السودان.. صحفيات بين نيران الحرب
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
الصحفيات يعانين بشكل خاص من تبعات الحرب، إذ تعرضت صحفيتان للاغتيال هما “حليمة” جراء الدهس بسيارة مقاتلة فيما أودت قذيفة بحياة “سماهر” داخل مخيم الإيواء
التغيير: كمبالا
كشفت سكرتيرة الحريات في نقابة الصحفيين السودانيين إيمان فضل السيد عن فقدان نحو ألف صحفي وصحفية العمل من العدد الكلي للصحفيين في سجل النقابة بنسبة تفوق 50% نتيجة للحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع منذ عام، بالإضافة إلى توجه أغلبهم للعمل في مهن أخرى هامشية لتوفير حياة كريمة لأسرهم.
قالت إيمان فضل السيد خلال حديثها في منتدي الصحفيات السودانيات بالمهجر في اليوم العالمي لحرية الصحافة، الجمعة، عبر تطبيق “قوقل ميت”: يراودنا الحزن أن يأتي هذا اليوم وأوضاع الصحفيين في السودان بكل هذا السوء في ظل الظروف القاسية والمعقدة التي يعيشونها والمعاناة المتفاقمة جراء الفوضى الأمنية، والأزمة المعيشية والصحية.
وأكدت أن الصحفيين يعيشون أوضاعاً وظروفًا هي الأسوأ على الإطلاق طيلة مسيرة الصحافة في السودان منذ قرن وعقدين من الزمان.
تهجير ولجوء
وأعلنت عن تهجير 200 صحفية من مناطق وجودهن، حسب استبيان أجرته نقابة الصحفيين ولكن بسبب ظروف الحرب وانقطاع شبكات الاتصال لم تشارك كل الصحفيات في الاستبيان.
وأشارت إلى اضطرار بعض الصحفيات إلى اللجوء لدول مجاورة على رأسها مصر التي بها عشرات الصحفيات معظمهن دخلن بطرق غير شرعية وتشاد التي واجهت الصحفيات فيها ظروفا صعبة أثناء اللجوء.
ونبهت إلى أن الصحفيات بشكل خاص يعانين من تبعات الحرب وتداعياتها إذ تعرضت صحفيتان للاغتيال هما زميلتنا “حليمة” بسبب الدهس بسيارة مقاتلة فيما أودت قذيفة بحياة “سماهر” داخل مخيم الإيواء.
وقالت إيمان إن الصحفيات يواجهن تحديات الانتهاكات الناتجة عن العنف المبني على النوع الاجتماعي كونهن نساء وأيضاً الانتهاكات التي تستهدف الصحفيين بسبب عملهم الأمر الذي أدى لفقدان نحو 80% من الصحفيات وظائفهن والمئات خسِرن ممتلكاتهن وكافة الحقوق الأساسية المضمنة في المواثيق الدولية من الحق في السكن والعمل والحياة الكريمة، بالإضافة إلى فقدان ذويهن (القرابة من الدرجة الأولى) حيث فقدت الصحفية عرفة خواجة ثلاثة من أبنائها بمنطقة الجنينة غرب دارفور قبل أن تفر مع بناتها عبر الحدود البرية إلى دولة تشاد وهي حبلى في شهرها التاسع، وأنجبت طفلها أثناء رحلة هروبها، كما قتلت والدة الصحفية اعتماد الميراوي واثنين من إخوتها وابن أختها جراء سقوط دانة بمنزلهم بأمدرمان، وقتل شقيق الصحفية آمال مرحوم بالخرطوم بعد اقتحام منزلها، وأيضآ قتل والد الصحفية ماجدة ضيف الله بمدينة نيالا بعد اقتحام منزلها وهذه فقط أمثلة.
وأفادت: تعيش 20 صحفية في مناطق اشتباكات ويواجهن تحديات جدية، بينما بلغ مجمل الانتهاكات التي رصدتها سكرتارية الحريات خلال عام الحرب (393) حالة انتهاك مباشرة على الصحفيين ووسائل الإعلام وهي مصنفة وموثقة بحسب طبيعة كل انتهاك.
