دور الجزائر في انقلاب النيجر.. 11 مؤشرا لسيناريو حيادها مقابل 5 لتورطها
تاريخ النشر: 31st, July 2023 GMT
د. جمال سالمي
في غياب معلومات مؤكدة أو حتى إشاعات، يصعب الجزم بالدور الحقيقي، السري أو العلني، الذي لعبته الجزائر في آخر انقلاب إفريقي لحد الساعة.. لكن المشهد، من حيث التحليل، لن يخرج أبدا عما يلي: ـ السيناريو الأول: لا دخل للجزائر لا من قريب ولا من بعيد في هذا الانقلاب.. الاحتمال 50%.. ـ السيناريو الثاني: الجزائر رتبت سرا لهذا الانقلاب بالتنسيق مع روسيا.
. فاغنر خصوصا.. دون علم باريس ولا واشنطن.. الاحتمال 50% سيقول الخبراء أن مثل هذا التقسيم المتساوي لنسب الاحتمال لن يضيف شيئا لأي بحث علمي أو حتى إعلامي.. لكنها الموضوعية.. تلزم أي محلل، مهما كان حجم معلوماته، باحترام الحياد.. دون تسرع أو تهور أو انحياز.. ما هي مؤشرات ما سبق؟ ـ مؤشرات السيناريو الأول: ـ أولا: ليس من مصلحة الجارين العربيين للنيجر، ممثلين في الجزائر وليبيا، عدم استقرار هذا البلد الإفريقي الفقير جدا.. ـ ثانيا: الرئيس النيجري ينحدر من قبيلة أولاد سليمان الليبية.. ـ ثالثا: يزيد إجمالي طول حدود النيجر مع الجزائر وليبيا عن 1390 كلم.. تبلغ الحدود النيجرية الجزائرية أكثر من 950 كلم.. الحدود النيجرية الليبية تزيد عن 440 كلم.. حدود مصيرية بالنسبة للبلدان الثلاثة.. تشهد حركة تجارية نشطة.. خصوصا للسكان المقيمين في هذه المناطق الحدودية.. يتم التعامل بالمقايضة بشكل كبير لتسهيل حياة المواطنين.. حدود مترامية شكلت مصدر توجّس للجزائر وليبيا.. السبب وجود جماعات إرهابية نشطة شمالي النيجر.. تواجهها الجزائر عسكريا في إطار تجمّع “دول الميدان”.. الذي يضم كلا من: الجزائر والنيجر ومالي وموريتانيا. تعرف تلك الحدود تدفقا لآلاف المواطنين من النيجر.. يحاولون من خلالها العبور إلى أوروبا.. منهم من اختار الاستقرار في الجزائر أو ليبيا.. تتعاون السلطات في الجزائر وليبيا مع النيجر للحد من هذه الهجرات.. ـ رابعا: وقعت الجزائر والنيجر عام 2021 اتفاقا للتعاون الأمني.. نص على تنسيق عمليات محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والهجرة غير النظامية.. ـ خامسا: النيجر، بالنسبة للجزائر، ممر مهم لسلعها نحو العمق الإفريقي.. خصوصا في ظل سعيها إلى تعزيز حركة صادراتها جنوبا.. في إطار تنويع مداخيلها الاقتصادية بعيدا عن ريع البترول.. ـ سادسا: ترتبط الجزائر مع النيجر بثلاث 3 مشاريع كبرى: 1 / طريق عابر للصحراء يربط بين الجزائر ونيجيريا عبر النيجر.. 2 / خط ألياف بصرية بين الدولتين.. 3 / أنبوب مرتقب لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا مرورا بالبلدين.. أعلنت عنه البلدان المعنية.. ـ سابعا: سوناطراك وقعت اتفاقا مع وزارة الطاقة النيجرية في فبراير 2022 لتقاسم الإنتاج في حقل “كفرا” النفطي شمالي البلاد.. تقدر احتياطاته بنحو 400 مليون برميل.. حقل اكتشفته “سوناطراك” في 2018.. تأثيرات وارتدادات الانقلاب على الجزائر ستكون كبيرة.. خصوصا أمنيا واقتصاديا.. هناك احتمال تأثر المشاريع سالفة الذكر.. ـ ثامنا: موقف الجزائر كان واضحا: إدانة سريعة ومباشرة.. ـ تاسعا: الجزائر كانت وراء بند معاقبة الدول التي تحدث فيها انقلابات بتعليق عضويتها في الاتحاد الأفريقي.. ـ عاشرا: مخاوف من نشاط مسلح وازدياد تدفق المهاجرين غبر الشرعيين على أراضيها. أما مؤشرات السيناريو الثاني، فأغلبها مجرد تخمينات وتكهنات.. لا ترقى أبدا للمستوى العلمي أو الإعلامي المحترف..* لكن يمكن مع ذلك الاستئناس بها: ـ أولا: التنسيق الاستخباراتي الكبير جدا بين الجزائر وروسيا والصين.. ـ ثانيا: سعي الجزائر الجدي لنسف حزام النار الذي أحكمت قوى الاستكبار نسجه حول حدودها.. ـ ثالثا: انخراط الجزائر رسميا في مسعى تشكيل عالم متعدد الأقطاب.. ـ رابعا: حرمان فرنسا من يورانيوم النيجر ضربة جزائرية قوية جدا ضد المحتل السابق.. أي إضعاف لفرنسا سيصب في مصلحة الجزائر.. خاصة في التنافس على النفوذ الإفريقي.. بومدين قالها جهارا مهارا لدستان: إذا وضعت رجلك في إفريقيا سأقطعها لك.. كلام هيج غضب رئيس فرنسا، فانتقم منه شر انتقام.. ـ خامسا: للجزائر بصمات واضحة جدا في توسيع نفوذ روسيا في إفريقيا.. إذ ليس من مصلحتها أبدا استمرار هيمنة فرنسا وأمريكا على القارة السمراء.. محاربة ذلك أولوية مطلقة في السياسة الخارجية الجزائرية.. لكن دون ضجيج إعلامي.. قد يضع البلاد في فوهة تكالب غربي.. على غرار ما شهدته كل من سوريا وليبيا والعراق.. لذلك، تحاول الجزائر إبقاء الحد الأدنى من العلاقات مع قوى الاستكبار الغربي.. تجنبا لأي مواجهة عسكرية.. أو حتى استخباراتية.. ستكون حتما منهكة للبلاد والعباد.. واشنطن تعلم ذلك يقينا.. لذلك تسعى جديا لمنع الانعطاف الجزائري النهائي دون رجعة إلى محور موسكو بكين.. عبر إبقاء شعرة معاوية.. لكن فرنسا الغبية، بكبريائها المعهود، تقفز فوق كل هذه الحقائق والمستجدات والتوازنات.. تتحدى الجزائر.. تقلل دوما من تأثيرها في العمق الإفريقي.. لا تعير أي اهتمام لقدرة الجزائر على إحداث الفارق في حدودها.. تنسف جهارا نهارا كل جهد جزائري عسكري أو استخباراتي لتمتين التعاون مع الجوار الإفريقي، خاصة دول الساحل.. كاتب جزائري
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
مهرجان "باكاشيميكا" والسرد البصري الإفريقي بـ"اكسبوجر 2025"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استضاف المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر 2025" في نسخته التاسعة جلسة نقاشية تحت عنوان "باكاشيميكا: سرد القصص البصرية في زامبيا وجنوب إفريقيا"، والتي سلطت الضوء على مهرجان باكاشيميكا الدولي للتصوير الفوتوغرافي، الذي يحتفي بالمجتمع الفوتوغرافي المزدهر في زامبيا ومنطقة جنوب إفريقيا.
وشارك في الجلسة مجموعة من المصورين المؤسسين للمهرجان، وهم باتريك تشيلايشا، وجيفري فِيري، وإيديث تشيليبوي، إلى جانب الدكتورة كيرستين هاكر، حيث استعرضوا العديد من التفاصيل حول المهرجان، وناقشوا التحديات التي يواجهها المصورون في زامبيا، إضافةً إلى الفرص التي أتاحها مهرجان باكاشيميكا لدعم الفنانين البصريين والمصورين، ليس فقط في زامبيا، بل في مختلف أنحاء جنوب القارة الإفريقية.
ما الذي تعنيه كلمة "باكاشيميكا"؟
في مستهل الجلسة، تحدثت كلٌّ من إديث تشيليبوي وباتريك تشيلايشا عن المهرجان باعتبارهما من المؤسسين المشاركين له. وقالت تشيليبوي: "باكاشيميكا" تعني في لغة البمبا "مجموعة رواة القصص"، وهو الاسم الذي اخترناه لهذا المهرجان، الذي يُعدّ حدثاً رائداً يُقام للمرة الأولى في البلاد، بهدف تسليط الضوء على المواهب المحلية وتعزيز ثقافة التصوير كأداة للتعبير الفني والسرد البصري."
من جانبه، أكّد تشيلايشا فلسفة المهرجان في دعم مجتمع المصورين في زامبيا والدول الإفريقية المجاورة، موضحاً: "الاسم الذي اخترناه للمهرجان يعكس الفلسفة الأساسية التي يقوم عليها، والمتمثلة في تمكين المصورين من تقديم رواياتهم الخاصة من خلال عدساتهم، بعيداً عن الصور النمطية التي تُعرض عادةً عن زامبيا."
أهداف المهرجان
من جانبها، تناولت المصورة والأكاديمية في جامعة كامبريدج، الدكتورة كريستين هاكر، أهداف المهرجان، باعتبارها من أبرز المتعاونين مع المصورين الزامبيين، إلى جانب أبحاثها الأكاديمية حول إعادة تشكيل السردية البصرية الإفريقية.
وتحدثت “هاكر” عن رؤية باكاشيميكا قائلة: "يسعى المهرجان إلى معالجة التحديات التي تواجه التصوير الفوتوغرافي في زامبيا، حيث تفتقر البلاد إلى مدارس متخصصة في هذا المجال، باستثناء بعض البرامج المحدودة في جامعة أوبن ويندو بلوساكا ومدرسة زابكوم للصحافة، لذلك، يهدف المهرجان إلى دعم التعليم الإبداعي والبحث التصويري في المنطقة، من خلال تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية تُعزز الوعي الفني وترتقي بقدرات المصورين المحليين، كما يسعى إلى خلق بيئة تشجع الحوار والنقد الفني، وتعزز مكانة التصوير كوسيلة للحفاظ على الثقافة والهوية."
وفي السياق ذاته، تحدث المصور جيفري فِيري، أحد مؤسسي المهرجان، عن طموحاتهم في تغيير النظرة النمطية السائدة حول التصوير الفوتوغرافي، موضحاً: "لا تزال الأرشيفات الرسمية في زامبيا تقتصر على صور الشخصيات السياسية والمناظر الطبيعية الشهيرة، بينما تظل القصص الإنسانية والاجتماعية غير موثقة بالشكل الكافي. لذلك، يوفر المهرجان فرصة لإعادة سرد تاريخ زامبيا من منظور أبنائها، وبناء أرشيف فوتوغرافي يُلهم الأجيال القادمة."
تحديات مهرجان باكاشيميكا
فيما يتعلق بالتحديات، ترى إديث تشيليبوي أن أبرزها يتمثل في التمويل والاستمرارية، حيث يعتمد المهرجان حالياً على الدعم الخيري في مرحلته التأسيسية. ويسعى المنظمون إلى توسيع نطاق هذا الدعم ليشمل الشركات المحلية والدولية، بالإضافة إلى المتخصصين في المجالين الإعلامي والتقني، لضمان نجاح الحدث وتعزيز مكانة المهرجان كجزء أساسي من المشهد الثقافي في زامبيا وإفريقيا بشكل عام.