خلال الأسبوعين الماضيين، شهدت الولايات المتّحدة الامريكية تمدّداً غير مسبوق لحركة الإحتجاجات الطلابية الداعمة للقضية الفلسطينية. وقد إعتصم الطلاب، الذين ينتمون الى فئات وطوائف متعددة من بينهم طلاب يهود، بشكل سلمي في الباحات الجامعية رفضاً لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين، ولشجب تورّط الإدارة الأمريكية في هذه الحرب، وللمطالبة بتحقيق وقف لإطلاق النار.



وبعد فشل حملات الترغيب والترهيب التي شنّتها السلطات الأمريكية ضد المعتصمين بالتعاون مع المسؤولين عن هذه الجامعات والمموّلين لها والفئات الداعمة لإسرائيل، قرر الكونغرس الأمريكي إصدار قانون يساوي فيه بين مطالب الطلاّب وبين معاداة السامّية لقطع الطريق عليهم وتسهيل إعتقالهم وتوجيه التهم لهم ولإقفال هذا الباب نهائيا في المسقتبل، حيث يعمل القانون على تعطيل إمكانية قيام حركات مشابهة مستقبلاً.

وقد مهّد القانون لحملة مسعورة من السلطات الأمريكية واللوبيات الإسرائيلية ضد الطلاّب فتم وصفهم بأنّهم نازيون وارهابيون وعملاء لروسيا وأعضاء في حركة حماس، ومن ثم تمّ تجنيد ودفع مجموعات من البلطجيين المواليين لإسرائيل لإقتحام تجمّعاتهم وتخريب خيمهم والاعتداء بالضرب عليهم، كل ذلك أمام مرآى ومسمع الشرطة والأجهزة الأمنيّة التي تمّ استدعاؤها لقمع المعتصمين السلمّيين.

وبعد أن تُركت قطعان المؤيدين لإسرائيل تفتك بالمعتصمين لساعات، دخلت قوات الامن لتعتقل الطلاب والأساتذة الذين تضامنوا معهم، وشاهدنا كيف تمّ تأمين الغطاء والحصانة للموالين لإسرائيل وكيف تعاملت الأجهزة الأمنيّة بوحشيّة غير مسبوقة مع الطلاب والأستاذة وكأنهم مجرمين حيث تمّ إلقاء القبص على المئات منهم وتوجيه تهم قضائية جاهزة ومعلّبة ضدّهم وطرد عدد منهم وحرمانهم من حقّهم في التعلّم في الجامعات التي انضموا إليها وغيرها من الإجراءات التي تتطابق مع الإجراءات القمعيّة في أي جمهورية موز يقودها ديكتاتور أو انقلابي في دول العالم الثالث.

وبالعودة الى القانون المذكور والذي تمّ تمريره يوم الأربعاء الماضي بأغلبية 320 صوتًا مقابل 91 (187 صوت جمهوري و133 صوت ديمقراطي مقابل إمتناع 18 عضو من الحزبين)، والذي صُمّم لمنع إنتقاد إسرائيل وما يتعلق بها بذريعة معادة الساميّة، يحظر القانون على سبيل المثال ما يسمّيه الأفكار النمطيّة والإدعاءات التي تطال اليهود بشكل فردي أو جماعي خاصة فيما يتعلق مثلا بـ"الادعاءات أو الأساطير القائلة بوجود مؤامرات يهودية عالمية أو بسيطرة اليهود على الإعلام أو الاقتصاد او الحكومة او غيرها من المؤسسات الاجتماعية".

ومن بين الأشياء التي يحظرها القانون أيضا على سبيل المثال اتهام المواطنين اليهود بأنّهم موالون لإسرائيل أكثر من أمريكا أو أنّهم يعطون الأولوية ليهوديتهم العالميّة على حساب المصالح الامريكية. كما يتضمّن القانون حظر أمور أخرى من قبيل "حرمان الشعب اليهودي من حق تقرير المصير كالادعاء أن دولة إسرائيل عنصرية"، و"إطلاق تشبيه بين سياسات إسرائيل المعاصرة وبين النازيين"، و"تطبيق معايير مزدوجة على إسرائيل أو مطالبتها بأمور أو سلوك من غير المتوقع مطالبة دول ديمقراطية أخرى بها"، وغيرها من الأمور الذي يحظرها القانون ويدعو الى تطبيقها في أمريكا ويفرض عقوبات على إنتهاكها، ويتضمن ذلك بطبيعة الحال الطلاب في الجامعات.

ما يثير العجب أيضاً أنّه في الوقت الذي سيكون بإمكان الأمريكي انتقاد أمريكا أو الحكومة الأمريكية، فإنه من غير المسموح انتقاد إسرائيل أو قادة إسرائيل أو سياسات إسرائيل.من المثير للسخرية أن كل هذه الأمور التي أصبح من المحظور الحديث عنها أو نقاشها أو انتقادها هي أمور حقيقيّة. بمعنى آخر، القانون يعزّز الإنطباع والحقائق المستندة إلى مثل هذه الافتراضات ليس في أمريكا فقط بل في العالم. بإمكان أي كان أن يتأكد بشكل إمبريقي وإحصائي من سيطرة او عدم سيطرة اليهود على وسائل الإعلام على سبيل المثال في أمريكا او على الحكومة أو على غيرها من المؤسسات.

ولا نقول بأنّ ذلك أمر جيد أو سيء وإنما نريد اختبار مدى صحّة هذا الإفتراض. كل ما نحتاجه هو محرّك بحث وأسماء اهم المؤسسات الإعلامية في أمريكا. سيجد الباحث أنّ هذه المؤسسات تم تأسيسها أو تمويلها أو إدارتها من قبل يهود، والمشكلة ليس يهودية هؤلاء الذين يشكّلون حوالي 1% من الشعب الأمريكي وإنما إنتماءات العديد منهم الى الصهيونية، وهو أمر غير مخفي على كل حال بدليل الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وما يثير العجب أيضاً أنّه في الوقت الذي سيكون بإمكان الأمريكي انتقاد أمريكا أو الحكومة الأمريكية، فإنه من غير المسموح انتقاد إسرائيل أو قادة إسرائيل أو سياسات إسرائيل. لماذا؟ وعلى أي أساس يتم تشريع قانون يمنع الأمريكي من انتقاد حكومة واحدة في العالم فقط ـ ليست حكومة بلاده ـ ودون أسباب مقنعة؟ إذا ما نظرنا الى مجلس النواب الأمريكي على سبيل المثال والمؤلف من 100 عضو عن مختلف الولايات، وبقليل من البحث، سنجد أن 7 أعضاء فقط من المجموع لم يتلقوا أي أموال معلن عنها من قبل اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتّحدة.

مع أخذ هذه المعلومة بعين الإعتبار، ماذا تتوقع من سياسيين تم شراؤهم عملياً من قبل إسرائيل ناهيك الولاء الأيديولوجي طبعا. حساب اللوبي الإسرائيلي (آيباك) على موقع (أكس) يتباهى بأنّ كل الذي يتم دعمهم من قبل اللوبي في الانتخابات يفوزون. اللوبي يخصص تمويل أيضا ليس لإيصال من يؤمن بأنّهم مفيدين له، بل لاستهداف من يعتقد أنّهم لو وصلوا سيكونون ضد اللوبي وضد إسرائيل. نفس الشيء فيما يتعلق بالكونغرس، فتحت شعار "لنبق الكونغرس موالياً لإسرائيل، يتباهى اللوبي الإسرائيلي على موقعه بأنّ 98% ممّن يقوم بدعمهم يصلون في نهاية المطاف. لمن سيعمل هؤلاء برأيك؟ للشعب الأمريكي أم لإسرائيل. أفهمت الآن لماذا يُسمح بانتقاد الحكومة الأمريكية ولا يُسمح بانتقاد إسرائيل؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل إسرائيل امريكا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات أفكار سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على سبیل المثال إسرائیل أو فی أمریکا من قبل

إقرأ أيضاً:

ماذا تعرف عن شركات الأمن التي تفتش مركبات العائدين لشمال غزة؟

تتولى شركتان أميركيتان وثالثة مصرية مهمة الفحص الأمني لمركبات النازحين الفلسطينيين العائدين إلى شمال قطاع غزة، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الجاري.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار على أنه "بإمكان النازحين المشاة العودة إلى شمال غزة بدون تفتيش، ولكن يتعين إجراء فحص أمني للمركبات في طريق عودتها إلى الشمال".

ولا يذكر الاتفاق أسماء الشركات التي تم التوافق عليها بين الوسطاء وإسرائيل وحركة حماس، لكن وسائل إعلام إسرائيلية كشفت أسماء هذه الشركات.

وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فإن هذه الشركات هي: "سيف ريتش سولوشنز" (Safe Reach Solutions) و"يو دجي سولوشنز" (UG Solutions) و"الشركة المصرية العربية للأمن والحراسة".

وقالت الصحيفة إن "تمويل الشركات المشاركة لا يأتي من إسرائيل، بل تتم إدارته من خلال وسطاء الصفقة وهي قطر ومصر والولايات المتحدة".

ولفتت إلى أن الشركتين الأميركيتين "توظفان نحو 100 فرد مسلح، أغلبهم من الأميركيين، بما في ذلك بعض الناطقين بالعربية، وكثير منهم من قدامى المحاربين في وحدات النخبة أو عملاء سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)".

إعلان

وكشف مصدر مصري مطلع، اليوم الاثنين، عن أسباب اللجوء إلى اختيار الشركات الثلاث للعمل في قطاع غزة، موضحا أنه كانت هناك مقترحات بتولي قوات أجنبية، ومنها أميركية، هذا الأمر.

لكن مصر تحفظت عليه ورفضته بشدة، باعتبار أن القاهرة "لا تريد أن تشرعن وجود قوات أجنبية بشكل رسمي داخل القطاع حتى لا يكون ذريعة لأي شيء مستقبلا".

ونوه المصدر المصري الذي نقلته عنه صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن "القاهرة أيضا لا ترغب في وجود قوات مصرية لهذا الغرض أو أي أغراض أخرى في غزة، حتى لا تضطر لأشياء لا ترغب بها في مواجهة أي تطورات غير محمودة، خصوصا من الجانب الإسرائيلي الذي يحاول بشتى الطرق خرق اتفاق وقف إطلاق النار".

وأوضح المصدر أن "الاقتراح الأنسب والأفضل كان أن تتولى الأمر شركات خاصة مصرية وأميركية.. لأنها حتى وإن كانت تعمل في مجال الأمن ويحمل أفرادها السلاح، فإنها في النهاية شركات مدنية يسهل إنهاء عقدها أو استبدالها في أي وقت، بعكس الوضع في حالة القوات الرسمية".

لكن في ضوء ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن معلومات تلك الشركات بحسب ما نشرته منصاتهم الإلكترونية على النحو التالي:

شركات أمنية أمريكية تتولى الرقابة على التفتيش بين جنوب وشمال قطاع غزة! pic.twitter.com/OmkGk1updV

— قناة القدس (@livequds) January 26, 2025

سيف ريتش سولوشنز

تشير الشركة الأميركية بموقعها الإلكتروني إلى أن "فرقها تجلب خبرة متنوعة من العمل في مناطق الأزمات والحرب، مما يمنحنا فهما عميقا للعمليات المعقدة. من خلال إقران هذه الخبرة بحلول مخصصة تركّز على العملاء، ونضمن نجاح المهام حتى في أكثر البيئات تحديا".

وأشارت إلى أنها متخصصة في "التخطيط والخدمات اللوجيستية والمساعدات الحيوية في أكثر بيئات العالم تعقيدا.. من العمليات التجارية والحكومية إلى الجهود الإنسانية".

إعلان

وتضيف أنه "بدعم من فريق من الخبراء في الأمن والخدمات اللوجيستية وتقديم المساعدات الإنسانية، تحظى بالثقة في جميع أنحاء العالم للتنقل في المناطق ذات المخاطر العالية".

وتشمل خدماتها "أولا، النقل الآمن حيث توفر فرقنا ذات الخبرة وسائل نقل آمنة وموثوقة لحماية الموارد من المخاطر، وضمان وصول الإمدادات الحيوية سليمة وفي الوقت المحدد".

و"ثانيا، التنسيق على الأرض، حيث نتعاون مع المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة والمنظمات لضمان التنفيذ والتسليم السلس، وتعزيز الثقة وتعظيم التأثير. ننظر إلى المجتمعات المحلية كشركاء ونبحث عن طرق لبناء الروابط والتأثير".

يو دجي سولوشنز

لا توفر الشركات أي معلومات عن المسؤولين عنها، في حين أن المعلومات عن نشاطاتها شحيحة حتى على موقعها الإلكتروني.

وتقول عن نفسها "حلول عالمية متقدمة، موهبة متفوقة مقترنة بأفضل إدارة للبرامج والتكنولوجيا في الصناعة"،  دون مزيد من التفاصيل.

الشركة المصرية العربية للأمن والحراسة

لا تتوفر معلومات عن المسؤولين عن "الشركة المصرية العربية للأمن والحراسة"، لكنها تقول -عبر حسابها على فيسبوك- إنها "تهدف لتقديم الخدمات المميزة لعملائها، وذلك من خلال فريق من المحترفين في هذا المجال منذ أكثر من 18 عاما".

وتسعى فرقها "دائما إلى تقديم حلول مبتكرة للوصول إلى أعلى مستوى من درجات الأمان عن طريق الأنظمة الأمنية اليدوية والإلكترونية ذات الكفاءة العالية".

ولم ترد الشركات الثلاث على طلبات تعليق حول مهامها التي بدأت الاضطلاع بها اليوم الاثنين في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • حدث ليلا: «ساعة القيامة» تحذر من كارثة نووية.. وحقيقة الأجسام الغريبة بسماء أمريكا.. وإسرائيل تضع قدما جديدة بسوريا.. وترامب يوقف الإنفاق على الرعاية الصحية.. عاجل
  • رسالة من جوتيريش لإسرائيل بشأن مكتب الأونروا بالقدس.. تفاصيل
  • الشيوخ الأمريكي يُعرقل مشروع قانون بشأن الجنائية الدولية
  • «الشيوخ الأمريكي» يعرقل مشروع قانون يعاقب «الجنائية الدولية» بسبب نتنياهو
  • 4 حالات للإخلاء.. ماذا حدث بسبب الإيجار القديم؟| القصة الكاملة
  • ميليشيا لواء /19 حشد شعبي:نرفض حل الحشد “المقاوم”وسلاحنا سيبقى بوجه أمريكا وإسرائيل!
  • سفيرة إسرائيل: الروس الذين انتقلوا لإسرائيل بدؤوا العودة
  • ضياء الدين داود: أمريكا وإسرائيل كيانان قاما على احتلال أراضي الغير 
  • ماذا تعرف عن شركات الأمن التي تفتش مركبات العائدين لشمال غزة؟
  • من هي أربيل يهود التي أشعلت خلافاً جديداً بين حماس وإسرائيل