في الوقت الذي تتسارع فيه الخطى لإنجاز وقف لإطلاق النار في غزة، تتزايد الانتقادات الموجهة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقيادة حكومته، لأنها تعرف جيدا ما يجري هذه الأيام في ساحات القتال.

ويعلم الاحتلال الإسرائيلي، وفقا لذات الأصوات الإسرائيلية، أن استمرار هذه الحرب سيؤدي إلى انهيار الدولة: عسكريا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وحتى لو استمرت حركة حماس وحزب الله اللبناني في القتال تماما كما يقاتلان اليوم، ودون مفاجآت عسكرية، فإن دولة الاحتلال ستنهار على نفسها.



الجنرال يتسحاق بريك الأكثر شهرة هذه الأيام في دولة الاحتلال، حذر من جملة إخفاقات وقعت فيها الدولة بسبب استمرار الحرب، أولها أن "بيبي نتنياهو يعرف جيدا أننا عسكريا في طريق مسدود، ويعرف أيضا أن هذا الوضع أدى لعواقب وخيمة في الحرب ضد حماس في غزة، وبعد أن استولى الجيش على ثمانين بالمائة من قطاع غزة، باستثناء رفح، فقد سحب قواته منه لأنه لم يكن لديه قوات أخرى تحل محلها، والنتيجة هي عودة حماس بشكل جماعي لجميع المناطق التي تركها، واستعادت السيطرة عليها، ما يجعل من نية الجيش بمواصلة حرب الاستنزاف ضد حماس عبر الغارات لا فائدة منها".


وأضاف في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، وترجمته "عربي21" أن الإخفاق الثاني يتمثل في أن "الهجمات المتقطعة التي يشنها الجيش على حماس مجرد قطرة في محيط، ولن تؤدي لانهيار حماس، وبالتالي فإن الجيش لن يتمكن من منعها من إعادة تعزيز قوتها، ونتنياهو يفهم جيداً أنه طالما استمرت حرب الاستنزاف مع حماس، فإن حزب الله سيستمر بإنهاك قواتنا على الحدود الشمالية، وهذا له آثار خطيرة للغاية، كما يفهم أن دخول رفح لن يأتي بأي نتيجة، بل العكس هو الصحيح، فهو سيفاقم المشكلة عشرات المرات، وسنضطر للخروج من رفح بعد احتلالها، كما حدث لثمانين في المائة من القطاع".

وأشار بريك المسمى "نبي الغضب" الإسرائيلي، إلى الإخفاق الثالث بالقول، إن "اجتياح رفح سيدمر علاقاتنا تماما مع دول العالم والدول العربية التي نقيم معها سلاما، وستكون له عواقب صعبة للغاية، وقبل كل شيء عزل الدولة في المجالين السياسي والاقتصادي، وفرض حظر الأسلحة الذي بدأ بالفعل، ولن يترك أي إسرائيلي مختطف على قيد الحياة، وسيكون لدينا الكثير من الضحايا، لأن حماس مستعدة بالفعل بشكل جيد لدخول الجيش، وقد أعدت لنا كمينًا استراتيجيًا بالأفخاخ والمتفجرات في الشوارع والساحات والمنازل نفسها".

وأوضح أن "نتنياهو يدرك أنه عند دخول رفح لن نتمكن من تحييد الأنفاق المارة من سيناء تحت محور فيلادلفيا على عمق عشرات الأمتار داخل قطاع غزة، وتصل من خلاله الأسلحة الحربية منذ سنوات لأيدي حماس، فيما أعلنت مصر مؤخرا أن دخول الجيش إلى رفح سيعرض اتفاق السلام معها للخطر، وبالتالي فهو يرسل الجنود إلى حتفهم دون أي غرض أو فائدة، فقط لسبب واحد هو الحفاظ على رواية استمرار القتال، والنتيجة إمكانية انهيار جيش الاحتياط، لأن خمسة رؤساء أركان خفضوا حجمه في العشرين سنة الماضية، ومما عمل على تآكله حتى العظم، وليس لدينا إجابة محددة حول كيفية حماية الإسرائيليين".

وأشار إلى أن الإخفاق الرابع يرتبط بأن "نتنياهو يعرف جيدا أن استمرار حرب الاستنزاف ضد حماس وحزب الله سيؤدي قريبا لانهيار الاقتصاد الإسرائيلي، لأن مائة ألف نازح لن يعودوا لمنازلهم، وهم لا يعملون، وقد فقدوا مصدر رزقهم بالفعل؛ وتدفع الدولة ثروة ضخمة لإبقائهم في الفنادق، ويتم تجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط كل يوم، هم لا يعملون، ولا يساهمون في اقتصاد الدولة التي لديها نفقات باهظة لاستمرار القتال".

