حذر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الأربعاء، من "التطبيع مع إسرائيل"، وذلك مع تداول أنباء بشأن اقتراب الولايات المتحدة والسعودية من التوصل إلى اتفاق ثنائي قد يعزز جهود واشنطن الموازية لتطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل.

وتصريحات خامنئي جاءت ردا على الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى الرياض، حيث حاول إعادة ضبط الجهود السابقة من أجل اتفاق التطبيع السعودي الإسرائيلي.

وأثارت مساعي الحكومة الأميركية لإحياء الدبلوماسية من أجل التطبيع بين إسرائيل والسعودية تساؤلات بشأن مخاوف إيران من هذا التقارب وتأثير ذلك على علاقتها بالمملكة.

طهران تخشى النفوذ السعودي

وقال المحلل السياسي السعودي، محمد الأمير، لموقع "الحرة"، إن "الحديث عن التقارب بين السعودية وإسرائيل يثير مخاوف جدية في طهران، حيث كان المسؤولون يأملون أن تؤدي حرب غزة إلى تخريب هذه المساعي تماما".

وأضاف أنه "بعد تبادل الضربات الأخيرة بين إيران وإسرائيل بسبب حرب غزة، أصبح من الطبيعي ألا ترغب طهران في رؤية تقارب سعودي-إسرائيلي خشية أن تخسر علاقتها بالرياض حتى لو لم تكن هذه رغبة الحكومة السعودية".

وتابع أن "إيران لا ترغب في رؤية دول أخرى في المنطقة تتمتع بمستوى عال من التسليح بجانب إسرائيل، لذلك فإن الحديث عن الاتفاق الأمني أو العسكري هو أكثر ما يقلقها وذلك مقارنة بالتطبيع الذي أبرمته كل من الإمارات والبحرين مع إسرائيل عام 2020".

وأوضح الخبير السياسي أنه "حتى لو اتبعت السعودية مسار الإمارات والبحرين وقيدت تعاونها الأمني ​​مع إسرائيل بعد التطبيع، فإن ذلك قد يعرضها إلى الانتقادات أيضا من إيران، وذلك بسبب موقعها ودورها وسلطتها في العالم الإسلامي، ولذلك فإن المخاطر التي تواجهها المملكة أعلى بكثير من تلك التي تواجهها الإمارات أو البحرين أو أي دولة عربية إسلامية أخرى تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل".

وأكد المحلل الأمير أن "السعودية باعتبارها رمزا دينيا ودولة محورية في العالم العربي والشرق الأوسط لن تقبل أي اتفاق مع إسرائيل من شأنه تهديد أمن دول أخرى في المنطقة، سواء إيران أو غيرها".

كما أشار إلى أن "الحكومة السعودية أوضحت بشكل حاسم أنها لن توافق على التطبيع مع إسرائيل بدون شرط إقامة دولة فلسطينية لأن المملكة لن تتخلى عن الفلسطينيين، وهذا ما يزيد من قلق إيران، لأن حل القضية الفلسطينية يعني، من وجهة نظر طهران، أن إسرائيل والولايات المتحدة ستتفرغان للتركيز عليها".

وتحدث الخبير السياسي السعودي عن استمرار رغبة الولايات المتحدة في إبرام اتفاق مع السعودية، قائلا "الآن، في الأشهر الستة الأخيرة من ولايته، يبدو الرئيس الأميركي، جو بايدن، حريصًا على إحياء الاتفاقية مع السعودية بطريقة أو بأخرى، رغم رفض إسرائيل أي فكرة لقيام دولة فلسطينية، وهو أمر أساسي في عرض المملكة للاتفاق الثلاثي".

وأضاف "ورغم أن موافقة إسرائيل على شرط إقامة دولة فلسطينية يبدو من غير المرجح، لكن بايدن يأمل أن يساعد التوصل إلى اتفاق ثنائي كخيار ثان مع المملكة في كبح جماح الحكومة الإسرائيلية، ومحاولة حل أزمة إيران، وإبقاء الباب مفتوحا أمام اتفاق محتمل بين إسرائيل والسعودية في وقت لاحق".

واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية بوساطة صينية، في مارس 2023، حيث أبدى البلدان رغبتهما في أن "تنعكس عودة العلاقة الطبيعية إيجابيا على المنطقة والعالم الإسلامي والعالم أجمع"، وفق ما قاله وقتها وزير الخارجية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان.

ومن جانبه، قال المحلل السعودي، مبارك آل عاتي، لموقع "الحرة" إن "السعودية أحد أكبر وأهم الدول في المنطقة، وتتسم سياستها بالرزانة والتعقل، ولذلك فعندما تقيم أي علاقات مع دول أخرى، تأخذ على عاتقها أمن واستقرار وسلام المنطقة".

وأضاف أن "مثل هذا الاتفاق الثلاثي سيعزز قوة ومكانة السعودية بشكل كبير في المنطقة  وسيحمي المنطقة وأمنها، وهذا هو ما تنظر إليه إيران بعين الرهبة، معتبرة أنه موجه ضدها ويستهدفها".

وتابع أن "في حال تم هذا الاتفاق، سنرى أن العديد من الدول الأخرى ستحاول هي الأخرى الدخول في اتفاقات سلمية، وهذا سيجبر  إيران على التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية  للدول العربية واحترام سيادتها وخصوصيتها".

وأشار إلى أن "التطبيع السعودي-الإسرائيلي كان وشيكا بالفعل قبل حرب غزة ولا يزال هذا الأمر قائما لكن بشروط ومتطلبات مختلفة  طبقا للمعطيات والتطورات الجديدة التي تشهدها المنطقة، لكن بالنظر إلى استمرار إسرائيل في حربها على غزة ورفضها إقامة دولة فلسطينية، أصبح هذا الاتفاق بعيدا حاليا".

ولذلك يرى أن "مخاوف إيران غير مبررة لأن المملكة تحرص على إقامة علاقات متوازنة مع الجميع حتى مع الفرقاء أو المعارضين"، موضحا أن "السعودية لن تتوقف أمام مثل هذه المخاوف بقدر ما تتوقف أمام مصالحها الوطنية ومصالح أشقائها في المنطقة، ولذلك عليها تجاوز أي خلاف يعوق هذه المصالح".

وتحاول إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، منذ أشهر دفع السعودية وإسرائيل للتوقيع على اتفاق سلام، لكن مباحثات الصفقة انهارت وتوقفت بعدما شنت حركة حماس، في 7 أكتوبر، هجوما على إسرائيل والتي ردت عليه بحرب على حماس في غزة.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصادر مطلعة، الأربعاء، قولها إن المفاوضات تسارعت في الأسابيع الأخيرة، حيث يشعر العديد من المسؤولين بالتفاؤل بأن واشنطن والرياض قد تتوصلان في غضون أسابيع إلى اتفاق من شأنه أن يوفر للمملكة ضمانات أمنية ويحدد مسارا محتملا لعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل ويعيد تشكيل الشرق الأوسط.

 

أميركا والسعودية وإسرائيل.. الاتفاق "الذي سيغير المنطقة" يصطدم بعقبة نتانياهو قالت وكالة "بلومبرغ" إن الاتفاق الدفاعي الأميركي السعودي الهادف لدفع الرياض للتطبيع مع إسرائيل يصطدم بعقبات كبيرة، أبرزها تتمثل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرافض كليا لحل الدولتين وإنهاء حرب غزة.

وأوضحت الوكالة إن الاتفاق يواجه الكثير من العقبات، لكنه سيكون بمثابة نسخة جديدة من إطار العمل الذي تم إلغاؤه نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

"ومن المحتمل أن تعيد مثل هذه الصفقة تشكيل الشرق الأوسط، فإلى جانب تعزيز أمن إسرائيل والمملكة العربية السعودية، فإن من شأنها أيضا أن تعزز موقف الولايات المتحدة في المنطقة على حساب إيران وحتى الصين"، بحسب الوكالة.

