السومرية نيوز – محليات

يعدّ احتلال بريطانيا للعراق من بين الأحداث الفارقة في تاريخ العراق الحديث، حيث بدأت الاحتلالات البريطانية للمنطقة في القرن التاسع عشر، عندما كانت بريطانيا تتنافس مع الدول الأوروبية الأخرى على الهيمنة على الموارد والمناطق الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
وأثناء الحرب العالمية الأولى 1914-1918، سعت بريطانيا إلى توسيع نفوذها في المنطقة، وقامت بغزو العراق التي كانت تحت الحكم العثماني آنذاك.



*احتلال بريطانيا لبغداد
بدأت حكومة الهند البريطانية، مع بداية الحرب العالمية الأولى في أكتوبر 1914، بنشر "جيش الليفي"، وهو تشكيل عسكري مؤلف من مزيج من البريطانيين والهنود في منطقة الفيالق، وكانت أول خطوة لهبوط القوات البريطانية في منطقة رأس الخليج العربي بين الكويت والبصرة، حيث نشبت معارك بين القوات البريطانية والجيش العثماني الذي حظي بدعم من قبل القوات العراقية.

*معركة كوت الزين 1914
وفقاً لموقع britannica، كانت معركة كوت الزين في مدينة القرنة من بين أبرز تلك المواجهات، حيث فقدت العديد من القبائل العربية أبناءها، بما في ذلك الشيخ شلال الفضل الوائلي، زعيم عشائر الشرش في القرنة، قبل وصول القوات البريطانية إلى المنطقة، وتقع مدينة القرنة إدارياً في محافظة البصرة، وتُعتبر واحدة من أغنى المدن من حيث الموارد النفطية، وتبعد نحو 74 كيلومتراً عن مدينة البصرة، وكان عدد سكانها حوالي 450 ألف نسمة وفقاً لإحصائيات عام 2014. في ذلك الوقت، كان الجيش العثماني يواجه تحديات على عدة جبهات، بما في ذلك الجبهة الشرقية في أذربيجان وشرق الأناضول، والجبهة الغربية في البلقان. تأثر الجيش العثماني بشدة بانهيار بعض الجبهات الألمانية وانسحاب روسيا من الحرب بعد الثورة البلشفية، مما أدى إلى ضعفه.

دفعت هذه الظروف الصعبة القوات البريطانية للتقدم نحو مشارف بغداد في مارس 1917، ووصلوا إلى مشارف كركوك في أغسطس 1918، مما تسبب في خسائر كبيرة للجيش العثماني، لكن توقف التقدم البريطاني بعد ذلك.

إحتلال بغداد
في 11 آذار/مارس 1917 ميلادية، احتل الجيش البريطاني قلب مدينة بغداد، حيث شاركت قوات الهند البريطانية بشكل بارز في هذا الاحتلال.

وبعد أسبوع من سقوط المدينة، أصدر الجنرال البريطاني ستانلي مود "بيان بغداد"، الذي اشتهر بعبارته الشهيرة: "لم تأتِ جيوشنا إلى مدينتكم وأرضكم كغزاة أو أعداء، ولكن كمحررين".

ويذكر المؤرخون أنه في ذلك الوقت ظلّ سكان المدينة في بيوتهم، وتم إغلاق الأسواق وتهجيرها، وتعرضت العديد من المحال للنهب والحرق، وتم تفتيش البيوت بحثاً عن الأسلحة، وطالب الجيش السكان بتسليمها، وهدّدهم بالإعدام في حال عدم الامتثال.

وتم فرض حظر التجوال ابتداءً من الساعة الثامنة مساءً، وتم نصب مشنقتين في ساحة مفتوحة حيث تمت مشاهدة المحكومين بالإعدام من قبل سكان المدينة، بهدف توضيح الجدية في محاسبة أي مقاومة.

