#بلا_مجاملة د. #هاشم_غرايبه
من اللافت للنظر، مدى استغراق فئة من هذه الأمة في التصدي لمحاولة عودة الأمة الى منهجها القويم الذي ارتقت به من جاهليتها وعصبيتها عندما اتبعته، ولما نكصت عنه عادت الى ما كانت عليه قبله، رغم أنه تبين للأعمى قبل البصير أن المنهج البديل (منظومة سايكس- بيكو) فاشل إداريا، وعاجز بنيويا، لعدم أهليته لحمل المشروع النهضوي المأمول.
تكونت هذه الفئة بداية من الزعماء القبليين الذين خشوا فقدان امتيازاتهم، والدهماء من أتباعهم، وانضم إليهم أغلبية أهل الكتاب حسدا من أنفسهم للعرب أن اختصهم الله بالرسالة الخاتمة، فباتوا معسكرا داخليا معاديا، فسماهم الله تعالى بالمنافقين.
نما هذا المعسكر في الخفاء مع نمو الدولة الإسلامية، ولم يكن لينشط ويكشف أفراده أنفسهم إلا كلما حدث عدوان خارجي، أملا في انتصار الغزاة والقضاء على الإسلام واسئصاله من الأرض.
عندما نجح الغرب أخيرا بالقضاء على آخر صورة للدولة الإسلامية في مطلع القرن العشرين، وجد في هذا المعسكر من كان طامحا للسلطة من التزم بطاعته وتنفيذ إملاءاته، والتي تحددت بمنع عودة تلك الدولة الجامعة للأمة، والبديل الذي كانت تعد به هو موالاة الغرب واتباع منهجهم.
شهدت الألفية الجديدة انتقال السلطة من جيل الآباء المؤسسين لهذه المنظومة الى الجيل الثاني، بعد أن أنجزوا برنامج الراعي الغربي في حصار الإسلام وتحويله الى مجرد طقوس عبادة، إضافة الى حماية اللقيط بتحقيق النكبة والنكسة والتطبيع.
لكن استغراق الجيل الجديد في مهامهم الموكلة إليهم فاق كثيرا آباءهم، فقد حققوا للغرب من مصالح في عقدين من الزمن، أكثر مما حققه جيل الآباء في ثمانية عقود، بداية بتقسيم المقسم من أجل شرذمة الأمة أكثر، ثم أشغلوها بحروب مع الذات (الحرب على الإرهاب) للقضاء على كل معالم المقاومة للغزاة، ثم التدمير الذاتي وتقطيع أوصال المجتمع في الأقطار العربية الأقوى، فبدأوا بالجزائر ثم العراق ثم مصر ثم سوريا ثم ليبيا ثم اليمن، وبعد أن أنجز ذلك، كانت الحلقة الأخيرة وهي تدمير اقتصادات الأقطار التي نجت من كل تلك الحرائق وهي الدول الخليجية، فكانت (عاصفة الحزم) استنساخا للحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات بلا هدف ولا نتيجة سوى الإستنزاف.
رغم ذلك فالجيل هذا لم يكونوا بحكمة آبائهم وتمرسهم، ويشعرون بالقلق جراء انفصالهم عن المواطنين، إذ يحسون بالفارق الكبير عن جيل الآباء، الذين تسلموا الحكم خارج الشرعية الإنتخابية الشعبية، فنزلوا جميعهم على كراسي الحكم بمظلة الراعي الأوروبي-الأمريكي، لذلك تعاملوا مع مواطنيهم بتودد حذر، وتقربوا منهم ليأمنوا نقمتهم، لكن الغلمان جاءوا جميعا بفعل الأمر الواقع، وتربوا في الغرب على مباديء الليبرالية النفعية، فلا يهتمون كثيرا بأنات المسحوقين، ويرون المواطنين رعية تبعا، لا يقبلون منهم إلا الولاء المطلق، لذلك لا يجدون حاجة لتلمس احتياجاتهم ولا يقبلون حتى سماع شكاياتهم.
بناء على ذلك نفهم لماذا كانت تتفاقم المشكلات البسيطة وتتعقد، فالسمة العامة لهؤلاء أبعد ما تكون عن الحكمة والتعقل، بل يغلب النزق الصبياني، الذي يتميز بعدم الإستئناس بأفكار أصحاب الخبرة والإختصاص ولا الأخذ بآراء العقلاء الناصحين.
والأمثلة كثيرة نلمسها في كل المصائب العربية الحالية، وللتمثيل لا الحصر، نرى كيف زينت الأحقاد الطائفية للمنافقين سوء عملهم، عندما تحالفوا مع الأعداء لتدمير حواضر الأمة في العراق وسوريا، فكانت الخسارة للسنة والشيعة على السواء، والمستفيد الوحيد هو الكيان اللقيط.
ورأينا كيف حوّل الطيش وانعدام بطانة الحكماء، النزاع في سوريا من سياسي داخلي يمكن حله بالحوار، الى ميدان صراع دولي يربح منه كل الطامعين، والخاسر الوحيد هو سوريا.
وشهدنا دمار الأمة كيف حققه طيش الغلمان بتوريط دول الخليج في تدمير مصر خوفا من تمدد الهبة الشعبية، ثم اليمن وليبيا، فلانعدام إيمانهم، عرّضوا الأمة الى لدغة إثر لدغة من جحر الاحتواء المزدوج، فاستنزفوا كل مقدراتها.
حتى لو تجاوزنا كل ماسبق، فأن اصطفاف منظومة سايكس بيكو وراء الراعي الأمريكي في معركة الطوفان لم يدع عذرا حتى لأهبل، لكن المرعوبين من الإسلام لا يبدون أية نية في مراجعة موقفهم، ورغم فداحة الخسائر التي ألحقوها بالأمة التي يدعون حرصهم عليها.
هكذا لينكشف حلف المنافقين.
فهل عرفنا الآن لماذا توعد الله المنافقين بالدرك الأسفل من النار؟.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
حزب الأمة القومي ينعي القيادي بالحزب العمدة آدم بشير والذي مات تحت التعذيب بمعتقلات الجيش بسنار
تحتسب الأمانة العامة لحزب الأمة القومي عندالله تعالي الحبيب الشهيد الأنصاري آدم بشير آدم عمدة الرماش الذي إستشهد بمعتقلات الجيش بسنجة ظلما نتيجة التعذيب بجريرة تهمة المتعاونين ، فقد كان الراحل من الأحباب الأنصار المخلصين ،وكان رجل إدارة أهلية نموذج للتسامح والحكمة والحنكة وكان صاحب همة عالية، نذر حياته لخدمة أهله متمسكا
*بسم الله الرحمن الرحيم*
حزب الأمــــة القومـــي
الأمانــــــة العامــــــة
احتساب
قال تعالي: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} صدق الله العظيم
تحتسب الأمانة العامة لحزب الأمة القومي عندالله تعالي الحبيب الشهيد الأنصاري آدم بشير آدم عمدة الرماش الذي إستشهد بمعتقلات الجيش بسنجة ظلما نتيجة التعذيب بجريرة تهمة المتعاونين ، فقد كان الراحل من الأحباب الأنصار المخلصين ،وكان رجل إدارة أهلية نموذج للتسامح والحكمة والحنكة وكان صاحب همة عالية، نذر حياته لخدمة أهله متمسكا باشاعة روح التسامح والتعايش السلمي وظل بمنطقته رغم ظروف الحرب القاسية يتلمس احتياجات المواطنين ويدفع عنهم آثار الحرب وتداعياتها، ويسعي لتوفير الحماية لهم . وقد تعرض للإعتقال ظلما مع عدد كبير من المواطنين الأبرياء من قري سنجة والشكابة وزينوبة وأبوحجار وودالنيل لا لشيء الا لأنهم رفضوا الخروج من مناطقهم وظلوا بها ، فكان عقابهم القتل والإعتقال والتعذيب بجريرة التعاون مع الدعم السريع.
إن حزب الأمة القومي إذ ينعيه فإنه يحتسبه شهيداً عند الله تعالي ، ويدين بشدة سلوك الإنتقام من المواطنين الأبرياء ، ويطالب قيادة القوات المسلحة بإطلاق سراح المواطنين المعتقلين، والكف عن ممارسات القمع والإنتهاكات الجسيمة بحقهم .
يتقدم الحزب بالتعازي والمواساة لأسرة الشهيد وعشيرته ولأهالي الرماش ونسال الله أن يتقبل الشهيد القبول الحسن وأن يدخله فسيح الجنان مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
إنا لله وإنا إليه راجعون
الجمعة 13 ديسمبر 2024م
الأمانة العامة لحزب الأمة القومي