حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد
تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن جمهور الفقهاء أجمع على استحباب زيارة مقابر أهل البقيع من آل البيت الكرام، وصحابة النبي، وذلك عقيبَ مناسك الحج؛ لِمَا في موافقة ذلك من شرف مجاورة أيام الحج المباركة.
وأضافت دار الإفتاء، في إجابتها على سؤال: ما حكم زيارة أهل البقيع بعد الانتهاء من أداء مناسك الحج؟ أنه يستحب أن يخرج بعد زيارته صلى الله عليه وآله وسلم إلى البقيع، فيأتي المشاهد والمزارات، خصوصًا قبر سيد الشهداء حمزة، ويزور في البقيع قبة العباس وفيها معه الحسن بن علي وزين العابدين وابنه محمد الباقر وابنه جعفر الصادق، وفيه أمير المؤمنين عثمان، وفيه إبراهيم ابن النبي، وجماعة من أزواج النبي، وعمته صفية وكثير من الصحابة والتابعين.
وتابعت دار الإفتاء: وقد صحَّ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى العيدين بالبقيع، وهي مقابر المدينة؛ فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم أضحى إلى البقيع، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه، وقال: «إِنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا، أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَافَقَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعلى ذلك: فإنَّه يُستَحَبّ زيارة المقابر بعد أداء مناسك الحج؛ لما فيها من مزيد فضل على غيرها، ولِمَا في موافقة ذلك من شرف مجاورة أيام الحج المباركة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الفقهاء مقابر آل البيت الحج دار الإفتاء مناسک الحج
إقرأ أيضاً:
حكم تقديم زيارة النبي على الإحرام والقيام بالمناسك
ما حكم تقديم زيارة النبي على الإحرام والقيام بالمناسك.. سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية.
قالت دار الإفتاء إن زيارة النبي في المدينة المنورة من أعظم القربات، وأفضل الطاعات، وأكثرها قبولًا عند رب البريات، وهي من أسباب استحقاق شفاعة الحبيب الأعظم ، وهي من الوفاء لبعض حقه علينا .
وأضافت أنه لا مانع شرعًا مِن تقدمها على الحج أو تأخرها عنه، لأنها قربةٌ مستقلةٌ لا علاقة لها بمناسك الحج في نفسها. قال الإمام النووي في «الإيضاح في مناسك الحج»: «إنهَا مِنْ أهَم الْقُرُبَاتِ وَأَنْجَحِ المَسَاعِي، وَقَدْ رَوَى البزارُ والدارَقطْنِي بِإِسْنادهمَا عن ابنِ عمَر L قَالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ((مَنْ زَارَ قبرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي)). ويستحب للزائِرِ أنْ يَنْوِيَ معَ زيارَتِهِ التَّقَرُّبَ إلى الله تعالَى بِالمسافَرة إِلى مَسْجِده والصَّلَاة فِيهِ.
ويُستَحَب إِذَا تَوَجهَ إِلَى زِيارتِهِ أنْ يُكْثِرَ من الصلاةِ والتسْليمِ عليهِ في طريقِهِ، فَإِذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى أَشْجَارِ الْمَدينة وَحَرَمِهَا وَمَا يُعْرَفُ بِهَا زَادَ مِنَ الصلَاةِ والتسْلِيمِ عَلَيْهِ ، وَيَسْأَل الله تعالَى أَنْ يَنْفَعَه بِزِيارَتِهِ وَأَنْ يَتَقَبلها مِنْهُ، ويُسْتَحَب أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ دُخُولهِ وَيَلْبَسَ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ، ويستحضرُ في قَلْبِهِ حِينَئِذ شَرَفَ الْمَدِينَة وَأَنهَا أَفْضَلُ الدُّنْيَا بَعْدَ مَكةَ عند بعضِ الْعُلَمَاءِ وعند بعضهم أفضلها على الإِطلاق، وَأَنَّ الذِي شرفت به خَيْرُ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ، وَلْيَكُنْ مِن أَوَّلِ قُدُومِهِ إِلَى أن يَرْجِعَ مُسْتَشْعِرًا لتَعْظِيمِهِ مُمْتَلئ الْقَلْبِ مِنْ هَيْبتِهِ كَأَنهُ يَرَاه» اهـ بتصرفٍ يسير.
من فضل العمرة
العمرة مِن أفضل العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى؛ لِمَا فيها من تكفيرٍ للذنوب، واستجابة للدعوات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّة» متفق عليه.
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (9/ 117، ط. دار الفكر): [هذا ظاهر في فضيلة العمرة، وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين] اهـ.
أركان العمرة
للعمرة أركانٌ، منها ما انعقد الإجماع على ركنيته، وهو الطواف، واختلفوا في غير الطواف فذهب جمهور الفقهاء إلى ركنية الإحرام، والسعي، وانفرد الشافعية في معتمد المذهب بالقول بركنية الحلق أو التقصير، وذهب الحنفية إلى أن الإحرام شرط للعمرة.
قال أبو الحسن ابن القطان في "الإقناع" (1/ 286، ط. الفاروق الحديثة): [وأجمع العلماء أنه لا يصنع المعتمر عمل الحج كله، وإنما عليه أن يتم عمل عمرته، وذلك الطواف والسعي والحلاق] اهـ.
وقال شمس الأئمة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 227، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) ركنها فالطواف... ولإجماع الأمة عليه] اهـ.
وقال الإمام الحطَّاب الرُّعَيْنِيُّ المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 13، ط. دار الفكر): [أما الطواف، فاتفق على ركنيته الأئمة الأربعة] اهـ.
وجاء في "متن أبي شجاع" في الفقه الشافعي (ص: 20، ط. عالم الكتب): [وأركان العمرة أربعة: الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير في أحد القولين] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 596، ط. عالم الكتب): [(وأركان العمرة) ثلاثة (إحرامٌ) بها لما تقدم في الحج (و) الثاني (طوافٌ و) الثالث (سعيٌ) كالحج] اهـ.
وأما ما اتُّفِقَ عليه من الأركان عند جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة في المعتمد، فهو الإحرام، والسعي بين الصفا والمروة، وأما ما انفرد به بعضهم، فهو الحلق أو التقصير على الأظهر عند الشافعية، حيث نصوا على أن الحلق أو التقصير، إن تم اعتباره نُسُكًا فهو ركن من أركان العمرة، وفي هذه الأعمال الثلاثة عند الحنفية تفصيل باعتبارات أخرى، يأتي بيانه.
أما اتفاق جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على رُكْنِيَّة الإحرام والسعي في العمرة، فقد تواردت نصوصهم على ذلك:
قال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 13): [أركان العمرة ثلاثة: الإحرام، والطواف، والسعي] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 119، ط. المكتب الإسلامي): [أعمال الحج ثلاثة أقسام: أركان، وأبعاض، وهيئات. فالأركان خمسة: الإحرام، والوقوف، والطواف، والسعي، والحلق إن قلنا: هو نسك. وهذه هي أركان العمرة سوى الوقوف، ولا مدخل للجبران في الأركان] اهـ.
وجاء في "شرح متن أبي شجاع" للإمام ابن قاسم الغَزِّي الشافعي (فتح القريب المجيب، ص: 147، ط. دار ابن حزم): [(وأركان العمرة ثلاثة) كما في بعض النسخ، وفي بعضها: «أربعة أشياء»: (الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير في أحد القولين). وهو الراجح... وإلا فلا يكون من أركان العمرة] اهـ.
وقال أبو السعادات البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 605، ط. دار الكتب العلمية): [(وأركان العمرة) ثلاثة (الإحرام، والطواف والسعي)] اهـ.
واجبات العمرة
أما واجبات العمرة، فهي عند الشافعية: وقوع الإحرام من الميقات، واجتناب محظورات الإحرام.
قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 285، ط. دار الكتب العلمية): [وواجب العمرة شيئان: الإحرام من الميقات، واجتناب محرمات الإحرام] اهـ.
والواجب عند المالكية في العمرة الحلق، قال الإمام النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 366، ط. دار الفكر): [الحلاق من واجباتها] اهـ.
وأما عند الحنابلة فالإتيان بواجب من واجبين، أي: إذا أتى بما نص عليه الشافعية من الإحرام من الميقات، أو أتى بما نص عليه المالكية من الحلق، فقد أتى بالواجب.
قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 324، ط. عالم الكتب): [(وواجباتها) أي: العمرة شيئان (الإحرام من الحل، والحلق أو التقصير) فمن أتى بواحد منهما فقد أتى بالواجب] اهـ.
وما ذهب إليه المالكيةُ والحنابلةُ من كون الحلق واجبًا من واجبات العمرة -موافقٌ لما ذهب إليه الحنفيةُ، إلا أن الحنفية انفردوا بوجوب السعي بين الصفا والمروة لا ركنيته كما قال الجمهور، قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 227، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) واجباتها فشيئان: السعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير] اهـ.
كما أنهم نصوا على أن الإحرام شرط من شروط العمرة، ينظر: "الهداية"، للإمام برهان الدين المرْغِيناني (1/ 155، ط. دار إحياء التراث).
ومما تَحْسُنُ الإشارة إليه أن الفارق بين الركن والواجب: أن الركن لا يتم النسك إلا به، بينما الواجب يتم النسك إذا تُرك، ويُجبر بدم.
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 265، ط. دار الفكر): [فمن ترك ركنًا لم يتم نسكه، ولا تحلل حتى يأتي به، ومن ترك واجبًا لزمه الدم] اهـ.