وأشارت إلى أن الاتفاقية ستحتاج لموافقة الكونغرس لأنها قد تمنح السعودية إمكانية الوصول إلى الأسلحة الأميركية المتقدمة التي كانت محظورة في السابق.

وتتضمن الاتفاقية كذلك موافقة السعودية على الحد من استخدام التكنولوجيا الصينية في الشبكات الحساسة في البلاد مقابل الحصول على استثمارات أميركية كبيرة والمساعدة في بناء برنامج نووي مدني.

وذكرت الوكالة أنه بمجرد أن تتوصل واشنطن والرياض إلى الاتفاق المرتقب فإنهما ستقدمان خياران لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إما الانضمام إلى الصفقة، الأمر الذي يستلزم إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع السعودية والمزيد من الاستثمار والتكامل الإقليمي، أو المضي قدما من دونه.

وتابعت الوكالة أن الشرط الأساسي الذي سيوضع أمام نتانياهو يتعلق بضرورة إنهاء الحرب في غزة والموافقة على مسار لإقامة الدولة الفلسطينية.

ومع ذلك ترجح "بلومبرغ" أن تكون هناك عقبات عدة في طريق الاتفاق، ومنها مسألة إقناع الكونغرس بالموافقة على صفقة تلزم الولايات المتحدة بحماية السعودية عسكريا وهو أمر صعب على البيت الأبيض، خاصة إذا اختارت إسرائيل عدم الانضمام للاتفاق.

ومن الجانب الإسرائيلي، يقود نتانياهو الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، وقد استبعد في وقت سابق المضي قدما في خيار حل الدولتين.

وكذلك يؤكد الائتلاف الحاكم في إسرائيل أنه لا يزال يخطط لمهاجمة مدينة رفح في غزة، وهو ما تخشى الولايات المتحدة والدول العربية أن يؤدي إلى مقتل آلاف آخرين من المدنيين الفلسطينيين.

ومن شأن مثل هذا الهجوم أيضا أن يعرض للخطر احتمالات وقف إطلاق النار على المدى القصير، والذي يقول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي التقى نتانياهو في القدس، الأربعاء، إنه يمثل أولوية للرئيس بايدن.

وترى مجلة "فورين بوليسي" أن إيران لديها أسباب قوية لرفض التطبيع السعودي-الإسرائيلي، موضحة أنه في العام الماضي فقط، أفيد أن الجيش الإسرائيلي نفذ أكثر من 400 غارة جوية منذ عام 2017 في سوريا وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط ضد أهداف تابعة لإيران وحلفائها. وأوضحت أن عدد هذه الهجمات قد ارتفع بالتأكيد منذ ذلك الحين بالتزامن مع حرب غزة.

وأوضحت المجلة أنه إذا أبرمت السعودية اتفاقا مع إسرائيل، فمن المرجح أن تقوم إيران بتهديد أمن المملكة ذاته، إما بشكل مباشر، كما فعلت في سبتمبر 2019، عندما ضربت منشآت النفط السعودية بطائرات بدون طيار وصواريخ، أو بشكل غير مباشر من خلال وكلاء إقليميين، بما في ذلك الحوثيين في اليمن.

وبالنسبة لطهران، فالشراكة بين السعودية وإسرائيل يعتبر تهديدا وجوديا لها، خاصة بعدما أظهرت إسرائيل عدم ترددها في استخدام القوة العسكرية لمواجهة الخطط والنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ووفقا للمجلة، "تشعر إيران أيضا بالقلق إزاء هجوم استباقي من جانب إسرائيل ضد برنامجها النووي أكثر من خوفها من الولايات المتحدة. لذا، إذا تعاونت السعودية مع إسرائيل، فسوف تفترض إيران أن الرياض ستوفر منصة للجيش الإسرائيلي لشن هجوم سريع ضد إيران، حتى لو لم تكن لدى القيادة السعودية أي نية للقيام بذلك".

