سواليف:
2025-03-26@06:29:00 GMT

بلا مجاملة

تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT

#بلا_مجاملة د. #هاشم_غرايبه

من اللافت للنظر، مدى استغراق فئة من هذه الأمة في التصدي لمحاولة عودة الأمة الى منهجها القويم الذي ارتقت به من جاهليتها وعصبيتها عندما اتبعته، ولما نكصت عنه عادت الى ما كانت عليه قبله، رغم أنه تبين للأعمى قبل البصير أن المنهج البديل (منظومة سايكس- بيكو) فاشل إداريا، وعاجز بنيويا، لعدم أهليته لحمل المشروع النهضوي المأمول.


تكونت هذه الفئة بداية من الزعماء القبليين الذين خشوا فقدان امتيازاتهم، والدهماء من أتباعهم، وانضم إليهم أغلبية أهل الكتاب حسدا من أنفسهم للعرب أن اختصهم الله بالرسالة الخاتمة، فباتوا معسكرا داخليا معاديا، فسماهم الله تعالى بالمنافقين.
نما هذا المعسكر في الخفاء مع نمو الدولة الإسلامية، ولم يكن لينشط ويكشف أفراده أنفسهم إلا كلما حدث عدوان خارجي، أملا في انتصار الغزاة والقضاء على الإسلام واسئصاله من الأرض.
عندما نجح الغرب أخيرا بالقضاء على آخر صورة للدولة الإسلامية في مطلع القرن العشرين، وجد في هذا المعسكر من كان طامحا للسلطة من التزم بطاعته وتنفيذ إملاءاته، والتي تحددت بمنع عودة تلك الدولة الجامعة للأمة، والبديل الذي كانت تعد به هو موالاة الغرب واتباع منهجهم.
شهدت الألفية الجديدة انتقال السلطة من جيل الآباء المؤسسين لهذه المنظومة الى الجيل الثاني، بعد أن أنجزوا برنامج الراعي الغربي في حصار الإسلام وتحويله الى مجرد طقوس عبادة، إضافة الى حماية اللقيط بتحقيق النكبة والنكسة والتطبيع.
لكن استغراق الجيل الجديد في مهامهم الموكلة إليهم فاق كثيرا آباءهم، فقد حققوا للغرب من مصالح في عقدين من الزمن، أكثر مما حققه جيل الآباء في ثمانية عقود، بداية بتقسيم المقسم من أجل شرذمة الأمة أكثر، ثم أشغلوها بحروب مع الذات (الحرب على الإرهاب) للقضاء على كل معالم المقاومة للغزاة، ثم التدمير الذاتي وتقطيع أوصال المجتمع في الأقطار العربية الأقوى، فبدأوا بالجزائر ثم العراق ثم مصر ثم سوريا ثم ليبيا ثم اليمن، وبعد أن أنجز ذلك، كانت الحلقة الأخيرة وهي تدمير اقتصادات الأقطار التي نجت من كل تلك الحرائق وهي الدول الخليجية، فكانت (عاصفة الحزم) استنساخا للحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات بلا هدف ولا نتيجة سوى الإستنزاف.
رغم ذلك فالجيل هذا لم يكونوا بحكمة آبائهم وتمرسهم، ويشعرون بالقلق جراء انفصالهم عن المواطنين، إذ يحسون بالفارق الكبير عن جيل الآباء، الذين تسلموا الحكم خارج الشرعية الإنتخابية الشعبية، فنزلوا جميعهم على كراسي الحكم بمظلة الراعي الأوروبي-الأمريكي، لذلك تعاملوا مع مواطنيهم بتودد حذر، وتقربوا منهم ليأمنوا نقمتهم، لكن الغلمان جاءوا جميعا بفعل الأمر الواقع، وتربوا في الغرب على مباديء الليبرالية النفعية، فلا يهتمون كثيرا بأنات المسحوقين، ويرون المواطنين رعية تبعا، لا يقبلون منهم إلا الولاء المطلق، لذلك لا يجدون حاجة لتلمس احتياجاتهم ولا يقبلون حتى سماع شكاياتهم.
بناء على ذلك نفهم لماذا كانت تتفاقم المشكلات البسيطة وتتعقد، فالسمة العامة لهؤلاء أبعد ما تكون عن الحكمة والتعقل، بل يغلب النزق الصبياني، الذي يتميز بعدم الإستئناس بأفكار أصحاب الخبرة والإختصاص ولا الأخذ بآراء العقلاء الناصحين.
والأمثلة كثيرة نلمسها في كل المصائب العربية الحالية، وللتمثيل لا الحصر، نرى كيف زينت الأحقاد الطائفية للمنافقين سوء عملهم، عندما تحالفوا مع الأعداء لتدمير حواضر الأمة في العراق وسوريا، فكانت الخسارة للسنة والشيعة على السواء، والمستفيد الوحيد هو الكيان اللقيط.
ورأينا كيف حوّل الطيش وانعدام بطانة الحكماء، النزاع في سوريا من سياسي داخلي يمكن حله بالحوار، الى ميدان صراع دولي يربح منه كل الطامعين، والخاسر الوحيد هو سوريا.
وشهدنا دمار الأمة كيف حققه طيش الغلمان بتوريط دول الخليج في تدمير مصر خوفا من تمدد الهبة الشعبية، ثم اليمن وليبيا، فلانعدام إيمانهم، عرّضوا الأمة الى لدغة إثر لدغة من جحر الاحتواء المزدوج، فاستنزفوا كل مقدراتها.
حتى لو تجاوزنا كل ماسبق، فأن اصطفاف منظومة سايكس بيكو وراء الراعي الأمريكي في معركة الطوفان لم يدع عذرا حتى لأهبل، لكن المرعوبين من الإسلام لا يبدون أية نية في مراجعة موقفهم، ورغم فداحة الخسائر التي ألحقوها بالأمة التي يدعون حرصهم عليها.
هكذا لينكشف حلف المنافقين.
فهل عرفنا الآن لماذا توعد الله المنافقين بالدرك الأسفل من النار؟.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

