لماذا تستعجل قيادة الجيش السوداني تحديد مرحلة ما بعد الحرب؟
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
الخرطوم- استبق المكون العسكري في مجلس السيادة في السودان نهاية الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عام، بتحديد ملامح اليوم التالي، وإعلانه أن القوات المسلحة ستتجاوز القوى السياسية خلال مرحلة التأسيس التي تمتد عدة سنوات، مما عده مراقبون رغبة من العسكر بالهيمنة على المشهد السياسي بعد الحرب.
وتباينت مواقف الفرقاء السودانيين إزاء العملية السياسية، حيث تدعو قوى مدنية أن تكون القوى السياسية التي تعبر عن الثورة وترفع شعار "لا للحرب" جزءا من المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وأن تكون العملية ضمن ترتيبات إنهاء الحرب بعد الوقف الدائم لإطلاق النار.
بينما تطالب القوى المساندة للجيش بأن تبدأ العملية السياسية بعد نهاية الحرب وأن تشمل جميع القوى السياسية بلا عزل أو إقصاء أي طرف، تحدد هذه القوى برنامج الفترة الانتقالية الجديدة وأن تكون الحكومة المدنية من المستقلين "تكنوقراط".
قال عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا، إن القوات المسلحة ستتجاوز القوى السياسية خلال مرحلة التأسيس التي تمتد عدة سنوات.
وتحدث العطا خلال تفقده المواقع المتقدمة للعمليات بأم درمان، مؤكدا أنه "بعد الانتصار القريب جدا، سنعمل على فترة تأسيسية لعدة سنوات دون أي حاضنة سياسية".
وأضاف "الحاضنة ستكون الشعب السوداني، والمقاومة الشعبية وسنقود تأسيس الدولة بأطر وطنية صحيحة، لا للعمالة ولا للارتزاق ولا للعملاء ولا لخونة الأوطان وكل من أخطأ في حق الوطن سيحاسب".
ووصفت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" بزعامة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك حديث ياسر العطا عن إقامة فترة تأسيسية تستثني الأحزاب السياسية بأنه "استهلاك سياسي"، مشيرة إلى أن أي فترة تأسيسية يجب أن تبدأ بالمحاسبة.
وقال المتحدث باسم "تقدم"؛ بكري الجاك، في تصريح صحفي إن الحديث عن فترة تأسيسية تقوم على إقصاء فئات من الشعب ستعيد البلاد إلى المربع ذاته الذي أوصلها للدمار والتحلل. وتساءل الجاك "كيف يتم تمثيل الشعب إذن؟ وهل القوى السياسية ليست جزءا من الشعب السوداني؟" معتبرا أن حديث العطا متناقض جوهريا.
وأوضح الجاك، أن "تقدم" ترى أن"خير سبيل لإنهاء أزمة الدولة السودانية يبدأ بخروج العسكر من الحياة السياسية أولًا ومن ثم قيام شرعية توافقية تضع لبنات التأسيس والانتقال بالوصول إلى مشروع وطني جامع أساسه المواطنة المتساوية".
وذكر أن المرحلة الأخيرة ينبغي أن تشتمل على "برنامج شامل للعدالة الانتقالية لمخاطبة آثار الحرب، تعقبه عملية صناعة الدستور، إلى حين إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقًا للمعايير الدولية".
إقصاء الإسلاميين
وأقرت قوى "تقدم" خلال مؤتمرها الأخير في أديس أبابا بأن جهود وقف الحرب وإعادة البناء وعمليات التأسيس لدولة ديمقراطية مدنية مستقرة يجب أن تقوم على عملية سياسية تفاوضية لا تستثني أي فصيل سياسي سوى المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتها وكل من دعم و يدعم حرب 15 أبريل/نيسان 2023.
من جانبه، يرى الكاتب الإسلامي ووزير الإعلام في ولاية النيل الأبيض السابق عبد الماجد عبد الحميد، أنه لا يمكن لأي قوة عسكرية أن تقوم ببناء سياسي من دون حاضنة سياسية، ويرى، في حديث مع الجزيرة نت، أن القيادات العسكرية في مجلس السيادة لا يمكنها أن تدير المرحلة الانتقالية بلا حاضنة سياسية تعمل على تهدئة الأوضاع وتدير المشهد السياسي الداخلي والخارجي المعقد الذي يحتاج إلى عقول سياسية، بحسب وصفه.
ويوضح عبد الحميد أن العطا يعبر عن رغبة القيادة العسكرية في مرحلة ما بعد الحرب، وأن المكون العسكري لديه طموحات سياسية لذلك تلتقي رغبتهم في إدارة المرحلة الانتقالية بلا حاضنة سياسية.
ولا يستبعد المتحدث ذاته أن تكون هناك أبعاد دولية في موقف العسكريين، لأن البديل هو التيار الوطني الإسلامي حيث تريد القيادة العسكرية استخدام هذا التيار في حسم الحرب لكنهم لا يريدونه بجوارهم ما بعد الحرب، ويتابع "الجسم العسكري يريد الهيمنة على المرحلة السياسية الجديدة تمهيدا لحكم عسكري طويل تحت بزة عسكرية ربما يختلف شخوصها".
امتداد للشموليةوحسب المحلل السياسي محمد لطيف، لم تتوقف محاولات المكون العسكري عن الهيمنة على السلطة منذ أبريل/نيسان 2019، ووصلت قمتها في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إذ أعلن أنه سيشكل حكومة ومجلسا تشريعيا وكان ينوي الاستمرار في سلطته العسكرية لكنه فشل في ذلك.
وبحسب حديث المحلل ذاته، للجزيرة نت، فإن المكون العسكري لديه رغبة جامحة في فرض نفسه كأمر واقع وحماية نفسه من أي انتهاكات ارتكبت منذ الإطاحة بحكم الرئيس المعزول عمر البشير.
وعن عزم الجيش تشكيل حكومة مدنية مستقلة في مرحلة التأسيس، يعتقد محمد لطيف أن المكون العسكري لا يريد مرحلة تأسيسية أو انتقالية، فهو يريد العودة إلى حكم شمولي كما حدث في عهد الرؤساء السابقين إبراهيم عبود وجعفر نميري وعمر البشير، كما يريد إبعاد كل القوى السياسية من اليمين إلى اليسار.
ويدعو المحلل السياسي أن تقود القوى المدنية التي تمثل الشارع والشعب مرحلة ما بعد الحرب، وأن يخضع الجيش لسلطة أعلى منه، معتبرا أن المطالبة بمشاركته في السلطة ليحفظ الأمن والاستقرار "غير صحيحة" لأنه فشل في ذلك، وأن انشغال العسكر بالسلطة يصرفهم عن مهامهم الأساسية.
غير أن الباحث السياسي سليمان الطيب يرى أن ياسر العطا بتصريحاته لا يريد إقصاء القوى السياسية عن المرحلة التأسيسية التي تلي الحرب، ولكنه يدعو إلى سلطة بعيدة عن الصراعات والمحاصصات الحزبية لأن التحديات تقتضي سلطة قوية تتصدى لأخطر فترة.
وفي حديث للجزيرة نت يعتقد الباحث نفسه أن العسكر يستغلون ضعف القوى السياسية وانقسامها وعجزها عن التوافق على رؤية وطنية، وربما يسعون لتشكيل كتلة سياسية جديدة مساندة لمواقفهم بعيدا عن القوى المتصارعة في المشهد الحالي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات القوى السیاسیة ما بعد الحرب أن تکون
إقرأ أيضاً:
لماذا لا تُقاتل المقاومة؟
تغلب على المشهد الميداني حالة من الصمت العملياتي- من جانب المقاومة- منذ عودة الحرب على قطاع غزة وحتى تاريخ كتابة المقال، حيث لم نشهد ذات الزخم العملياتي الذي لطالما شهدناه في الأشهر الخمسة عشر من الحرب التي سبقت هدنة الأيام الستين، مما أثار حالة من التساؤل والجدل حول قدرات المقاومة على استمرار العمليات الدفاعية ضد القوات الغازية، وانقسم الناس بين قلِق ومشكّك ومتذمّر وساخر.