"حضور ليس سلميا"

وقال الدبلوماسي الإيراني السابق، سيد هادي سيد أفقهي، لموقع "الحرة" إن تطبيع إسرائيل مع دول المنطقة وعلى رأسها السعودية يعتبر أمرا مقلقا لإيران لاسيما بعد حرب غزة، لأن حضور إسرائيل ليس سلميا وهي ليست مؤهلة للتعايش الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي مع دول المنطقة أو شعوبها".

وأضاف أن "دول المنطقة عليها حل مشاكلها بدون إدخال إسرائيل أو الولايات المتحدة في المعادلة حاليا، لأنه بالنظر إلى اتفاق التطبيع السعودي-الإيراني فسنجده تم بوساطة صينية، وليست أميركية، ومنذ ذلك الوقت تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تحسنا كبيرا".

واعتبر أن "إيران لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولا تفرض رأيها على أي دولة، وهذا ما حدث عندما قررت الإمارات والبحرين التطبيع مع إسرائيل، ومع ذلك استمرت العلاقات بين طهران وبين البلدين".

وقال أفقهي "لكن بشكل عام لا تنصح طهران بأن يتم هذا التطبيع مع السعودية وإسرائيل، بالنظر لما يحدث في غزة في الوقت الحالي". وأكد على ما قاله "خامنئي في تصريحاته الأخيرة بأن عمليات التطبيع لا تقدم ولا تؤخر، بل تؤذي، وهي ضد استقرار شعوب المنطقة ومصالحها".

وأضاف أن "إيران لا تسعى لخلق مزيد من التوتر في المنطقة، وأثبتت ذلك في العملية الأخيرة (الوعد الصادق) عندما اكتفت بضربة واحدة فقط لردع العدو عن الاعتداء عليها".

ويستبعد الدبلوماسي الإيراني الوصول إلى اتفاقية تطبيع فعلية بين إسرائيل والسعودية، قائلا إن "إسرائيل لن تقبل أهم شرطين للمملكة، الأول يتعلق بالوصول إلى الأسلحة الحساسة الأميركية والشروع في برنامج نووي مدني لأنها لا تريد أن تنافسها قوة أخرى في المنطقة عسكريا، أما الشرط الثاني والذي من الصعب تحقيقه أيضا هو حل الدولتين، موضحا أنه لم يعد هناك شيء متبق في غزة أو حتى الضفة الغربية لإقامة دولة فلسطينية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إقامة دولة فلسطینیة السعودیة وإسرائیل الولایات المتحدة التطبیع السعودی الشرق الأوسط مع السعودیة بین إسرائیل التطبیع مع مع إسرائیل فی المنطقة إلى اتفاق إیران لا وأضاف أن حرب غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

هكذا تحايلت إسرائيل على أميركا لبناء مفاعل ديمونة

القدس المحتلة- كشفت وثائق أميركية -رفعت عنها السرية مؤخرا- كيف طوَّرت إسرائيل قدراتها النووية في ستينيات القرن الـ20، عبر تحايل تل أبيب على المفتشين الأميركيين، والتقدم نحو بناء المفاعل النووي في ديمونة بصحراء النقب بمساعدة فرنسا ودون علم واشنطن.

وبادر أول رئيس وزراء إسرائيلي ديفيد بن غوريون إلى إطلاق المشروع النووي في النصف الثاني من خمسينيات القرن الـ20، وبعد عقد من الزمن، وعشية حرب 1967، قامت إسرائيل بتجميع أجهزتها النووية الأولى سرا.

وفي مواجهة المعارضة الأميركية القوية بقيادة الرئيس جون كينيدي، عزم القادة الإسرائيليون على تحقيق هدفهم، ونظروا إلى المشروع النووي  باعتباره التزاما بتأمين مستقبل دولتهم.

