الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
يبدو ان منحى اخر تسلكه الأطراف الدولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن من خلال تفاقم الاوضاع الإنسانية في إقليم دارفور، و الحصار الذي تطبقه مليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر شمالي الإقليم منذ اسابيع لاتخاذه أداة للضغط بهدف العودة إلى طاولة المفاوضات.
فمنذ الحصار على الفاشر وبيانات الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، تحمل تحذيرات من سوء الأوضاع في دارفور، مع دعوات للطرفين للعودة إلى التفاوض.
وقد وصف أمس نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان طوبي هارورد، الوضع في مدينة الفاشر ب”الكارثي” مؤكدا أن مناطق كثيرة في دارفور تقف على حافة المجاعة، مشددا على انه من الضروري أن يجمع الوسطاء الأطراف المتحاربة ومؤيديهم على طاولة المفاوضات، فيما سبقت تصريحات هارورد تصريحات للمبعوث الامريكي توم بريليو، أمام مجلس الشيوخ الامريكي، مساء الاربعاء الماضي، بشأن الدعم السريع، حيث قال انهم من حيث تاريخها ومستقبلها لا يرون نفس ما يرونه في القوات المسلحة، وأنهم يعتقدون أن الحل في الاندماج الكامل لهذه القوات في جيش محترف متكامل، ما يفتح باب التساؤلات حول إمكانية ان تحقق “الفاشر” مساع الأطراف الدولية في فرض سلام بالسودان، وان تكون بداية العودة للتفاوض، والتزام المليشيا بمخرجات منبر جدة؟
اشتراطات
تداعيات الأحداث ووتيراتها المتسارعة في السودان منذ اندلاع القتال، ابريل من العام الماضي، جعل الأطراف الدولية تبحث بصورة او بأخرى، عن ايجاد صيغة مناسبة لإيقاف الحرب، غير ان عدم التزام المليشيا باشتراطات الجيش في المفاوضات بالخروج من الأعيان المدنية ومنازل السكان والمرافق الحكومية والمستشفيات، كان المحك في عدم نجاح المفاوضات.
وينظر كثير من المراقبين، إلى انه على مليشيا الدعم السريع، تنفيذ مخرجات منبر جدة، لإيقاف الحرب، غير ان المليشيا مازالت ترى وتزعم ان فيما تمارس من انتهاكات، شرعية على الجيش ومحاولة لإعادة الديمقراطية.
ووفق المتابعات فان الميسرين في منبر جدة يسعون إلى إنجاح جولة المفاوضات المتوقعة هذا الشهر، وتحقيق اختراق.
اختراق ملموس
وبحسب عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) معتز محمد صالح ل”الترا سودان”، فإن الأطراف الدولية حددت 18 مايو الجاري موعدا مبدئيا لاستئناف المفاوضات بين الجيش والدعم السريع.
وأوضح صالح أن الميسرين في منبر جدة ربما يعكفون على إجراء نقاشات أولية تسبق المفاوضات الرسمية، مشيرًا إلى أن السعودية والولايات المتحدة الأميركية تسعيان إلى إنجاح جولة المفاوضات هذه المرة وتحقيق اختراق ملموس.
َوفي مقابل تصريحات صالح يرى مختصون في الشان السياسي أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في سقوط مدينة الفاشر انهيار لمنبر جدة، ما جعلها تسارع لتحديد موعد مع إطلاق تحذيرات بشأن فرض عقوبات على الجهات الداعمة للحرب.
والأربعاء الماضي شدد بيرييلو أمام مجلس الشيوخ الامريكي على أن الولايات المتحدة الأميركية ستفرض المزيد من العقوبات على الأفراد والمؤسسات التي تمول الحرب فيما اكد على الالتزام بالانخراط في منبر جدة.
حرب وجودية
وفي الاثناء يرى المحلل السياسي محجوب محمد ان الفاشر من الممكن أن تحقق مساع المجتمع الدولي في احداث سلام بالسودان، لكن مع ضرورة التأكيد على تنفيذ مطلوبات الجيش في منبر جدة َهو التزام المليشيا بالخروج من مساكن المواطنين والمستشفيات والمرافق الحكومية.