فترة الانتداب البريطاني
في البداية، كانت الإدارة في العراق تحت رقابة عسكرية يديرها ضباط بريطانيون، ولكن بدأ التحول نحو الإدارة المدنية بشكل تدريجي، حيث تم اتخاذ عدة إجراءات من بينها إصدار الصحف وافتتاح المدارس، وأعيد فتح كلية الحقوق في بغداد، وفقاً لتصريحات الخبير القانوني والمؤرخ الراحل طارق حرب.

ووفقاً لتقديراته، أرسلت بريطانيا مستشارين لتنظيم القوانين وتسيير شؤون البلاد حتى عام 1920. في هذا العام، تشكلت أول حكومة وطنية برئاسة عبد الرحمن النقيب. وفي عام 1921، تم تكليف الملك فيصل الأول بقيادة البلاد بعد استفتاء شعبي، وهكذا بدأت الخطوات نحو الاستقلال.

وعلى إثر هذه التطورات، اندلعت احتجاجات غرب بغداد وامتدت إلى جنوب وشمال البلاد، بسبب تصرفات بعض القادة والجنود البريطانيين، وبدأت المطالبات بتشكيل حكومة وطنية.

ثورات العراق في سبيل استقلال البلاد
ثورة النجف 1918

تعتبر هذه الانتفاضة أول ثورة عراقية ضد الاحتلال البريطاني، كما أنها أول ثورة مفتوحة ضد الحركات الاستعمارية التي نشأت بعد سقوط الدولة العثمانية في الشرق الأوسط، وتُعد من أوائل الثورات العربية في بداية القرن العشرين بعد الثورة العربية الكبرى عام 1916.

وقد امتدت الانتفاضة لمدة أربعة أيام مليئة بالصراع، حيث حقق الثوار النجفيون في البداية بعض الانتصارات، لكن بعد ذلك تدخل الحاكم البريطاني على النجف والشامية، فرانسيس بلفور، بإرسال قوات بريطانية لقمع الثورة.

تم فرض حصار على النجف، مما أدى إلى انتشار المجاعة والأزمات الاقتصادية داخل المدينة، وهو ما أضعف الثورة وحولها إلى تمرد ضعيف ثم تمكنت القوات البريطانية من احتلال النجف وقمع الحركة المسلحة هناك في 4 أبريل من نفس العام، بعد قصف مكثف واعتقال عدد من قادة الثورة كما شارك العديد من المنتسبين لهذه الانتفاضة أيضًا في ثورة أخرى كبيرة على الاحتلال البريطاني في عام 1920، والتي عرفت باسم ثورة العشرين.

ثورة عام 1920 وسعي العراق نحو الاستقلال
تعتبر ثورة عام 1920 واحدة من أهم الثورات التي اندلعت ضد القوات البريطانية في العراق، وكانت تحمل في طياتها أسباباً متعددة، منها سوء الإدارة البريطانية وتعسفها في إدارة البلاد، بالإضافة إلى الأعباء الضريبية الثقيلة التي أثقلت كاهل الشعب العراقي.

تم اجتماع بعض زعماء الفرات الأوسط في بيت الشيخ هادي المكوطر في الديوانية، حيث ناقشوا فكرة الثورة، واقترح الشيخ خيون العبيد من ذي قار توعية الناس وتحضيرهم لذلك، خاصة أن المنطقة كانت في صراع مستمر مع العثمانيين والبريطانيين خلال الفترة 1908-1918.

ونتيجة لذلك، تم إنشاء جمعية الرابطة الإسلامية لتنظيم تلك الجهود وتحفيز الناس للمشاركة في الثورة.
*انسحاب القوات البريطانية عن العراق
بعد ثورة العشرين، بدأ البريطانيون في تنفيذ خطة الانسحاب، حيث شكّلت حكومة من وجهاء العراقيين والشيوخ لإدارة البلاد. وفي عام 1930، تم انسحاب البريطانيين تماماً من العراق، باستثناء وجود قوات قليلة في معسكرات عسكرية صغيرة

ومع انسحاب البريطانيين، تركوا خلفهم بعض التحديات، كمشكلة الأقليات والتبعية الاقتصادية والسياسية، والتي زرعت بعض الصراعات الداخلية في البلاد.