أسرار

منذ البداية نظر قادة إسرائيل إلى مشروع ديمونة باعتباره "سرا داخل سر"؛ تمثَّل الأول بالاتفاق النووي الإسرائيلي الفرنسي عام 1957، والذي أدى إلى إنشاء المجمع النووي. وتفاوضت الدولتان على الاتفاق سرا نظرا لحساسية الموضوع، وفق تحقيق الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل".

ونشر أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي، مجلدا إلكترونيا جديدا تضمن 20 وثيقة عن مشروع إسرائيل النووي، تحدثت عن مدى معرفة الحكومة الأميركية بأسراره، والطرق التي اعتمدتها تل أبيب للحصول على السلاح النووي عبر التحايل على واشنطن.

إعلان

كما تضمنت الإصدارات الجديدة للأرشيف التقارير الكاملة عن زيارات عامي 1965 و1966، إلى جانب تقرير أولي عام 1967، وخلال هذه الفترة حقَّقت إسرائيل إنجازات كبيرة بالمجال النووي.

وحسب الوثائق التي استعرضها الموقع الإسرائيلي، كان هناك "سر أعمق" تمثَّل بمنشأة معالجة الوقود النووي والمكونة من 6 طوابق تحت الأرض، والتي سمحت بإنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة بسرية تامة.

وتشير الوثائق التي استعرضها الموقع الإسرائيلي إلى أن أميركا عندما اكتشفت "مشروع ديمونة" في الأشهر الأخيرة من عام 1960، لم تكن تعلم بوجود منشأة لمعالجة الوقود النووي تحت الأرض، حيث لم يكن يعلم بها سوى عدد قليل من الإسرائيليين والفرنسيين.

وركّزت المناقشات الداخلية في أميركا على تقييم طبيعة وأهداف المشروع، سواء كان إنتاج البلوتونيوم، أو توليد الكهرباء، أو الأبحاث. ورغم أن البعض في واشنطن اشتبهوا في البداية بأن المشروع كان يهدف إلى إنتاج الأسلحة النووية، فإنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك، فلم يكن هناك "دليل دامغ" على أن مفاعل ديمونة خصص لإنتاج الأسلحة النووية.

وتجلَّى الغموض في أول تقييم استخباراتي وطني خاص بشأن ديمونة أصدرته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في 8 ديسمبر/كانون الأول 1960. وجاء في الوثيقة أن "إسرائيل تبني مجمع مفاعلات نووية في النقب بغرض البحث، أو إنتاج البلوتونيوم، أو توليد الكهرباء"، وأن "إنتاج البلوتونيوم الصالح لصنع الأسلحة النووية، هو أحد أهداف إسرائيل الأساسية".

رغم السرية

كما أظهر تقرير سري آخر، كشف عنه مؤخرا بعنوان "إنتاج البلوتونيوم الإسرائيلي"، وأعدته لجنة الاستخبارات المشتركة للطاقة الذرية في 2 ديسمبر/كانون الأول 1960، أن المسؤولين الأميركيين كانوا يعرفون قليلا عن بناء المفاعل الكبير قرب بئر السبع جنوب إسرائيل، وأنه يتضمن "منشأة لفصل البلوتونيوم".

إعلان

ولم يشرح التقرير السري كيف استنتجت اللجنة ذلك، لكن مجرد ذكر وجود منشأة لفصل البلوتونيوم، يشير إلى أن الغرض من مفاعل ديمونة لم يكن البحث النووي، بل إنتاج الأسلحة.

وربما تكون هذه الوثيقة السرية هي التقرير الاستخباراتي الأميركي الأول أو الوحيد الذي ينص صراحة على أن المشروع الفرنسي الإسرائيلي شمل منذ البداية المكونين التكنولوجيين الأساسيين لبرنامج الأسلحة النووية، مفاعل إنتاج ومنشأة لفصل البلوتونيوم.

ورغم طرح إدارة الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور، أسئلة صعبة على إسرائيل حول أهداف المشروع، ولكن السبب وراء عدم ظهور هذه المعرفة في التقارير الاستخباراتية اللاحقة يظل لغزا.