ولفتت إلى صُدور قرار من النائب العام بالقبض على عشرين صحفي بتهمة انتمائهم للدعم السريع لم يتم الكشف عن أسمائهم، كما تشهد نقاط التفتيش التابعة لقوات الجيش عداء سافراً تجاه الصحفيين ويتبعه توجيه اتهامات جزافية لهم.
وانتقدت سكرتيرة الحريات السيطرة على الإذاعة السودانية وتلفزيون السودان ببثهما من مدينة بورتسودان إلى خطاب داعم لاستمرار الحرب، تتحكم فيه قوات الجيش ويعمل فيها كوادر صحفية محسوبة على فلول النظام السابق ما يشكل انتهاكاً صارخا لمهنية الإعلام والحريات الصحفية.
وأردفت لا يمضي يوم من أيام الحرب إلا تعرضت منازل الصحفيين إلى المداهمة وعمليات النهب وإتلاف للممتلكات وبعضها تم تحويله إلى سكنات عسكرية حيث بلغت عدد المنازل التي تمت استباحتها ما لا يقل عن 100 منزلاً وعندما تعلم القوات المقتحمة للمنزل انه منزل صحفي يتم السؤال عنه والتحقيق مع الجيران لمعرفة المكان الذي انتقل اليه.
عنف ممنهج
قالت مديرة مركز الالق للخدمات الصحفية صباح ادم يأتي اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل ظروف ومعاناة حقيقية للنساء بالأخص الصحفيات السودانيات.
وأكدت صباح آدم خلال حديثها في منتدى الصحفيات السودانيات بالمهجر تعرض النساء لعنف ممنهج منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي من طرفي القتال حيث بلغت حالات العنف الجنسي 161 حالة اغتصاب حسب وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل.
واعتبرت هذه الأرقام غير دقيقة خاصة أن هناك صعوبة في الوصول إلى الضحايا بسبب العادات والتقاليد لدى الأسر السودانية المتوارثة باعتبارها وصمة عار حتى الموت وتتوارث إلى الأحفاد .
وكشفت عن إقامة أكثر من 40 صحفية في دور إيواء بولاية كسلا يواجهن انتهاكات في عدم ممارسة الحق في التعبير لأنهن متهمات بالانتماء للدعم السريع.
وتابعت: الإشكالية هي وجود الصحفيات في مناطق القتال، منبهة الى توقف أكثر من 20 صحيفة عن العمل، فضلا عن إيقاف هيئة الإذاعة والتلفزيون التي أغلب العاملات فيها صحفيات مما أدى إلى وجود إعداد كبيرة من الصحفيات في أوضاع اقتصادية سيئة.
من جانبها وجهت خبيرة السلامة والصحافة الأخلاقية د. عبير سعدي تحية للصحفي والصحفية السودانية باليوم العالمي لحرية الصحافة، وانتقدت استمرار الانتهاكات على الصحفيات السودانيات المعلنة من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية ربما تكون أقل من الانتهاكات الحقيقية.
وقالت إن العديد من النساء لا يتحدثن عن الانتهاكات بالتالي تكون صامتة. وأشارت الى خطورة ذهاب الصحفيات الى مناطقهن للبحث عن الأمن والأمان بعد إغلاق مؤسسات الإعلام في الخرطوم.
وطالبت الصحفيات بإخفاء هويتهن خاصة أن الهوية الصحفية للصحفيات غير مؤيدات لطرفي الحرب هوية خطيرة، بجانب الانتهاكات من العادات والتقاليد ضد النساء خاصة أن الصحفيات موجودات في سياقات مختلفة.
وكشفت أن منظمة “مراسلون بلا حدود” صنفت السودان في المركز 149 في قياس حريات الصحافة، وفي جزئية الوضع الأمني يحتل السودان 162وفي الوضع الاقتصادي 152 مما يدل على أن الوضع الأمني في السودان من أسوأ الأوضاع عالميا.
