التعديلات على الورقة الفرنسية انتهت.. واتصالات سياسية تسبق جلسة النزوح في البرلمان
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
بينما تتكثف محادثات القاهرة للتوصل الى "صفقة أسرى" بين إسرائيل وحركة حماس، غابت الحركة السياسية في عطلة عيد الفصح عند المسيحيين الذين يتبعون التقويم الشرقي، إلا أن الترقب سيد الموقف للموقف الإسرائيلي من الورقة الفرنسية الجديدة، لا سيما وأن الرد اللبناني بان جاهزاً ويفترض أن يكون قد تسلمه السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو.
وبحسب مصادر مطلعة، فإنّ التعديلات تشمل شطب عبارة المجموعات المسلحة واستبدالها بالمقاومة اللبنانية المسلحة، حذف كلمة دعم الجيش من قبل اليونيفيل إلى تنسيق معه وفق القرار الدولي 1701 والاستعاضة بكلمة تسليح الجيش بدل دعم انتشار الجيش، واستبدال عبارة وقف الطلعات الإسرائيلية الجوية فوق الأراضي اللبنانية، بكلمة لعدم خرق، كما سيتم استبدال عدد من العبارات بجملة "الالتزام بالقرار 1701، لا سيما في ما خص سحب القوات المقاتلة لمسافة لا تقل عن 10 كيلومترات، وتفكيك المرافق والمنشات القريبة من الخط الأزرق".
الى ذلك أجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إتصالًا هاتفيًا برئيس مجلس النواب نبيه بري، تشاورا خلاله بالاوضاع الراهنة. وخلال الاتصال تمنى ميقاتي على بري الدعوة إلى جلسة نيابية عامة لمناقشة موضوع النازحين، وذلك من أجل "وقف الاستغلال السياسي الرخيص الحاصل في البلد في هذا الملف على حساب المصلحة العامة"، وفق ما نقل المكتب الإعلامي لميقاتي. وكان رئيس مجلس النواب أشار خلال استقباله رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس قبرص نيكوس خريستودوليدس إلى أن "هذه أكثر مرّة نلمس فيها جدية في موضوع النازحين السوريين".
وترى مصادر سياسية أهمية في عقد جلسة لمجلس النواب بشأن النزوح، معتبرة أن الأهمية تكمن أيضاً في عدم مقاطعة اي فريق سياسي للجلسة، مرجحة أن تحصل اتصالات بين بري والكتل السياسية بشأن هذا الامر. ولا تخفي المصادر تأكيدها حضور "حزب القوات اللبنانية" الجلسة لا سيما في ظل الراية التي يرفعها وتدعو إلى ترحيل النازحين السوريين، في حين اعتبرت المصادر أن مشاركة "تكتل لبنان القوي" في الجلسة لا بد ان تنتظر المقبل من الأيام، خاصة وأن "التيار الوطني الحر" يعمل "ع القطعة" في ما خص جلسات مجلس النواب. وكانت الحكومة تعرضت لحملة منظمة، إذ هاجم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خطوة الحكومة اللبنانية في قبول مساعدة المليار دولار في مقابل ما وصفه إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان لأربع سنوات إضافية، معتبراً أن هذه الخطوة محاولة أوروبية لاستئجار لبنان لصالح اللاجئين مقابل تشريع أبواب الهجرة للبنانيين في مقابل إبقاء اللاجئين مكانهم.
في المقابل، أكد المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة أن الكلام عن رشوة أوروبية للبنان لابقاء النازحين على أرضه غير صحيح، مع التأكيد أن هذه الهبة غير مشروطة بتاتا ويتم اقرارها من جانب اللبناني حسب الأصول المتبعة بقبول الهبات. ولفت المكتب الإعلامي لميقاتي إلى أن "ما يحصل هو محاولة خبيثة لافشال اي حل حكومي، تحت حجج واتهامات باطلة، وما توصل اليه رئيس الحكومة بحصيلة الحملة الديبلوماسية مع مختلف الأطراف الخارجية، وهذا المسعى سيستمر فيه دولة الرئيس خلال انعقاد مؤتمر بروكسيل قبل نهاية الشهر الجاري". وأردف: "أما بشأن حزمة المليار يورو التي أقرت للبنان من الإتحاد الأوروبي والتي أُعلن عنها خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس القبرصي نيكوس للبنان، يكرر دولة الرئيس ويقول بكل وضوح انها مساعدة غير مشروطة للبنان واللبنانيين حصرا وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً إضافة الى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية زيادة العديد والعتاد، وكل ما يقال خلاف ذلك مجرد كلام فارغ واتهامات سياسية غير صحيحة". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ملامح الخطط الأمريكية الشيطانية للبنان
لم يعد العدوان الأمريكي على لبنان محل خلاف بعد كل الشواهد والأدلة اليقينية بتمويل أمريكا للكيان ودعمه سياسيًا وعسكريًا واستخباراتيًا، وكذلك بالوقوف في محل الخصم والحكم كمراقب لوقف إطلاق النار والتغاضي عن الخروقات “الإسرائيلية” واستمرار الاحتلال بالمخالفة للاتفاق وما يحمله ذلك من حرج للدولة اللبنانية ومن نذر انزلاقات جديدة للحرب مع إعلان المقاومة بأنها لن تصمت على الاحتلال وأنها فقط تترك المساحة والوقت للدولة للقيام بمسؤولياتها.