وتشير كافة التقييمات الاستخباراتية الأميركية بشأن ديمونة منذ عام 1961 إلى عام 1967 على الأقل، إلى قضية منشأة الفصل باعتبارها مسألة تعتمد على قرار مستقبلي قد تتخذه إسرائيل. لكن في الفترة نفسها تبنَّت وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية الأميركية موقفا مفاده أن "ديمونة لا تمتلك مثل هذه المنشأة".

اعتراف

وفي خطاب أمام الكنيست يوم 21 ديسمبر/كانون الأول 1960، وردا على الضغوط الأميركية، أعلن بن غوريون رسميا وجود مفاعل ديمونة، لكنه أصرَّ على أنه "بحثي لأغراض صناعية وزراعية وعلمية وطبية".

لكن تقييمات الاستخبارات أثارت الشكوك لدى إدارة أيزنهاور، وعكست تصريحاتها العامة دهشتها من اكتشاف مفاعل ديمونة، حيث نفى بن غوريون سعيهم لامتلاك الأسلحة النووية، وقال بغضب للسفير الأميركي أوجدن ريد "نحن لسنا تابعين لأميركا ولن نكون كذلك أبدا".

واستخدمت إسرائيل خطاب بن غوريون غطاء لسنوات مع كل زيارة للمفتشين الأميركيين إلى ديمونة والتي كان أولها عام 1961.

واحتالت لتقنع المفتشين بأن هدفها بناء منشأة نووية لإنتاج الكهرباء، وقامت بحملة خداع واسعة أخفت عبرها منشأة الفصل تحت الأرض، ومكونات إضافية في الموقع.

إعلان

وأجرى الأميركيون بين عامي 1961 و1969 ثمان عمليات تفتيش في ديمونة، معظمها بضغط من الرئيس الأميركي جون كينيدي، وهدفت لنقل الرسائل السياسية والوصول إلى المعلومات التكنولوجية التي تجهلها واشنطن.

وكانت مشكلة فصل البلوتونيوم محل قلق كبير، وحذَّر الفريق الأميركي من أن إسرائيل قد تتمكن خلال 18 شهرا أو أقل من تجميع منشأة فصل، وتحويل ديمونة من مفاعل أبحاث إلى منشأة لإنتاج الأسلحة.

وفي عام 1965، أكملت إسرائيل بناء منشأة الفصل السرية تحت الأرض، وبعدها بعام بدأت بإنتاج البلوتونيوم الصالح لصنع الأسلحة، وعشية حرب عام 1967، قامت بتجميع أجهزتها النووية الأولى.

وكشف تقرير صادر عن مكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 9 مارس/آذار1967 أن إسرائيل أكملت فعلا بناء منشأة فصل البلوتونيوم، وأن "ديمونة" تعمل بكامل طاقتها لأغراض إنتاج السلاح، وأن تل أبيب قادرة على تجميع سلاح نووي خلال ستة إلى ثمانية أسابيع.

مقالات مشابهة

  • لماذا تستميت إسرائيل للدفاع عن دروز سوريا؟!
  • قطر والسعودية والأردن ترحب باتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية
  • زيلينسكي: المحادثات مع أميركا في السعودية ستركز على الضمانات الأمنية
  • محللان: إسرائيل تخشى المخرجات السياسية لمفاوضات واشنطن وحماس المباشرة
  • كيف سيتصرف العرب بعد رفض أميركا وإسرائيل نتائج قمة القاهرة؟
  • هل تغيّر موقف إسرائيل من إيران بعد عودة ترامب؟
  • نائبٌ لبناني يحذر: إيران وإسرائيل تسعيان لتقسيم سوريا
  • هكذا تحايلت إسرائيل على أميركا لبناء مفاعل ديمونة
  • هل ستندلع الحرب من جديد بين حماس وإسرائيل؟.. أستاذ علوم سياسية يكشف لـ «الأسبوع» مصير مفاوضات
  • وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب