محمد المحسن “يا تونس الخضراء جئتك عاشقا *** وعلى جبيني وردة وكتاب..” (الشاعر الراحل تزار قباني) ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان،بل بذاكرته المنقوشة في المكان..(الكاتب) نخجل من الكتابة عن الثورة التونسية المجيدة في زحمة الكلام. نخجل، لأنّ الكلمات،ما زالت تحوم في الفلك المحيط بجوهر الثورة، ولأنها تصبح فعلاً مجسّداً خارجاً من شرايين جسدها الغاضب وأوردتها.
وستكون الكتابة عن هذه الثورة المدهشة فعلاً مفعماً بالصدق،إذ تصبح عملا معادلاً لعظمة اليأس الذي تجلى فيها من دون مساومة. وهكذا تحوّل الانتظار الذي طال إلى ثورة ترسم المستقبل، تلك الثورة الشعبية العارمة التي انطلقت شرارتها الأولى، ذات شتاء عاصف من شهر ديسمبر/كانون الأول 2010،هي ليست رداً على الاستبداد وحسب،بل ثورة على الماضي بكل تراكماته المخزية وتداعياته المؤلمة. هل نخجل من الكتابة،لأننا بانتظار “هومير” عربي،لكي يسجّل ملحمة التحرّر العربي الحديثة، وهي تتخبّط في بحر التآمر الإقليمي والدولي،أو لأنّ الملحمة التونسية التي ستكتب بالكلمات ستكون المعادل الحقيقي لعظمة هذه الثورة؟ المقهورون وحدهم يمهّدون الأرض أمام من سيكتب تلك الملحمة،لتدخلَ في سجل التاريخ، عملاً عظيماً يوازي الملاحم الكبرى في حياة الإنسانية. الغاضبون هم الذين يصنعون أسس عمارة الملحمة التي ستنتصب في مسيرة التاريخ شاهداً على أنّ الكتابة فعل يوازي عظمة الغضب. لذا، نخجل من الكتابة عن الثورة التونسية المجيدة التي ما زالت إنشاء لغوياً،يبرّر هزيمة قدراتنا على الدوران خارج النبل التاريخي المتمثّل في غضب الثورة. لهذا تطلّعنا جميعا إلى ملحمة البطولة التي تمثّلت على الأرض بالرفض والمقاومة، وتجلّت في تصحيح التاريخ العربي بأمثولة تكتب لكل الشعوب العربية،ملحمة خالدة تقاوم القهر والاستبداد،وتكشف زيف قوّة الديكتاتورية العمياء والظلم الحافي،لتمجّد ألقَ الروح الشعبية التي تكتب الشعر بإيقاع الانفتاح على الخلود. لا أقول إنّ الرأسَ تطأطأ أمام الاستشهاد من أجل تونس،بل إنّ الرأسَ تظل مرفوعة،فخراً بشعب أعزل،آمن بأنّ الشجرة إذا ما اقتلعت تفجّرت جذورها حياة جديدة، وتلك هي ملحمة الانبعاث من رماد القهر،بانتظار من يدخلها ذاكرة التاريخ عملاً عظيماً،يشعّ منارة في المسيرة الظالمة التي تنشر ظلمتها قوى الشر في العالم. ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان،بل بذاكرته المنقوشة في المكان..أزمنة متراصة مكثّفة. هي ذي تونس إذن.زمان تكثّف حتى غدا مكانا وحكايات..أقاصيص وملاحم..سماء تنفتح في وجه الأرض..أرض تتسامى وتتخفّف من ماديتها حتى تصبح كالأثير.ثم يلتقيان. الأرض والسماء يغدوان واحدا. هي ذي تونس اليوم مجلّلة بالوجع ومخفورة بالبهاء : أمل يرفرف كلما هبّت نسمة من هواء.. ثمّة فسحة من أمل..خطوة بإتجاه الطريق المؤدية،خطوة..خطوتان ومن حقّنا أن نواصل الحلم. سلام هي تونس، فلا بهجة لأبنائها خارج فضائها..وهي مقامنا أنّى حللنا..وهي السفر. كاتب تونسي
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
تونس تُكرم محمد الهاملي بـ «الوسام البارالمبي»
أبوظبي (الاتحاد)
كرمت اللجنة الوطنية البارالمبية التونسية، محمد محمد فاضل الهاملي، رئيس اللجنة البارالمبية الإماراتية، وعضو اللجنة البارالمبية الدولية، بمنحه «الوسام البارالمبي التونسي»، تقديراً لدوره البارز في النهوض بالرياضة البارالمبية الدولية والعربية.
جاء ذلك، على هامش زيارة الهاملي إلى تونس، حيث التقى نظيره محمد المزوغي، رئيس اللجنة الوطنية البارالمبية التونسية، بحضور أعضاء المكتب التنفيذي للجنة التونسية، وذلك في إطار تعزيز التعاون بين اللجان البارالمبية في الوطن العربي، وتفعيل برنامج التضامن البارالمبي الذي تقدمه الإمارات للجان البارالمبية العربية والأفريقية.
وشهدت الزيارة لقاء الهاملي مع الرياضيين البارالمبين في ملعب المنزة، وعقد جلسة عمل في مقر اللجنة البارالمبية التونسية، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل الخبرات بين الجانبين، بما يساهم في دعم وتطوير الحركة البارالمبية في العالم العربي.
من جانبه، أكد الهاملي أهمية برنامج التضامن البارالمبي الذي تقدمه الإمارات للجان البارالمبية العربية والأفريقية والذي يشمل تقديم الدعم الفني والتدريبي، وتوفير فرص التدريب المتقدم للرياضيين في هذه اللجان، ما يعزز من مستوى أداء الرياضيين البارالمبيين في المنطقة، ويشجع على النمو المستدام في الحركة البارالمبية على الصعيدين العربي والأفريقي.
أخبار ذات صلة
تنظيم مبادرة "فرحة وطن مع أصحاب الهمم".. تزامنًا مع احتفالات عيد الاتحاد الـ 53
الإمارات تغيث أطفالاً من «أصحاب الهمم» في شمال غزة