د. عبدالله الغذامي يكتب: منع النساء من الكتابة
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
حضور شعر المرأة وإبداعها بعامة لم يكُ يتم إلا عبر وسطاء، إما رواة أو مدونين، في حين يظل صوتها واسمها تحت الظل، على أن الوسطاء، رواة ومدونين، يتحكمون بالمنشور، ثم تدهور الوضع ليصبح الاسم نفسه من الممنوعات، ولا نعرف على اليقين متى أصبح اسمها عورةً، فلم يكُ ذلك في الجاهلية مع شيوع الوأد، ولا في عصور الإسلام المبكرة، وإنما جاء متأخراً، وربما يكون ثقافة مدنية وليست بدوية ولا ريفية في الأصل، وقد أمعنت الثقافة في احتكار الصوت والمعنى الشعريين على الرجل دون المرأة، وتخصص الرجل بمصطلح الفحولة مع حرمان المرأة من هذه الصفة حتى لقد ورد في معنى (الفحلة) أنها تعني سليطة اللسان، بينما الفحل هو فصيح اللسان، ما يعني أن تحريك لسان المرأة بالصوت هو إثم ثقافي تجب المحاذرة منه وتوقيه، وحين عمت الكتابة في العصر العباسي جاء الصوت الفحولي ليمنع المرأة من تعلم الكتابة وجاء كتاب (الإصابة في منع النساء من الكتابة) للفقيه البغدادي نعمان بن أبي الثناء الألوسي، وذلك لمنعها من التحايل على قوانين الحجب الثقافي عبر استخدام الكتابة التي لا تحتاج لصوت، ولكنها تحتاج لاسم، وقد حدث أن اعتبر اسمها عورةً، ومن ثم تضافر منعها من الكتابة مع حجب اسمها ليقمع إبداعها، ولكنها لم تنقطع عن الإبداع قط، وقد روى لي أحد الأفاضل مرةً أن في عائلته الكبيرة أكثر من أربعين شاعرةً، وحين لمته على عدم تدوين هذا التراث العائلي الضخم امتعض وجهه وقال: لا لا، عيب عيب، وتعمد قطع الحديث معي وكسر سيل أسئلتي.
على أن تعلّم المرأة أخيراً للكتابة كشف حذاقة أبي الثناء في حماية إمبراطورية الفحول حين نادى بمنع المرأة من تعلم الكتابة، حيث بمجرد ما تعلمت أصبحت حقاً تنافس الرجل على الإبداع، وأظهرت مهاراتها وقدراتها، أي أن خطة منعها من الكتابة كانت هي القابع الأهم ضد إبداعية المرأة، بما إنها مع الكتابة أظهرت اسمها مثلما أظهرت بوحها، وأظهرت أن استخدام اللسان ليس سلاطةً، وإنما هو سلطة معنوية وتفرد ثقافي، وأتبعت اللسان بالقلم والورقة، ومن ثم ظهرت المبدعة وظهر التأنيث ليكون قوةً معنوية ومعرفية، وبدأ ذلك بالكتابة الوجدانية، كما لدى باحثة البادية، ومي زيادة، ثم الشعرية كما فعلت نازك الملائكة بمبارزة فحول الشعر العمودي، وفتحت آفاق قصيدة التفعيلة، وفي المثالين معاً كشف ثقافي يعصي ثقافة الفحول عبر تعلم سحر الكتابة، وإن كان البحر الشعري فحلاً فالتفعيلة أنثى، وهنا تصل الثقافة إلى التساوي العادل في ميزان القول، كما في ميزان الطبيعة.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الغذامي عبدالله الغذامي من الکتابة
إقرأ أيضاً:
بريطانيا: تعيد توجه تعريف المرأة وتنكر المتحولين جنسياً
قضت المحكمة العليا البريطانية، اليوم الأربعاء، بأن التعريف القانوني للمرأة يعتمد على الجنس البيولوجي عند الولادة، وليس النوع الاجتماعي، في قرار حظي باهتمام واسع النطاق في المملكة المتحدة.
حيث أشارت المحكمة بأن المتحولين جنسياً إلى نساء “ليسوا نساء من الناحية القانونية”.
اذ يعد الحكم انتصاراُ لحملات منتقدة لحقوق المتحولين جنسياً، وهي حملات تحظى بدعم من بعض السياسيين وشخصيات معروفة في المجتمع البريطاني.
حيث انتقدت هذه الشخصيات شدة حقوق المتحولين جنسياً , مثل الكاتبة المعروفة جي. كي. رولينغ، مؤلفة سلسلة “هاري بوتر” الشهيرة، التي تعيش في إسكتلندا.
صراع قانوني حول تعريف المرأةانطلق النزاع القانوني منذ عام 2018 بين الحكومة الإسكتلندية، التي تلتزم بقوة بحقوق الأشخاص المتحولين جنسيا، وجمعية “من أجل النساء في إسكتلندا”، التي رأت أن منح الرجال المتحولين جنسيا حقوقا مساوية للنساء في مختلف مناحي الحياة، بما في ذلك غرف تبديل الملابس في الأندية ودورات المياه والمنافسات الرياضية وأجنحة المستشفيات، يعد اعتداء صارخا على حقوق المرأة.
وجادلت حملة “من أجل النساء في إسكتلندا” بأن الحقوق بموجب قانون المساواة يجب ألا تطبق إلا على أساس الجنس البيولوجي للشخص.
وطعنت الحملة في التوجيهات التي أصدرتها الحكومة الإسكتلندية التي رافقت قانونا صدر عام 2018 استهدف زيادة نسبة النساء في مجالس إدارات القطاع العام.
فيما قالت توجيهات الوزراء الإسكتلنديين إن المرأة المتحولة جنسيا، الحاصلة على شهادة الاعتراف بالجنس، هي امرأة من الناحية القانونية، ومن ثم لها الحق في الاستفادة من نسبة تمثيل النساء في مجالس إدارات المؤسسات العامة.
تعريف مصطلحي “نساء” و”جنس”قال نائب رئيس المحكمة العليا باتريك هودج إن “قرار هذه المحكمة بالإجماع هو أن مصطلحي (نساء) و(جنس) في قانون المساواة لعام 2010 يشيران إلى المرأة البيولوجية والجنس البيولوجي”.
وأضاف “لكننا ننصح بألا يُقرأ هذا الحكم على أنه انتصار لفئة أو أكثر في مجتمعنا على حساب فئة أخرى، إنه ليس كذلك”.
موقف حزبي العمال والمحافظينلفت ناطق باسم حكومة حزب العمال إن المحكمة العليا توفر “الوضوح للنساء ومقدمي الخدمات مثل المستشفيات والملاجئ والأندية الرياضية”.
وأضاف أن “المساحات غير المختلطة محمية بالقانون وستظل كذلك دائما من جانب هذه الحكومة”.
وأشادت زعيمة المعارضة في حزب المحافظين كيمي بادينوتش بهذا القرار، وأوضحت أن “القول إن النساء المتحولات جنسيا هن نساء لم يكن صحيحا في الواقع يوما، ولم يعد صحيحا من الناحية القانونية”.
خارج المحكمة، قوبل القرار بترحيب حار من الناشطات اللواتي حضرن لدعم حملة “من أجل نساء إسكتلندا“، إذ تبادلن العناق ووصفن هذا اليوم بأنه “عظيم”.
كلمات دالة:صراع قانونيالجنس البيولوجيإسكتلنداالمتحولين جنسياًالمجتمع البريطانيجنسنساءحملة “من أجل نساء إسكتلندا“© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن