عميرة أيسر عملت القوات الروسية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية على محاولة شنّ هجومات خاطفة باستعمال الصواريخ الموجهة، وطائرات  سوخوي 52 و35  والطائرات بدون طيار، و  استهداف مراكز القيادة والسيطرة والتحكم لدى الجيش الأوكراني وأهم الثكنات والمراكز والمدارس العسكرية، بالإضافة لمراكز تخزين الأسلحة والذخيرة والعتاد الحربي، من أجل شلّ حركة القوات الأوكرانية واصابتها بالإرباك مع مهاجمة نقاط الارتكاز الجغرافي الاستراتيجي مع حدودها المتمثلة في المدن الحدودية، والبنى التحتية التي يمكن للجيش الأوكراني أن يستعملها لشنّ هجمات في العمق الروسي، وهو ما حدث في العديد من المرات إذ نجحت القوات الأوكرانية في إرسال مسيرات أمريكية وإسرائيلية وبريطانية وتركية الصنع لمناطق روسية كمنطقة ساراتوف ، بالإضافة لاستهداف قاعدة ساكي الجوية في جزيرة القرم، مثلما جاء في مقال للكاتبة الصحفية  الأمريكية ماري اليوشا نشر في  الواشنطن بوست.

كما جاء في صحيفة البوابة، بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول 2022م، في مقال بعنوان ( أوكرانيا تطور قدراتها الهجومية وتستهدف مواقع داخل العمق الروسي). فالقوات الروسية رغم استخدامها لأحدث منظوماتها الدفاعية الجوية، إلاّ أنها قد عجزت في الكثير من الأحيان عن صدّ تلك الهجمات المركزة، والتي استخدمت فيها كييف أحدث أسلحة حلف الناتو وخاصة الأمريكية منها، باعتبار أن الحرب الدائرة رحاها حالياً على الأراضي الأوكرانية هي حرب بالوكالة بين موسكو والمنظومة الغربية، فالدب الروسي الذي توغل في قلب الأراضي الأوكرانية وشنّ سلسلة ضربات مركزة على العاصمة كييف بعدما أحكمت القوات الروسية سيطرتها على المناطق الحيوية والاستراتيجية، وكذا أهم الجسور والممرات المائية، وبعد أن استطاعت إحباط الهجوم الأوكراني المضاد الذي كان تعد له كييف منذ اشهر، وذلك بإشراف غربي كامل، يريد تطويق القوات الأوكرانية بشكل تام ودفعها للاستسلام، والاعتراف بالهزيمة خاصة بعد أن انسحبت روسيا من اتفاقية الحبوب مع أوكرانيا التي كانت موسكو تسمح بموجبها لكييف بتوريد الحبوب من موانئها باتجاه أوروبا، وبقية دول العالم تحت حماية الأسطول الروسي، بعد أن اكتشفت المخابرات الروسية بأن أوكرانيا كانت تستعمل تلك السفن من أجل جلب الأسلحة والمعدات العسكرية الغربية من الموانئ التركية والأوروبية وتخزينها في الموانئ الأوكرانية قبل نقلها لجبهات القتال، وهذا ما دفع موسكو لقصف كل الموانئ الحيوية الأوكرانية التي تستعملها في التصدير، مما أدى لتدمير مخازن الحبوب بشكل كامل، بما فيها من أسلحة متطورة و معدات عسكرية غربية، بالإضافة لملايين الأطنان من مختلف أنواع الحبوب كانت موجهة للتصدير كالقمح والشعير، وهذا ما أدى لتوجيه ضربة موجعة للاقتصاد الأوكراني الذي يعاني من أزمة مالية و تموينية خانقة جراء الحصار الروسي، والقصف الذي استهدف منشأت اقتصادية وتجارية مهمة في كل أنحاء أوكرانيا، فالموانئ الأوكرانية التي دمرت بالكامل كميناء أوديسا و ميكولاييف تعتبر من أهم المنشأت الاستراتيجية واللوجستية الداعمة لاستمرار أوكرانيا، في مقارعة الغز الروسي، فالعمليات المركزة التي تقوم بها القوات الروسية ضدّ الموانئ الأوكرانية تمت ادانتها على نطاق واسع من قبل الهيئات والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، حيث خرج علينا الأمين العام أنطونيو غوتيرش مندداً بتلك الهجمات قائلاً ” بأن لهذه الهجمات تأثيراً يتجاوز أوكرانيا، نلاحظ سلفاً التأثير السلبي على الأسعار العالمية، القمح والذرة، الأمر الذي يتسبب بمعاناة الجميع، خصوصاً الشعوب الهشمة في الدول الجنوب” لافتاً إلى أن” تدمير البنى التحتية المدنية يمكن أن يشكل انتهاكاً للقانون الانساني الدولي”.  كما ذكر موقع euronews، بتاريخ 20 جويلية/ يوليو 2023م، في مقال بعنوان (غوتيرش” يندد بالهجمات الروسية على الموانئ  الأوكرانية في البحر الأسود (متحدث) ). فروسيا تسعى بشكل حثيث لاجبار أوكرانيا على الاستسلام وتحييدها بالتالي من الصراع مع الحلف الأطلسي، أو السماح بانضمامها لهذا الحلف الغربي بشرط اعترافها بكل الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا بما فيها جزيرة القرم واعتبارها جزءاً من الأراضي الروسية، كما صرح بذلك ثعلب السّياسة الخارجية الأمريكية هنري كسينجر، لأن هذه الحرب بالنسبة له أن لم تتوقف عن طريق الطرق التفاوضية والدبلوماسية، فإنها ستؤدي لا محالة لصداع عالمي جديد سيكون له نتائج كارثة على كل دول العالم والفترة طويلة جداً، ولكن يبدو بأن هذه الحرب لن تتوقف في المدى المنظور،  مادام أن واشنطن لا تريد ذلك، بل تدفع نحو التصعيد مع المحور الشرقي الذي يضم روسيا، ففي تصريح لجوزيف بايدن أمام  قمة مجموعة السبع المنعقدة في مدينة هيروشيما اليابانية، قال : بأن بلاده ستدعم الجهد الدولي لتدريب الطيارين الأوكرانيين  على قيادة طائرات f16المتقدمة والحديثة، التي ضغط زلينسكي للحصول عليها لمواجهة القوات الجوية الروسية المتفوقة، وذلك بعد ضغوط كبيرة تعرض لها بايدن من طرف أعضاء  الكونغرس والبنتاغون. كما ذكر موقع صحيفة الشرق الأوسط، بتاريخ 19 ماي/ أيار 2023م، في مقال بعنوان ( بايدن يعلن دعم تدريب الأوكرانيين على قيادة طائرات f16). بالإضافة لتخصيص الاتحاد الأوروبي ما قيمته 20 مليار دولار لدعم المجهود الحربي الأوكراني للأربع سنوات قادمة، وهذا يدل دلالة قطعية على رغبة الغرب في إطالة أمد الحرب بل توسيعها  عبر الخطوات التي قام بها مؤخراً كإعلان انضمام السويد وبولندا لحلف شمال الأطلسي، ونشر صواريخ أمريكية بالقرب من الحدود الروسية، والتدريبات المكثفة للقوات المارينز في رومانيا، وهذا ما ردت عليه روسيا بإعادة تموضع قوات فاغنر في بيلاروسيا استعداداً لغزو بولندا كما ذكرت في أحد مقالاتي قبل أكثر من عام عندما قلت بأن روسيا تستعد لغزو بلوندا منذ سنوات، وبأن حربها لن تتوقف عند أوكرانيا كما قد يعتقد البعض، لأن روسيا تريد استعادة كل الأراضي التاريخية العائدة لها  منذ عهد القيصر ألكسندر الأول الذي كان يمتلك امبراطورية عظمى، ولكنه قد فقد  جزءاً كبير منها في معركة أوستر التي هزم فيها على يد نابليون بونابرت سنة 1805م، والتي بموجبها  وقع على معاهدة تيليست سنة 1807م، وهي المعاهدة التي فرض شروطها الإمبراطور الفرنسي. كما ذكر موقع bbc newsعربي، بتاريخ 13 جوان/ يونيو 2022م، في مقال بعنوان(كيف عصر الشتاء القارس بإمبراطورية نابليون بونابرت). وبالتالي فإن روسيا وان نجحت في تطويق أوكرانيا وشلّ حركتها العسكرية مؤقتاً، ولكنها لن تستطيع حسم الحرب في وقت قريب، لأن الداعمين في الغرب لا زالوا مصرين  على  إطالة أمدها، معتمدين في ذلك على عامل الوقت واستنزاف روسيا تدريجياً، فيما لا تزال جيوش حلف الناتو محتفظة بكل قوتها و أسلحتها الاستراتيجية على عكس الجيش الروسي الذي فقد مئات  الآلاف  من المقاتلين، وعدداً أكبر من المعدات، إضافة إلى أن الحرب بدأت توثر سلباً على الاقتصاد الروسي، وهذه النقطة الأبرز التي يعول عليها الغرب لهزيمة روسيا. – كاتب جزائري

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا: روسيا أطلقت 113 مسيرة في هجوم ليلي

قالت القوات الجوية الأوكرانية، اليوم السبت، إن روسيا هاجمت البلاد باستخدام 113 طائرة مسيرة خلال ساعات الليل.

وأضافت أنها تمكنت من إسقاط 57 مسيرة منها، بينما لم تصل 56 أخرى لأهدافها، غالبا بسبب التشويش الإلكتروني عليها.

وذكرت القوات الجوية أن روسيا أطلقت أيضا صاروخا من طراز إس-400 على وسط أوكرانيا لكنه لم يسفر عن وقوع أضرار.

وتشن موسكو هجمات شبه يومية على أوكرانيا باستخدام عشرات الطائرات المسيرة في محاولة لاستنزاف دفاعاتها الجوية.

 وكانت روسيا أعلنت اليوم أنها أسقطت 19 مسيرة أوكرانية، فيما أعلنت سلطات مدينة قازان عاصمة جمهورية تتارستان الروسية تعرض المدينة صباح يوم السبت لهجوم أوكراني بمسيرات استهدفت 3 أحياء في المدينة، ما أسفر عن اندلاع حرائق بعدّة مبان سكنية.

بالإضافة إلى ذلك، تم إيقاف العمليات مؤقتا بمطار قازان الروسي.

وقالت الوكالة الاتحادية للنقل الجوي في روسيا "روسافياتسيا"، عبر تطبيق تلغرام للمراسلة، اليوم السبت إن مطار قازان علق رحلات الوصول والمغادرة في أعقاب هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على المدينة.

مقالات مشابهة

  • بصواريخ "غراد".. روسيا تشن ضربات على القوات الأوكرانية في دونيتسك
  • إيغور كيريلوف.. قائد قوات الدفاع الإشعاعي الروسية الذي اغتالته أوكرانيا
  • القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 47 طائرة بدون طيار أطلقتها روسيا خلال الليل
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • روسيا: السفارة البرتغالية في كييف تضررت بسبب الدفاعات الجوية الأوكرانية
  • الدفاع الروسية تكشف حجم خسائر أوكرانيا خلال 24 ساعة
  • أوكرانيا: تسجيل 211 اشتباكا قتاليا مع القوات الروسية خلال 24 ساعة
  • روسيا تهاجم أوكرانيا بمئات المسيّرات
  • أكدت إسقاط 57.. أوكرانيا: روسيا أطلقت 113 طائرة دون طيار
  • أوكرانيا: روسيا أطلقت 113 مسيرة في هجوم ليلي