كما كان لانسحاب البريطانيين تداعيات اقتصادية واجتماعية، حيث تركوا خلفهم منطقة رخوة يمكن استغلالها في أي وقت، وزرعوا بذور التوتر والصراعات الداخلية في العراق، مما أثر على الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد. 

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: القوات البریطانیة فی ذلک

إقرأ أيضاً:

بغداد توقف مشتبها به في "التحريض" على هجوم رأس السنة في نيو أورلينز  

 

 

بغداد - أعلن القضاء العراقي الأحد 27 ابريل 2025، توقيف "متورّط ينتمي" لتنظيم "داعش" "قام بالتحريض" على عملية دهس أودت بـ14 شخصا في مدينة نيو أورلينز الأميركية خلال احتفالات رأس السنة.

وقُتل 14 شخصا على الأقلّ وأصيب نحو 30 آخرين في الأول من كانون الثاني/يناير حين دهس الجندي الأميركي السابق شمس الدين جبار الذي اعتنق فكر "داعش" بحسب مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، بمركبته حشدا من المحتفلين بحلول السنة الجديدة في المدينة الواقعة بجنوب الولايات المتحدة.

وقُتل جبار في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة، فيما رجح مكتب التحقيقات الفدرالي بأن يكون المنفذ قد تصرّف بشكل منفرد بعدما تطرّق في بادئ الأمر إلى احتمال تعاونه مع شركاء.

وأورد مجلس القضاء الأعلى في العراق في بيان أنه "أُلقي القبض على متورط ينتمي لكيان داعش الإرهابي قام بالتحريض عن حادثة الدهس"، وذلك بعدما تلقى "طلبا من الولايات المتحدة الأميركية للمساعدة في التحقيقات المتعلقة بالعملية".

وأشار إلى أن "محكمة تحقيق الكرخ الأولى (...) حددت هوية المتهم و(ألقت) القبض عليه في العراق كونه أحد عناصر ما يسمى بمكتب العمليات الخارجية لكيان داعش الارهابي"، لافتا إلى أن الموقوف "سيُعرض على القضاء العراقي لمحاكمته".

رغم إعلان القوات العراقية دحر تنظيم "داعش" محليا في 2017، لا تزال بعض خلايا التنظيم المتطرف تنشط في مناطق عراقية عدّة وتشنّ هجمات تستهدف القوات الأمنية، خصوصا في مناطق بعيدة عن المدن.

وأشار تقرير للأمم المتحدة صدر مطلع العام إلى أن العمليات المنفّذة في العراق "بقيادة السلطات" أدّت "إلى مقتل نصف القياديين الكبار في داعش في البلد".

مقالات مشابهة

  • 50 عاما على انتهاء الحرب ولم تنتهِ المأساة.. سموم العامل البرتقالي ما زالت تنهش فيتنام
  • تركيا تحتفل بذكرى “النصر” على بريطانيا في العراق
  • الحكيم: الانتخابات القادمة ستوصل العراق إلى بر الأمان
  • وزير الخارجية يجتمع مع مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة ويؤكد أهمية دعم المجتمع الدولي لجهود الحكومة السورية في تعزيز استقرار البلاد
  • الصحة: خطة لزيادة أنواع الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين
  • تقرير: العراق يسابق الزمن لإنجاز أكبر محطاته للطاقة الشمسية
  • شتاء أم صيف.. الأرصاد توضح طقس الأيام القادمة| إليك التفاصيل
  • بعد تأكيد كوريا الشمالية.. بوتين يشكر كيم على مشاركة جنوده في القتال بكورسك
  • العراق يوقف إرهابيا ساهم هجوم في نيو أورلينز الامريكية
  • بغداد توقف مشتبها به في "التحريض" على هجوم رأس السنة في نيو أورلينز