والهدف الأمريكي الاستراتيجي هو خلو لبنان من المقاومة وتدجين البلد في حظيرة التطبيع الإقليمي مع الكيان لاستغلال موارده وموقعه في خدمة المصالح الأمريكية بالمنطقة، وهذا الهدف له تكتيكات متعددة، أفصحت عن بعض من تفاصيلها مراكز الفكر الأمريكية وخاصة “معهد واشنطن للدراسات”، كما جاء تعيين الرئيس ترامب للسفير ميشيل عيسى سفيرًا أمريكيًا في لبنان ليرجح هذا التوجه الأمريكي وأن توصيات مراكز الفكر ليست مجرد توصيات، وإنما برنامج من المرجح أنه دخل مرحلة التنفيذ.
والمراقب لمراكز الفكر الأمريكية يعلم جيدًا أن إصداراتها ليست مجرد دراسات، وأن العاملين فيها من كتاب ومحللين ليسوا مجرد رجال فكر أو صحافة، وانما مديرو برامج استراتيجية وذوو مناصب سابقة في وزارات الخارجية ومبعوثون للشرق الأوسط ومسؤولون عن ملفات استراتيجية كبرى في مختلف الإدارات، وهو ما يعطي توصياتهم اهتمامًا كبيرًا ويتطلب الحيطة والاهتمام الشديد بكل حرف فيها، لأن التاريخ يقول، إن توصيات سابقة تم تطبيقها عمليًا وبنفس التفاصيل في منطقتنا.
ومحل الشاهد هنا، هو تقرير حديث صدر عن معهد واشنطن بعنوان” “ينبغي على ترامب أن يطمح إلى إنشاء “ريفييرا” في لبنان”، وهو تقرير مشترك لكل من “حنين غدار”، وهي كاتبة بـ”معهد واشنطن” ومن أصل لبناني ومعروفة بعدائها الشديد للمقاومة وخاصة حزب الله، وللباحث الصهيوني “زوهار بالتي”، والذي شغل سابقًا منصب رئيس مكتب السياسات والشؤون السياسية العسكرية في وزارة الحرب “الإسرائيلية”، وشملت مسؤولياته توجيه العلاقات الدفاعية والأمنية مع الدول الأجنبية.
ونظرًا، لأن صدور هذا التقرير ترافق مع تصريحات لافتة بخصوص لبنان وأيضاً تعيين لافت لسفير أمريكي في لبنان من أصل لبناني وعلى صلة وثيقة بعالم المال والأعمال والمصارف وعلى تماس مع التوصيات المقدمة في الخطة، فإنه ينبغي هنا التعاطي بجدية مع ملامح الخطة الأمريكية عبر تحليل التصريحات والتعيينات الأخيرة وربطها بالبنود الواردة في التقرير وذلك تالياً:
1 – جاء في التقرير فقرة لافتة تقول: (تملك الحكومة الجديدة فرصة تاريخية لم يشهدها لبنان منذ أكثر من أربعين عامًا، وهي إعادة الاندماج في المجتمع الدولي، واستعادة التواصل مع الدول العربية “السنية” الرائدة، وتعزيز العلاقات مع أوروبا، وربما حتى البدء في عملية الانضمام إلى اتفاقات “إبراهيم” مع “إسرائيل”. تُعد هذه فرصة استثنائية بكل ما تعنيه الكلمة، فإن كان هناك بلد واحد في الشرق الأوسط يُجيد تطوير “الريفييرا”، وبناء الفنادق، والاستمتاع بحياة كريمة، مع توفير فرصٍ استثماريةٍ ضخمة للمستثمرين الأجانب والمحليين، فهو بلا شك لبنان.”
وهنا، فإن هناك توجهاً لإعادة تشكيل هوية لبنان بوجه تطبيعي وضمه للدول (المعتدلة) وإعادة العجلة إلى الوراء لعام 1982، عندما كانت هناك خطة لعقد اتفاقية (سلام) بين لبنان و”إسرائيل” وأسفرت عن اتفاقية 17 ايار 1983، في قراءة أمريكية للحظة الراهنة بأن المقاومة ضعفت وأن الأرض مهيأة لعودة الزمن إلى الوراء.
