شرط تركي لاستئناف مسار التطبيع مع النظام السوري.. هل يمكن تحقيقه؟
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
تفاوتت القراءات لمدلولات تصريحات وزير الدفاع التركي يشار غولر التي أكد فيها انفتاح أنقرة على الحوار مع النظام السوري، ولا سيما تأكيده أن بلاده "لا تطمع في أراضي أحد"، في إشارة منه إلى ما يمكن اعتبارها نقطة الخلاف الأبرز، التي أعاقت مسار التطبيع مع النظام السوري، أي اشتراط الأخير سحب القوات التركية من سوريا.
وفي لقاء مع وسائل إعلام تركية، اشترط غولر على النظام قبل استئناف الحوار إجراء "انتخابات مستقلة"، قائلاً: "على النظام السوري قبول الدستور وإقامة انتخابات حرة ومستقلة، إذا فزت (مخاطباً رئيس النظام السوري بشار الأسد) فسنلتقي بك أو بمن يفوز"، وأضاف أن تركيا "تحترم الحدود الإقليمية لجميع جيرانها، وأنها لا تطمع في أراضي أحد".
محاباة روسيا
ويقرأ الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، في تصريحات الوزير التركي "محاباة من تركيا لروسيا راعية مسار التطبيع".
ويقول لـ"عربي21": "أنقرة تقول إنها لم تغلق باب الانفتاح والحوار مع النظام، لكنها رفعت سقف شروطها التي تبدو مستحيلة القبول والتحقيق من قبل النظام السوري، وهذا يعني استحالة تطبيع العلاقات مع النظام السوري في ظل الوضع الراهن".
وأضاف أوغلو أن رفع السقف من أنقرة يأتي رداً على شرط النظام المتعلق بسحب القوات التركية من الأراضي السورية، الذي لم ولن يقبل به الجانب التركي، وبالتالي أنقرة تسوق شروطها التي يستحيل تلبيتها من قبل النظام السوري.
وعقد أول لقاء رسمي بين النظام السوري وتركيا على مستوى وزراء الدفاع في العام 2022، وبعدها بعام اجتمع وزراء خارجية النظام وتركيا بحضور الوزير الروسي، لكن هذا المسار الذي رعته روسيا تعثر، حيث أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل شهرين عن "استحالة التطبيع بين تركيا والنظام السوري بسبب الظروف الحالية".
ووفق معلومات مسربة من اللقاءات التي حصلت، طالب النظام السوري بانسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية، أو جدولة الانسحاب على الأقل، وهو ما ترفضه أنقرة لحسابات متعلقة بالتنظيمات التي تصنفها "إرهابية"، والخشية من تدفق موجات جديدة من اللجوء إلى أراضيها.
بدوره، يصف الكاتب والباحث السياسي التركي طه عودة أوغلو تصريحات غولر الأخيرة بـ"اللافتة للغاية من حيث دلالاتها وتوقيتها"، ويقول لـ"عربي21": "الواضح أن تركيا ترفع سقف شروطها مقابل شروط النظام التعجيزية".
ويوضح أن تركيا باشتراطها إجراء انتخابات "حرة" في سوريا، قبل استكمال الحوار مع النظام السوري، إنما هي ترمي الكرة في ملعب اللاعبين الأساسيين أي روسيا والولايات المتحدة.
ووفق عودة أوغلو، فإن تصريحات وزير دفاع تركيا تأتي في ظل مرحلة من الفتور تعتري العلاقات بين أنقرة وموسكو، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال تأجيل اللقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأكثر من مرة، مضيفاً: "بالتالي تريد تركيا إنعاش علاقتها مع روسيا من خلال مسار التطبيع مع النظام السوري، ومن جانب آخر هي تريد كذلك التحدث إلى الولايات المتحدة".