فما سبب انخفاض وتيرة العمليات العسكرية للمقاومة، رغم مرورِ حوالي 20 يومًا على عودة الحرب، وتوسعةِ العدو عملياته البرية في رفح، وزجِّه بثلاث فرق عسكرية في عموم مناطق القطاع: (الفرقة 36 جنوب القطاع، والفرقة 252 وسط القطاع، والفرقة 162 شمال القطاع)، وبدئِه شقّ طريقٍ عملياتي جديد يفصل بين مدينتي رفح وخان يونس، أطلق عليه اسم (موراج)؟
لماذا لا تواجه المقاومة قوّات العدو المتوغّلة؟ هل هو ضعف حادّ في قدراتها إلى هذه الدرجة؟ أم هو تكتيك جديد متّبع يعتمد على الصبر والانتظارية قبل الانخراط في المعركة؟
للإجابة عن هذه التساؤلات من المهم أولًا التطرّق لمفهومين من المفاهيم العسكرية؛ الأوّل هو أحد أنواع الدفاع، وهو الدفاع المرن، والثاني هو أحد أصول الحرب، وهو أصل الاقتصاد في القوّة.
إعلانعبر قراءة السياق الدفاعي لعمليّات المقاومة منذ بداية العملية البرية الإسرائيلية في ليلة السابع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023، يمكن النظر بسهولة إلى أن المقاومة قاتلت- لأوّل مرّة في تاريخها- من المتر الأوّل لمنطقة الدفاع، وسجّلت ضربات في كل شارع وأرض وزُقاق في جميع مناطق التوغل، ولم ينجح العدو في تجاوز أي نسق دفاعي واحد بدون أن توقع المقاومة خسائر في صفوفه، سواء في مناطق التأمين، أو مناطق الدفاع الأمامي، أو مناطق الدفاع في العمق.
ولم يسجّل تفكيك كتيبة واحدة من كتائب القسام المدافعة الأربع والعشرين، من بيت حانون شمالًا، حتى تل السلطان جنوبًا، بل سجلت المقاومة في ختام المعركة معدل قتلى في صفوف العدو من بين المعدلات الأعلى منذ بداية الحرب، وذلك في معركة لواء الشمال ضد قوات العدو في خطة الجنرالات، والتي استمرّت 115 يومًا، وقُتل فيها -باعتراف العدو- خمسة وخمسون قتيلًا، من بينهم قائد اللواء الإسرائيلي المدرع 401.
ومع مرور شهور على معركة طوفان الأقصى، وعبر قراءة تكتيكات المقاومة الدفاعية خلال المعركة، يمكن معاينة قدر تنوّع الأساليب والتكتيكات التي اتبعتها المقاومة في عملياتها العسكريّة، والتي تتّسم بطبيعتها غير المباشرة في الاشتباك مع العدو.
ومن جملة هذه الأساليب، عدم الاحتفاظ بمواقع دفاعية ثابتة، والانتقال من الدفاع الثابت للدفاع المرن، والتربص والانتظارية قبل شنّ هجوم واسع، واصطياد قوات العدو كلما سمحت فرصة محققة للإيذاء، وهو ما وصفه أحد جنرالات العدو بقوله إن: "حماس تقاتل كالحرباء"، نظرًا لكثرة تلون أساليب القتال.
هذا التحول الديناميكي لتشكيل وهيكلية ونمط قتال قوات المقاومة، يمكّنها من التكيف مع تطور الموقف العملياتي أثناء القتال، بل ويساعدها على الحفاظ على عنصر المفاجأة والمبادرة، وإبقاء العدو في حالة قلق من المجهول، وهو عنصر أساسي في تكتيكات الحرب غير النظاميّة.
