نظم الغرب وإسرائيل شركاء في الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
أنشأت دول الغرب الاستعماري الوازنة إسرائيل في عام 1948 على القسم الأكبر من مساحة فلسطين التاريخية، وساعدت في تهيئة الظروف لهجرة يهود العالم الى فلسطين ،جنباً الى جنب مع تهجير غالبية الفلسطينيين في العام المذكورإلى خارج وطنهم فلسطين، وقامت تلك الدول في دعم إسرائيل على كافة المستويات واستمرارها كدولة مارقة في تاريخ فلسطين ،وسترحل شانها ذلك شأن كافة الاحتلالات العابرة.
دعم مطلق
يلحظ المتابعون للقضية الفلسطينية أهمية العلاقة المتينة بين إسرائيل والغرب، خاصةً مع الإدارات الغربية الكبرى، مثل إدارة بايدن، وتتجلى هذه العلاقة بشكل واضح في الدعم الذي تتلقاه إسرائيل، لا سيما خلال قتلها الممنهج للفلسطينيين في قطاع غزة، الضفة الغربية، والقدس، منذ تشرين الأول / أكتوبر الماضي، إذ شهد العالم تصاعداً في العدوان الإسرائيلي، بينما هرولت أغلب الدول الغربية مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا لتتبنى الرواية الإسرائيلية الزائفة، وقدمت دعماً عسكرياً ومالياً واسع النطاق، لتستمر إسرائيل في شن حربها الهمجية على الشعب الفلسطيني بغرض الإبادة والتهجير وتدمير البنى التحتية وكل ما يمكن أن يساعد على الحياة في غزة؛ مما يجعل هذه الدول شريكة في تلك الجرائم الجارية التي تُرتكب بحق الفلسطينيين على مدار الساعة منذ تشرين الأول / أكتوبر الماضي.
إن العمل على عزل إسرائيل وداعميها يتجاوز كونه رد فعل على الظلم، إنه يمثل تحدياً مباشراً للبنية الاستعمارية التي سمحت بتفشي هذه الأعمال وتجاهلت معاناة الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، ويعتبر هذا الضغط خطوة متقدمة لإنهاء النفوذ الاستعماري الغربي الذي طالما سيطر على مؤسسات النظام العالمي وادائها ومواقفها غير العادلة إزاء القضية الفلسطينية بتفاصيلها المتعددة.وظهرت مواقف قادة الغرب مثل الرئيس الفرنسي، رئيس الوزراء البريطاني، والمستشار الألماني، إلى جانب إدارة بايدن، انحيازاً واضحاً لحكومة نتنياهو في الاعلام وتبني الرواية الإسرائيلية في ذات الوقت، وذلك رغم حديثهم المتواتر عن الجانب الانساني للفلسطينيين، على قاعدة أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً، في وقت أدت المجازر إلى قتل وجرح واعتقال عشرات الآلاف من أهالي قطاع غزة والضفة الغربية والداخل المحتل، ويمكن الجزم بأن دعم الدول الاستعمارية لإسرائيل يعتبر الركيزة الأهم لاستمرار الدولة العصابة في ارتكاب إبادة جماعية، حيث تقوم الولايات المتحدة في دعم الجيش الإسرائيلي من خلال تزويده بالأسلحة والمعدات العسكرية من مستودعاتها الموجودة بالأراضي المحتلة؛ هذا الدعم لا يقتصر على التمويل اللوجستي بل يشمل أيضاً تحويل مليارات الدولارات أقرها الكونغرس قبل عدة أيام.
نهج استعماري ممتد
تعتبر الشراكة الغربية مع إسرائيل في الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني امتدادا لنهج استعماري قبل وبعد عام 1948، وليست وليدة اللحظة الراهنة، وتتجذر استراتيجية تعزيز التحالف مع إسرائيل في مختلف الأصعدة لترسيخ الهيمنة والمصالح الاستعمارية المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، وتجلى ذلك بوضوح في دعم إسرائيل في المحافل الدولية، حيث استخدمت الدول الاستعمارية حق الفيتو لمنع أي قرار يدين السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وتم تعزيز تلك السياسات الاستعمارية من خلال الضغط على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة للتخلي عن مواقفها النقدية تجاه إسرائيل، كما حدث في تغيير موقف الأمم المتحدة تجاه الصهيونية في عام 1991، تُظهر مدى التعقيد والتداخل في العلاقات الدولية التي تؤثر بشكل مباشر على الصراع مع إسرائيل.
واللافت أن الفضائيات ومراسيلها وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ساهمت إلى حد كبير في كشف الجرائم التي تُرتكب على مدار الساعة على امتداد الوطن الفلسطيني.. وتبعاً لذلك تبرز بشكل ملح وضروري أهمية التحرك الدولي الحازم لوصم وإدانة إسرائيل بالعنصرية والفاشية والإبادة الجماعية، حيث أظهرت هذه الحرب بشكل جلي أن الصمت واللامبالاة، وخاصة من قبل الدول الإسلامية والعربية، من شأنه تمكين الاحتلال من مواصلة انتهاكاته بحق الفلسطينيين، ويجب الضغط على المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف صارم ضد إسرائيل وداعميها الغربيين، رداً على جرائمها وخرقها للقوانين الدولية.