وشدد على أن "عجز الموازنة يتزايد بشكل كبير، وفوق ذلك انخفاض التصنيف الائتماني للدولة، مما يتعين عليها دفع أسعار فائدة مرتفعة للغاية على القروض التي تحصل عليها لتمويل الحرب، وإعادة تأهيل مستوطنات الشمال والجنوب المدمرة، فضلا عن المقاطعة الاقتصادية المتزايدة من دول العالم، وخلال فترة قصيرة ستصل إسرائيل لمرحلة الإفلاس".


وختم بالقول إن عدم وقوع الإخفاق الخامس يتعلق بأنه "يجب إنقاذ الدولة من الانهيار من الخارج والداخل، عبر وقف فوري للقتال، وأخذ قسط من الراحة، وتعيد تأهيل نفسها في كل مجالات الحياة، وليس أمامنا خيار سوى كبح جماح من يقودوننا لأعماق الهاوية، لكنهم فقدوا السيطرة على الوضع، وأيديهم غير قادرة على نقل السفينة إلى شاطئ آمن؛ وبالتالي فهي تنجرف، وفي النهاية قد تغرق في أعماق البحر والأفكار المسيحانية والمصالح الشخصية والسلطة وعدم الكفاءة، مما يستدعي طردهم من مناصبهم، لأننا لن نتمكن لاحقا من البقاء هنا".

يشكل كشف الحساب الطويل هذا فرصة للتأكيد على ما سبق تأكيده وهو أن الأشهر السبعة الأخيرة من الحرب فقد فيها الاحتلال علاقاته مع الدول الصديقة، وتجلى ذلك بحظر تصدير الأسلحة، خاصة من فرنسا، كما يتم إبعاده عن الأحداث الدولية، وبات متضرراً في المجال الاقتصادي، لأن حكومته تعتبر متطرفة ومضللة من بين دول العالم، وأصبح نتنياهو الأكثر كراهية بين العديد من الدول، لأنه يفضل مصلحته الشخصية على الدولة، فضلا عن المعلومات المتواترة حول تصرفات جنود الاحتلال في غزة، وهي أفعال ترقى لمستوى جرائم حرب، والنتيجة أن الاحتلال يقف عاجزاً أمام هذا الطوفان الرهيب، ويبدو متلعثماً كالعادة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال حماس فلسطين حماس غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ما خيارات حماس للتعامل مع إجراءات نتنياهو ضد غزة؟

غزةـ يتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من قطع إمدادات الغذاء والوقود عن قطاع غزة ورقة ضغط على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بهدف دفعها للاستجابة لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن المزيد من الأسرى، والتهرب من التزامه بتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من الاتفاق وصولا لوقف إطلاق النار بشكل دائم.

وفي الوقت الذي لاقت إجراءات نتنياهو رفضا من قبل حركة حماس التي دعت الوسطاء للضغط عليه لتنفيذ مراحل الاتفاق بكل تفاصيله، إلا أن ذلك يفتح التساؤل حول خياراتها للتعامل مع تهديدات الحكومة الإسرائيلية لفرض المزيد من العقوبات ضد غزة.

سحب الذرائع

ومع تواتر الأخبار التي يتداولها الإعلام العبري عن أن إسرائيل تبحث إمكانية وقف إمداد غزة بالمياه كجزء من إجراءات إضافية ضد القطاع، قال القيادي في حركة حماس محمود مرداوي إن حركته وقعت اتفاقا واضحا من 3 مراحل.

وأضاف أن الحركة التزمت بتنفيذ جميع بنود المرحلة الأولى، في الوقت الذي تهربت فيه حكومة الاحتلال من الالتزام بالبروتوكول الإنساني، وأخلّت بمواعيد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ولم تسمح بتوفير الاحتياجات الأساسية لتيسير الحياة في قطاع غزة.

إعلان

وأوضح مرداوي، في حديث خاص للجزيرة نت، أن حماس ملتزمة بتطبيق الاتفاق الذي رعاه الوسطاء بكل مراحله والذي يقوم على وقف دائم لإطلاق النار، وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى.

وطالب الوسطاءَ الضامنين للاتفاق بالضغط على الاحتلال للدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، ووضع حدا لتهديدات الاحتلال، لأنه من حق الشعب الفلسطيني الوصول لمرحلة من الاستقرار.

وشدد مرداوي على أن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح أيٍّ من أسرى الاحتلال لديها.. إلا من خلال المفاوضات، وكل الشواهد تدلل على أن جميع وسائل القتل التي استخدمتها إسرائيل لن تمكنها من الحصول عليهم دون اتفاق.

اتفاق شامل

وأضاف القيادي في حماس: "لن يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين إلا وفق اتفاق شامل، تتم بموجبه صفقة تبادل أسرى ويحقق الاستقرار ويعيد بناء قطاع غزة".

