سلطت مجلة "فورين بولسي" الضوء على استراتيجية "الردع" التي اتبعها الاحتلال الإسرائيلي على مدار عقود ماضية، وفشل هذه الاستراتيجية في السابع من أكتوبر الماضي بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس، إلى جانب استمرار هذا الفشل بعد ستة أشهر على حرب غزة الضارية.

وقالت المجلة في تقرير لها، إنّ "هذه الاستراتيجية باتت على المحك، وأصبح هناك ضرورة وجودية غير مسبوقة لإعادة بناء قوة الردع في إسرائيل، والتي تتضاءل بشكل متزايد منذ الانسحاب من لبنان عام 2000".



وشرح التقرير أن الحرب الإسرائيلية على غزة كانت كرد فعل لاستعادة قوة الردع، وتمثل في "نوبة من العنف لا مثيل لها من حيث النطاق والشدة"، مستذكرا تصريحات بنيامين نتنياهو والتي قال فيها إن "الجيش الإسرائيلي سيهاجم حماس بقوة لم يسبق لها مثيل".

ولكن بعد أشهر من الحرب الضارية "فشلت العروض الإسرائيلية غير المسبوقة للقوة العسكرية في غزة، والجهود المرتبطة بها في أماكن أخرى في المنطقة في استعادة الردع الإسرائيلي" بحسب تقرير للمجلة.

ويبرر التقرير الذي أعده، سجاد صفائي، وهو باحث في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا في ألمانيا، السبب الأساسي في "الفشل" بأن "النصر العسكري الكبير وإصابة حماس بالضرر الحاسم، لا يزال بعيد المنال.. وبدلا من ذلك تثير الهجمات البرية التي تشنها القوات الإسرائيلية إدانة دولية، كما أدت معدلات الخسائر المرتفع إلى حد مثير للقلق في والتي أصابت الجيش الإسرائيلي، ما يثير مخاوف سابقة بشأن ضعف القوات البرية الإسرائيلية".



وأضاف أن ما يحدث "لم يوصل أي رسالة قوة إلى أعداء إسرائيل، وخاصة حزب الله"، منوها إلى أنه منذ بدء الحرب في غزة، تسببت الاشتباكات مع حزب الله إلى الدفع بأكثر من 80 ألف إسرائيلي بعيدا عن الحدود، ما يعني أن حزب الله استطاع فرض شروط الاشتباك الخاصة به عبر إنشاء منطقة عازلة.

ما تواجهه إسرائيل "يشكل إهانة خطيرة للردع الإسرائيلي"، وفق التقرير، مستشهدا بتصريحات لواء احتياط في الجيش الإسرائيلي، غيرشون هكوهين التي وصف فيها سلوك الجيش الإسرائيلي في الشمال بأنه "محرج".

ناهيك عن أن الحفاظ على استراتيجية الردع قائمة، أصبح أكثر صعوبة من أي وقت مضى خاصة مع "الرؤوس الحربية الإيرانية التي حلقت فوق سماء إسرائيل"، وهو ما جعل من "هالة إسرائيل التي لا تقهر تهتز بشدة".

ويشير التقرير إلى أن قادة إسرائيل قد يجدون أنفسهم أمام عدة سيناريوهات، بأن يجبروا على "تكثيف جهودهم لإعادة بناء قوة الردع في حرب واسعة النطاق مع حزب الله، رغم أن احتمالات النجاح ستكون ضئيلة من دون مشاركة قوية للولايات المتحدة في هذه الحرب".

وبهذا ستصعد إسرائيل من العمليات العسكرية في غزة، ما يعني زيادة الانتقادات الدولية والعزلة، أو الدفع نحو تطوير أنظمة دفاع جوي من الجيل التالي، تتضمن تقنيات متطورة.

وينوه التقرير إلى أن ذلك قد يشكل تحفيزا للتحرك نحو المزيد من السبل الدبلوماسية كوسيلة لتأمين السلام والاستقرار الدائمين، مضيفا أنه من الواضح حتى الآن أن "محاولة إسرائيل لاستعادة أمنها لم تقترب بعد من الانتهاء منها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الردع الإسرائيلي حماس غزة الحرب إسرائيل حماس غزة الحرب الردع صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الإسرائیلی حزب الله

إقرأ أيضاً:

معادلة الضعف وكيفية الخروج؟

زين العابدين صالح عبد الرحمن

في عام 2008م بعد أول رجوع لي للسودان بعد ثمانية عشر عاما، و في جلسة اجتماعية مع أحد الأصدقاء كان قد تبوأ موقعا رفيعا في أول حكومة للإنقاذ، سألته لماذا بادرت الجبهة الإسلامية في سنتها الأولى أن تصدر الاف قرارات الفصل التعسفي لعاملين في الخدمة المدنية، و أغلبية هؤلاء ليس لهم علاقة بالعمل السياسي؟.. قال بالفعل كان تسرع و خطأ، و الهدف منه كان تأمين السلطة من أي قوة مضادة، و كان خوف الجبهة الإسلامية ليس من السياسيين، و لكن من قيادات العمل النقابي، و لماذا الخوف من النقابيين و ليس من العمل الحزبي؟ قال أن السياسيين الناشطين و الفاعلين معروفين لدينا.. تعتقل السكرتير العام للحزب الشيوعي كل كوادر الحزب تنزل تحت الأرض.. و تعتقل الصادق المهدي و عدد من القيادات الذين حوله تخفت نار المعارضة في حزب الأمة.. الحزب الاتحادي تعتقل عدد من الناشطين الاتحاديين فقط يهدأ الحال.. حزب البعث تترك لهم الحوائط يملأوها شعارات بكره تمسحها.. أما القيادات النقابية عندها قدرة كبيرة على التعبئة و الحشد، و تغيير الأجندة وفقا لمقتضات الأحداث، و هؤلاء قادرين على تحريك الطلاب أكثر من الأحزاب السياسية، و يتدثروا بالشعارات المطلبية دون السياسية، و أغلبية هؤلاء يمارسون المناورة باحترافية عالية..
في 1994م في القاهرة كنت أٌقيم منتدى حوار سياسي ثقافي في الشقة التي كنت اسكن فيها، و كان طلب من الدكتور أمين مكي مدني و البرفيسور فاروق محمد إبراهيم أن أعلن عن ندوة بعنوان " القوى الحديثة" و كان قبل هذه الندوة عقد المنتدى ندوات تحت شعار " الإصلاح في الأحزاب السياسية" تحدثت فيه قيادات " الاتحادي – الأمة – الشيوعي و الحركة الشعبية" في ندوة " القوى الحديثة" تحدث فيها الدكتور أمين مكي و البروف فاروق محمد إبراهيم و طه إبراهيم جربوع " كان حديث هؤلاء أن أي تغيير للنظام الحاكم يجب أن لا تترك الساحة للأحزاب وحدها لأنها تعاني من ضعف تنظيمي و فكري، و لم يحدث فيها أي تغيير رغم تجارب الحكم العديدة التي مر بها السودان، و هي مؤسسات رغم إنها ترفع شعارات الديمقراطية لكنها لا يمارس داخل تنظيماتها بل أصبحت منفرة للأجيال الجديدة، لذلك لابد من خلق مؤسسات منافسة لها بقوة يقع عليها هي عبء عملية التحول الديمقراطي..
في عام 2014م بعد خطاب "الوثبة" للبشير، و الذي كان يدعوا إلي الحوار المباشر بين القوى السياسية حيث حضرت افتتاحية الدعوة للحوار أغلبية الأحزاب ما عدا الحزب الشيوعي و البعثيين، ذهبت مع محمد على جادين ندوة أقامها عدد من الاتحاديين في منزل الدكتور محمد محجوب عبد الرحمن في منزله بسوق الشجرة.. في تلك الندوة تحدث جادين و قال " أن مساومة الضعفاء" سوف تتم.. النظام بالضعف الذي لا يجعله أن يحلحل مشاكله، أو أن يطمئن للدخول في خيارات أخرى لا يضمن موقفها فيها.. و أحزب سياسية فشلت في اسقاط النظام و عجزت عن تعبئة الشارع لكي يقف مع برنامجها، في هذه الحالة لابد من مساومة سياسية بين الضعفاء..
كانت العديد من القيادات السياسية و الناشطين في قضايا متعلقة بحقوق الانسان و العمل الجماهيري مدركين أن سبب طول مكوث نظام الإنقاذ في السلطة رغم التحديات التي تعرض لها هو ضعف الأحزاب السياسية، و فشلها في تعبئة الجماهير، و هذا الضعف لم يتبين فقط في العمل السياسي، عندما تبنت أن تخوض تجربة العمل المسلح ضد الإنقاذ و سمحت لها القيادة الاريترية أن تقيم معسكراتها، فشلت في استنفار جماهيرها للعمل المسلح فكان أفضل معسكر لا يتجاوز مئاتين، حتى أضطرت الحركة الشعبية أن تحرك ثلاثة ألاف مقاتل إلي جبهة الشرق، الأمر الذي يؤكد أن القيادات السياسية التي كانت، و البعض الذي مايزال على قمة الهرم هي قيادات لا تجد قبولا في الشارع و خاصة عند الأجيال الجديدة، فكان على هذه الأحزاب أن تقيم تجربتها في التجمع الوطني الديمقراطي رغم أنها استطاعت أن تتفق على مشروع سياسي " اتفاق اسمرا للقضايا المصيرية 1995" و رغم أن الحركة كانت تشيد بالاتفاق فهي أول من قذفت به ف مزبلة التاريخ عندما بدأت محادثات "نيفاشا" و أصبحت كل مكونات التجمع الوطني الديمقراطي تحت إمرة الحركة الشعبية..
بعد اندلاع ثورة ديسمبر 2018م ، و التي استمرت قرابة الخمس شهور في صدارم مع نظام الإنقاذ ذو العددية الكبيرة من المؤسسات العسكرية و القمعية، كانت الفترة كافية أن تصل فيها القوى السياسية لمشروع سياسي توافق و لكنها فشلت، و سقط النظام و غاب المشروع السياسي المطلوب أضطر تجمع المهنيين أن يقدم " إعلان الحرية و التغيير" توقيع عليه الأحزاب في يناير 2019م لكي تخرج تتولى قيادة العمل السياسي، و بعد انتصار الثورة بدأت الخلافات بين القوى السياسية. أنهزمت فيه الأحزاب التقليدية و انتصر الناشطين السياسيين، أحزاب جديدة ليس لها أي مرجعية تحاسب وفقها، لا تملك إلا شعارات فشلت حتى أن تنزلها على الأرض. فشلت في إدارة صراعها مع المكون العسكري، و أيضا فشلت أن تحافظ حتى على تماسك الشارع أداة ضغطها على المكون العسكري.. أن انقلاب 25 أكتوبر 2021م قد بين تماما حالة الضعف التي كانت تعاني منها الأحزاب.. عندما حاولت ترجع للشارع رفضها تماما، كان عليها أن تحاول مرة أخرى، و لكنها فضلت أن تلجأ لممثلي الدول الخارجية " الرباعية و الثلاثية و البعثة الأممية" و تتبنى مقترحاتهم و تعمل وفق توصياتهم في اعتقادهم هو المخرج.. و رغم أنهم تبنوا مقترحات الخارج، أرادوا أن يفرضوه على الأخرين بشروطهم، و عندما فشلوا في ذلك كانت الحرب أيضا كخيار حل، و أيضا فشل المبتغى.. أن الشارع السوداني وحده هو مالك زمام التغيير، و هو الذي يمنح مفتاح الضوء الأخضر على المرور... و تعتبر الحرب حدا فاصلا بين الفترات الزمنية و أجنداتها و فشلها و بين فترة ما بعد الحرب التي تتطلب حوارا و توافقا وطنيا بكل كل مكونات المجتمع و مؤسساته المدنية و العسكرية دون فرض أي شروط من أي قوى تحاول أن تجعل من نفسها مرشدا أو استاذا على الآخرين.. نسأل الله حسن التوفيق و البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • بعد سبعة أشهر من انتشارها بالبحر الأحمر.. المدمرة الأمريكية "كارني" تعود لموطنها وطاقمها يتحدث عن طبيعة المعركة (ترجمة خاصة)
  • خبير أمني فلسطيني للجزيرة نت: إسرائيل فشلت في القضاء على حماس وستعجز عن احتلال غزة
  • يديعوت أحرونوت.. إيران تسارع الخطى لمساعدة حزب الله لمواصلة هجماته على إسرائيل
  • تقرير امريكي يكشف رخاوة الضربات الأمريكية ضد المليشيات الحوثية في اليمن وكيف فشلت عملية ردعهم
  • مسؤول: وجود الجيش الإسرائيلي في غزة رهن "القوة البديلة"
  • معادلة الضعف وكيفية الخروج؟
  • رغم تحذير إيران.. هل تهاجم إسرائيل لبنان؟
  • صحف عالمية: نتنياهو يخوض 3 حروب استنزاف وتحقيق بشأن الرصيف العائم
  • إيران تحذر إسرائيل من "حرب إبادة" إذا هاجمت لبنان
  • إيران: الهجوم الإسرائيلي على لبنان سيعني "حرب إبادة"