إن العمل على عزل إسرائيل وداعميها يتجاوز كونه رد فعل على الظلم، إنه يمثل تحدياً مباشراً للبنية الاستعمارية التي سمحت بتفشي هذه الأعمال وتجاهلت معاناة الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، ويعتبر هذا الضغط خطوة متقدمة لإنهاء النفوذ الاستعماري الغربي الذي طالما سيطر على مؤسسات النظام العالمي وادائها ومواقفها غير العادلة إزاء القضية الفلسطينية بتفاصيلها المتعددة.
ومن نافلة القول التأكيد بأن انكشاف صورة إسرائيل العنصرية والفاشية وصولاً إلى عمليات الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني؛ أدى إلى انزياح المزاج الشعبي العالمي منذ تشرين الأول / أكتوبر الماضي إلى جانب الحق الفلسطيني وخاصة في دول الغرب وأستراليا وكندا، وحراكات الطلاب في الجامعات المناصرة لفلسطين دالة كبرى على ذلك، وقد يؤسس ذلك لتغيير المواقف السياسية في عدد من الدول .
*كاتب فلسطيني مقيم بهولندا
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين غزة الحرب فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة عالم الفن سياسة رياضة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة الشعب الفلسطینی إسرائیل فی عام 1948
إقرأ أيضاً:
كاتب فرنسي: كنت أشكك في الإبادة الجماعية بغزة أما الآن فلا
كنت من الذين رفضوا استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" لوصف الحرب في غزة، ولكن التطورات الأخيرة على الأرض لا تترك مجالا للشك حول الطبيعة الحقيقية للنوايا والأفعال التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية.
هذا ما لخص به الكاتب الصحفي ورئيس التحرير السابق للمجلة الشهرية "البدائل الاقتصادية"، غيوم دوفال، موقفه الجديد مما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، وذلك في مقال رأي له بمجلة لوبس الفرنسية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مخاوف روسية من مواجهة عسكرية وشيكة بين أميركا وإيرانlist 2 of 2صحيفة روسية: هل تستعد واشنطن لعملية برية في اليمن؟end of listولفت، في البداية، إلى أنه ظل، على الرغم من حقيقة أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين أعربوا مرارا وتكرارا عن نوايا إبادة جماعية واضحة في هذا الصدد، يرى أن مصطلحي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كانا كافيين لوصف مثل هذه الأفعال، وكان يعتقد أن من المهم عدم المخاطرة بإساءة استخدام كلمة "الإبادة الجماعية".
لقد انتهكت الحكومة الإسرائيلية من جانب واحد الهدنة التي تم توقيعها برعاية الرئيس جو بايدن وقامت باستئناف الحرب والقصف، معرضة حياة الرهائن المتبقين للخطر ومتسببة، مرة أخرى، في مقتل الآلاف من المدنيين الإضافيين، بما في ذلك الكثير من الأطفال.
وأبرز دوفال أن إسرائيل لم تتوقف عند هذا الحد، بل فرضت حصارا كاملا على القطاع منذ أكثر من شهر، ومنعت دخول أي مواد غذائية أو وقود أو مياه أو كهرباء أو أدوية إلى غزة، مما يعني أن المجاعة لم تعد منتشرة في جميع أنحاء القطاع فحسب، بل هناك أيضا نقص في مياه الشرب والقدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.
إعلانوذكر بأن المادة 2 من الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها تعرف هذه الجريمة بأنها "أي من الأفعال التالية المرتكبة بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه، كليا أو جزئيا:
(أ) قتل أعضاء مجموعة معينة.
(ب) إلحاق ضرر جسيم بالسلامة البدنية أو العقلية لأعضاء المجموعة.
(ج) فرض ظروف معيشية متعمدة على تلك المجموعة من شأنها أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
(د) فرض تدابير تفضي إلى منع الولادات داخل المجموعة.
(هـ) النقل القسري للأطفال من المجموعة إلى مجموعة أخرى".
وكما هي الحال منذ عام ونصف العام، فمن المستحيل تقديم تقارير دقيقة عن الوضع في غزة، لأن الحكومة الإسرائيلية تمنع أيضا وصول الصحفيين لهذه المنطقة، ولكن هذه التطورات الأخيرة لا تترك للأسف مجالا للشك حول الطبيعة الحقيقية للنوايا والأفعال التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، وحتى لو كان الأمر متروكا بطبيعة الحال لقضاة المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ القرار في نهاية المطاف، فقد أصبح من المستحيل لأي شخص عاقل أن يرفض فكرة أننا نتعامل الآن بالفعل مع إبادة جماعية بموجب الحالات الثلاث الأولى المنصوص عليها في الاتفاقية، وفقا للكاتب.
وأردف دوفال قائلا: "أمام هذه القفزة النوعية الكبرى في فظاعة السياسة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، بمباركة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن استمرار تقاعس الاتحاد الأوروبي يصبح، بما في الكلمة من معنى، عملا إجراميا. ولكن على النقيض من هذا الوعي، اعتبرت كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، أنه من الضروري تعزيز علاقات الاتحاد الأوروبي مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، في حين انتقدت الموقف الذي كان سلفها جوزيب بوريل قد اتخذه إزاء نتنياهو".
إعلانوانتقد دوفال، الذي تولى كذلك كتابة خطابات الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية جوزيب بوريل دول الاتحاد الأوروبي، قائلا إن "سلبية الزعماء الأوروبيين في مواجهة تصرفات حكومة نتنياهو لا يمكن أن توصف بأي شيء آخر غير التواطؤ النشط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".