إعلانهذه القراءة تعني أنّ أساليب الدفاع التي كانت صالحة في بداية المعركة، لم تعد صالحة في الأشهر التي تلتها، وأن تكتيكات لواءَي غزة والشمال، اختلفت عن تكتيكات القتال في لواء خان يونس ورفح، بل اختلفت التكتيكات في اللواء نفسه مع تغير تكتيكات العدو، بل حتى اختلفت التكتيكات في الكتيبة نفسها.
ويمكن النظر لذلك بسهولة إذا ما قورنت أساليب قتال المقاومة بين معركة جباليا الأولى في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، ومعركة جباليا الثانية في شهر مايو/ أيار، ومعركة جباليا الثالثة في شهر أكتوبر/ تشرين الثاني في خطة الجنرالات.
وبالنظر إلى أساليب الدفاع، تعمد حركات المقاومة عمومًا -خاصة مع طول أمد القتال، وتناقص الموارد- إلى تبنّي أسلوب الدفاع المرن، بعكس الجيوش النظامية التي تعتمد على أسلوب الدفاع الثابث في كثير من المعارك، ويُعنى بالدفاع المرن: المناورة بالقوات المدافعة، وتحريكها وفق متطلبات الموقف الميداني، بغية توظيفها بأفضل شكل ممكن، واستثمارها تكتيكيًا في أفضل المواضع التي تتضمن توجيه ضربات حاسمة وثقيلة لنقاط ضعف العدو، بدلًا من تبديد القوة في مواضع غير مجدية تكتيكيًا، ولا تسبب خسائر ثقيلة.
أما عن الاقتصاد في القوّة فيُعنى به استخدام أقلّ قدر ممكن من موارد القوة على صعيد صنوف السلاح والمقاتلين والبنية التحتية لتحقيق غايات الدفاع بما لا يؤدّي إلى استنزاف الموارد، وإنهاك القوات، وبما يتيح المجال أمام القوات لإدامة القتال لأطول مدى ممكن.
ونظرًا لانعدام خطوط الإمداد عند المقاومة، يفرض عليها الواقع العملياتي حاجة أكبر للعمل وفقًا لهذا الأصل من أصول الحرب، وقد اعتمدته المقاومة في معركة لواء خان يونس أمام قوات الفرقة المعادية 98، واعتمدته كذلك في معركة لواء رفح أمام قوات الفرقة المعادية 162، حيث نشر العدو عديدًا من التقارير تفيد في ذلك الوقت بأن كتائب القسام في كلا اللواءين سحبت ثلاثة أرباع المقاتلين، واحتفظت بربع القوة المدافعة للقيام بواجبات الدفاع عن مسارح العمليات.
إعلانإزاء المعركة الطولى والأعقد لكل من المقاومة والعدو، شكّل الاستنزاف العسكري أحد المضامير الجوهرية التي تسابق فيها طرفا القتال، وكان من الملاحظ أن المقاومة طوّرت تكتيكاتها على مدار أشهر الحرب لتجنب الاستنزاف، في المقابل اضطرت إسرائيل تزامنًا مع خوضها القتال على أكثر من جبهة: (لبنان، سوريا، الضفة الغربية) لحشد أكبر قدر من قواتها، ما أظهر ملامح أزمة استنزاف عند العدو، خصوصًا في صفوف الاحتياط، وكان الظن الغالب أن الهدنة الطويلة سيتلوها وقف لإطلاق النار، أو على الأقل هدنة أطول، لكن مقاتلي الاحتياط والقوات النظامية -على حد سواء- اصطدموا بعودة القتال، ووجدت إسرائيل نفسها مضطرة للزجّ بثلاث فرق عسكرية بغزة، وهو ما يعد تشكيلًا كبيرًا، مقارنة بطبيعة الجيش الإسرائيلي صغير الحجم.
ويشير الحشد الإسرائيلي والهجوم على منطقة رفح إلى مشهد تدفع فيه إسرائيل بقوات كبيرة ومقدرات وذخيرة وخطط، وتدفع فاتورة الاستنزاف على حسابها بالكامل، بينما تحتفظ المقاومة بقواتها ومقدراتها وأنفاقها لحين موعد تقدير الانخراط الكلي أو الجزئي في القتال، عندئذ ستكون معادلة الاستنزاف، صفرًا على صعيد رصيد المقاومة، وفاتورة معتبرة على صعيد قوات العدو.
