ما بعد التقاعد.. نظرة فاحصة على كبار السن في الاتحاد الأوروبي
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
يواجه الاتحاد الأوروبي تحديا جديدا خلال السنوات المقبلة يتمثل بزيادة تأثير نسبة كبار السن على قطاعات الاقتصاد المختلفة، ما قد يؤثر على سياسته بشكل واسع على سياسة الانفاق والتوظيف والتقاعد وغيرها من المجالات.
وقال موقع "بروجيل" في تقرير ترجمته "عربي21": إن شيخوخة السكان سيكون لها تداعيات هيكلية كبيرة على الاقتصادات الأوروبية، ذلك أن التقاعد التدريجي لجيل المواليد الكبير (1946 و1964) سيؤثر على سياسة الاتحاد الأوروبي على نطاق واسع، ولن ينجح التحول الأخضر والرقمي دون الأخذ بعين الاعتبار شيخوخة القوى العاملة وتغيرها.
ومع أن زيادة متوسط العمر المتوقع موضع ترحيب باعتبارها انتصارا للجهود السياسية السابقة، إلا أنها تشكل سلسلة من التحديات.
وأشار الموقع إلى أن أكثر مجالٍ سيتأثر بشيخوخة السكان هو سياسة التقاعد. تتزايد نسبة إعالة كبار السن (وهو عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر) مقارنة بالسكان في سن العمل في الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن ترتفع نسبتهم من 36 بالمئة في سنة 2022 إلى 55 بالمائة في سنة 2050 و65 بالمئة في سنة 2100.
وبينما كان هناك ما يقارب 2.7 عامل مقابل كل شخص مسن في الاتحاد الأوروبي في سنة 2022، فإن العدد سينخفض إلى حوالي 1.5 في سنة 2100.
ومن المنطقي التركيز على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة في سياق سياسة التقاعد نظرا لأن سن التقاعد في معظم دول الاتحاد الأوروبي في حدود ذلك، ولكن من المهم أن النظر إلى ما هو أبعد من التقاعد وأن نمو عدد كبار السن في الاتحاد الأوروبي سيكون مدفوعا بمن تزيد أعمارهم عن 85 سنة.
وتُظهر البيانات بوضوح أن الفئة العمرية التي تزيد عن 85 سنة هي الفئة العمرية الأسرع نموا في الاتحاد الأوروبي. وفي سنة 2022 كان 2.9 بالمائة من الأشخاص في الاتحاد الأوروبي يبلغون من العمر 85 سنة أو أكبر.
ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الحصة بحلول سنة 2050، وتصبح ثلاثة أضعاف تقريبا بحلول 2100، لتصل إلى ما يقارب 10 بالمائة من إجمالي السكان.
كبار السن فوق الثمانين يساهمون في زيادة نسبة إعالة كبار السن
أوضح الموقع أن هناك ثلاثة عوامل تفسر ارتفاع نسبة إعالة كبار السن، أولا: الزيادة المطردة في متوسط العمر المتوقع؛ ثانيًا: انخفاض عدد السكان في سن العمل بشكل كبير ما بين 2022 و2070؛ ثالثًا: لن يعوّض صافي تدفقات الهجرة المتوقعة اتجاه شيخوخة السكان.
وستكون الزيادة المتوقعة في نسبة إعالة كبار السن على المدى الطويل مدفوعة في الغالب بكبار السن فوق الثمانين، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 85 عاما فما فوق مقارنة بالسكان في سن العمل بنحو 15 نقطة مئوية حتى 2100، وتتجاوز هذه الزيادة تلك الخاصة بالفئتين العمريتين 65-74 و75-84، وهكذا فإنه بحلول 2100، ستمثل كل فئة عمرية تزيد عن 65 سنة ما يقارب ثلث كبار السن، وهو ما يتناقض مع هيمنة أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 65-74 سنة اليوم.
الاختلافات بين دول الاتحاد الأوروبي
سجّلت فنلندا في سنة 2022 أعلى نسبة إعالة لكبار السن (41 بالمائة)، في حين سجلت لوكسمبورغ أدنى نسبة (23 بالمائة)، وسجلت إيطاليا والبرتغال واليونان بعضا من أعلى النسب الإجمالية، فضلا عن أعلى نسب في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 85 سنة مقارنة بالأشخاص في سن العمل.