وجدد مرداوي تأكيده على أن الشعب الفلسطيني سيبقى ثابتا على موقفه، ولن يبرر للعدو الإسرائيلي العودة للحرب كونها لن تحقق له شيئا.

وفي السياق ذاته، قال القيادي في حركة حماس مشير المصري إن حركته استجابت بمسؤولية لكل المبادرات التي طرحت بشأن تحمل الكل الفلسطيني مسؤولية إدارة غزة وإعادة الحياة للقطاع الذي دمرته قوات الاحتلال من جديد.

وأوضح المصري، في حديث خاص للجزيرة نت، أن حماس خاضت حوارات مع حركة فتح والفصائل الفلسطينية بهذا الشأن، وقبلت بالطرح المصري لتشكيل لجنة إسناد مجتمعي وذلك من منطلق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.

المصري يؤكد حرص حماس على نزع أي مبرر لتعطيل أيٍّ من مراحل الإغاثة والإيواء (الجزيرة)

وكشف المصري عن حرص حماس على نزع أي مبرر يتخذه البعض لتعطيل أيٍّ من مراحل الإغاثة والإيواء وصولا إلى إعادة إعمار قطاع غزة.

وأشار القيادي في حركة حماس إلى أنهم معنيون بالتعامل وتعزيز الشراكة مع كل القوى العربية والدولية باعتبار أن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة جمعاء.

إعلان

أما على صعيد التحدي العسكري فقال المصري "واثقون أن كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس التي بنت نفسها من الصفر ووجّهت ضربة مؤلمة وقاتلة لأقوى قوة في المنطقة، قادرة على أن تستعيد قدراتها وكفاءتها العسكرية والأمنية".

ويعتقد المصري أن تصعيد الاحتلال الإسرائيلي من جرائمه ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يأتي في إطار محاولته البحث عن نصر مزعوم، والهروب من فشله في قطاع غزة، لافتا إلى أن الضفة قادرة كما كل مرة على الخروج من القبضة الأمنية، وإيلام المحتل.

ضغط سياسي وميداني

من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة أن حماس تدرك جيدا أن نتنياهو يناور سياسيا ويحاول كسب المزيد من الوقت لتحقيق مكاسب داخلية، ولا سيما في ظل الضغوط الداخلية التي يواجهها، وبالتالي قد تعتمد الحركة على نهج متعدد الأبعاد يجمع بين التلويح بالتصعيد الميداني، والضغط السياسي، والمناورة التفاوضية لإجبار الاحتلال على العودة إلى الطاولة بشروط أكثر توازنا.

ويعتقد عفيفة، في حديث خاص للجزيرة نت، أن خيارات حماس تكمن بتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية لزيادة الضغط الدولي على الاحتلال، واستثمار ذلك في معركة الرأي العام، بالإضافة إلى تكثيف الدور القطري والمصري لكسر الجمود الحالي.

وذهب عفيفة إلى احتمالية أن تلجأ حماس للتهديد بوقف التفاوض تماما حال استمر التعنت الإسرائيلي، مما قد يشكل ضغطا داخليا على حكومة الاحتلال، خاصة مع تزايد الضغوط عليها من عائلات الأسرى الإسرائيليين.

ورجح الكاتب والمحلل السياسي أن تستغل حماس الانقسامات الإسرائيلية حول استمرار الحرب وملف الأسرى، وتمارس ضغطا على عائلات الأسرى الإسرائيليين للتأثير على القرار السياسي، لأن خيار العودة إلى الحرب الذي يلوّح به الاحتلال لن يحقق أهدافا جديدة رغم خطورته.

إعلان

مقالات مشابهة

  • «طوفان الأقصى» يفضح إخفاقات جيش الاحتلال| اعترافات إسرائيلية بالفشل الأمني والعسكري في التصدي للهجوم المباغت
  • تحقيقات إسرائيلية تكشف عن إخفاقات كبرى داخل الجيش تتجاوز أحداث 7 أكتوبر
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يعلم أن انتهاء الحرب يجبرهم على الإجابة على إخفاقات كثيرة مضت
  • الرقب: نتنياهو يعلم أن انتهاء الحرب يجبرهم على الإجابة على إخفاقات كثيرة
  • نتنياهو: نستعد للمراحل المقبلة من الحرب
  • ما خيارات حماس للتعامل مع إجراءات نتنياهو ضد غزة؟
  • مطالبات بمحاكمة مغنٍ تونسي قاتل في صفوف الجيش الإسرائيلي
  • “مقترحات ويتكوف” أمريكية في ظاهرها إسرائيلية في جوهرها وخبيثة في مراميها
  • انتقادات إسرائيلية لسوء الأداء الإعلامي في الحرب.. حماس نجحت بالدعاية
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو أخلّ بالاتفاق مع حماس ويفتعل الأزمات