الوسومالجيش الدعم السريع الصحفيات السودانيات حرب السودان منتدي الصحفيات السودانيات بالمهجر نقابة الصحفيين السودانيين
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع حرب السودان نقابة الصحفيين السودانيين
إقرأ أيضاً:
روسيا من دنا عذابها إلى أخت بلادي!
روسيا من دنا عذابها إلى أخت بلادي!
بثينة تروس
من أخطر سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي تغبيش الوعي حول أهم المعلومات والحقائق، بصنع الانحيازيات وتوجيه الآراء حيث الانقسامات بحسب التوافق السياسي، إذ بات يعتمد انتشار المعلومة للأعلى والأجهر صوتاً والأكثر إنتاجاً بغض النظر عن صحة المعلومات، دقتها، أو سطحيتها.. ولقد صنعت هذه الحرب اللعينة سوق معلوماتي اختلف عن بقية أسواق الميديا في خطورته بتوجيه دفة المعارك على الأرض من جهلاء بالحرب والسياسة، والحس الإنساني السليم، في وقوفهم مع استمرار الحرب، التي ساقت أهلهم وارحامهم الي حتفهم، وساهمت من ثم في تشريدهم وذلهم في معارك ليس لها من الكرامة غير اسمها الذي اختاره لها الاخوان المسلمون!
ومن أبرز نماذج انتفاع الحركة الإسلامية في هذا السوق الزخم ما تناقلته تلك الوسائط من شعور بالغبطة والنشوة باستخدام روسيا لحق الفيتو واسقاط اجماع 14 دولة عضو في مجلس الامن على وقف الحرب.. والغريبة أن الاقتراح الذي تم رفضه يشمل فيما يشمل قرارات إدانة وتجريم لقوات الدعم السريع لما ارتكبته في الجزيرة ودارفور، حيث انتهكت حرمات البيوت، والاعراض، وقتلت، ونهبت، واغتصبت النساء، وأذلت الشيوخ والمسنين من النساء والرجال.. ولذلك كان استخدام روسيا لحق نقض القرار عملا محبطاً لدعاة السلام وحقن الدماء.
وبالطبع امتطي البرهان موجة البطولات المضللة متوهماً ان له دبلوماسية محترمة، وسيادة معترف بها قائلا (البارحة شهدنا الموقف الروسي الداعم لسيادتنا… فالسودان يعمل بشكل وثيق مع أصدقائه وأصدقاء شعبه، لمنع صدور القرار المعيب والخادش للسيادة السودانية) فكأنما روسيا استخدمت حق الفيتو (العزيز الاستخدام) من اجل الكيزان! وهي تعلم انهم حكام كرتونيون من بقايا دولة (إعادة صياغة الانسان السوداني) التي كانت تمثل فيها روسيا رمز الشيطان مصدر حربهم (يا حبذا الجنات واقترابها** أمريكا وروسيا قد دنا عذابها** على إن لاقيتها ضرابها) وبالطبع ليس هي بالسذاجة التي تجعلها تقف في وجه أمريكا وأوروبا، مستعطفه رضا حكومة بورتسودان المتصدعة.
روسيا التي كايدت مشروع التصويت على قرارات مجلس الامن من اجل وقف حرب السودان، تهمهما في المقام الاول حربها مع أوكرانيا، وقرارات بايدن والديموقراطيين في البيت الأبيض، والسماح لأوكرانيا باختراق الأراضي الروسية بصواريخ مدمرة طويلة المدي، وهو الشي الذي سوف يعقّد مشهد العلاقة بين ترامب وبوتين في أثناء دورة حكم الجمهوريين المقبلة.
