الفاشر- في ظل التحديات الأمنية المستمرة التي تواجهها مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور غرب السودان، والهجمات المستمرة التي تشنها قوات الدعم السريع، اتخذت السلطات الرسمية قرارا بإعادة فتح المدارس واستئناف العملية التعليمية في جميع مراحلها المختلفة.

وتعاني هذه المدينة من تداعيات الصراعات المسلحة والأعمال العدائية، حيث تعرضت المؤسسات التعليمية ومدارس الفاشر لأضرار جسيمة ودمار نتيجة المواجهات المسلحة، وبعضها تحول إلى مراكز لاستقبال النازحين والمشردين الذين فروا من منازلهم بالأحياء الشرقية والشمالية للمدينة ومن ولايات أخرى في البلاد.

وعلى الرغم من ذلك، تصر السلطات الرسمية على أهمية استمرارية العملية التعليمية بالجهود الشعبية وتوفير بيئة آمنة ومحفزة للطلاب والمعلمين.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال أحمد مستور مدير عام وزارة التعليم بولاية شمال دارفور أن هذا القرار يأتي استجابة للطلب المقدم من المجتمع المحلي لاستئناف العملية التعليمية، نظرا للتدهور الواضح في السلوكيات والاستغلال السلبي الذي يلاحظ لدى الأطفال والشباب.

وأضاف أن الهدف من هذا القرار هو توفير فرص تعليمية للطلاب رغم التحديات الأمنية الموجودة، مع التأكيد على أهمية توفير بيئة تعليمية آمنة وملائمة لجميع الطلاب. وأشار إلى أنه سيتم اتخاذ جميع التدابير اللازمة بهذا الصدد.

ولا توجد إحصائيات رسمية لعدد الطلاب والتلاميذ والمعلمين بإقليم دارفور. ومع ذلك، يقول مستور إن عدد التلاميذ والطلاب بكل المراحل في ولاية شمال دارفور وحدها يقدر بأكثر من 619 ألفا، بينما يقدر عدد المعلمين بما يزيد على 13 ألف معلم ومعلمة، وعدد المدارس المتضررة بالأحداث الأخيرة في كل المحليات 147 مدرسة ومرفقا تعليميا.

آثار الدمار والخراب التي لحقت بقرى ريف الفاشر جراء تجدد الاشتباكات (مواقع التواصل) تحديات

ومنذ عقود، يعاني إقليم دارفور من صعوبات في مجال التعليم نتيجة الصراع المستمر والاضطرابات الأمنية التي تشهدها المنطقة حيث تأثرت المدارس والمؤسسات التعليمية بشكل كبير، وتم تدميرها وإغلاقها في بعض الحالات. وخلال الآونة الأخيرة زادت المواجهات المسلحة من حالات النزوح للعائلات والطلاب من مناطقهم الأصلية، مما أدى إلى انتشار الفوضى وتشتت الأسر وضياع الفرص التعليمية.

وشهدت المنطقة نقصا حادا في التمويل وتدهورا في البنية التحتية التعليمية نتيجة عدم كفاية الموارد المالية المخصصة لها. وتسبب هذا التدهور في نقص عدد المعلمين المؤهلين والمدربين بشكل كاف، مما أثر سلبا على جودة التعليم في المنطقة.

يقول أحمد صالح (معلم ثانوي) إن العملية التعليمية بدارفور كانت ضعيفة قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان الماضي، ولفت إلى تدهور مروع في البنية التحتية للمدارس، بما في ذلك استخدام مواد محلية مثل القش والطين في بناء بعض الفصول الدراسية.

وقال للجزيرة نت "المعلمون أكثر الضحايا حيث فقدوا رواتبهم ومنهم من هاجر إلى خارج البلاد بسبب الحرب ومنهم من دفع حياته ثمنا لرسالته النبيلة". وتساءل: كيف يمكننا فتح المدارس بعد أكثر من عام من الحرب والتهديدات الأمنية التي ما زالت قائمة؟ مشددا على ضرورة إيقاف الحرب أولا قبل استئناف العملية التعليمية.

وقف الحرب أولا

إلى ذلك، تعبر الطالبة تسنيم مختار عن استيائها من تردي العملية التعليمية في مدرستها قبل اندلاع الحرب. وتشكو من نقص البنية التحتية، ونقص الكتب المدرسية، وعدم قيام المعلمات بواجباتهن بسبب ضعف الرواتب. وتقول للجزيرة نت إنها كانت تعتمد بشكل كبير على والدتها في تعليمها، وتجد صعوبة في فهم المواد العلمية مثل الكيمياء والفيزياء والرياضيات والإنجليزية.

ومن جانبه شدد الخبير التربوي إبراهيم آدم موسي -في حديث للجزيرة نت- على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للحرب قبل استئناف التعليم، حيث من المحتمل أن يؤثر استمرار الحرب على الحياة العامة ويعزز عدم استدامة العملية التعليمية.

بينما يرى الناشط الاجتماعي مزمل إبراهيم عبد الله أن فكرة استئناف المدارس في الوقت الراهن تواجه تحديات كبيرة، بدءا من مشكلة الأمن وتهديدات الاشتباكات المسلحة في المنطقة.

وشدد على ضرورة وقف الحرب حيث إنه يصعب إرسال الأطفال إلى المدارس في ظل تلك الظروف غير المستقرة، وقال "لا ضمانات لعدم اندلاع المواجهات المسلحة بالمدينة وسقوط القذائف والقنابل على المدارس ورؤوس التلاميذ والطلاب".

مدارس الفاشر تحولت إلى مراكز لإيواء بسبب الحرب (الجزيرة) "لا يوجد عائق"

وبرغم التحديات الأمنية والصعوبات التي يواجهها التعليم في الفاشر وإقليم دارفور، يعتبر استئناف الدراسة خطوة مهمة في وجهة نظر العديد من المهتمين بالتعليم بهدف تأمين حقوق الطلاب في الحصول على التعليم وتطوير مهاراتهم ومستقبلهم.

وفي حديثه للجزيرة نت، أعرب المعلم محمد آدم إسحاق أن استئناف العملية التعليمية في شمال دارفور "قرار صائب" على الرغم من التحديات التي تواجهه، موضحا أن ربط التعليم بالحرب غير صحيح، ومشيرا إلى ضرورة مراعاة ظروف المناطق الآمنة والمستقرة في الولاية، لأنه -برأيه- لا يوجد عائق يمنع أهل تلك المناطق من متابعة تعليمهم، خاصة وأن معظم مناطق الولاية يعتمدون على الجهود الشعبية في مجال التعليم.

أما محاسن أحمد (أم 3 أطفال) فتقول إنها ترحب بقرار استئناف الدراسة في الفاشر، مع الاهتمام بتوفير بيئة آمنة ومحفزة للطلاب معتبرة التعليم فرصة هامة لتأمين مستقبل أفضل لأطفالها، وتأمل أن يتم تحسين جودة التعليم بالمنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات شمال دارفور للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة قناة السويس: نواصل جهود تعزيز التحول الرقمي كمحور رئيسي لتطوير العملية التعليمية

أكد رئيس جامعة قناة السويس الدكتور ناصر مندور أن الجامعة تواصل جهودها في تعزيز التحول الرقمي كأحد المحاور الرئيسية لتطوير العملية التعليمية، مشيرًا إلى أن مركز التحول الرقمي بالجامعة الذي بدأ نشاطه عام 2020 شهد تقدمًا كبيرًا حيث بلغ عدد الطلاب الحاصلين على شهادة أساسيات التحول الرقمي 14360 طالب دراسات عليا.


