عدّ معارضون سياسيون الخطوة التي اتخذها والي ولاية الخرطوم المكلف، تكوين «خلية أمنية» بصلاحيات واسعة، وإعلان حالة الطوارئ في الولاية، محاولة لـ«التشفي من خصوم تنظيم الإخوان المسلمين السياسيين»، ورأوا فيها عودة من البوابة الخلفية لـ«جهاز الأمن الشعبي» سيئ الصيت، للقيام بأفعال غير قانونية ضدهم.

وشكل والي الخرطوم المكلف، الخميس، «خلية أمنية» لجمع المعلومات وتصنيفها، للعمل كجهاز إنذار مبكر، للقوات المسلحة، بالتركيز على المعلومات الاستخبارية والأمنية العاجلة، لمواجهة أي تهديد، مستنداً إلى قوانين الطوارئ التي أعلنها في الولاية.



وقال القيادي في «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، شهاب إبراهيم، إن الحكومة الحالية هي «حكومة أمر واقع» وجزء من الحرب، وإن ما اتخذته من قرارات يعد «خطيراً» ودعوة لاستمرار الحرب وتحويلها إلى حرب أهلية، مضيفاً أن «هذا استهداف لمواطنين ليسوا جزءاً من الحرب، بل هم متضررون منها». وتابع: «هذه القرارات استهداف لمن هم في مناطق الحرب، تضعهم أمام خيارات أصعب، فهم يهربون من الحرب إلى حرب أخرى تنتظرهم».

تحذير من «ردات الفعل»
وتعد «تقدم» مثل هذه الخطوة استمراراً لنهج «الحركة الإسلامية» و«حزب المؤتمر الوطني» في دارفور منذ 2003، الذي نتجت عنه «جرائم حرب» أدت لاتهام الرئيس المعزول عمر البشير و50 من قيادات الحركة الإسلامية والدولة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

وأوضح إبراهيم أن خطورة هذه القرارات تكمن في «ردات الفعل» العنيفة التي قد تنجم لدى الطرف الآخر (الدعم السريع) في المناطق التي يسيطر عليها، الأمر الذي قد يفاقم من جرائم الحرب، لأن مثل هذا المسلك يعد من «جرائم حرب»، لأنه يستهدف المواطنين حسب الجهة أو السحنة.

ورأى إبراهيم أن مثل هذه القرارات تؤكد أهمية «استبعاد الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني من أي صيغة للعملية السياسية بعد وقف الحرب»، وتعزز الطلب من المجتمعين الإقليمي والدولي لتصنيف الحركة الإسلامية «جماعة إرهابية».

جهاز إنذار مبكر للقوات النظامية
وأصدر الوالي المكلف أحمد عثمان حمزة، الخميس، أمر طوارئ أعلن بموجبه حالة الطوارئ في الولاية، وأتبعه بقرارات تكوين «خلية أمنية» لولاية الخرطوم، لجمع المعلومات وتحليلها وتصنيفها والتعامل معها.

وعدّ القرار الخلية المنشأة «جهاز إنذار مبكر» لصالح القوات النظامية، يجمع لها المعلومات الاستخبارية والأمنية العاجلة والمتمهلة، التي تعد من وجهة نظر الولاية «تشكل تهديداً وشيكاً أو محتملاً».

وأُوكلت إلى الخلية الأمنية مهمة رصد ما أطلق عليها «الخلايا النائمة»، ومراقبة الأشخاص والأماكن والأنشطة المشتبه بها والتحري عنها، إلى جانب سلطة التفتيش والمداهمة والقبض والاستجواب.

وعد المراقبون قرار الوالي منح اللجنة الأمنية، التي شكلها، سلطة مراقبة ما سمته «حركة الحواضن المجتمعية من مناطق وجود العدو، إلى مناطق سيطرة القوات المسلحة»، أخطر ما ورد في أوامر الطوارئ، واستهدافاً للمدنيين، وفقاً للجهة والسحنة والعرق.

صلاحيات اللجنة الأمنية
رئيس تحرير صحيفة «الجريدة» المستقلة، أشرف عبد العزيز، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن والي الخرطوم معروف بخلفيته الأمنية الإسلامية وبعلاقته بجهاز «الأمن الشعبي»، وإنه بهذا القرار يحاول الاستفادة من تجربه جهاز «الأمن الشعبي» التابع لتنظيم «الحركة الإسلامية» إبان حكمهم للبلاد، في قمع المعارضين.

