صدى البلد:
2025-03-15@08:01:04 GMT

علي جمعة: قلة الحياء من موت القلب والروح

تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: ان الدين جاء وحث على الحياء باعتباره خلقاً محموداً على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع حتى شاع الذم بعبارة (قليل الحيا) في الاستعمال اليومي، مع حذف همزة الحياء؛ لأن العرب تقصر كل ممدود ولا تمد بالضرورة كل مقصور، وفي الحديث النبوي الشريف عندما عاتب أحدهم آخاه على كثرة حيائه قال له النبي ﷺ : (الحياء خير كله) [مسلم] وقال: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت) [البخاري] وكان الحياء ينشئ ثقافة سائدة تمنع من الانحراف وتضبط إيقاع العمل على المستوى الشخصي والمستوى الجماعي، وانعدام الحياء يوصلنا إلى فقد المعيار الذي به التقويم والذي به القبول والرد والذي به التحسين والتقبيح، وفقد المعيار هذا يؤدي إلى ما يشبه الفوضى وهي الحالة التي إذا استمرت لا يصل الإنسان إلى غايته، ويضيع الاجتماع البشري وتسقط الحضارات في نهاية المطاف حيث لا ضابط ولا رابط.

وعلى ذلك فمن العبارات الشائعة وهي خطأ قولهم (لا حياء في الدين) ويقصدون أن الإنسان يجب عليه أن يسأل في كل شيء دون خجل يصده عن التعلم فلا يخجل من عدم معرفته ولا يخجل أن يعرف كل شيء في جميع المجالات، فليس هناك حدود للمعرفة والعبارة الصحيحة التي حرفت من أصلها إلى هذه العبارة الجديدة الخاطئة هي (لا حرج في الدين) وهناك فارق كبير بينهما فصحيح أنه لا حرج في الدين، فإن اليسر يغلب العسر ، ومن طبق الدين لا يجد فيه ضيقاً ولا تضيقاً فقد قال الله تعالى : {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وفي الحديث الشريف : ( أنه ﷺ ما خير بين أمرين إلا أخذ أيسرهما)  [مسلم]. والقاعدة الفقهية الأم (المشقة تجلب التيسير) ، فالتيسير من أصل الدين، وهو يشتمل على الرفق في المعاملة يقول النبي ﷺ: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) [مسلم] ويشتمل التيسير على الرحمة يقول ﷺ : (الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) [أحمد وأبو داود] ويشتمل على رفع الضرر، حيث يقول ﷺ : (لا ضرر ولا ضرار) [ابن ماجة والبيهقي] ويشتمل على الاستمرار في العمل وفي الحديث  (كان عمله ﷺ ديمة) [متفق عليه].

والحياء خلق يمنع صاحبه المتخلق به من الفحش في القول والعمل ولذلك فإنه ضد بعض معاني الشفافية التي يدعو إليها بعضهم في عصرنا هذا، والشفافية قد تعني الصراحة في القول والصدق في العمل وهو خلق محمود بلا شك، وقد تعنى التبجح بالفاحشة وإظهار المعاصي والفجور بدعوى الحرية التي تساوي حينئذ التفلت والعبث، ولقد نهينا عن هذا التبجح قال رسول الله ﷺ: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه) [متفق عليه] فالمهاجر يتبجح بالمعصية، إنه يريد أن تشيع فعلته في الناس حتى يكونوا مثله ويكونوا في الفاحشة سواء قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) ولقد ابتلينا بهذا الصنف من الناس الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. فإنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحياء

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. لماذا نريد رضا الله؟.. الدكتور علي جمعة يجيب

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، أن الحياة الدنيا هي دار ابتلاء وامتحان، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل والاختيار والقدرة على الفعل أو الترك، كما بيّن له طريق الهداية من خلال الوحي الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، خلال بودكاست "مع نور الدين"، المذاع على قناة الناس، اليوم: الدنيا دار ابتلاء، والابتلاء معناه الامتحان والاختبار، والله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأعطاه العقل، وأعطاه أيضًا الاختيار، وأعطاه القدرة، إذن، فهناك لديه ثلاثة: عقل، واختيار، وقدرة على أن يفعل أو لا يفعل، وهديناه النجدين، قدرة على أداء التكاليف، ثم أعطاه أيضًا البرنامج في سورة الوحي، الذي ختمه بالكتاب، وبتفسير ذلك الكتاب من السنة النبوية المشرفة: "وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى".

وتابع: "فرسول الله ﷺ معه وحي متلو، وهو القرآن، ووحي مفسر لهذا المتلو، وهو السنة: خذوا عني مناسككم، صلوا كما رأيتموني أصلي، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، برنامج متكامل، واضح، جلي، بين، وأسهل من شربة ماء في يوم حر، عقل، واختيار، وطاعة، وقدرة، وأيضًا أعطانا البرنامج: افعل ولا تفعل، وهو حقيقة التكليف، عندما يتبع الإنسان هذا البرنامج، يفهم كل يوم أن الله قد أنقذه في هذه الحياة الدنيا من قوانين وضعها سبحانه وتعالى".

وأضاف: "أيضًا، يقول له: قم صلِّ الفجر، فيقوم، سواء كان بدويًا في الصحراء، أو في الريف، أو حضريًا في المدينة، فيصلي الفجر، عندما يقوم الإنسان من النوم قد يكون ذلك ضد راحته أو رغبته، أو ربما لديه شهوة أن ينام، لكنه يخالف ذلك، ومن هنا سُمي هذا التصرف مشقة، الطبع يقول عنها إنها مشقة، لكنه يؤديها امتثالًا لله، ثم، لا يجد شيئًا يدفيء به الماء، والدنيا شتاء فيتوضأ، وعندما يطس وجهه بالماء البارد، وهو لِتَوِّهِ قد استيقظ، يشعر بالثقل، فيقال: الوضوء على المكاره، أي الأمور التي لو خُيِّر الإنسان، لما اختارها، فقد أعطاني الله العقل والاختيار، ولو كنت مخيرًا، لبحثت عن وسيلة لتدفئة الماء قبل أن أتوضأ".

وأردف: "انظر إلى نعم الله، نحن الآن نعيش في ترف زائد، فمن لديه سخان ماء، يستطيع تسخين الماء، وبدل أن يطس وجهه بالماء البارد، يستخدم الماء الدافئ، فيشعر بالانتعاش، وهذا جائز، وليس فيه مشكلة، فالدين لم يُلزمك بالوضوء بالماء البارد، لكن غالبية البشر ليس لديهم سخان، لذا علينا أن ننتبه لنعم الله التي اعتدناها حتى نسيناها، لقد اعتدنا نعمة البصر، ونسينا أن مجرد القدرة على الرؤية نعمة عظيمة، ولو حُرِمنا منها، لشعرنا بقيمتها، وهكذا، الوضوء على المكاره مشقة، لكنه في النهاية امتثال، وبعد الوضوء، أذهب لأصلي، لأن أبي علمني ذلك، ولأنني أعلم أن الصلاة ترضي الله، وأن تأخيرها أو التهاون فيها لا يرضي الله، وأنا أريد رضا الله".

وتابع: "لماذا أريد رضا الله؟ لأن هناك تجربة بيني وبينه، كلما دعوته، استجاب لي، وأحيانًا أدعوه فلا يستجيب، فأشعر بالخوف، وأتساءل: هل هو غاضب مني؟ ثم أجد أنه لا يغضب، ولكنه يختبرني، يمتحنني، يريد أن يرى: هل أصبر وأقول كما قال سيدنا يعقوب: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، أم أنهار؟، هو لا يريدني أن أنهار، بل يريدني أن أصبر، وفي مقابل هذا الصبر، سيمنحني أجرًا عظيمًا يوم القيامة، أضعاف ما دعوت به، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، إذن، هذه هي الحياة الدنيا: دار ابتلاء، دار اختبار، دار يقول لي فيها: "اعبد الله، عمّر الأرض، زكِّ النفس، نفّذ هذه التكاليف".

وأضاف: "إذا قلت: لا أستطيع، سيقول لي: ماذا تعني بعدم استطاعتك؟ إذا قلت: الطبيب منعني من الوضوء بالماء، سيقول لي: طاوع الطبيب، وتيمم بضربة على الحجر، وامسح بها وجهك ويديك، ثم صلِّ، الأمر بهذه السهولة! إذا ضاقت، تسعَّت، فقد جعل لنا الله يسرًا: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة يكشف كيفية شفاعة الرسول لنا يوم القيامة
  • لماذا يخاف الناس من الموت؟.. رد مفاجئ من علي جمعة
  • علي جمعة: 3 منح أعطاها الله لكل إنسان للعبور من ابتلاء الدنيا
  • دعاء لأمي المتوفية في ثاني جمعة من رمضان
  • بالفيديو.. لماذا نريد رضا الله؟.. الدكتور علي جمعة يجيب
  • معنى «وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ».. علي جمعة يصحح خطأ شائعا في تفسير الآية
  • علي جمعة: يجوز للمرأة التعطر لكن بشروط
  • هل القلب هو الفؤاد أم بينهما فرق؟.. الشيخ مختار جمعة يجيب
  • محمد مختار جمعة: صلة الأرحام من أهم خصائص شهر رمضان
  • ليه الحجاب فرض على النساء؟.. علي جمعة يكشف