هل حان الوقت لمعاملة السكر مثل السجائر؟
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
يزيد تناول الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر من كمية الطاقة التي تقدمها لنا الوجبات الغذائية. ومقدار السعرات الحرارية يزداد مع زيادة السكريات في الوجبات الغذائية.
يزيد استهلاك السكريات من خطر زيادة الوزن والسمنة التي تسبب زيادة في أمراض القلب والسكتات الدماغية وبعض أنواع السرطان، وكذلك مرض السكري.
تقوم السكريات بتحفيز براعم التذوق المرتبطة بمراكز الدماغ المتعلقة بالمكافأة. فيما تظهر دراسات مسح الدماغ أن تناول كميات كبيرة من السكر بشكل متكرر يؤدي إلى تغيرات كيميائية عصبية في ذلك الجزء من الدماغ المسؤول عن الشعور بالمكافأة.
يتم إضافة السكر أو العثور عليه بشكل طبيعي في العديد من المشروبات، بما في ذلك المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة وعصائر الفاكهة الطبيعية أو المصنعة.
توصي إدارة الغذاء والدواء الأميركية البالغين باستهلاك ما لا يزيد عن 50 جراما من السكر المضاف يوميا (استنادا إلى النظام الغذائي الذي يحتوي على 2000 سعرة حرارية).
وقد كتب مارك هيمان طبيب الأسرة الممارس ورون جوتمان الأستاذ المساعد في جامعة ستانفورد، مقالا في مجلة التايم الأميركية في الأول من مايو/أيار الحالي يقولان فيه إنه قد حان الوقت لمعاملة السكر كما تعامل السجائر.
وأشار الكاتبان إلى أن 74% من الأطعمة المعلبة في الولايات المتحدة تحتوي على سكر مضاف، بما في ذلك الأطعمة التي تبدو صحية، مثل تتبيلة السلطة، والفاصوليا المطبوخة، والمخللات، ولبن الزبادي.
الإدمان
وأضافا أن حقيقة تسبب السكر في الإدمان بيولوجيا تجعل اختباءه في بعض الأطعمة أكثر ضررا. ووفقا للكاتبين فإن الدراسات تشير إلى أن السكر أكثر إدمانا بـ8 مرات من الكوكايين، وفقا للكاتبين. وأضافا أن معظمنا يدمن على السكر دون أن يعرف.
دورة الإدمان هذه لا هوادة فيها ويصعب كسرها: فنحن نأكل طعاما يحتوي على السكر، مما يؤدي بعد ذلك إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، مما يشغل مركز المتعة في دماغنا. عندما يأتي الانخفاض الحتمي للسكر، فإننا نسعى إلى رفعه مرة أخرى وذلك على شكل الرغبة الشديدة في تناول المزيد من السكر.
وبدون وضع الملصقات الغذائية التي يمكن تمييزها بسهولة، يقوم المتسوقون دون قصد بإنشاء هذه الدورة داخل أجسادهم، حتى عندما يعتقدون خطأ أن الطعام الذي يشترونه صحي.
في العديد من البلدان، تؤدي الملصقات الموجودة على الأطعمة المعبأة وظيفة مماثلة للملصقات الموجودة على علب السجائر: لتحذير المستهلكين من مخاطر استهلاكها. وفي شيلي، أدت سياسة وضع ملصقات على المشروبات السكرية إلى خفض استهلاك تلك المشروبات بشكل كبير.
لذلك فقد يكون الوقت قد حان لوضع ملصقات على المنتجات التي تحتوي على السكر، مثل المنتجات التي تحذر من تسبب التدخين بالسرطان والسكتات القلبية، مما سيساعد في تقليل استهلاك السكر وحماية صحة الناس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات من السکر
إقرأ أيضاً:
روث بيلفيل… سيدة توقيت جرينتش التي باعت الزمن!
#سواليف
كم الساعة الآن؟هذا سؤال شهير لن نتوقف عن إجابته أو طرحه مهما طال بنا الزمن. الزمن! ذلك المجهول الأبدي الذي لا حياة لنا بدونه. نحن حرفيًا وبلاغيًا مرتبطون بالزمن، ولا معنى لحياتنا بدونه. لهذا، قد يكون من العسير أن نتخيل عالمًا بدون وسيلة صحيحة ولحظية لمعرفة كم الساعة وأين نحن من اليوم بالضبط؛ لكن فلتتأملوا معي ما كان عليه الوضع قديمًا وحتى البدايات المبكرة من القرن العشرين!
