«أخريستوس آنستى، آليثوس آنيستى» بهذه الكلمات يحتفل المسيحيون بذكرى عيد القيامة المجيد، وتعنى «المسيح قام، حقًا قام»، وهو هتاف يُدوى أرجاء الكنائس فى هذا العيد المجيد الذى يأتى بعد 55 يومًا من الصوم مرورًا بـ«أسبوع الآلام» التى شهدت آخر أيام فى حياة المخلص الصالح، وهى عبارة عن فترة امتنان وتقدير لما قدمه من فداء من أجل خلاص الإنسانية من الشرور والاستبداد.
بهذه الكلمات يهتف المصلون فى إشارة من الجميع بالفرحة والنصرة وتأخذ هذه المناسبة نكهة وبهجة تفوح منها منابع الأمل إلى يرمز إليها القيامة بعد الموت أن أن القبر هو ممر وليس مستقرًا وهذه الرمزية التى تفيض فى قلوب الأقباط خلال هذه الذكرى المجيدة.
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم الأحد، بعيد القيامة المجيد، وبدأت قداس الاحتفالى مساء أمس، بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية وسط حضور كبير من الأقباط والقيادات وممثلى الهيئات والمؤسسات بالمجتمع المصرى، ويستقبل قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية المهنئين يوم العيد فى العاشرة صباحًا بالمقر البابوى.
واحتفلت الطائفة الإنجيلية أمس الساعة الواحدة ظهرًا فى مصر الجديدة بحضور الدكتور القس أندريه زكى رئيس الطائفة، كما شهدت الكنيسة القبطية الكاثوليكية احتفالها بعيد القيامة فى كنيسة العذراء بمدينة نصر برئاسة الأنبا إبراهيم اسحق بطريرك الكاثوليك.
وكغيرها من المناسبات التى تتفرد بطقوسها تتفرد الكنيسة القبطية فى طرق ووسال الاحتفال بالمناسبات الروحية وتختلف عن غيرها من الكنائس فى الطقوس التى تتبعها وتكون ذات نكهة فريدة، وفى عيد القيامة تكون الليتورجية القبطية بعد انتهاء قراءة فصل الإبركسيس فى ليلة عيد القيامة
ولعل السبب فى هذه الميزة المتفردة هو امتزاج الكنيسة المصرية بالحضارة الفرعونية وتأثرها بها فضًل عن جمعها لعدد من الثقافات كاليونانية وغيرها، ومن أبرز الطقوس الشهيرة فى هذه المناسبة حين يهتف الأرشيدياكون بصوت مرتفع ثلاثة مرات داخل منبر الكنيسة قائلًا: «المسيح قام» يجيبه الجميع بـ«بالحقيقة قام أو حقُا قام» وتبدأ فيما بعد دورة القيامة المجيدة، والقداس الإحتفالى وتمثيلية القيامة المؤثرة، وفى هذا الطقس تطفئ الكاتدرائية أنوارها لتعلن بدء تمثيلية القيامة أهم الطقوس خلال هذا العيد، حيث يعلو صوت المعلم إبراهيم عياد كبير مرتلى الكنيسة، ويدخل فيما بعد البابا والآباء الأساقفة والمطارنة نحو المذبح ثم تغلق الأبواب حتى ينتهى الحوار، وتغلق الأنوار فى إشارة إلى الظلام الذى كان مخيمًا على البشرية منذ العصيان الأول فى الأرض ثم يردد الشماس خارج الهيكل مع البابا أخرستوس آنستى ثلاث مرات ويجيب من الداخل أليثوس آنستى، ثم تنير الكنيسة أنوارها وتعلو الزغاريد.
مرت الكنيسة خلال الأيام القليلة الماضية بـ«أسبوع الآلام» أقدس أيام العام، استهلت بـ«سبت لعازر» ثم «أحد الشعانين أو السعف» ذكرى دخول السيد المسيح إلى القدس وبداية مرحلة آخر أيام المسيح فى الأرض وسط تلاميذه وضع فيها بعض المبادئ والتعاليم التى تستخرجها فى المواقف التى مر بها، فى أيام البصخة المقدسة، ثم يأتى «خميس العهد» ذكرى العشاء الأخير والذى غسل فيه المسيح قدم تلاميذه فى رسالة منه إلى أهمية التواضع، ثم يوم الجمعة العظيمة وعذاب المسيح وصولًا إلى «سبت النور» أو كما يعرف بـ«سبت الفرح» وهو يوم انبعاث الأمل فى نفوس المسيحيين يوم إنارة ظلام العالم وخلاص الإنسانية.
توصلت «الوفد» مع القس اسطفانوس مجدى كمال، كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس مدينة سيدى سالم، بمحافظة كفر الشيخ، ومدرس بالكلية الإكليريكية، ليكشف عن أسباب خصوصية هذه الذكرى لدى الأقباط وأبرز الطقوس التى تحرص الكنيسة على ترسيخها فى هذا العيد.
- يوضح كاهن كنيسة مارجرجس، أهمية هذا العيد أنه البرهان القاطع على صحة دعوة السيد المسيح، وأن القيامة شهادة سماوية وإلهية آمن بها الرسل وشهدوا بها فى كل المسكونة ولولا صحة القيامة لكانت المسيحية باطلة، مثل ماقال المعلم بولس الرسول إلى أهل كورنثوس (الإصحاح 15 الآية 14)، «وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل أيضاً إيمانكم».
والسبب الثانى القيامة تعتبر تحقيق انتصار المسيح على آخر عدو للإنسان وهو الموت، وكل اللى قاموا قبل السيد المسيح خضعوا للموت مرة آخرى ولكن المسيح بعد قيامته لم يخضع له مرة ثانية، وأيضاً قيامة السيد المسيح هى عبارة عن «عربون» للقيامة العامة لأنه قام من بين الأموات وصار باكورة بين الراقدين كما ورد فى الكتاب المقدس.
وأيضاً يمكن أن هناك سببًا آخر حول أهمية القيامة لدى الأقباط وهو أن الحديث عن القيامة يرجع منذ العهد القديم وإلى النبؤات التى ذكرت هذا الأمر وتثبت قيامة المسيح مثل (مزمور 16 : 10) «لأنك لن تترك نفسى فى الهاوية لن تدع تقيك يرى فسادًا»، وهناك حديث آخر عن الموت فى مزمور 22 «أُخْبِرْ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي» أى أنه سيتحدث بعد الموت، وذلك إشارة أنه سيقوم من بين الأموات، ويوجد دليل آخر فى سفر هوشع الإصحاح 6 الآية 2«فى اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه»، وهذه بعض الآيات التى تثبت قيامة السيد المسيح ونبؤات فى العهد القديم، ويعتبر هذا العيد من من أهم المناسبات لدى الأقباط.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
رحلة النغم والألم ( 2 )
يستمر "عبد الحليم حافظ" في الحديث معى فيعرض إلى سرد المعالم الرئيسية في مشواره الفني وتعامله مع الجمهور، فيقول لى بثقة الفنان الأصيل المترع بالذوق الرفيع والإحساس الصادق: "أنا أحمل على أكتافي مهمة تبسيط الأداء، وهذا ما دفع بالجيل الغنائى الجديد أن يتجه صوب هذا الطريق". عندما يعرج على بداية حياته يقول في أسى المكلوم: " تحملت الصدمات منذ البداية لا سيما عندما عزف الجمهور عن الاستماع إلىّ، وطالبنى بالنزول عن المسرح وصاح البعض: "إيه ده اللى انت بتعمله؟". بيد أنى لم أحبط وتمسكت بالبقاء على المسرح حتى أحقق الهدف الذي جئت من أجله. تعاملت يومها مع السهل الممتنع، وهي مسألة في غاية الصعوبة".