وأوضح عبد العزيز، وهو إسلامي سابق، أن الخلية الأمنية بتكوينها المعلن خارج السيطرة النظامية، وأن تكوينها سيكون من مجموعات تابعة للوالي بخلفيته المعروفة، وتابع: «طالما هي كذلك، فإن الخلية ستتكون من الإسلاميين الذين تحركهم حساسية واستهداف للقوى المدنية وقوى ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 بكل أطرافها».

ووصف عبد العزيز الصلاحيات الممنوحة لهذه الخلية بأنها «صلاحيات خطيرة»، تفتح الباب لتكوين «جهاز أمن» خاص بالوالي، يوظف فيه تجربته في «الأمن الشعبي» التابع لـ«الحركة الإسلامية» إبان حكمها للبلاد، وقال: «هذه عودة لجهاز الأمن الشعبي» من جديد.

وجهاز «الأمن الشعبي» تنظيم أمني خاص بالإسلاميين، وموازٍ لجهاز الأمن والمخابرات الرسمي، اتهم خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير بارتكاب انتهاكات وفظائع خطيرة، بما في ذلك الاعتقال خارج القانون والتعذيب والقتل تحت التعذيب، وإنشاء ما عرفت وقتها بـ«بيوت الأشباح»، وهي معتقلات خارج إشراف الدولة ترتكب فيها الانتهاكات ضد المعارضين.

التمييز بين الإثنيات والمناطق
بدوره، وصف الأمين السياسي لـ«حزب المؤتمر السوداني» والقيادي في «تقدم»، شريف محمد عثمان، في تغريدة على صفحته على «فيسبوك»، النص المتعلق بمراقبة «حركة الحواضن الاجتماعية للدعم السريع من مناطق سيطرة الدعم السريع في ولاية الخرطوم»، وقرارات أخرى للجنة الأمنية منحتها سلطات الاعتقال والتحقيق، بأنها «من أخطر القرارات التي صدرت خلال الفترة الماضية».

وقال عثمان إن القرار يميز بين السودانيين على أساس إثني ومناطقي، وإنه يمثل تهديداً لحركة المستهدفين داخل البلاد ومناطق سيطرة القوات المسلحة في الولاية، بما في ذلك إعطاء الأجهزة الأمنية سلطة التحقيق واعتقال كل من ينتمي إلى تلك المناطق.

وتابع: «الحرب انحدرت بالفعل إلى ما كنا نحذر منه، لكن شرعنة هذا الانقسام عبر إصدار أوامر حكومية أمر مهدد للوحدة الوطنية ولسلامة السودانيين والسودانيات».

ودعا عثمان لإيقاف الحرب، وأن يعمل الجميع على إيقافها بأسرع ما يكون.

ولا تسيطر حكومة ولاية الخرطوم المكونة من 7 محليات بشكل فعلي إلا على محلية «كرري» التي تقع شمال مدينة أم درمان، المنطقة التي ظل الجيش السوداني يسيطر عليها منذ بدء الحرب، وأجزاء من محلية أم درمان القديمة التي استعادها الجيش مؤخراً، بينما يسيطر «الدعم السريع» بصورة شبه كاملة على بقية محليات الولاية الست، ما يجعل من صلاحيات «الخلية الأمنية» مقتصرة على مناطق سيطرة الجيش، أو المدنيين الذين يفدون من مناطق سيطرة «الدعم السريع»، أو الجماعات المحسوبة ثقافياً وجهوياً على مناطق «الدعم السريع» وتقطن في مناطق سيطرة الجيش.

الشرق الاوسط  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة الدعم السریع الأمن الشعبی مناطق سیطرة فی الولایة

إقرأ أيضاً:

بحضور اللاعب.. بدء النظر في معارضة إمام عاشور على حبسه 6 أشهر

بدأت محكمة جنح مستأنف الشيخ زايد، نظر جلسة المعارضة الاستئنافية المقدمة من إمام عاشور، لاعب النادي الأهلي ومنتخب مصر، على حكم حبسه 6 أشهر مع الشغل، في واقعة التعدي على فرد "مول زايد".

