بين تهدئة وجبهة.. ماذا يجري داخل مخيمات لبنان؟
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
ما تشهده مخيمات لبنان للاجئين الفلسطينيين من ترقب يرتبط بمصير حرب غزة بات يطرح تساؤلاتٍ عمّا سيحصلُ لاحقاً من تطورات داخل تلك التجمعات وتحديداً بعض نضوج التسوية المنتظرة لإنهاء التصعيد العسكريّ في القطاع الفلسطيني وجنوب لبنان أيضاً.
صحيحٌ أنه يمكن وصف وضع المخيمات بـ"النار تحت الرّماد"، لكن ما يجري، وفق المعلومات، هو أن هناك مساعٍ لتدارك إشتعال فتيل توتر جديد، والسبب هو أنَّ لبنان لا يتحمل جبهات متنقلة من الحدود إلى الداخل.
المساعي القائمة لتطويق أي توترات خصوصاً في مخيمات الجنوب وتحديداً عين الحلوة، جاءت وسط انتشار معلومات تفيد بأن حركة "فتح" تسعى لـ"تجهيز الأرضية الميدانية" عبر التسلُّح وتعزيز العتاد العسكري تحسباً لأي معركة آتية.
ما يُحكى في هذا الإطار قد يؤدي إلى تأجيج الوضع الميداني أكثر ضمن التجمعات الفلسطينية، لكن مصادر مسؤولة في الحركة نفت لـ"لبنان24" كل ما أثير في هذا الإطار، مؤكدة أنّ "فتح" لم تعمد مؤخراً إلى خطوات جديدة للتسلح، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لا وجود لأي كلامٍ يرتبط بـ"التهيئة لجولة قتال جديدة" داخل المخيمات لاسيما في عين الحلوة.
القتال.. ضدّ من سيكون ولمصلحة أيّ جهة؟
تؤكد المصادر عينها إنّ "فتح" ملتزمة بقرار الدولة اللبنانية بإرساء التهدئة داخل المخيمات، لكنها لا تستبعد في الوقت نفسه وجود نشاطٍ لأيادٍ غريبة تسعى دائماً للعبث بأمن المخيمات مثلما حصل في منتصف العام 2023 في عين الحلوة.
المصادر تلفتُ أيضاً إلى أنّ الجبهة الداخلية الفلسطينية مشغولة بحرب غزة، في حين أن أي قتالٍ بين الفلسطينيين في لبنان سيكون خدمة للإسرائيليين، باعتبار أن هدف هؤلاء هو تقسيم الساحة الفلسطينية.
بالنسبة للمصادر، فإنّ أي جولة قتالية – إن حصلت – لن تكون عبر "فتح"، فيما حذرت من أن العبث بأمن المخيمات لن يتم السكوت عليه وستكون المواجهة قائمة انطلاقاً من المسؤولية المناطة لـ"فتح" ولمنظمة التحرير الفلسطينية بكافة فصائلها.
"الغليان" داخل المخيمات الفلسطينية لا ينفي بتاتاً خطر الجماعات المسلحة المصنفة إرهابية. الأمرُ هذا تتنبه له المؤسسة العسكرية التي تؤكد المعلومات إنها مستمرة بضبط أمن المخيمات في كل المناطق اللبنانية، وذلك بالتنسيق مع "فتح".
بحسب المعلومات، فإنّ الإجتماعات التنسيقية للحركة مستمرة أيضاً لمنع حدوث أي خضة أمنية، وتقول المصادر إن هناك توصية بهذا الأمر من السلطة الفلسطينية التي تؤكد تمسكها بأمن لبنان وتثبت أهمية التنسيق مع الجيش.
المطلوبون.. هل من تسوية بشأنهم؟
ما يجري في الوقت الحالي كشف عن وجود محاولات في الكواليس تهدف لتسوية وضع بعض المطلوبين الفلسطينيين أو "المغضوب عليهم" من قبل الدولة اللبنانية. الأمر هذا تنفيه مصادر أمنية لبنانية وفلسطينية في الوقت نفسه، مشيرة إلى أن التسويات التي يتم الحديث عنها بين الحين والآخر لا تبرز هكذا ولا تتحقق بسهولة.
في الواقع، فإن الحديث عن وضع المطلوبين لا يمكن البحث به أبداً بالنسبة للدولة اللبنانية وأيضاً لدى "فتح"، خصوصاً أولئك الذين تورطوا بأحداث أمنية خطيرة كتلك التي أدت إلى اندلاع إشتباكات عين الحلوة.
لكن في المقابل، يقول مصدر فلسطيني مسؤول إنّ "فتح" تعمل على التعاون التام والفعال مع الجيش لتسليم أي شخصٍ ارتبط اسمه بملف أمني أو قضائي، والهدف من هذا الأمر هو عدم جعل المخيمات منصة لتمركز مطلوبين أو لأشخاص يمتنعون عن الإمتثال للعدالة اللبنانية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: عین الحلوة فی الوقت
إقرأ أيضاً:
ماذا حدث داخل السفينة؟ قضية مروان، الشاب المختفي في رحلة بحرية من المغرب إلى إسبانيا
في 14 أبريل 2024، كان مروان المقدّم يقف على سطح سفينة « نافييرا أرمس ترانسميديتراني » متجهًا إلى بني أنصار لقضاء عيد الفطر مع عائلته. تلك الرحلة كانت أول زيارة له إلى المغرب بعد حصوله على الإقامة في إسبانيا. صعد إلى السفينة من ميناء بني أنصار (الناظور) بأوراقه الق انونية، وأرسل مقاطع فيديو وتحدث عبر الهاتف مع أسرته، حتى اختفى أثره فجأة في البحر.
منذ ذلك الحين، وبعد ما يقارب العام، لا تزال عائلة مروان تنتظر إجابات لم تصل بعد، وتواجه « عراقيل مؤسساتية » في البحث عنه. يقول شقيقه محمد: « أمي لا تغادر المنزل، لا تستطيع النوم، تسأل عن ابنها طوال الوقت، تبكي باستمرار وتعيش في ألم عميق ». في 10 فبراير الماضي، بدأ محمد إضرابًا عن الطعام أمام مقر شركة « نافييرا أرمس ترانسميديتراني » في بني أنصار، مطالبًا بمعلومات عن اختفاء شقيقه خلال الرحلة.
مروان، البالغ من العمر 18 عامًا، أنهى دراسته الثانوية وبدأ العمل في صناعة الألمنيوم في المغرب، لكنه قرر الهجرة إلى إسبانيا عبر طريق البحر الأبيض المتوسط. استقل قارب صيد صغير من الحسيمة مع تسعة أشخاص آخرين، ووصل إلى إسبانيا عندما كان قاصرًا، حيث تم إيداعه في مركز لرعاية القاصرين حتى بلغ سن الرشد. بعد ذلك، حصل على مكان في إحدى الشقق المخصصة لرعاية الشباب التي تديرها حكومة الأندلس. وعندما تمكن من تسوية وضعه القانوني، قرر العودة إلى المغرب لقضاء العيد مع عائلته.
كان من المفترض أن تنتهي رحلة مروان في ميناء موتريل، حيث كان سيأخذ سيارة أجرة إلى شقته كما أخبر أسرته، لكنه لم يصل أبدًا. بعد يوم من مغادرته بني أنصار، قدم أحد أقاربه في خيخون (أستورياس) بلاغًا عن اختفائه للشرطة الإسبانية، بينما أبلغ شقيقه محمد السلطات المحلية في بني أنصار. لاحقًا، أحالت الشرطة القضائية في موتريل القضية إلى محكمة التحقيق رقم 5 في غرناطة.
آخر ما عُرف عن مروان
في يوم اختفائه، رافقه أفراد عائلته إلى ميناء الناظور حيث ودّعوه قبل أن يصعد إلى السفينة. وبحسب تقرير للشرطة المغربية، فقد مرَّ مروان بمراقبة الحدود وخرج رسميًا من المغرب في 20 أبريل 2024 متجهًا إلى إسبانيا.
آخر ما عرفته العائلة عنه أنه كان في مقهى السفينة حيث قضى الليل، لأنه كان يحمل تذكرة اقتصادية ولم يكن لديه مقصورة خاصة. يقول شقيقه: « جاء ليشاركنا فرحة العيد. لم يكن لديه المال، فقمت بشراء تذكرة العودة له ». أرسل مروان مقاطع فيديو لعائلته تظهر مشاهد من على متن السفينة، وكانت هذه آخر رسائله.
لكن مروان لم يدخل رسميًا إلى إسبانيا مع باقي الركاب الذين نزلوا في موتريل يوم 21 أبريل. ووفقًا لوثيقة أرسلتها الشرطة القضائية إلى المحكمة، فإن « الشخص المختفي لم يدخل في أي لحظة إلى الأراضي الإسبانية عبر نقطة حدودية معتمدة »، حسبما أكدته قواعد بيانات الشرطة الوطنية الإسبانية.
كان مروان يحمل شريحتي هاتف، واحدة إسبانية وأخرى مغربية. وأكدت شركة Digi الإسبانية أن هاتفه لم يُشغل منذ ليلة اختفائه، وفقًا لما أفادت به محامية العائلة. وقد بدأت المحامية إجراءات قانونية للحصول على سجل المواقع الجغرافية للهاتف من شركة Inwi المغربية.
أسئلة بلا إجابات
تتساءل العائلة: « ما الذي حدث لمروان خلال الرحلة؟ أين متعلقاته الشخصية التي كان وزنها 20 كيلوغرامًا؟ » كان مروان يسافر بحقيبة وهاتفه، لكن لم يتم العثور على أي منهما. زارت محامية العائلة مكتب الشركة في غرناطة بحثًا عن المفقودات، لكن الموظفين أبلغوها بعدم وجود أي شيء متعلق برحلة 21-22 أبريل 2024.
طلبت المحكمة من شركة النقل تسجيلات كاميرات المراقبة من السفينة ومنطقة الصعود، لكن « نافييرا أرمس ترانسميديتراني » ردت بأن الكاميرات لم تكن تعمل، مما يعني عدم توفر أي تسجيلات للرحلة، وفقًا لمحامية العائلة. وعند الاتصال بالشركة للحصول على تعليق، رفضت الإدلاء بأي تصريحات بحجة أن التحقيق لا يزال مفتوحًا.
للتأكد مما إذا كان مروان قد نزل من السفينة في موتريل، ينبغي أيضًا فحص تسجيلات الجمارك، لكن لا يمكن طلب هذه التسجيلات إلا عبر القضاء، مما يؤخر العملية. وتتهم العائلة التحقيق بالبطء ووجود « عراقيل بيروقراطية » وغياب المعلومات رغم مرور ما يقارب السنة على الحادثة.
إضراب شقيقه عن الطعام
طوال فترة البحث، لجأ شقيق مروان إلى مؤسسات مغربية عدة دون أن يتلقى إجابات. يقول: « سافرت إلى عدة مدن، طرقت كل الأبواب، حتى وزارة الخارجية في الرباط. زرت الحسيمة، أرسلت رسائل إلى سلطات الولاية، وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، الديوان الملكي، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الناظور ».
نتيجة اليأس من عدم تحرك السلطات، بدأ محمد المقدّم إضرابًا عن الطعام في 10 فبراير، مطالبًا بفتح تحقيق رسمي في المغرب حول اختفاء شقيقه. يقول: « بعد 10 أشهر من البحث، قررت الدخول في إضراب عن الطعام والماء، ومستعد لتصعيد نضالي ». قضى عدة أيام أمام مقر « نافييرا أرمس » في بني أنصار بدعم من السلطات المحلية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
تدخل الوكيل العام بمحكمة الاستئناف في الناظور لفتح تحقيق في الحادثة، مما أدى إلى إنهاء محمد لإضرابه الذي استمر ثلاثة أيام.
الهجرة والمأساة
مثل كثير من الشباب المغاربة، نشأ مروان في بيئة يعتبر فيها الهجرة إلى أوروبا وسيلة لتحقيق مستقبل أفضل. يقول شقيقه: « نعيش في منطقة لدينا فيها ثقافة الهجرة، جميعنا نفكر في الهجرة. في الصيف، نرى المهاجرين يعودون إلى المغرب بسياراتهم في وضع مادي جيد، مما يعزز فينا الرغبة في السفر إلى أوروبا ».
عبر مروان طريق البحر الأبيض المتوسط، أحد أخطر الطرق للوصول إلى إسبانيا بعد الطريق الأطلسي المؤدي إلى جزر الكناري. ومع ذلك، فإن اختفاءه لم يحدث في قارب هجرة غير شرعي، بل على متن سفينة رسمية إسبانية، بوثائقه القانونية وإقامته السارية. والآن، تكتنف الغموض قضية اختفائه، تاركة أسرته في صراع مستمر للبحث عن إجابات لم يحصلوا عليها بعد.
عن (OKDiario)
كلمات دلالية المغرب حوادث هجرة