وهناك أيضا تباين كبير في كيفية تطور نسبة الإعالة وتكوينها، ففي حين أن بعض البلدان ذات نسب الإعالة المنخفضة نسبيا ستشهد زيادة كبيرة في هذه النسب، مثل أيرلندا ولوكسمبورغ، فإن هذا النمط لن يظهر في جميع البلدان.
ومن المتوقع أن تزيد نسبة الإعالة بما لا يقل عن 25 نقطة مئوية بين سنتي 2022 و2100 في جميع البلدان باستثناء البرتغال وألمانيا والسويد والتشيك. ومن المتوقع أن تكون الزيادة هي الأعلى في مالطا (43 نقطة مئوية).
الآثار السياسية المترتبة على أنظمة الضمان الاجتماعي ــ وغير ذلك من الأنظمة
أشار الموقع إلى تزايد كبار السن سيُخلف عواقب على أنظمة الضمان الاجتماعي تتجاوز معاشات التقاعد، فهناك علاقة واضحة بين العمر واحتمال مواجهة قيود جسدية، خاصة بالنسبة للنساء، لذلك فإن الزيادة في عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن 85 سنة ستؤدي إلى زيادة في عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية طويلة الأجل.
وفي حين كان هناك انخفاض مطرد في نسبة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65-74 سنة و75-84 سنة في الاتحاد الأوروبي مع قيود شديدة على النشاط، فقد ظل الاتجاه النزولي راكدًا بالنسبة لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 85 سنة منذ جائحة كوفيد-19.
علاوة على ذلك، فإن الطلب على الرعاية طويلة الأجل يتجاوز العرض بالفعل في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن يتفاقم هذا النقص في العرض نظرا للانخفاض النسبي المتوقع في عدد السكان في سن العمل، والنقص في العاملين في مجال الرعاية الرسمية واضح بالفعل في العديد من دول الاتحاد الأوروبي حيث يحتل المتخصصون في التمريض أعلى مرتبة بين المهن التي تعاني من نقص العمالة في الاتحاد الأوروبي.
أشار الموقع إلى أن نسبة كبيرة من الأشخاص المحتاجين إلى الرعاية يعتمدون حاليا على الرعاية غير الرسمية والرعاية من الأقارب.
ومن المرجح أن يكون هذا الاعتماد واسع النطاق على الرعاية غير الرسمية غير واقعي في المستقبل بسبب ثلاثة اتجاهات، أولاً: أصبح عدم الإنجاب أكثر انتشارا إلى جانب انخفاض معدلات الخصوبة عموما، وهذا يعني أنه سيكون هناك عدد أقل من مقدمي الرعاية غير الرسميين المحتملين في المستقبل.
ثانيا: يتم توفير الرعاية غير الرسمية في الغالب من قبل النساء، ويشارك عدد أكبر من النساء في القوى العاملة عما كان عليه في الماضي مما يحد من نطاق تقديم الرعاية. ثالثًا: يعيش الأطفال بعيدا عن والديهم أكثر مما كانوا عليه في الماضي، مما يزيد من صعوبة توفير الرعاية لهم.
وأكد الموقع أن ترك النساء لوظائفهن لأجل رعاية أقاربهن المسنين هو عامل مهم وراء ركود مشاركة الإناث في القوى العاملة في الولايات المتحدة منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولكن ارتفاع الطلب على الرعاية طويلة الأجل لا يؤدي بالضرورة إلى انخفاض مشاركة المرأة في سوق العمل. ففي اليابان، على سبيل المثال، ما يزال هناك عمالة نسائية أعلى بكثير مقارنة بالولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي رغم نسبة الضخمة من السكان كبار السن.
وأشار الموقع إلى أن المزيد من الرعاية الرسمية سيتطلب زيادة في الإنفاق العام على السياسات المرتبطة بالعمر، خاصة معاشات التقاعد والرعاية طويلة الأجل.
ويوضّح تقرير الشيخوخة لسنة 2024 الصادر عن المفوضية الأوروبية أن النفقات المرتبطة بالعمر تشكل جزءا كبيرا من الإنفاق الحكومي إذ بلغت 24.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي في سنة 2022، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 1.2 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي بحلول سنة 2070.
وأضاف الموقع أنه من المتوقع أن يرتفع الإنفاق على الرعاية الصحية والرعاية طويلة الأجل في جميع دول الاتحاد الأوروبي تقريبا. ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق على الرعاية الصحية في الاتحاد الأوروبي من 6.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2022 إلى 7.3 بالمائة بحلول سنة 2070.
وأوضح الموقع أن أحد الآثار المباشرة لشيخوخة السكان هو أن متوسط عمر المشاركين في القوى العاملة سوف يرتفع. ومع ذلك، فإن وضع العمال الأكبر سنا في سوق العمل يختلف عن وضع العمال الأصغر سنا، فمن غير المرجح أن يفقد العمال الأكبر سنا وظائفهم، ولكن سيستغرقون وقتا أطول للعثور على عمل جديد إذا حدث ذلك.
كما يميل العمال الأكبر سنا إلى المشاركة بشكل أقل في التدريب أثناء العمل مقارنة بالعمال الأصغر سنا، مما يقلل من احتمال تغيير مهنهم.
وفي الوقت نفسه، فإنه مع شيخوخة القوى العاملة، هناك خطر أكبر يتمثل في أن المهارات قد تصبح قديمة مقارنة بالابتكارات المستمرة. وستؤدي إصلاحات معاشات التقاعد الأخيرة إلى زيادات تدريجية في سن التقاعد القانوني في العديد من البلدان، لكن متوسط سن التقاعد الفعلي يظل دائما أقل من سن التقاعد القانوني في معظم الدول الأعضاء، مما يشير إلى أن الترفيع في سن التقاعد القانوني لن يكون كافيا لإبقاء الناس في سوق العمل.
توصيات للساسة
نصح الموقع صناع السياسات بالنظر إلى ثلاثة مجالات رئيسية استعدادا لوضع يشكل فيه كبار السن (أكثر من 85 عاما) ما يقارب 10 بالمائة من سكان الاتحاد الأوروبي بحلول سنة 2100. أولا: يتعين عليهم تحسين الصحة في سن الشيخوخة من خلال تعزيز الشيخوخة الصحية، وهذه هي الطريقة الأكثر فعالية للحد من الطلب على الرعاية طويلة الأجل. وينبغي للتمويل الأوروبي أن يدعم البحوث الرامية إلى علاج الأمراض المعرفية المسببة للخرف التي من المتوقع أن تكون محركاً مهما لاحتياجات العلاج طويل الأمد في المستقبل.
ثانيا: يجب أن يقوموا بإعداد أنظمة التأمين على المدى الطويل لمواجهة زيادة كبيرة في الطلب، وهذا يعني الاستثمار في مرافق ومعدات الرعاية، واتخاذ التدابير اللازمة لزيادة عدد العاملين في مجال الرعاية.
ثالثا: يتعين عليهم التركيز على النساء في سياق معاشات التقاعد والرعاية طويلة الأجل. يتم تقديم الرعاية في الغالب من قبل النساء، اللاتي من المرجح أن يقللن من ساعات العمل لأنهن يتحملن مسؤوليات الرعاية. ولا يؤدي هذا إلى انخفاض دخل المرأة فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى انخفاض اشتراكات الضمان الاجتماعي وبالتالي انخفاض معاشات التقاعد مقارنة بالرجال في المتوسط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاتحاد الأوروبي الاقتصاد التقاعد الشيخوخة اقتصاد الاتحاد الأوروبي الشيخوخة التقاعد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دول الاتحاد الأوروبی فی الاتحاد الأوروبی معاشات التقاعد شیخوخة السکان القوى العاملة الأشخاص الذین من المتوقع أن على الرعایة الرعایة غیر سن التقاعد نقطة مئویة بالمائة من الموقع إلى بحلول سنة المرجح أن الموقع أن فی سنة 2022 ما یقارب إلى أن
إقرأ أيضاً:
فوضى وشائعات واتهام «الاتحاد» بالانحياز.. سطوة كبار المنتجين تشعل أسعار «الدواجن» على حساب المستهلكين
تسيطر فوضى وشائعات وأصحاب مصالح على أسعار الدواجن في الأسواق، التى أصبحت متغيرة، يوميا، فيما تغيب الرقابة وتتفاقم الأزمة نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمستهلكين، فيما خسرت صناعة الدواجن خلال العام الأخير حوالي ٤٠% من الأمهات والكتاكيت، التي لم تُعوض حتى الآن حسب أقوال العاملين في القطاع، بينما هناك من يحافظون على هذا النقص لضمان المزيد من الأرباح، فكلما قل المعروض زاد الطلب وارتفعت أسعار الدواجن.