ومن سخرية القدر وخفة عقل الفلول، تصوراتهم ان روسيا هي خارج حلبة صراع موارد السودان، كما انها تجهل ان الجنرال البرهان لا يحكم فيما يملك، بل هو عاجز عن استرداد قيادة الجيش من سطوة الحركة الإسلامية، وحماية المواطنين واسترداد الأراضي المحتلة من قبل صنيعته مليشيا الدعم السريع.. واما عطايا حكومة الحركة الإسلامية لروسيا فهي لم تتوقف منذ ان قام الاسلاموي البشير بمقابلة بوتين في عام 2017 وصرح (انه يحتاج لحماية من الاعمال العدوانية للولايات المتحدة ضد السودان) مقابل (امتيازات التعدين وبناء قاعدة بحرية علي البحر الأحمر في بورتسودان بوابة البلاد للتجارة).. انتهى- الجزيرة- تحت عنوان (مغامرة فاغنر لماذا تتورط روسيا في صراع السودان) 5/ 8 /2023.
كما ان روسيا لا تحتاج ان تتخذ قراراتها مراعاة لقائد مليشيات الدعم السريع حميدتي وال دقلو أصحاب “جبل عامر”، أكبر مناجم الذهب في السودان وافريقيا، اذ أن كليهما يبيعان لروسيا الذهب طواعية، من اجل شراء السلاح، لإبادة وتقتيل الشعب الأعزل. اما ترهات الجنرال في (نحن نعرف كل من وقف مع الشعب السوداني، وسنقدر هذا الأمر، وسيستند التعاون والتحالف مع دول الإقليم ودول العالم على مخرجات ومحصلات هذه الحرب)! فهي وعود ليست للإعمار والنهوض بالدولة، كما لن تعود للشعب المشرد اللاجئ بنفع، بعد ان فقد أبناءه وهُجّر من ارضه، وهو المحروم طوال ثلاث عقود من حكم الحركة الإسلامية من خيرات أرضه، التي تقدمها الحكومة رشاوي وضرائب لتلك الدول حتى تضمن استمرار بقائها في السلطة، وتحمي مصلحة افراد التنظيم، وتشتري بها ذمم جنرالات الجيش الفاسدين، واليوم تشتري بتلك الموارد السلاح لاستباحة دماء المواطنين، يقتلهم الجنجويد ارضاً، وتقصفهم قوات الجيش جواً.
فإن كانت تلك الآلات الإعلامية الفرحة باستمرار الحرب، يطرب زامرها حكومة الامر الواقع، فعلى وطن اسمه السودان السلام.. فقد أسفر صراع المطامع الدولية عن فصيح نواياه حول حرب السودان، ولا رادع له غير ان يجتمع السودانيين حول وقف الحرب.. كما ان التعويل علي وحدة الصف السوداني للجنرال المستلب الإرادة البرهان تعني الامتثال لشروط الحركة الإسلامية، التي تستجلب عضويتها للاستوزار في بورتسودان، وهو يعلن (.. يجب أن تنتهي الحرب، وبعدها نجلس في حوار سوداني – سوداني، ليقرر السودانيون كيفية إدارة بلادهم، فإذا قرروا إبعادنا لا نمانع، وسنعيد لهم أمانتهم وبلدهم نظيفاً من هؤلاء المتمردين الخونة، سيكون هذا الأمر قريباً).. كالعادة وعود الجنرال الانقلابي بالتخلي عن السلطة، وإنهاء الحرب (بالتوافق السلمي او بالانتصار)، حبر على ورق، وتفتقد الى النية الصادقة، حيث لم ينجح في الوفاء بأيهما رغم تكرارهما منذ رئاسته لمجلس السيادة المحلول او كقائد للجيش. ولن يكون هنالك حوار سوداني برعاية حكومة الحرب، وجميع الذين ينادون بوقف الحرب مدانون بتهم العمالة والخيانة الوطنية. كما اثبتت الأيام فشل الدعم السريع في ادارة مناطقه وتأمين المواطنين، ولم يفعل سوي تهجيرهم خارجها.
tina.terwis@gmail.com
الوسومالبشير الجزيرة السودان بثينة تروس جبل عامر حميدتي دارفور روسيا فاغنر مليشيات الدعم السريع