في الذكرى 61 لتأسيسها.. مفتي الجمهورية: إذاعة القرآن الكريم كانت ميلادا لرسالة ربانية خالدة

أكَّد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن الحديث عن القرآن الكريم وما يتصل به يُعَدُّ من أعظم القضايا التي تستوجب الاهتمام، خصوصًا في ظل التحديات المعاصرة، مشددًا على ضرورة المحافظة على القرآن الكريم والعناية به؛ حفظًا وتلاوةً وتدبرًا وفهمًا.

وأوضح، في كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ 61 لتأسيس إذاعة القرآن الكريم، أن القرآن الكريم كان له الدور الأكبر في تحقيق التوازن والاعتدال في حياة البشرية، حيث جاء ليهدي الإنسان إلى الطريق القويم، بعيدًا عن الإفراط والتفريط، قائلًا: لقد كان الناس قبل نزول القرآن مشتتين بين مادية بحتة أَلْهَتْهم عن القيم الروحية، وبين زهدٍ مطلقٍ أبعدهم عن عمارة الأرض. 

فجاء الإسلام ليحدد الغاية من الحياة، ويدعو إلى الاعتدال والتوازن بين متطلبات الروح والجسد، حتى تتحقق للإنسان سعادته في الدنيا والآخرة، وهو ما أكده القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77].

وأضاف مفتي الجمهورية أن القرآن الكريم ليس كتابًا دينيًّا فحسب، بل هو منهاج حياة شامل، يعالج القضايا النفسية والاجتماعية، ويضع للبشرية خارطة طريق واضحة للهداية والاستقامة، مستدلًا بقول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9]، وقوله سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].

وأشار إلى أهمية الجهود المبذولة للحفاظ على القرآن الكريم ونشر تعاليمه، مُثمِّنًا إعلان وزارة الأوقاف عن مسابقة عالمية دولية لحفظة القرآن الكريم، باعتبارها خطوة مهمة تعزز من ارتباط الأجيال الجديدة بالقرآن الكريم، خاصة في ظل ما تواجهه البشرية من فتن وشبهات وشهوات.

وقال مفتي الجمهورية: "إن إذاعة القرآن الكريم لم تكن منذ انطلاقها قبل 61 عامًا مجرد موجةٍ في فضاء الأثير، بل كانت ميلادًا لرسالةٍ ربانيةٍ خالدة، وامتدادًا لصوت السماء في دنيا البشر، وسورًا منيعًا يحمي كلام الله من التحريف، وسيفًا مشرعًا في وجه من يحاول المساس بقدسية الوحي المبين".

وأضاف أن هذه الإذاعة المباركة كانت -وما زالت- حصنًا لا يُخترق، ومنبرًا لا يُدنَّس، ونورًا لا يخبو، إذ شهدت عبر تاريخها تلاوات أعذب الأصوات من كبار القراء الذين نقشوا بأدائهم الفريد تاريخًا خالدًا، وأصبح صوتهم علامة مميزة في ذاكرة المسلمين. 

كما كانت منبرًا لعلماء الأزهر الشريف، الذين نشروا الفقه والتفسير، ودافعوا عن كتاب الله بالحجة والبرهان، مقارعين الشبهات ومفندين المزاعم، لتظل الإذاعة بوح العلم، ونبض العقيدة، وحارس المعتقد الصحيح.