وأسأله: هل توقعت هذه البداية من الجمهور؟ وكيف رسم لنفسه طريق الخروج من أزمة الموقف؟ فقال: "كل وسيلتي يومها كانت الاستمرار في البقاء وعدم مغادرة المسرح". ويردف قائلا: " أنا لا أعيش في أفكار مسبقة قبل مواجهتي للجمهور باستثناء العمل الغنائي. عندما أتجه إلى المسرح أتصرف بالبساطة. ما يأتى وأنا على المسرح يكون رد فعل للحظة ذاتها. فما كان من الممكن أن أرسم صورة مسبقة لمواجهة الجمهور، لأنني لو فعلت ذلك سأفشل، وأنعزل عن أحاسيس الناس. وأنا في ذلك أسير وفق ما قاله " هيتشكوك" ذاته:" كل واحد منا في إمكانه أن يمثل شرط أن يعطى للدور ما هو مطلوب".
ويحدثني عما كان يشغله في تعامله مع الأحداث والتطورات، فيقول: "تشغلنى المشاكل الاجتماعية بكل أشكالها. ولقد أدركت أن ما نعانى منه من فقر ومرض سببه الأول والأخير هو الجهل، ولهذا كان يتعين على التعليم أن يسلك الطريق الصحيح. ومن الطبيعى أن التعليم لا يتم إلا عن طريق إنشاء الجامعات، والإسهام في بناء الكليات، ولا بد من تعاون الحكومة والشعب لمحو الجهل والأمية. أمر آخر يشغلنى هو مسألة الحروب، فهي إذا انتهت في مكان اندلعت في مكان آخر. والمثال واضح أمامنا، فالحرب قد تتوقف في فيتنام لتندلع في الشرق الأوسط. وهناك مشكلة عدم استقرار في العالم، مع مشكلة تضخم السكن وغلاء المعيشة، وهذا ليس في مصر فقط وإنما في كل مكان في العالم".
ويتحدث "عبد الحليم حافظ" عن المشاكل التى قد تعرض للشباب فيقول:" مشكلة الشباب ذاتها هى التى تدفعهم إلى تدمير أنفسهم كى يشعر العالم بوجودهم، وانسياقهم في تيارات اللامبالاة، ونبذهم لوجوه الحياة، وهو ما يؤدى بهم إلى العيش في قلق دائم وتوجس، ويزداد الأمر وطأة بأن يجابه الشباب الطرق المسدودة في مختلف المجالات".
ويحدثنى "عبد الحليم" عما يفعله في أوقات الفراغ فيقول:" أعيش مع الموسيقى معشوقتى، فأستمع إليها، وأشاهد الأفلام السينمائية بكل ألوانها، وأمارس رياضة "البنغ بونغ"، وأقرأ في الأدب والسياسة". أما الأمور التى تتكرر كثيرا معه فتتعلق بالمشاعر مع المعجبين، وكلمات التقدير التي يخطها لهم سواء على صورة من صوره، أو على ورقة في " الأوتوجراف" فيقول: " كل تمنياتى بالسعادة والحب"، ويردف " عبد الحليم" قائلا: لقد اكتشفت قبل عامين أنها كلماتى الدائمة التى أكتبها للناس في معرض تقديرى لمشاعرهم تجاه أعمالى الفنية".
لقد بدا لى "عبد الحليم حافظ" ــ الذى يحمل بين أضلاعه كميات مكثفة من المشاعر والألم ــ أنه لم يصب بردود فعل سلبية من جراء ذلك، بل على العكس فإن كل الألم الذى اختصه والتصق به زاد من رهافة حسه، وزاد من نظرته الصافية تجاه الناس والأشياء، ولهذا غدا المألوف منه هو العبارة التي يعلق بها على كل ما يكتبه المعجبون به والتي اختصرها في قوله: "كل تمنياتي لكم بالسعادة والحب".