وتقدم دفاع المجني عليه بوثيقة رسمية أمام القاضي تفيد بأن "عبد الله " موكله - فرد الأمن المعتدي عليه - تصالح مع لاعب نادي الأهلي ومنتخب مصر في الواقعة الشهيرة "مول زايد".

الحكم على إمام عاشور

وكانت عاقبت محكمة جنح الشيخ زايد إمام عاشور لاعب النادي الأهلي بالحبس 6 أشهر في اتهامه بضرب فرد أمن خلال مشاجرة بمول بالشيخ زايد وذلك بعد قبول استئناف النيابة العامة على براءته.

وتعود البداية، حينما انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يتضمن تدخل اللاعب إمام عاشور في مشاجرة مع فرد الأمن في أحد المولات بالشيخ زايد بالجيزة.

تصالح اللاعب إمام عاشور وفرد الأمن

وأوضح إمام عاشور، في التحقيقات التي أجريت برئاسة المستشار إيهاب العوضي رئيس نيابة أول وثان الشيخ زايد، أنه تلقى اتصالاً هاتفيًّا من زوجته تفيد بتعرضها للتحرش والمعاكسة من بعض الأشخاص أثناء وجودها في السينما، فحضر إليها على الفور وبرفقته صديق له وشقيق زوجته الصغير لاستطلاع الأمر، ونفى اشتباكه مع أفراد الأمن أو التعدي عليهم بالضرب، وأنه توجه للبحث عن الذين قاموا بمعاكسة زوجته بعدما علم أنهم موجودين في مكتب الأمن بجراج المول.

خناقة إمام عاشور في المول التجاري

من جهته، قال عبد الله، مشرف الأمن، أمام جهات التحقيق إنه أثناء توقفه في مكان عمله، فوجئ بـ اللاعب إمام عاشور يتوقف بسيارته وبرفقته آخرون واقتحموا بوابة المول، وسط محاولات منه لفهم سبب دخول اللاعب إمام عاشور بهذا الشكل، قائلاً: «فيه إيه بس يا كابتن مفيش محلات فاتحة دلوقتي.. »، ليرد عليه إمام عاشور «مراتي اتعاكست.. »، وحدثت مشادة كلامية بينه وفرد الأمن عبد الله، ليتعدى عليه بالسب والضرب.

إحالة اللاعب إمام عاشور للمحاكمة

وكانت النيابة العامة بالجيزة، قررت إحالة لاعب النادي الأهلي إمام عاشور إلى المحاكمة، في واقعة التعدي على فرد أمن داخل مول شهير بمدينة الشيخ زايد، وذلك على خليفة اتهامه بضرب المجني عليه عبد الله. م. ص، عمدًا، فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالتحقيقات والتي أعجزته عن الأشغال الشخصية مُدة لا تزيد عن عشرين يومًا.

اقرأ أيضاًشهيد لقمة العيش.. تحقيقات موسعة في مصرع عامل بالتجمع الخامس

بعد قليل.. إجراء مراسم قرعة الحج 2025 في القاهرة والشرقية ومطروح

مقالات مشابهة

  • الانتحار يتصاعد بشكل مخيف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.. طفل بعمر 14 عاما ينهي حياته شنقاً
  • تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 185 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق
  • 17 مليون طفل سوداني بلا تعليم بسبب الحرب
  • حماس تُعقّب على المعارضة الأميركية لقرار الجنائية الدولية الأخير
  • الجيش السوداني يعلن تقدمه والدعم السريع يهاجم عطبرة بالمسيّرات
  • جبايات وجمارك إضافية ونهب للمساعدات.. الفقر والأمن الغذائي يهددان الحياة في مناطق سيطرة الحوثي
  • «القاهرة الإخبارية»: هجوم أوكراني بالصواريخ على مناطق تقع تحت سيطرة روسيا
  • هجوم أوكراني على مناطق سيطرة روسيا من زابوريجيا
  • بحضور اللاعب.. بدء النظر في معارضة إمام عاشور على حبسه 6 أشهر
  • اليوم.. نظر معارضة إمام عاشور على حبسه 6 أشهر