وذكرت جامعة قناة السويس -في بيان- أنها استقبلت أعضاء لجنة مركز الخدمات الإلكترونية والمعرفية بالمجلس الأعلى للجامعات برئاسة الدكتور محمد حسن جاد الله مدير الوحدة المركزية للتدريب والدكتور محمود الهباء نائب مدير الوحدة؛ لمتابعة أداء مركز التحول الرقمي بالجامعة وتقييم تنفيذ أعمال التدريب والاختبارات لبرامج شهادة أساسيات التحول الرقمي.


وأكد نائب رئيس الجامعة الدكتور محمد سعد زغلول أن زيارة اللجنة تأتي ضمن جهود الجامعة المستمرة لضمان تقديم خدمات إلكترونية متطورة تلبي احتياجات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، مشيرًا إلى أن الجامعة توفر بيئة تدريبية متكاملة تعتمد على أحدث الأنظمة الرقمية والمعايير التكنولوجية المعتمدة. 


وأضاف مدير مركز التحول الرقمي بالجامعة الدكتور تامر شوقي أن المركز حصل العام الماضي على شهادة تجديد الاعتماد من الوحدة المركزية للتدريب على تكنولوجيا المعلومات بالمجلس الأعلى للجامعات كمركز معتمد للتدريب والاختبارات الإلكترونية موضحًا أن الجامعة تعمل على تطوير منظومة التحول الرقمي بما يواكب أحدث المستجدات في مجال التعليم الإلكتروني.


وخلال الجولة التفقدية، زار أعضاء اللجنة قاعات الاختبارات الإلكترونية حيث تابع الوفد إجراءات دخول الطلاب وتسجيل الحضور وناقش معهم المشكلات التي قد تواجههم والمزايا التي توفرها شهادة أساسيات التحول الرقمي، ومقترحاتهم لتطوير التجربة


كما أعلن رئيس اللجنة عن تفعيل نظام الاختبارات التفاعلية بدءًا من الدورات القادمة مشددًا على أهمية جاهزية البنية التحتية لاستقبال هذا التطوير.


ومن داخل قاعة الفيديو كونفرنس، عُقد اجتماع ضم مديري مراكز التحول الرقمي بجامعات قناة السويس، السويس، وبورسعيد، بحضور المدربين ومنسقي الاختبارات بهذه الجامعات حيث تم التحديات التي تواجه مراكز التحول الرقمي وسبل التغلب عليها


والإجراءات المتبعة في مركز التحول الرقمي بجامعة قناة السويس، والذي يعد واحدًا من أفضل المراكز على مستوى الجمهورية، حيث يحتل المركز الرابع من بين 100 مركز اختبارات إلكترونية معتمدة على مستوى الجامعات المصرية.
 

مقالات مشابهة

  • زينة لـ"البوابة نيوز": مشهد مرض ابنتي من أكثر المشاهد التي أثرت في الجمهور
  • محافظ أسيوط يتابع سير العملية التعليمية بمدرسة السلام الحديثة
  • عشرات القتلى في هجوم للدعم السريع على قرى شرق الفاشر
  • الهلال الاحمر السوداني بشمال دارفور ينفذ مطبخا جماعيا لثماني تجمعات سكانية بمعسكر زمزم للنازحين بالفاشر
  • الدعم السريع تقتل عشرات المدنيين في شمال دارفور
  • "مكتب الشورى" يستعرض ردودًا وزارية حول "التعليم المهني" و"مخيم الحجاج العُمانيين"
  • تعليم القاهرة: الانضباط والالتزام داخل المدارس أساس نجاح العملية التعليمية
  • محافظ أسيوط يؤكد متابعة سير العملية التعليمية وحضور الطلاب وانتظامهم
  • رئيس جامعة قناة السويس: نواصل جهود تعزيز التحول الرقمي كمحور رئيسي لتطوير العملية التعليمية
  • وكيل التعليم بالجيزة يجري زيارة ميدانية لإدارةِ أطفيح التعليمية.. صور