تأكيد الموقف التركي في سوريا
أما الباحث في "مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية" فراس فحام، فيرى أن تركيا تريد من خلال تصريحات وزير الدفاع التركي، وتحديداً إشارته إلى ضرورة إجراء انتخابات في سوريا، أن تعيد التأكيد على موقفها في سوريا، وهو الحل السياسي الذي يشارك فيه جميع السوريين، والذي يحفظ لسوريا وحدتها.
ويقول لـ"عربي21": "بطبيعة الحال لن يتحقق الحل السياسي إلا وفق انتخابات يشارك فيها كل السوريين، وبعد ذلك يمكن أن تتحاور أنقرة مع الحكومة التي نجحت في الانتخابات".
ويشير إلى أن تركيا الضامنة للمعارضة، لا تستطيع أن تتجاوز هذه الحالة، وتقوم بفتح علاقات مع النظام السوري، وهي التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين، مختتماً بقوله: "الكل يعلم أن هؤلاء لن يعودوا إلى سوريا ما لم يتحقق الحل السياسي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سوريا الأسد تركيا سوريا الأسد تركيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع النظام السوری مسار التطبیع أن ترکیا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
خبراء يجيبون لـ "الفجر".. كيف أصبح النفوذ التركي يزيد في إفريقيا؟
شهدت العلاقات التركية الإفريقية تطورًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، حيث أصبحت تركيا لاعبًا بارزًا في القارة السمراء عبر استراتيجيات دبلوماسية وتنموية شاملة.
حيث ظهر ذلك في الاتفاق بين الصومال وإثيوبيا خلال الأيام الماضية وأيضا مبادرة تركيا من أجل المصلحة بين السودان والإمارات العربية المتحدة.
زيادة النفوذ
من جانبه قال الدكتور أسامة أحمد المصطفي، المتخصص في الشؤون الإفريقية، إن الحضور المتزايد لأنقرة في مختلف أنحاء إفريقيا يشير إلى عودة الطموحات التركية إلى فرض نفوذها في منطقة غنية بالموارد والأهمية الجيوسياسية وبعد أن لُقِّب بـ "رجل أوروبا المريض "، أعاد تحول تركيا إلى قوة أوروبية هائلة إشعال شرارة سعيها إلى تعميق العلاقات وتوسيع نفوذها في مختلف أنحاء القارة.
أضاف المصطفي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن منطقة القرن الإفريقي على وجه الخصوص، تشكل قلب الاستراتيجية التركية في إفريقيا، نظرًا لموقعها الحرج على طول البحر الأحمر وخليج عدن وتعمل هذه الممرات المائية كممرات حيوية للتجارة العالمية وهي تشكل محورًا لتطلعات أنقرة الاقتصادية والعسكرية على المدى الطويل وتعكس استثمارات تركيا في القواعد العسكرية ومشاريع الطاقة ومناطق التجارة الحرة التزامها بتأمين موطئ قدمها الاستراتيجي في المنطقة.
أكمل حديثه قائلا:" أن نهج تركيا تجاه إفريقيا يجمع بين التركيز على تعزيز الاستقلال العسكري وتعزيز النمو الاقتصادي؛ ومن خلال تصدير معدات دفاعية ميسورة التكلفة وموثوقة، بما في ذلك الطائرات دون طيار، وضعت تركيا نفسها كشريك رئيسي للدول الأفريقية التي تسعى إلى مكافحة الإرهاب ومعالجة التحديات الأمنية؛ وعلاوة على ذلك، فإن اتفاقيات الطاقة والاستثمارات في البنية الأساسية التي أبرمتها أنقرة تظهر عزمها على إقامة شراكات اقتصادية دائمة في القارة".
