يعرف الفرنسيون والأميركيون وجميع المهتمين بالوضع المتوتر في الجنوب أن أي حديث مع "حزب الله"، عبر الرئيس نبيه بري، لن يجدي نفعًا قبل الحديث عن إمكانية وقف آلة القتل من حصد الأبرياء في قطاع غزة. هكذا بدأ التصعيد هنا على خلفية ما يتعرّض له فلسطينيو القطاع، وهو لن ينتهي ما لم ينتهِ هناك، على أن تبقى الورقة الفرنسية أو أي ورقة أخرى، سواء أكتبت باللغة الأميركية أو بأي لغة أخرى، قابلة للتفاوض، ولكن ليس قبل أن تهدأ جبهة غزة على أسس واضحة تضمن حق الشعب الفلسطيني بالعيش بكرامة في كيان مستقل وسيد وحر.

وما دون ذلك سيبقى الوضع على ما هو عليه من تصعيد وتجييش.
هذا ما يقوله "حزب الله" للأقربين والأبعدين. وهو بذلك يترك أي كلام آخر للميدان على رغم الخسائر الفادحة، التي تلحق بالقرى التي تتعرّض للقصف الإسرائيلي اليومي. وهذا ما ألمح إليه الرئيس بري، الذي لا يزال يتريث بالردّ على الورقة الفرنسية بعد أخذ وردّ وجلسات تشاورية مغلقة وبعيدًا من الاعلام بين "عين التينة" و"حارة حريك" توصلًا إلى جواب نهائي في ضوء ما ستسفر عنه المحادثات الجارية لوقف النار في غزة.
فما بعد الهدوء في القطاع قد يصبح كل شيء قابلًا للتفاوض، وبالأخص ما ورد في الورقة الفرنسية، التي يمكن التأسيس عليها للمرحلة اللاحقة بعد إدخال بعض التعديلات عليها، ولا سيما تلك المتعلقة بالجانب الإسرائيلي المفترض أن يُعامل بالمثل بالنسبة إلى إعادة تموضع عناصر "المقاومة الإسلامية" في عمق 10 كلم من الخط الأزرق، إذ لا يكفي كما جاء في الورقة وفي سياق المرحلة الثانية من التطبيق وقف الطلعات الجوية فوق الأراضي اللبنانية، فضلًا عن ملاحظات أخرى تتعلق بعمل قوات "اليونيفل".
فالنقاط المقبولة في الورقة الفرنسية، وفق مصادر "عين التينة"، قد تكون أكثر من النقاط غير المقبولة، والتي تبقى مادة للتفاوض والأخذ والردّ وفق ما تقتضيه المصلحة اللبنانية في الدرجة الأولى، بالتوازي مع أهمية عودة الهدوء إلى الجنوب، الذي تتمادى إسرائيل في تدمير قراه في شكل ممنهج أسوة بما يصيب غزة "بغية تحويلها إلى أرض محروقة خالية من سكانها، في محاولة مكشوفة لتحريض البيئة الحاضنة للمقاومة على المقاومين الذين يتصدون للاحتلال الإسرائيلي الذي يُمعن في خرقه للقرار الدولي 1701"، كما جاء على لسان الرئيس بري، كاشفًا عن "أن تدمير إسرائيل القرى والبلدات الأمامية يتلازم مع استخدامها القنابل الفسفورية المحرّمة دولياً لتحويل أراضي تلك القرى، ولسنوات عدة، إلى مناطق لا تصلح للزراعة".
وفي الانتظار ستبقى جبهة الجنوب على حماوتها من ضمن معادلة توازن الرعب والردع، وفق نظرية "حزب الله"، الذي يعتبر أنه لم يفتح هذه الجبهة إلاّ لإسناد مقاومة فلسطينيي غزة وصمودهم، واعتقادًا منه أن هذه المساندة تشغل جيش العدو، وتنزل في صفوفه أفدح الخسائر، مع إصراره على ربط الجبهة الجنوبية بجبهة غزة على رغم ما يتعرّض له من حملات خارجية وداخلية، وما يُتهم به من أنه يعرّض لبنان كله لخطر الحرب الشاملة.
وعليه، فإن مجرد الدخول في مفاوضات، على خلفية التجاوب ما أمكن، مع الملاحظات التي سيدرجها الرئيس بري في إجابته على الورقة، يعني أنها ستتلازم حكماً مع تصعيد المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل على امتداد الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وصولاً إلى اعتماد الديبلوماسية الساخنة في تبادل الضغوط، في موازاة المفاوضات لوقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية التي ما زالت تتأرجح بين هبّة باردة وأخرى ساخنة.
وإلى أن يحين أوان التسويات الإقليمية الكبرى في ضوء المحادثات الجارية بين الأميركيين والإيرانيين فإن قرى المواجهة على طول الخط الأزرق ستبقى عرضة للاعتداءات الإسرائيلية، التي هدأت نسبة سخونتها في اليومين الأخيرين.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الورقة الفرنسیة حزب الله

إقرأ أيضاً:

الوحش الذي أرعب العالم: من هو محمد شريف الله الذي أعلن ترامب عن اعتقاله أمس

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (وكالات)

في حدثٍ مفاجئ أثار تساؤلات كثيرة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطابه أمام الكونغرس مساء الثلاثاء، عن خبر اعتقال "الوحش" محمد شريف الله، المسؤول عن التفجير المدوي الذي هزّ العاصمة الأفغانية كابل في عام 2021، والمشهور بتفجير "آبي غيت".

لكن من هو محمد شريف الله، ولماذا أطلق عليه ترامب هذا اللقب المثير؟

اقرأ أيضاً الريال اليمني يغرق في تراجع مستمر: آخر تحديث لأسعار الصرف اليوم الأربعاء 5 مارس، 2025 تصعيد غير متوقع: البيت الأبيض يقوم بهذا الإجراء ضد أوكرانيا بعد مشادة حادة بين ترامب وزيلينسكي 5 مارس، 2025

وفي حديثه أمام الكونغرس، كشف ترامب عن عملية ترحيل محمد شريف الله إلى الولايات المتحدة، حيث سيُحاكم على خلفية تورطه في الهجوم الدامي.

وقال الرئيس الأمريكي إن شريف الله، الذي يُعتقد أنه أحد القياديين البارزين في تنظيم "داعش" الإرهابي في أفغانستان وباكستان، قد ألقي القبض عليه بفضل تعاون الاستخبارات الأمريكية مع السلطات الباكستانية.

 

الاعتقال الذي أربك الجميع:

تحدثت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن التهم الموجهة لشريف الله، والذي كان يشغل دورًا رئيسيًا في التخطيط للهجوم الذي وقع بالقرب من بوابة "آبي غيت" أثناء عمليات الإخلاء الأمريكي من أفغانستان في صيف 2021.

وبحسب الصحيفة، فقد تم اعتقاله بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة من وكالة الاستخبارات الأمريكية، التي وجهت اتهامات رسمية له تتعلق بتورطه في التفجير، الذي أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا و170 من المدنيين الأفغان.

ووصف ترامب محمد شريف الله بـ"الوحش"، في إشارة إلى حجم الدمار الذي تسبب به الهجوم الذي أودى بحياة العديد من الجنود والمدنيين. وأكد أن شريف الله سيواجه العدالة قريبًا في محكمة أمريكية.

ولطالما كان هذا الهجوم من أكثر الهجمات دموية التي حدثت أثناء عملية الإخلاء، مما جعله يشكل نقطة تحول في تاريخ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

 

اتهامات خطيرة:

تتهم الولايات المتحدة شريف الله بلعب دور رئيسي في التخطيط والتنفيذ للهجوم الذي وقع في "آبي غيت" خلال الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان.

وكان الهجوم بمثابة الضربة القاصمة للمشروع الأمريكي في المنطقة، حيث ألقت بظلالها الثقيلة على العملية العسكرية في وقت حساس.

 

من هو محمد شريف الله؟:

محمد شريف الله، المعروف أيضًا باسم "جعفر"، يعد أحد أبرز قادة تنظيم "داعش" في أفغانستان وباكستان.

عمل في العديد من العمليات الإرهابية الكبرى التي استهدفت المصالح الغربية والسلطات المحلية في المنطقة.

مع تصاعد العمليات الإرهابية التي خطط لها، أصبح شريف الله أحد الأهداف الرئيسية للقوات الاستخباراتية الأمريكية.

 

نهاية لرحلة من الإرهاب؟:

الاعتقال والتسليم المتوقع لمحمد شريف الله يمثل تطورًا بارزًا في مكافحة الإرهاب، ويُعتبر بمثابة نقطة تحول في الحرب ضد "داعش" في المنطقة. إلا أن السؤال الأهم يبقى: هل سيشكل محاكمته بداية لمرحلة جديدة في محاسبة الإرهاب العالمي، أم أن هناك مفاجآت أخرى في انتظارنا؟.

مقالات مشابهة

  • الوحش الذي أرعب العالم: من هو محمد شريف الله الذي أعلن ترامب عن اعتقاله أمس
  • أندية روشن تفاوض نجم ريال مدريد
  • ما هي الرسائل السياسية التي تحملها زيارة الرئيس اللبناني إلى السعودية اليوم؟
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • زيلينسكي يحرّم على نفسه البدلة.. ما الذي تعنيه اختيارات الرئيس الأوكراني لملابسه؟
  • بعد الرئيس الجزائري.. قيس سعيّد يتغيب عن القمة العربية وهذا موقفه
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • عبد الله: ودعنا اليوم رفيقنا علي عويدات الذي تشهد له الساحات والمواقف