عربي21:
2024-12-18@20:57:52 GMT

نحو بناء نظام عالمي جديد لآدمية مكرّمة

تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT

"الناس من خوف الذل في ذل ومن خوف الفقر في فقر" (الإمام علي بن أبي طالب رضي  الله عنه"

ما علمنا الله ونسيناه:

إن الله جل وعلا حدث الإنسان في كتابه العزيز عن مستويين من المعرفة التطبيقية، أنه تعالى خلق الكون وهو الرحمن ذو الجبروت القاهر وهو الرحيم الذي كتب الرحمة على نفسه وأمر عباده بالرحمة والقسط؛ فلا ينبغي أن يغتر العبد ويظن أن من معالم التمكين ظلم العباد ودمار البلاد أو إجبار الناس على قبوله مرغمين بكل ما يطرح من أكاذيب أو يقهر الأمة ويرغمها.



قال الحسن البصري رحمه الله: "قرأت في تسعين موضعا من القرآن أن الله قدر الأرزاق وضمنها لخلقه، وقرأت في موضع واحد: الشيطان يعدكم الفقر، فشككنا في قول الصادق في تسعين موضعا وصدقنا قول الكاذب في موضع واحد".

انطبع فهم التمكين مع القوة والهيمنة بل الظلم، وهذا ليس المعنى من التمكين، فالتمكين هو القدرة على تحقيق الأهداف
وقال محمد الغزالي: "كل دعوة تحبب الفقر إلى الناس أو ترضيهم بالدون في المعيشة أو تقنعهم بالهوان في الحياة، أو تصبرهم على قبول البخس أو الرضا بالدنية هي دعوة فاجرة يراد بها التمكين للظلم الاجتماعي وإرهاق الجماهير الكادحة في خدمة فرد أو أفراد، وهي قبل ذلك كله كذب على الإسلام وافتراء على الله".

الظلم ليس تمكينا:

انطبع فهم التمكين مع القوة والهيمنة بل الظلم، وهذا ليس المعنى من التمكين، فالتمكين هو القدرة على تحقيق الأهداف، فليس التمكين في الأسرة مثلا هو التسلط على الأسرة، وإنما كيف نصنع المحبة التي يفشل كثير منا في صنعها، ليس أن تتسلط على زوجتك بل كيف تكون لك رفيقا ودليلا في منعطفات الحياة.

انطباع الجهل والتخلف:

لقد اقترن التمكين عندنا بالقدرة على تحقيق وفرض رؤيتك وأفكارك وربما سحق وإذلال من تراهم أعداءك أو منافسيك، أي التغلب، وهذا لا يمكن أن يمارس إلا مع عدو وليس مع من يعيش معك ومشاربه مختلفة، أي له دين آخر، عقيدة أخرى، رأي آخر، فهم آخر، فهذا كصراع الزنابير في خلية واحدة، وأسلوب اعتمده الأسبرطيين مع أعدائهم في المدن الأخرى، وتعتمده الولايات المتحدة في حروبها، ونحن نلاحظ في عصرنا كم الفشل والدمار للمدنية الذي يحدثه هذا الأسلوب وزراعة وتنمية الأعداء وتسريع ضعف منظومة الدولة.

الأفكار المتطرفة والتي ترفض الآخر لا تستطيع إقامة دولة صحية بل تبقى كيانا هشا متعرضا لانقلابات ودورات التغيير، بشعب يزداد تفككا وفوضى، غير متصالح بين أفراده، وهذا ليس تمكينا، لأن التمكين يرافقه بناء وكرامة للإنسان الذي كرمه الله؛ والتحام للداخل بحيث يكون منيعا، أما هذا فظلم وتحسس من الظلم، وصراع ولا يقل عن وضع بركان لا تعلم متى ينفجر. والحقيقة أن تغيير هذا المصير عند أناس أحاديي النظرة ليس بالأمر اليسير وإنما يحتاج إلى تمكين التوعية ومراكز دراسات وأفكار إيجابية وإعلام.

ليس حلا أن يجبر الناس على قبول الذل فهذا أمر يستحيل استمراره، وليس حلا أن تخاف على الرزق خشية الفقر الذي يصوره هذا الخوف، وليس صحيحا أن تفرح بمظاهر تمكنك من ظلم الآخرين وقمعهم.