أشار إلى أن الوجود المتنامي لا يخلو من التحديات فالقرن الإفريقي مساحة متنازع عليها، حيث تتنافس القوى الدولية مثل الصين وروسيا على النفوذ إلى جانب الجهات الفاعلة الإقليمية مثل مصر، وتؤكد العلاقات العسكرية والدبلوماسية المتعمقة للقاهرة في الصومال ووجودها الأوسع في المنطقة على بيئة تنافسية يمكن أن تقيد طموحات تركيا، ومما يزيد من تعقيد دور تركيا التحركات الداخلية في القرن الأفريقي، وتشكل الصراعات العرقية والقبلية وعدم الاستقرار السياسي وهياكل الحكم الهشة مخاطر كبيرة على التنفيذ الناجح للمشاريع التركية، بالإضافة إلى ذلك، أدى التقارب الأخير بين أنقرة والقاهرة إلى إدخال طبقة من التعقيد، حيث قد تحتاج كلتا الدولتين إلى تنسيق استراتيجياتهما بشأن القضايا الإقليمية الحساسة، مما قد يحد من استقلال تركيا.
أوضح أنه على رغم من هذه العقبات، لا تظهر تركيا أي علامات على التراجع عن طموحاتها الأفريقية، أن خبرة البلاد في مكافحة الإرهاب وقدرتها على تقديم حلول عسكرية فعالة من حيث التكلفة تمنحها ميزة تنافسية في المنطقة، ومن خلال تعزيز الشراكات وتوسيع نفوذها في الدول الأفريقية الأخرى، تهدف تركيا إلى ترسيخ دورها كلاعب رئيسي في النظام العالمي المتعدد الأقطاب.
لفت المتخصص في الشؤون الإفريقية إلى أن نجاح تركيا في منطقة القرن الأفريقي سيعتمد على قدرتها على التنقل في مشهد جيوسياسي صعب مع الاستفادة من نقاط قوتها لتلبية الاحتياجات الاقتصادية والأمنية في المنطقة وسيكون إيجاد التوازن بين التطلعات الاستراتيجية والحقائق المعقدة للقارة الأفريقية محوريًا لجهود أنقرة للحفاظ على نفوذها وتوسيعه في هذه المنطقة الديناميكية.
أهمية القارة الإفريقيةوفي هذا السياق أكد الدكتور بشير عبد الفتاح، المتخصص في الشؤون التركية، أن النفوذ التركي في إفريقيا شهد توسعًا كبيرًا منذ تولي الرئيس رجب طيب أردوغان السلطة، حيث أدرك أهمية القارة الأفريقية في تعزيز الدور الإقليمي والعالمي لتركيا موضحًا أن التحركات التركية في إفريقيا بدأت بجهود إنسانية وإغاثية، شملت تقديم المساعدات وإطلاق مشاريع تنموية وثقافية، مع التركيز على بناء المساجد كمحطات أولى.
وأضاف عبد الفتاح في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن تركيا توسعت لاحقًا في التعاون الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات التجارية مع الدول الأفريقية، لتنتقل بعدها إلى شراكات أمنية وعسكرية، شملت تصدير المنتجات العسكرية التركية وتنفيذ تدريبات مشتركة مع جيوش الدول الأفريقية، لافتًا إلى إنشاء قواعد عسكرية تركية في بعض الدول، مثل القاعدة التركية في الصومال، التي تعكس عمق الحضور العسكري التركي في القارة.
وأشار إلى أن تركيا استفادت من الفراغ الجيوسياسي الناتج عن الانسحاب الفرنسي المتزايد وانشغال الولايات المتحدة عن القارة الأفريقية، ما أتاح لأنقرة فرصة لتعزيز وجودها قائلًا:" تركيا تتعامل مع إفريقيا باعتبارها مصدرًا غنيًا بالمواد الخام وسوقًا واعدًا للمنتجات التركية المدنية والعسكرية، فضلًا عن كونها فرصة استراتيجية لإقامة تمركزات عسكرية وقواعد تعزز نفوذها في القارة".
واختتم المتخصص في الشؤون أن التحرك التركي في إفريقيا يعتمد على رؤية استراتيجية شاملة تجمع بين الجانب الإنساني والتنموي مع الاقتصادي والعسكري، مؤكدًا أن أنقرة تعمل على ملء الفراغات التي خلفتها القوى الكبرى لتعزيز حضورها كقوة مؤثرة في القارة السمراء.