يقول أحمد عبد المنعم (صاحب محل فراخ):إن «أسعار الدواجن تأتي محددة من تجار الجملة، وهم الذين يحددون السعر، ثم يتم إضافة بعض المصروفات وهامش الربح ليصل الكيلو إلى ١٠٠ جنيه» فيما تشير المعلومات إلى أن معظم أصحاب المزارع هم أعضاء في اتحاد منتجي الدواجن (يفترض أن يحقق التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين) وعليه، فـ«هناك انحياز إلى مصالح الكبار داخل الاتحاد دون الالتفات إلى مصالح المستهلكين»، على حد وصف رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية، عبد العزيز السيد.
يؤكد أن «صناعة الدواجن خسرت أكثر من ٤٠% في أزمة عام ٢٠٢٢ التي استمرت أكثر من عامين نتيجة غلاء الأعلاف، وما زالت لم تُعوض حتى الآن، وهذا ألقى عبئًا جديدًا على المستهلك. هناك مجموعة من المنتجين الكبار ليس في مصلحتهم أن تعود صناعة الدواجن إلى سابق عهدها لضمان هامش ربح كبير. استمرار الاحتكار سوف يهدد هذه الصناعة، خاصة مع انعدام الرقابة، مما أدى إلى تغول هؤلاء».
ذلك، فيما يطالب رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية بـ«ضرورة وضع تسعيرة جبرية تلزم جميع أطراف صناعة الدواجن بالالتزام بها، دون تعارض مع السوق الحر أو العرض والطلب». أما يحيى محمد الشاذلي (صاحب مزرعة دواجن) فيقول: «كيلو الفراخ البيضاء يتراوح بين ٧٠ و٨٠ جنيهًا وفقًا لأسعار العرض والطلب، لا يتعدى هذا المبلغ، لكن ما يحدث هو انفلات في الأسعار، أسبابه الحلقات الوسيطة، متمثلة في تجار الجملة الذين يقومون بالشراء من المزارع، حيث يُحتسب ثمن النقل بـ٥ جنيهات للكيلو، ويُحسب أيضًا ثمن النافقة أثناء النقل والتوزيع بـ٤ جنيهات، ثم يأتي دور صاحب محل الفراخ الذي يحتسب إيجار المحل، ثم فاتورة الكهرباء والمياه وأجرة العامل لديه، كل ذلك يُضاف في النهاية إلى سعر كيلو الفراخ البيضاء للمستهلكين. لابد من وقف نزيف العملة الصعبة في استيراد البيض المخصب من الخارج، لأن تكلفته عالية جدًا كما أنه يتلف أكثر من 50% أثناء النقل».
ويرجع محمد حسن غريب (صاحب مزرعة دواجن) الأزمة لـ«الشائعات والسماسرة، والموزعون هم السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار الدواجن. بعضهم ينشر شائعة عن استقدام صفقة كتاكيت، فتنخفض الأسعار، وآخر ينشر شائعة عن ارتفاع أسعار الأعلاف، فترتفع الأسعار، وأصبح سعر الكتكوت يتراوح ما بين ٣٦ إلى ٥٨ جنيهًا من المزرعة، وبالتالي هذا لا يساعد المربين المتعثرين على العودة لسوق الدواجن. يجب على الدولة أن تقدم مجموعة حوافز لهم حتى تزيد من الطاقة الإنتاجية».
يرى نائب رئيس شعبة الدواجن باتحاد الصناعات، ثروت الزيني أن «العشوائية في القرارات خلقت فوضى في السوق المحلي، والعرض والطلب ما زال هو المسيطر، في حين أن المواطن أصبح غير قادر على مجاراة الارتفاعات المتكررة».