التمكين بالعطاء:

الناس عادة يأخذون موقفا عدائيا من الجديد أو حذرا على الأقل، فإن ظلم ثبت عندهم أنه طغيان واجب الإزالة ولو بعد حين، لكن احتجاجهم أو نقدهم للجديد لا يعني أنهم سيتخذون موقفا مضادا منه، فالأمور ترتبط برعاية مصالح الشعوب، ومن أجاد خدمة شعب ملك ولاءه، فالخدمة بصدق ورفع درجة الاستقرار والرفاهية هما تمكين في داخل كل بلد.

التمكين بالعلاقات الخارجية:

في العلاقات الخارجية غالبا ما تأتي الدبلوماسية كأسبقية في التعاملات أو الجبر عليها من خلال مرحلة حرب تتخللها، الإنسان ما زال في حالة تخلف في علاجه للمشاكل بعقلية المقاطعات والمدن، لكن العالم نتيجة التطور التقني والتكنولوجيا أضحى متقاربا يتأثر ببعضه، فعقلية التغلب والسياسة القذرة وسحق الآخر من أجل أن أحمي نفسي تعبر عن ضعف في العقلية والنفسية والمسافة الشاسعة بين التنافر النفسي والعقلية المنحدرة، أمام التقارب الزمني والمكاني بحكم التقنيات الحديثة، لذا فمن الممكن أن يحل التوازن بالتفكير بأن السياسة هي كيف تصدق النصيحة والشراكة والحلول، وتعطي ما عليك من حق وتأخذ مالك، تعيد النظر لترد مظلوميتك وظلمك في آن واحد.

الهيمنة والظلم فهذا يدل على انحدار حضاري وخلل في التوازن بين التطور المدني والعقلية، وهذا ما نرى نتائجه على الأرض
أما الهيمنة والظلم فهذا يدل على انحدار حضاري وخلل في التوازن بين التطور المدني والعقلية، وهذا ما نرى نتائجه على الأرض، ففي العصور التي كان الحل فيها الاحتكام للسلاح قد يموت عشرات ومئات وفي الحرب العظيمة يموت الألوف، لكن التقنيات تطورت وبات يمكن بخطأ بسيط أن تبيد البشرية أو تعيدها إلى عصر ما قبل التكنولوجيا.

المطلوب:

أن يطرح ويتبنى القادة العقلاء برنامجا أمميا لإعادة النظر في العلاقات الدولية، واأ يتبنى المصلحون برنامجا لترتيب البيت الداخلي لكل دولة، وتوضع دراسات تطبيقية وإصلاحية لإعادة النظر بكل شيء لأن هذه الهزات بين الدول وداخل الدول تسبب الكوارث وستتعاظم الكوارث مع الأيام، والاستباق في التفكير والإجراءات يمثل ضرورة ملحة، ونحن نقترب من مشاكل بيئية وفي خضمها ومشاكل اقتصادية، ومكانية تعالج بعقلية وقيم أزمنة ماضية لا تتناسب وتفكير مطلوب للعصر.

إن القرآن الكريم بمثانيه يحتاج مؤسسات فكرية لاستنباط الحلول الملائمة للواقع بفهمه وتحييد الجهاز المعرفي الموروث عند الجميع الذي هو عنصر تخلف وصدام وليس رقيا للآدمية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المعرفة التمكين الظلم القوة الظلم القوة المعرفة التمكين مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات أفكار سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

عملان يدخلوك الجنة ويبعدوك عن النار.. اكتشف ما ينفعك

قال مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن من أراد أن يرزقه الله الجنة ويبعده عن النار فعليه بعملين . 

وأضاف مركز الأزهر فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن هناك عملين صالحين فقط تُدخَل الجنة، ويباعَد بينك وبين النار، وهما: الأول أن تجدد إيمانك بالقلب والعمل، والثاني أن تعامل الناس كما تحب أن يُعاملوك.

يقول سيدنا رسول الله: «مَنْ أحبَّ منكم أنْ يُزَحْزَحَ عنِ النارِ، ويَدْخُلَ الجنةَ، فلْتَأْتِهِ منيتُهُ وهوَ يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، وليأْتِ إلى الناسِ، الذي يُحِبُّ أنْ يُؤْتَى إليه». [أخرحه مسلم]

فيما قال مجمع البحوث الإسلامية، إنه فيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، أنه أرشدنا إلى كل ما فيه خير لنا، منوهًا بأن هناك ثلاثة أعمال في الدنيا تزحزح الإنسان عن النار وتُدخله الجنة وتحفظ نعم الله من الزوال.

وأوضح «البحوث الإسلامية» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن أول هذين العملين ، هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى وباليوم الآخر إلى آخر لحظة في حياته وثانيهما معاملة الناس كما يحب أن يُعامل، ويعطيهم مما يُحب، مشيرًا إلى أنه كذلك ثالثًا ينبغي على الإنسان أن يقنع بما أتاه الله تعالى من نعم، وينظر إلى من هم أقل منه.

واستشهد بما ورد في صحيح مسلم، أنه قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ"، وبما جاء في صحيح مسلم، أنه قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ".

وأضاف أن القَناعَةُ من أجلِّ أَخلاقِ المُؤْمِنينَ، وهي علامةٌ على الرِّضا بقَدَرِ اللهِ، كما أنَّها تُهوِّنُ صُعوبَةَ الحَياةِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «انْظُرُوا إلى مَنْ هو أَسْفَلَ منكم"، أي: مَنْ هو أَقَلُّ منكم في أُمور الدَّنْيا وتَقْسيمِها، "ولا تَنْظُروا إلى مَنْ هو فَوْقَكُم" فيها؛ فإنَّ هذا النَّظَرَ "أَجْدَرُ"، أي: أَحَقُّ "أنْ لا تَزْدَروا»، أي: لا تَحْتَقِروا "نِعْمَةَ اللهِ عليكم".

وتابع: وذلك أنَّ نَظَرَ الإنْسانِ إلى مَنْ هو أعْلى منه؛ يُؤَدِّي إلى اسْتِحْقارِ ما عِندَ نَفْسِهِ من النِّعَمِ، فيَسْتَقِلَّ النِّعْمَةَ ويُعرِضَ عن الشُّكرِ؛ لأنَّ كثيرًا من الناسِ يَصبِرُ على المقدورِ فلا يَسْخَطُ، وهو غيرُ راضٍ به؛ فالرِّضا أمرٌ آخَرُ، وقد يُؤَدِّيهِ ذلك إلى كُفْرانِ النِّعْمَةِ، وأنَّه ليس عليه شيْءٌ من النِّعْمِ؛ فيَكْفُرَ نِعْمَةَ اللهِ عليه، ولذلك قالَ اللهُ تعالى: «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى» [طه: 131].

واستطرد: وإذا أَعْرَضَ عن التأمُّلِ في أحْوالِ أهْلِ الدُّنْيا وما وُسِّعَ عليهم، هانَ عليه ما هَمَّهُ واسْتَكْثَرَ ما أُوتِيَ، وإذا نَظَرَ بعَيْنِ الحَقيقةِ، فالمُكْثِرُ ليس معه إلَّا هَمُّ الإكْثارِ وحِفْظِ المالِ، والدُّنْيا سَريعةُ الزَّوالِ، وإذا تحوَّلَ المالُ وضاعَ، فإنَّهم لا يُغْبَطونَ على ذلك، بل إنَّهم يُرْحَمونَ ويُرْثَى لهم، وفي الحديث أنَّ مِن أعظمِ ما يُعينُ على استشعارِ النِّعمِ كثرةَ التأمُّلِ فيها والنظرَ في حالِ مَن هُم أقلُّ حالًا منك.

مقالات مشابهة

  • ويحك تقتلك الفئة الباغية
  • دار البريهي في خبر كان…الشروع في بناء مقر عالمي للتلفزيون المغربي ليكون جاهزاً قبل المونديال
  • للجيش في انتصاراته
  • بين الانتقادات والممكن: هل تتجاهل الثورة السورية مواجهة  إسرائيل؟
  • أقوال العلماء في عدد آيات سورة الفاتحة بالدلائل
  • حقيقة قصة النبي ﷺ مع الرجل اليهودي
  • الأسلحة الكيميائية وسر نظام الأسد المظلم الذي تخشاه إسرائيل والغرب
  • عملان يدخلوك الجنة ويبعدوك عن النار.. اكتشف ما ينفعك
  • أحمد بلال : الأهلي أهدر كتابة تاريخ عالمي .. ولماذا لم يسدد السولية بدلا من كهربا ؟
  • ونكشف المكشوف ..؟!