في عام 1836، لاحظ جون هنري بيلفيل John Henry Belville الذي يعمل بالمرصد الملكي بجرينتش Greenwich Royal Observatory ذلك النمط المتكرر للزوار الذي يحضرون طيلة الوقت للمرصد لمعرفة الوقت بدقة. كان المرصد بعيدًا عن معظم #لندن، بموقعه فوق تلة بحديقة #جرينتش، ومع هذا فلم يفتر الناس أو يتوانوا في قطع كل هذه المسافة للإجابة على السؤال الجوهري “كم الساعة الآن بالضبط؟”
جون هنري بيلفيل أثناء ضبط ساعة المكتب بمرصد جرينتش حيث كان يعمل.حينها فكر جون في أنه إذا ما كان الناس على استعداد لتكبد كل هذه المشقة للوصول إلى المرصد، فإنهم سيرحبون حتمًا بدفع مبلغ من المال لشخص يأتيهم بالوقت إلى مكان أقرب وأيسر لهم. لاحقًا في ذلك العام، اتفق هنري مع عدد من العملاء ما بين 50 إلى 200 عميل محتمل لمشروعه القادم. وهكذا دارت العجلة لأغرب نشاط قد تتخيله يومًا!
مقالات ذات صلة الطريقة المثلى لتوزيع الطعام في الثلاجة 2024/11/21 #بائع_الزمن!للبدء بمشروعه الجديد، تعين على جون بيلفيل أن يترك وظيفته بالمرصد ليرتحل إليه كل يوم لضبط ساعة الميقات Chronometer الدقيقة الخاصة به. بعدها كان يرتحل مجددًا على صهوة حصانه ليمر بأحياء لندن ويتوقف بمحطاتها حيث يتقابل مع زبائنه من الراغبين في ضبط ساعاتهم الشخصية والمنزلية على توقيت ساعة جيبه المثالية. وبالمناسبة، فقد كان لساعته اسمًا! أجل، كان اسمها “أرنولد Arnold” على اسم صانعها الإنجليزي جون أرنولد؛ وقد كانت “أرنولد” في الأساس ملكًا لدوق ساسيكس Duke of Sussex، وكان يضرب بها المثل في الدقة حتى 1 على عُشر من الثانية الواحدة!
لمدة 20 عامًا كاملة، ظل جون وفيًا لتجارته الأمينة والمجزية، والتي ازدهرت عبر تلك السنين الطويلة للسمعة التي حازها مع أرنولد الدقيق حتى مماته في 1856. كان يمكن لهذه القصة الغريبة أن تنتهي هنا، خاصة مع ظهور التليجراف وقدرة الناس على معرفة الوقت متى حازوا الأدوات المناسبة لتلقي الإشارات؛ لكن المئات من عملاء جون القدامي كانوا راغبين في الاستمرار مع التقنية التي يعرفونها حقًا ويثقون بها. هكذا، رجوا أرملة جون #بيلفيل، ماريا، لاستكمال مشروعه من بعده؛ وهو ما وافقت على القيام به بكل سرور.
ساعة أرنولد – إرث عائلة بيلفيل الثمينهكذا، حملت ماريا بيلفيل أرنولد من جديد، لتجول بها عبر شوارع لندن لـ 36 عامًا أخرى، حتى عام 1892 عندما قررت بغتة أنها اكتفت تمامًا وقررت التقاعد. مرة أخرى كان للقصة أن تنتهي هنا، خاصة مع الانتشار الواسع لخدمات التليجراف وتسابق شركات متخصصة لتقديم خدمات معرفة الوقت والاتصال عبر أجهزة التليجراف الحديثة حينها. لكن من جديد، كان للعملاء رأي آخر.
