الدراما إلي جانب المنواعات، الأن الشغل هنا متنوع دراما و منوعات و ثقافة و سياسة و برامج اجتماعية و غيرها، و كل يحتاج للونية مختلفة، و البيئة بتعطي لونيات مختلفة، و لآن آهل الجزيرة دائما يكونوا في الحواشات و الخضرة و التعب يريدون مؤثرات تتناغم مع هذه الحالات التي تبعث الهدوء و التأمل، كان عبود فعلا مدرسة تتغير من الاحسن إلي الأفضل في تصاعد، لأنه كان يملك بالفعل خيالا موارا و مترع بتفاصيل الإبداع و الأوانه، و كانت تتماشى مع شخصيته الهادئة..
المشاهدة عبر الأذن.. قد كتب فيها أثنين دراسة أكاديمية في عملية توظيف الحواس في الفهم و الاستيعاب، كتب فيها البروفيسور صلاح الدين الفاضل المدير السابق للإذاعة السودانية و الدكتور السعودي المثقف عبد الله القزامي. و هي كيف تحول الصوت لمشاهد رؤية من خلالها يتم الاستيعاب الكامل للرسالة.. و هي القاعدة التي أتخذها عبود سيف الدين محور أدائه من خلال أن يحول الرسالة بدلا من التلقي فقط إلي رسالة حوارية لأن الحوار يخرج بنتاج أكثر نضجا، و هي تعتمد على كيفية التحكم و التوظيف للخيال. رحم الله عبود سيف الدين كان جميلا في كل شيء.ز في حالة صمته و سكونه في حديثه و ضحكتة و سريرته و طبعه، و أخلاقة نسأل الله له الرحمة و المغفرة و القبول الحسن و أن يجعل الجنة مسواه و الخير قفي ذريته...إنا لله و أنا إليه راجعون..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: صلاح الدین کان عبود

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: الاختلاف بين السنة والشيعة كان في الفكر والرأي وليس في الدين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن الاختلاف بيننا وبين إخواننا الشيعة هو اختلاف فكر ورأي وليست فرقة دين، ودليل ذلك ما ورد عن النبي "صلى الله عليه وسلم" في حديثه المعجز، الذي استشرف فيه المستقبل فحذرنا من مخاطر الانقسام التي قد تنبني على ذلك حين قال: "دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ" بمعنى نحسند بعضنا دولنا على بعض، ونحسد بعض شعوبنا على بعض، ثم قال: "وَهِيَ الْحَالِقَةُ، وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدَّيْنِ"، ثم فسر قائلا: لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، فاستكمل:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثْبِتُ ذَلِكَ لَكُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بينكم"، بمعنى رسخو السلام بينكم وعيشوا فيه معا.

وبيِن الإمام الطيب، خلال ثاني حلقاوأكد شيخ الأزهر، أن الأمة الإٍسلامية حاليا في أشد الحاجة إلى الوحدة في القوة والرأي لمجابهة تحديات العصر والانتصار على أعداء الأمة، فهناك كيانات عالمية اتحدت دون وجود ما يوحدها، كما اتحدت دول الاتحاد الأوروبي، وغيرها، ليس لشيء سوى أنها رأت ذلك ضرورة من الضرورات الحياتية العملية، ونحن أولى منهم بذلك بكل ما بيننا من مشتركات.

واختتم فضيلته أن هذا اختلاف طبيعي في ذلك الوقت، خضع في تغليب أحدنا على الآخر لضرورات حياتية عملية فرضتها الظروف حينها، ولا يجب أن يكون هذا الاختلاف سببا في أن يكفر أحدنا الآخر، بل يجب فهم أن في هذا النوع من الاختلاف رحمة، فالصحابة رضوان الله عليهم قد اختلفوا، وقد أقر النبي "صلى الله عليه وسلم" اختلافهم، ولكن لم يكفر أحد أحدا من الصحابة، كما أننا نحن السنة لدينا الكثير من المسائل الخلافية، فلدينا المذهب الحنفي والمذهب الشافعي وغيرها من المذاهب، بكل ما بينها من أمور خلافية.ت برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أنه قد حدثت بعض الخلافات بين صحابة النبي "صلى الله عليه وسلم" ومن ذلك ما حدث على الخلافة، وقد قيل فيه "ما سل سيف في الإسلام مثلما سل على هذا الأمر"، كما اختلفوا في عهده "صلى الله عليه وسلم"، لكنهم لم يسلوا السيوف على أنفسهم، موضحا أن الخلاف بين السنة وإخوانهم الشيعة لم يكن خلافا حول الدين، وعلى كل من يتصدى للدعوة أن يحفظ حديث النبي "صلى الله عليه وسلم" حين قال: " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فذلكم المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته"، ويتقن فهمه الفهم الصحيح.

مقالات مشابهة

  • عماد الدين حسين: القمة العربية غدًا أمام مهمة حاسمة لإجهاض مخططات ترامب بشأن غزة
  • عماد الدين حسين: القمة العربية أمام مهمة حاسمة لإجهاض مخططات ترامب بشأن غزة
  • لماذا يصعق الناس من الشيخ عندما يضل الطريق؟!
  • بهجلي يجري اتصالا مع القيادي الكردي صلاح الدين دميرطاش!
  • ضبط 7 أطنان من الأدوية المهربة في صلاح الدين
  • الدردير يشيد بأداء صلاح الدين مصدق.. تفاصيل
  • شيخ الأزهر: الاختلاف بين السنة والشيعة كان في الفكر والرأي وليس في الدين
  • والتز: الوفد الأوكراني كان يبكي بعد المشاجرة
  • عماد الدين أديب يكشف ملامح قمة القاهرة: “لا تعمير بوجود حماس”.. وجدل كبير
  • عماد الدين أديب يكشف ملامح قمة القاهرة: لا تعمير بوجود حماس.. وجدل كبير