وأشار المفتي إلى أن إذاعة القرآن الكريم تجاوزت الحدود، وأصبحت قوةً ناعمةً لمصر، وصوتًا عابرًا للزمان والمكان، حيث استلهمت منها العواصم الإسلامية نهجها، واحتذت بمسيرتها إذاعات العالم الإسلامي؛ مما جعل لها صدًى في كل قطر، وترديدًا في كل بيت، وأثرًا لا يُمحى في كل قلب.

ولفت الانتباه إلى أن إذاعة القرآن الكريم لم تركن إلى الماضي، بل واصلت عطاءها مستلهمةً من الأصالة قيمها، ومن الحاضر تطوره، فتكيَّفت مع العصر وانطلقت في الفضاء الرقمي، لتظل حاضرةً على كل هاتف ومنصة، تواكب التطورات دون أن تفقد جوهرها، وترتل مع الفجر، وتؤنس السهر، وتضيء الدروب لكل من أرهقته عتمة الحياة.

كما أكد المفتي أنَّ إذاعة القرآن الكريم لم تكن مجرد وسيلةٍ إعلاميةٍ تقليدية، بل أصبحت مع مرور العقود منارةً تُشع بنور الهداية، ومنبرًا لنشر تعاليم الإسلام السمحة، حيث ساهمت في ترسيخ القيم الدينية والأخلاقية، وتعزيز الوعي الإسلامي الوسطي المعتدل، لتظل حصنًا منيعًا ضد الأفكار المتطرفة والمغلوطة، وحاملًا أمينًا لرسالة الإسلام القائمة على التسامح والسلام.

وأضاف أن هذه الإذاعة العريقة لم تقتصر على تلاوة القرآن الكريم فحسب، بل قدمت للعالم الإسلامي كنوزًا من العلوم الشرعية والتفسير والحديث والسيرة، من خلال برامجها المتميزة التي شارك فيها كبار العلماء والمفكرين، ما جعلها مدرسةً تربويةً مفتوحةً أمام كل مسلم، يتلقى منها العلم الصحيح والمنهج القويم.

وأشار إلى أن تطور إذاعة القرآن الكريم لم يتوقف عند حدود البث التقليدي، بل تفاعلت مع تطورات العصر، فدخلت الفضاء الرقمي، وأصبحت متاحةً عبر التطبيقات والمنصات الإلكترونية، لتصل إلى كل مسلم في أي مكانٍ وزمانٍ، حاملةً رسالةً خالدةً لا تتأثر بتغير الوسائل، بل تزداد قوةً وانتشارًا.

وفي ختام كلمته، أعرب المفتي عن تقديره لجهود القائمين على إذاعة القرآن الكريم، الذين يحملون على عاتقهم رسالةً عظيمةً، مؤكدًا أن استمرار هذا الصرح الإعلامي المتميز في أداء رسالته النبيلة يُعد شاهدًا على عظمة مصر وريادتها في نشر علوم الدين الصحيح، قائلًا: "ستظل إذاعة القرآن الكريم شعاعًا مضيئًا في سماء الإعلام الإسلامي، تحفظ القرآن، وتنشر تعاليمه، وتؤدي رسالتها بكل أمانةٍ وإخلاصٍ، شاهدةً على أن الله يحفظ دينه، ويجعل لكتابه رجالًا يحملونه بحق، ويؤدون رسالته كما أراد".

كما وجه مفتي الجمهورية التنهئة إلى إذاعة القرآن الكريم بعيد ميلادها الحادي والستين وأكد أنها انطلقت من قلب القاهرة لا لتكون مجرد موجة تتناقلها الرياح في فضاء الأثير بل لتكون ميلادًا لرسالة ربانية وامتدادًا لصوت السماء في دنيا البشر.

مقالات مشابهة

  • مبعوث ترامب للمهام الخاصة: الأسلحة النووية التي تخلت عنها كييف كانت ملكا لروسيا
  • شريف مدكور لـ«كلم ربنا»: رحلتي مع السرطان كانت إشارة من الله.. ومحبة الناس أكبر دعم
  • في الذكرى 61 لتأسيسها.. مفتي الجمهورية: إذاعة القرآن الكريم كانت ميلادا لرسالة ربانية خالدة
  • الراعي: تسمية الملاك مريم ممتلئة نعمة تكشف سرّها الغنيّ بالأوصاف
  • ليلة القدر رمضان 2025.. هل كانت الليلة الماضية؟ وما هي علاماتها؟
  • هل ليلة القدر كانت أمس 25 رمضان أم ننتظر ليلتين؟.. 7 من 10 علامات ظهرت
  • صنعاء.. أمسية بمديرية جحانة بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام
  • أمسية مركزية في جحانة بذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام
  • 5 صحابيات جاهدن بأرواحهن وأموالهن من أجل الدعوة للإسلام.. كيف كانت سيرهن؟
  • هل ليلة القدر كانت ليلة أمس 23 ؟.. ترقبوا علاماتها