قوى الثامن من آذار والمعركة الرئاسية.. التنازل عن فرنجية مستحيل
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
يكرر مسؤولون في "قوى الثامن من آذار" وتحديداً "الثنائي الشيعي" ان التخلي عن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية غير ممكن في المرحلة الحالية وان الحل الوحيد لخصومه او المعارضين لوصوله هو القبول بمبدأ المفاوضات على قاعدة "يا بتقنعني يا بقنعك"، وهذا ما ترفضه المعارضة، لكن الواضح ان ترشيح فرنجية بات امرا ثابتاً واصبح التنازل عنه بعد الحرب المندلعة في جنوب لبنان صعباً للغاية في ظل المعادلات التي بدأت ترسم في المنطقة.
يتجنب "حزب الله" الحديث عن انعكاس نتائج الحرب الحالية على الواقع اللبناني ويحرص دائما على التأكيد انه ليس في وارد الذهاب الى الاستفادة من انتصاراته العسكرية لتعزيز حضوره ونفوذه السياسي في الداخل اللبناني، وهذا ينطبق طبعا على الاستحقاق الرئاسي، لكن بالرغم من ذلك، ومن دون ادنى شك، سيتأثر لبنان بنتائج المعاركة اذ ان التوازنات الجديدة ستفرض نفسها بشكل مباشر وغير مباشر على الداخل في ظل ارتباط غالبية القوى اللبنانية بالقوى الاقليمية والدولية.
في حال حقق الحزب انتصارا واضحا في الجنوب وفرض شروطه على تل ابيب في ظل رغبة اميركية بتأمين الحدود وعدم الذهاب الى حرب شاملة، فإن عودته الى الداخل اللبنانية ستكون مدعومة بدعم شعبي كبير في البيئة الشيعية تحديدا، وبغطاء اميركي، اذ ان واشنطن ستسعى بشكل اكيد الى القيام بمقايضة مع الحزب بين المسألة الحدودية والاستحقاقات الداخلية، ومن المتوقع ان يتجاوب ضمن رؤيته للمعركة، مع الاميركيين مقابل تسهيل حصوله على ضمانات داخلية.
ولعل أهم هذه الضمانات هي تكريس منصب رئاسة الجمهورية ليكون حليفاً للحزب، الامر الذي سيترافق مع عملية ترسيم الحدود والتنقيب عن الغاز وغيرها من الخطوات في الجنوب التي ستجعل من الاستقرار هو سيد الموقف، لكن الحزب لن يقدم كل هذا الامر الا في حال استطاع حماية ظهره في الداخل وفي المؤسسات الدستورية، وعليه يصبح ايصال رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية اكثر سهولة بالنسبة لحارة حريك..
قوة الحزب بعد الحزب قد تتمثل ايضا في تشتت خصومه، ف"لقاء معراب" الذي عقد أخيرا اثبت ان قوى المعارضة ستكون امام تحدي التماسك في ظل استمرار الحرب في الجنوب وفي غزة، فالحزب التقدمي الاشتراكي لم يشارك وكذلك حصل نوع من المقاطعة لعدد كبير من النواب السنّة الذين يعارضون "حزب الله" ما يوحي بأن عملية اعادة التموضع ستكون سمة المرحلة المقبلة من دون منازع وقد يستفيد منها فرنجية بشكل صريح.
حتى تكتل "لبنان القوي" الذي يعاني من تصدعات جدية، قد يساهم الخارجون او المفصولون منه بإنتخاب فرنجية نكاية برئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل او لقناعة سياسية، وعليه فإن حظوظ فرنجية وفرصه ترتفع وحتى واقع المجلس النيابي يتبدل لمصلحة حلفائه، لذا وانطلاقا من ذلك، يصبح التنازل عن دعمه في هذه اللحظة السياسية امرا غير منطقي وغير متوقع، فكيف اذا كان "حزب الله" يتعامل وفق منطق الربح والخسارة؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
واشنطن تنقذ لبنان بالقوة
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": في الحقيقة، فوَّت اللبنانيون، خلال 20 عاماً، فرصتين كبيرتين للإنقاذ:
1- خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 ، من دون "ضربة كف"بدعم أميركي. وقد تمّ إحباط هذه الفرصة النادرة، ولم تنجح القوى اللبنانية في تأسيس حياة سياسية طبيعية
وسلطة مستقلة بعد خروج السوريين، إذ نجح "حزب الله" في تعويض الخسارة السورية والإمساك بالقرار مباشرة في السنوات التالية، فيما ضعفت منظومة خصومه وتفككت.
2- انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 التي تمكّن "الحزب" أيضاً من إحباطها، معتبراً أنّها أساساً من تدبير الأميركيين وحلفائهم بهدف إضعافه وانتزاع حضوره من داخل السلطة.
على مدى عقدين، تبادل الأميركيون وحلفاؤهم رمي المسؤوليات عن الفشل في مواجهة "حزب الله" في لبنان. بل إنّ قوى 14 آذار و "التغيير " استاءت من أنّواشنطن أبرمت في العام 2022 صفقة ترسيم الحدود بحراً بالتفاهم مع "حزب الله" دون سواه، وكانت تحاول إبرام صفقة مماثلة معه في البرّ لولا انفجار الحرب في غزة، خريف 2023 . وأما موفدها عاموس هوكشتاين فبقي يتوسط بين "الحزب" وإسرائيل أشهراً ويغريه بالتسهيلات لوقف "حرب المساندة"، ولكن عبثاً. في المقابل، تعتبر الولايات المتحدة أنّها كأي دولة أخرى مضطرة إلى التعاطي مع الأمر الواقع لإنجاز التوافقات الإقليمية، وأنّ مفاوضة "الحزب" لا بدّ منها لأنّه هو صاحب القرار الحقيقي في بيروت، ومن دون رضاه لا تجرؤالحكومة على اتخاذ أي قرار. هذه الحلقة المفرغة التي بقيت تدور فيها واشنطنوحلفاؤها الغربيون والعرب ومعهم خصوم "حزب الله" انكسرت في الأسابيع الأخيرة نتيجة الحرب الطاحنة في لبنان والتطورات الانقلابية في سوريا. وللمرّة الأولى منذ تأسيسه في العام 1982، يبدو "حزب الله" معزولاً عن أي دعم خارجي ومحاصراً، فيما قدراته العسكرية الباقية موضوعة تحت المراقبة، في جنوب الليطاني كما في شماله.
عملياً، تبدّلت اليوم طبيعة "حزب الله". فهو لم يعد نفسه الذي كان في 2005 و 2019، وباتت قدرته على استخدام السلاح محدودة جداً، فيما المحور الذي يدعمه من دمشق إلى طهران تلاشى تقريباً. وهذا الواقع سيسمح بإحداث تغيير لم يكن ممكناً، لا قبل 20 عاماً ولا قبلها ب 20 عاماً. وهو ما سيستغله الأميركيون في الأسابيع والأشهر المقبلة، لتكون "الثالثة ثابتة"، فينجحون في 2025 بعدما فشلوا في 2005 و 2019 .