علي جمعة: قلة الحياء من موت القلب والروح
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: ان الدين جاء وحث على الحياء باعتباره خلقاً محموداً على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع حتى شاع الذم بعبارة (قليل الحيا) في الاستعمال اليومي، مع حذف همزة الحياء؛ لأن العرب تقصر كل ممدود ولا تمد بالضرورة كل مقصور، وفي الحديث النبوي الشريف عندما عاتب أحدهم آخاه على كثرة حيائه قال له النبي ﷺ : (الحياء خير كله) [مسلم] وقال: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت) [البخاري] وكان الحياء ينشئ ثقافة سائدة تمنع من الانحراف وتضبط إيقاع العمل على المستوى الشخصي والمستوى الجماعي، وانعدام الحياء يوصلنا إلى فقد المعيار الذي به التقويم والذي به القبول والرد والذي به التحسين والتقبيح، وفقد المعيار هذا يؤدي إلى ما يشبه الفوضى وهي الحالة التي إذا استمرت لا يصل الإنسان إلى غايته، ويضيع الاجتماع البشري وتسقط الحضارات في نهاية المطاف حيث لا ضابط ولا رابط.
وعلى ذلك فمن العبارات الشائعة وهي خطأ قولهم (لا حياء في الدين) ويقصدون أن الإنسان يجب عليه أن يسأل في كل شيء دون خجل يصده عن التعلم فلا يخجل من عدم معرفته ولا يخجل أن يعرف كل شيء في جميع المجالات، فليس هناك حدود للمعرفة والعبارة الصحيحة التي حرفت من أصلها إلى هذه العبارة الجديدة الخاطئة هي (لا حرج في الدين) وهناك فارق كبير بينهما فصحيح أنه لا حرج في الدين، فإن اليسر يغلب العسر ، ومن طبق الدين لا يجد فيه ضيقاً ولا تضيقاً فقد قال الله تعالى : {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وفي الحديث الشريف : ( أنه ﷺ ما خير بين أمرين إلا أخذ أيسرهما) [مسلم]. والقاعدة الفقهية الأم (المشقة تجلب التيسير) ، فالتيسير من أصل الدين، وهو يشتمل على الرفق في المعاملة يقول النبي ﷺ: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) [مسلم] ويشتمل التيسير على الرحمة يقول ﷺ : (الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) [أحمد وأبو داود] ويشتمل على رفع الضرر، حيث يقول ﷺ : (لا ضرر ولا ضرار) [ابن ماجة والبيهقي] ويشتمل على الاستمرار في العمل وفي الحديث (كان عمله ﷺ ديمة) [متفق عليه].
والحياء خلق يمنع صاحبه المتخلق به من الفحش في القول والعمل ولذلك فإنه ضد بعض معاني الشفافية التي يدعو إليها بعضهم في عصرنا هذا، والشفافية قد تعني الصراحة في القول والصدق في العمل وهو خلق محمود بلا شك، وقد تعنى التبجح بالفاحشة وإظهار المعاصي والفجور بدعوى الحرية التي تساوي حينئذ التفلت والعبث، ولقد نهينا عن هذا التبجح قال رسول الله ﷺ: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه) [متفق عليه] فالمهاجر يتبجح بالمعصية، إنه يريد أن تشيع فعلته في الناس حتى يكونوا مثله ويكونوا في الفاحشة سواء قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) ولقد ابتلينا بهذا الصنف من الناس الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحياء
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: التكاليف الشرعية تهدف لتحقيق سعادة الإنسان في الدارين
أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتي مصر الأسبق، أن التكاليف الشرعية تمثل منهجًا إلهيًا يهدف إلى تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون ليكون ميدانًا لتجلي صفاته، وأن التكليف الإلهي هو جزء من هذا النظام الكوني المتكامل.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، خلال تصريحات له اليوم، الثلاثاء، أن التكليف في اللغة يعني "الإلزام بما فيه مشقة"، وهو ينقسم إلى خمسة أقسام: الواجب، والحرام، والمندوب، والمكروه، والمباح. فالواجب إذا تُرِك يُحاسب عليه الإنسان، والحرام إذا فُعِل يُعاقب عليه، والمندوب يؤجر الإنسان على فعله ولا يعاقب على تركه، والمكروه يُثاب تاركه ولا يُعاقب فاعله، أما المباح فهو ما تُرِك لاختيار الإنسان دون ثواب أو عقاب.
هل تأخذ المرأة أجرًا على ارتداء الطرحة؟.. علي جمعة يحدد 3 شروط
حقيقة تخفي الجن في صورة حيوان.. علي جمعة يحسم الجدل
هل الملائكة لا تدخل بيت فيه كلب؟ على جمعة يجيب.. فيديو
حكم تسمية الكلاب بأسماء الإنسان .. على جمعة يجيب
وأشار إلى أن التكاليف الشرعية لم تُفرض على الإنسان عبثًا، بل جاءت لتحقيق التوازن في حياته وإرشاده إلى طريق السعادة الحقيقية، مستشهدًا بقوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، موضحًا أن العبادة ليست مقتصرة على الشعائر فقط، بل تشمل كل ما يؤدي إلى صلاح الإنسان في دينه ودنياه.
وشدد على أن الالتزام بالتكاليف الشرعية هو السبيل لتحقيق السكينة والطمأنينة، وأن الله سبحانه وتعالى لم يُكلف عباده إلا بما فيه مصلحتهم، قائلًا: "الله أمرنا بالتخلق بأسمائه الحسنى، فنتخلق بأسماء الجمال، ونتعلق بأسماء الجلال، ونصدق بأسماء الكمال".
هل المرأة تؤجر على ارتداء الطرحة؟أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتى الجمهورية الأسبق، عن سؤال حيث قالت إحدى الفتيات: "ربنا أمرنا بلبس الحجاب واحنا مش بنلبس خمار احنا بنلبس طرحة وعليها بناطيل هل نأخذ أجر ولا لأ؟".
وأكد علي جمعة، خلال تصريحات تلفزيونية، "ينبغي في حجاب المرأة المسلمة 3 شروط ألا يكشف ألا يصف ألا يشف"، موضحا أن معنى كلمة ألا يصف هى ألا يصيب جزءا ويوضحه كأن المرأة لا تلبس شيء.
وتابع مفتي الجمهورية الأسبق: "يجب ألا يكشف إلا المتاح فقط في المرأة وهو الوجه والكفين، وكلمة خمار هي غطاء الرأس وده شاع معناها اللغوي وفي معنى عرفي أن الست بتلبس إسدال أو طرحة".
وأوضح علي جمعة أن هناك غيره من المصطلحات الشائعة وفي اللغة "الخمار"؛ منوها بأن كلمة الخُمر يعنى أغطية الرأس وفى العرف ممكن يكون الخمار له صورة معينة في الذهن والمطلوب الستر على الصفات الثلاثة.