ويعزز ذلك ما ورد من تصريحات لمستشار ترامب “مسعد بولس” الذي التقى مؤخراً مع “يوسي دغان”، رئيس مجلس السامرة الإقليمي المتطرف الذي يمثل 35 مستوطنة “إسرائيلية” غير قانونية بنيت على أراضٍ فلسطينية في انتهاك واضح للقانون الدولي، وأدلى بتصريحات مستفزة ولافتة، حيث زعم أن “السلام بين لبنان و”إسرائيل” بات قريبًا”!
وفي الشهر الماضي، زعم المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن لبنان وسورية يمكنهما “تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) قريباً”.
كما ألمح وزير الخارجية “الإسرائيلي” يسرائيل كاتس إلى أن لبنان قد يحذو حذو المملكة العربية السعودية في تطبيع العلاقات.
2 – من ضمن توصيات التقرير بنود توصي بإلحاق الهزيمة السياسية بـ”حزب الله” وتجفيف منابع تمويله، و الضغط على الجيش اللبناني عبر آلية الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار. بصفتها رئيسةً لهذه الآلية، حيث يجب على واشنطن ممارسة الضغط على الجيش اللبناني لوقف تدفق الأموال إلى “حزب الله”، وذلك بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وغيرها من كبار المانحين لجهود إعادة الإعمار.
وعندما نتأمل السياسات الراهنة وتلكؤ “إسرائيل” في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار والتواطؤ الأمريكي، فإننا نلمح ظلالاً للضغط على الدولة للدخول في مسار وقيعة مع المقاومة وإعادة فتنة نزع السلاح والدفع نحو عزلة وتهميش المقاومة وبيئتها.
3 – من ضمن التوصيات الخطيرة، توصية تتعلق بالضغط من أجل تعيين قائد جديد للقوات المسلحة اللبنانية يكون مسؤولًا عن التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار، ومنع إعادة تسليح “حزب الله”، والتنسيق مع السلطات الانتقالية الجديدة في سورية لضبط الحدود، وتنسيق المساعدات المالية مع المملكة العربية السعودية وقطر والجهات المانحة الأخرى، لضمان أن يكون الالتزام بشروط وقف إطلاق النار والإصلاحات الاقتصادية شرطًا أساسيًا لأي دعم لإعادة الإعمار.
وهو توجه خطير نلمح مع الأسف بوادر له مع التلكؤ في ملف إعادة الإعمار في الجنوب وتحركات مشبوهة على الحدود مع سورية ومحاولة إقحام اسم حزب الله في ما يحدث بالساحل السوري من أجل الضغط السياسي على المقاومة.
4 – هناك توصية مباشرة وصريحة بتعليق معاملات لبنان مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى حين تنفيذ إصلاحات اقتصادية وقانونية إضافية، ومراقبة عملية إعادة الإعمار النهائية عن كثب، واستبعاد “حزب الله” وشركائه المحليين من جميع مراحل العملية، مع استبعاد كامل لمجلس الجنوب اللبناني الذي لطالما استُخدم كأداة لتعزيز نفوذ الحزب، وفق تعبيرها.
وهذا الأمر نراه على علاقة بتعيين ميشيل عيسى رجل الأعمال والمصارف وصاحب العلاقات الدولية الكبرى وصاحب الأذرع الاقتصادية داخل لبنان بامتلاكه مؤسسة “ميشال عيسى للتنمية المحلية” في لبنان، وهي منظمة غير حكومية تعلن أن هدفها تعزيز التنمية المحلية وبناء القدرات من خلال تنفيذ برامج تنموية بالتعاون مع الجهات المعنية، ودعم المجتمع المدني والإدارات المحلية في لبنان.
وبالتالي فإن هذه المناصب التي تمتع بها ميشيل عيسى لها علاقة وطيدة بالتوصيات المقدمة لإدارة ترامب، من حيث علاقات إعادة الإعمار وتنسيق استثمارات “ريفييرا لبنان” والعلاقات المصرفية لحصار المقاومة.
وبالتالي فإن تضافر هذه التصريحات والممارسات يشي بخطة أمريكية واضحة لضم لبنان إلى قطار التطبيع عبر إغراءات وضغوط، ومن اللافت أن العديد من المنظرين والمنفذين لهذه الخطة هم من أصول لبنانية مثل حنين غدار الباحثة بمعهد واشنطن، والسفير الأمريكي ميشيل عيسى، ومستشار ترامب مسعد بولس، وغيرهم من خصوم المقاومة في الداخل، وهو أمر بلا شك ترصده المقاومة وتتعاطى معه بحكمة وبحذر وبمسؤولية وطنية وبصبر استراتيجي عبر عنه سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم عندما قال، إن المقاومة موجودة ومستمرة، وكل ما هنالك أنها تصبر وتضع الجميع أمام مسؤولياته وأنها محتفظة بثوابتها وبقوتها للتوقيت المناسب.