واشار في حديثه ل “الكرامة” إلى ان الكرة في ملعب مليشيا الدعم السريع، أن كان يريد السلام وإيقاف الحرب، غير أن القضية أكبر مما يتخيل المجتمع الدولي وان المليشيا تتلاعب به وتسعى لتحقيق دولة بمساندة كأطراف دولية.
وتابع: الدعم السريع اذا اراد تحقيق سلام لكان إلتزم بمخرجات منبر جدة، وان كان يريد ديمقراطية لما فعل بالمواطنين ما فعله من انتهاكات، لكن هذه حرب وجودية، اما ان يكون فيها السودان او لا يكون.
تداعيات
وقال نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان طوبي هارورد ان الوضع في مدينة الفاشر شمال دارفور “كارثي” ومناطق كثيرة في دارفور تقف على “حافة المجاعة”مبينا ان اندلاع أي قتال بين الأطراف المتحاربة من أجل السيطرة على الفاشر ستكون له تداعيات مدمرة على المدنيين المقيمين هناك
وزاد: من الضروري أن يجمع الوسطاء الأطراف المتحاربة ومؤيديهم على طاولة المفاوضات وأن يضعوا حداً للحرب.
ويذهب استاذ العلوم السياسية الطيب محمد إلى أن التفاوض وإنهاء الحرب امر مطلوب، لكن تفاوض يخرج الدعم السريع من منازل المواطنين، إلى مناطق متفق عليها مع الجيش والانضمام إلى صفوفه، وفق مخرجات منبر جدة، لا ان يكون تفاوض يجعل هذه المليشيا ضمن منظومة العمل السياسي في البلاد مرة أخرى.
وأضاف: تقدم وحلفاؤها في المنطقة يدفعون بقوة للذهاب إلى طاولة التفاوض للعودة إلى المشهد مجددا مع تسويق جديد للدعم السريع وجعله موجودا، ولذلك انا اعتقد انه لا الفاشر ولا غيرها يمكن يحققوا سلام في السودان، سوى التزام الدعم بمخرجات منبر جدة ولا انها ستكون محاولات والسلام.
وتابع: ان رضخ الجيش لأي ضغوط او خلافه تجعل الدعم السريع موجود كمنظومة قائمة، بعد كل الذي قام به من انتهاكات، فإن الشعب السوداني لن يقبل.
الكرامة: هبة محمود
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الأطراف الدولیة الدعم السریع مدینة الفاشر فی منبر جدة فی السودان
إقرأ أيضاً:
الأمين العام للأمم المتحدة يبدي الغضب لمقتل 3 من موظفي برنامج الأغذية العالمي في السودان ويقول: عام 2024 هو العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لعمال الإغاثة في السودان
أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن غضبه الشديد إزاء مقتل ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي في السودان أمس الخميس، عندما تعرض المكتب الميداني للبرنامج في يابوس بولاية النيل الأزرق لقصف جوي.
وفي بيان صحفي منسوب للمتحدث باسمه، قدم الأمين العام أنطونيو غوتيريش خالص تعازيه لأسر الضحايا وزملائهم في برنامج الأغذية العالمي. وأدان جميع الهجمات على موظفي ومرافق الأمم المتحدة والمساعدات الإنسانية ودعا إلى إجراء تحقيق شامل.
وقال البيان الصحفي إن حادثة الأمس تؤكد على الآثار المدمرة التي يخلفها الصراع الوحشي في السودان على ملايين الأشخاص المحتاجين والعاملين في المجال الإنساني الذين يحاولون الوصول إليهم بالمساعدات المنقذة للحياة.
وأضاف البيان الأممي أن عام 2024 هو العام الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة لعمال الإغاثة في السودان، ومع ذلك، وعلى الرغم من التهديدات الكبيرة لسلامتهم الشخصية، فإنهم يواصلون بذل كل ما في وسعهم لتقديم الدعم الحيوي أينما كان ذلك ضروريا.
ودعا الأمين العام الأطراف إلى الامتثال لالتزاماتها بحماية المدنيين، بما في ذلك العامون في مجال الإغاثة، والمباني والإمدادات الإنسانية. وشدد على ضرورة عدم توجيه الهجمات ضدهم، واتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بهم.
وبعد أكثر من عشرين شهرا من الصراع في السودان، شدد الأمين العام مرة أخرى على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري وأكد أن الأمم المتحدة ستواصل دعم جهود الوساطة الدولية والعمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للمساعدة في إنهاء الحرب.
حصار الفاشر
قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن الحصار الحالي على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والقتال المتواصل "يزهق الأرواح على نطاق واسع" ولا يمكن أن يستمر، داعيا قوات الدعم السريع لإنهاء "هذا الحصار المروع".
وفي بيان صدر اليوم الجمعة حث السيد تورك جميع أطراف النزاع على وقف الهجمات على المدنيين والأعيان المدنية والامتثال لواجباتها والتزاماتها بموجب القانون الدولي.
جاء ذلك فيما أفاد تقرير صادر عن مكتبه بأن الحصار القائم والأعمال العدائية المستمرة في الفاشر أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 782 مدنيا وإصابة أكثر من 1143 آخرين. وقالت المفوضية إن الحصار، الذي بدأ قبل سبعة أشهر، حوّل المدينة إلى ساحة معركة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والقوات المتحالفة معها.
استنادا إلى مقابلات أجريت مع 52 شخصا تمكنوا من الفرار من الفاشر، أفاد التقرير بوقوع قصف منتظم ومكثف لمناطق سكنية مكتظة بالسكان من قبل قوات الدعم السريع، وغارات جوية متكررة وقصف مدفعي من قبل القوات المسلحة السودانية وحلفائها. وحذر من أن الهجمات على المدنيين والأعيان المدنية "قد ترقى إلى جرائم حرب".
ويوثق تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان التصعيد الكبير الذي جرى في حزيران/يونيو الذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين "داخل منازلهم، وفي الأسواق والشوارع، وفي محيط المستشفيات". وأشار التقرير الى حي الثورة جنوب الذي لم يتمكن السكان فيه "من جمع جثث أولئك الذين ماتوا في الشوارع لعدة أيام، بسبب القصف المستمر وتبادل إطلاق النار الكثيف".
وقال التقرير إن مستشفى الولادة السعودي - وهو المستشفى العام الوحيد المتبقي حاليا في الفاشر القادر على تقديم العمليات الجراحية وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية - قد تعرض لقصف متكرر من قبل قوات الدعم السريع، في الوقت الذي وثق التقرير ارتفاع حالات العنف الجنسي منذ بدء الحصار.
كارثة تلوح في الأفق
وقالت المفوضية إن مخيم زمزم للنازحين المتاخم للمدينة – والذي يؤوي مئات آلاف النازحين- يشهد تواجدا متزايدا للقوات المشتركة المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية، وقد تعرض للقصف ست مرات من قبل قوات الدعم السريع، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 15 نازحا. وحذرت من أن ذلك - وبالتوازي تعبئة المقاتلين على أسس قبلية من قبل أطراف الصراع في أنحاء دارفور - يدل على أن الاستعدادات قد تكون جارية للمزيد من الأعمال القتالية.
وفي هذا السياق قال المفوض السامي: "إن أي هجوم واسع النطاق على مخيم زمزم ومدينة الفاشر من شأنه زيادة معاناة المدنيين إلى مستويات كارثية، وتعميق الوضع الإنساني المتردي أصلا، بما في ذلك ظروف المجاعة. يجب بذل كل الجهود، بما في ذلك من قبل المجتمع الدولي، لمنع مثل هذا الهجوم وانهاء الحصار".
كما دعا السيد تورك جميع أطراف النزاع إلى تبني جهود الوساطة بحسن نية، بهدف وقف الأعمال العدائية على الفور.