كانت هناك تلك الشكاوى المستمرة والمتزايدة حول خدمة معرفة الوقت المقدمة من مكتب البريد عبر التليجراف؛ حيث بدا وكأنهم يكافحون لخدمة الأعداد المتزايدة من العملاء الذين تحولوا إليهم كل أسبوع مع تقاعد ماريا. نتيجة لهذا، طلب العديد من عملاء ماريا أن تتولى ابنتها زمام مشروع العائلة العتيد. هكذا ظهرت روث بيلفيل Ruth Belville على مسرح الأحداث.
#سيدة_جرينتش!مع أرنولد، حملت روث إرث عائلتها لسنوات أخرى هي الأطول بين أسلافها، بلغت 48 عامًا! 48 عامًا ظلت بها روث تطوف شوارع لندن بلا غياب حتى تقاعدها في عام 1940 وبعمر 86 عامًا. لا، لم تتوقف لأنها صارت طاعنة في السن، وإنما لظروف الحرب العالمية الثانية التي جعلت من التحرك بشوارع لندن أمرًا خطيرًا لا يمكن التنبؤ بعواقبه. هكذا لم يعد الناس يرون روث بطلّتها المميزة في الأرجاء.
لماذا تعد روث هي أشهر من حمل أرنولد، ولماذا أطلقوا عليها اسم “سيدة توقيت جرينتش”؟ لأنها مارست نشاطها العائلي العتيد بأجواء تنافسية شرسة انتصرت بها في النهاية وباعتراف منافسيها الذين حاولوا القضاء عليها بالتكنولوجيا الحديثة بلا جدوى حتى مماتها!
خلال فترة عمل روث، دخلت البشرية عصر الراديو، وبدأت هيئة الإذاعة البريطانية BBC إذاعة الوقت بدقات ساعة بيج بن الشهيرة بداية من عام 1924؛ بالإضافة إلى توسع خدمات التليجراف وتحسن أدائها بشكل كبير؛ ومع هذا ظل سوق ساعات الجيب القديمة رائجًا. السبب في هذا يرجع إلى بطء اعتناق الناس للتقنيات الجديدة وكون تلك التقنيات لا تستبدل التقنيات القديمة في البداية وإنما “تتعايش” معها. هكذا بدا أن تقنية بيلفيل العتيدة ستبقى رغم الحداثة التي بدأت بالسيطرة على كل شيء.
لكن النهاية كانت حتمية بالطبع، حينما ظهر “تيم Tim” في عام 1936. تيم هي خدمة ساعة ناطقة يمكنك الاشتراك بها وطلبها بضرب رقم 846 على أي هاتف أرضي، حيث ستستمع إلى ثلاثة دقات يتبعها صوت نسائي محبب يخبرك الوقت بدقة. لطالما لفت انتباهي الثلاث دقات متباينة الطول على إذاعة القاهرة التي كنت أستمع لها. أصل هذه الدقات الثلاث هي “تيم” كما علمت أثناء كتابة هذا المقال.
مع “تيم” شعرت روث بأن أوانها قد حان أخيرًا. هناك مفارقة طريفة تتمثل في كون المرأة التي فازت بمسابقة تسجيل الوقت بصوتها عبر خدمة “تيم” من جيران روث نفسها! كانت تلك المرأة تدعى إيثيل كاين Ethel Cain وقد خلدها التاريخ باعتبارها صوت الساعة الناطقة التي قضت على إرث بيلفيل.
روث بيلفيل مع أحد عملائها بينما يضبط ساعته على توقيت أرنولدهكذا، تقاعدت روث في 1940 وتوقفت عن خدمة ما تبقى من عملائها المخلصين (50 عميلًا) للأبد. لم يطل الأمر بها حتى وفاتها بعد 4 سنوات من تقاعدها، بعمر 90 عامًا لتُنهي معها مشروعًا وعملًا استمر طيلة 104 عامًا. إلى جانب سريرها حيث عثروا عليها بلا حياة، وجدوا أرنولد المخلص؛ وصبيحة اليوم التالي خرجت الصحف تعلن وفاة “تيم البشرية”.
نحن حرفيًا وبلاغيًا مرتبطون بالزمن. لا معنى لحياتنا بدونه، وقد مثّلت روث بيلفيل، سيدة توقيت جرينتش، فصلًا مهمًا من تاريخه.