طُرحَ على مدار أشهر الحرب الكثير من الأسئلة حول قدرات المقاومة لا سيما مع الدعاية الإسرائيلية التي ركزت بشدة على نجاحات عمليات الجيش الإسرائيلي في النيل من تلك القدرات وتحطيمها، لكن عديد الشواهد التي تواترت خلال المعركة أثبتت النقيض.
فعلى سبيل المثال سجلت بيت حانون واحدة من أكبر خسائر الجيش الإسرائيلي في العملية البرية قبيل الهدنة بساعات، بقتل حوالي 10 جنود إسرائيليين خلال 72 ساعة فقط، وهي البلدة التي هاجمتها القوات الإسرائيلية منذ الليلة الأولى للهجوم البري، وحتى آخر ليلة من أيام الحرب الـ471 قبيل دخول وقف إطلاق النار للمرحلة الأولى حيز التنفيذ.
إعلانمن خلال ما سبق، يمكن التوصل إلى تقدير مفاده، أن حالة الصمت العملياتي للمقاومة، تقع ضمن نطاق تكتيك دفاعي، وليست بسبب عجز عملياتي أو تنظيمي، وذلك لتحقيق غايات الاستنزاف والبقاء وكسر إرادة القتال، فما كان صالحًا دفاعيًا للمقاومة في الأشهر السابقة من الحرب، لم يعد صالحًا اليوم، بالتالي يصبح التخلّي عن الأرض والانسحاب تكتيكيًا بالقوات في عمق المناطق الدفاعية مفضّلٌ على الدفاع في جميع أنساق الدفاع "من الحافة حتى النواة"، وذلك لتحقيق أغراض توجيه الضربات الحاسمة، وإيقاع خسائر ثقيلة بقدر الإمكان.
يتيح هذا النمط من الدفاع الاستخدام الأمثل للموارد التي جرى استنزاف قدر لا بأس به منها، وتقليل الخسائر المادية والبشرية بالقدر الذي يتيح استدامة القتال إلى أقصى مدى زمني ممكن، كما يتيح هذا النمط -فيما لو أثبت نجاحه- أداة فعالة لدعم المواقف التفاوضية في السياق السياسي والعسكري.
فعندما تُظهر القوات المدافعة قدرتها على امتصاص الضغط والمبادرة بتنفيذ عمليات دفاعية مركزة ومدروسة، فإنها تؤكد على امتلاكها زمام المبادرة الإستراتيجية، مما يمنح القيادة السياسية موضع قوة على طاولة المفاوضات. هذه القدرة لا تعكس مجرد صمود دفاعي، بل تدل على ديناميكية قتالية متقدمة تفرض نفسها على العدو، وتُعيد رسم توازن القوى.
إلى جانب ذلك، يساهم هذا النمط من القتال في التأثير على الرأي الداخلي الإسرائيلي، الذي لا يمنح جيش العدو ذات الشرعية السابقة من الحرب، والذي بات أكثر حساسية لخسائر الجيش أكثر من أي وقت مضى من الحرب، نظرًا لاعتباره أن الحرب الحالية باتت عبثية، ولا تخدم الكيان بقدر خدمتها أجندة شخصية لنتنياهو واليمين الإسرائيلي.
كما يساهم هذا النمط في كسر الموقف الأميركي المتزعزع من فكرة عودة العمليات العسكرية، حيث تلتزم الإدارة الأميركية السابقة والحالية برؤية مفادها أن العمليات العسكرية غير قادرة وحدها على تحقيق أهداف الحرب، وأن العملية السياسية هي الأهم والأولى.
إعلانوقد عبّر عن ذلك وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع الأميركي السابق لويد أوستن بقولهما: إن الإنجازات التكتيكيّة التي أنجزها جيش الإسرائيلي في غزة من شأنها ألا تتبدد فحسب، بل وأن تتحول لهزيمة كبرى إذا ما لم يتم استثمارها عبر مسار سياسي.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline