نحو بناء نظام عالمي جديد لآدمية مكرّمة
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
"الناس من خوف الذل في ذل ومن خوف الفقر في فقر" (الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه"
ما علمنا الله ونسيناه:
إن الله جل وعلا حدث الإنسان في كتابه العزيز عن مستويين من المعرفة التطبيقية، أنه تعالى خلق الكون وهو الرحمن ذو الجبروت القاهر وهو الرحيم الذي كتب الرحمة على نفسه وأمر عباده بالرحمة والقسط؛ فلا ينبغي أن يغتر العبد ويظن أن من معالم التمكين ظلم العباد ودمار البلاد أو إجبار الناس على قبوله مرغمين بكل ما يطرح من أكاذيب أو يقهر الأمة ويرغمها.
قال الحسن البصري رحمه الله: "قرأت في تسعين موضعا من القرآن أن الله قدر الأرزاق وضمنها لخلقه، وقرأت في موضع واحد: الشيطان يعدكم الفقر، فشككنا في قول الصادق في تسعين موضعا وصدقنا قول الكاذب في موضع واحد".
انطبع فهم التمكين مع القوة والهيمنة بل الظلم، وهذا ليس المعنى من التمكين، فالتمكين هو القدرة على تحقيق الأهداف
وقال محمد الغزالي: "كل دعوة تحبب الفقر إلى الناس أو ترضيهم بالدون في المعيشة أو تقنعهم بالهوان في الحياة، أو تصبرهم على قبول البخس أو الرضا بالدنية هي دعوة فاجرة يراد بها التمكين للظلم الاجتماعي وإرهاق الجماهير الكادحة في خدمة فرد أو أفراد، وهي قبل ذلك كله كذب على الإسلام وافتراء على الله".
الظلم ليس تمكينا:
انطبع فهم التمكين مع القوة والهيمنة بل الظلم، وهذا ليس المعنى من التمكين، فالتمكين هو القدرة على تحقيق الأهداف، فليس التمكين في الأسرة مثلا هو التسلط على الأسرة، وإنما كيف نصنع المحبة التي يفشل كثير منا في صنعها، ليس أن تتسلط على زوجتك بل كيف تكون لك رفيقا ودليلا في منعطفات الحياة.
انطباع الجهل والتخلف:
لقد اقترن التمكين عندنا بالقدرة على تحقيق وفرض رؤيتك وأفكارك وربما سحق وإذلال من تراهم أعداءك أو منافسيك، أي التغلب، وهذا لا يمكن أن يمارس إلا مع عدو وليس مع من يعيش معك ومشاربه مختلفة، أي له دين آخر، عقيدة أخرى، رأي آخر، فهم آخر، فهذا كصراع الزنابير في خلية واحدة، وأسلوب اعتمده الأسبرطيين مع أعدائهم في المدن الأخرى، وتعتمده الولايات المتحدة في حروبها، ونحن نلاحظ في عصرنا كم الفشل والدمار للمدنية الذي يحدثه هذا الأسلوب وزراعة وتنمية الأعداء وتسريع ضعف منظومة الدولة.
الأفكار المتطرفة والتي ترفض الآخر لا تستطيع إقامة دولة صحية بل تبقى كيانا هشا متعرضا لانقلابات ودورات التغيير، بشعب يزداد تفككا وفوضى، غير متصالح بين أفراده، وهذا ليس تمكينا، لأن التمكين يرافقه بناء وكرامة للإنسان الذي كرمه الله؛ والتحام للداخل بحيث يكون منيعا، أما هذا فظلم وتحسس من الظلم، وصراع ولا يقل عن وضع بركان لا تعلم متى ينفجر. والحقيقة أن تغيير هذا المصير عند أناس أحاديي النظرة ليس بالأمر اليسير وإنما يحتاج إلى تمكين التوعية ومراكز دراسات وأفكار إيجابية وإعلام.
ليس حلا أن يجبر الناس على قبول الذل فهذا أمر يستحيل استمراره، وليس حلا أن تخاف على الرزق خشية الفقر الذي يصوره هذا الخوف، وليس صحيحا أن تفرح بمظاهر تمكنك من ظلم الآخرين وقمعهم.
التمكين بالعطاء:
الناس عادة يأخذون موقفا عدائيا من الجديد أو حذرا على الأقل، فإن ظلم ثبت عندهم أنه طغيان واجب الإزالة ولو بعد حين، لكن احتجاجهم أو نقدهم للجديد لا يعني أنهم سيتخذون موقفا مضادا منه، فالأمور ترتبط برعاية مصالح الشعوب، ومن أجاد خدمة شعب ملك ولاءه، فالخدمة بصدق ورفع درجة الاستقرار والرفاهية هما تمكين في داخل كل بلد.
التمكين بالعلاقات الخارجية:
في العلاقات الخارجية غالبا ما تأتي الدبلوماسية كأسبقية في التعاملات أو الجبر عليها من خلال مرحلة حرب تتخللها، الإنسان ما زال في حالة تخلف في علاجه للمشاكل بعقلية المقاطعات والمدن، لكن العالم نتيجة التطور التقني والتكنولوجيا أضحى متقاربا يتأثر ببعضه، فعقلية التغلب والسياسة القذرة وسحق الآخر من أجل أن أحمي نفسي تعبر عن ضعف في العقلية والنفسية والمسافة الشاسعة بين التنافر النفسي والعقلية المنحدرة، أمام التقارب الزمني والمكاني بحكم التقنيات الحديثة، لذا فمن الممكن أن يحل التوازن بالتفكير بأن السياسة هي كيف تصدق النصيحة والشراكة والحلول، وتعطي ما عليك من حق وتأخذ مالك، تعيد النظر لترد مظلوميتك وظلمك في آن واحد.
الهيمنة والظلم فهذا يدل على انحدار حضاري وخلل في التوازن بين التطور المدني والعقلية، وهذا ما نرى نتائجه على الأرض
أما الهيمنة والظلم فهذا يدل على انحدار حضاري وخلل في التوازن بين التطور المدني والعقلية، وهذا ما نرى نتائجه على الأرض، ففي العصور التي كان الحل فيها الاحتكام للسلاح قد يموت عشرات ومئات وفي الحرب العظيمة يموت الألوف، لكن التقنيات تطورت وبات يمكن بخطأ بسيط أن تبيد البشرية أو تعيدها إلى عصر ما قبل التكنولوجيا.
المطلوب:
أن يطرح ويتبنى القادة العقلاء برنامجا أمميا لإعادة النظر في العلاقات الدولية، واأ يتبنى المصلحون برنامجا لترتيب البيت الداخلي لكل دولة، وتوضع دراسات تطبيقية وإصلاحية لإعادة النظر بكل شيء لأن هذه الهزات بين الدول وداخل الدول تسبب الكوارث وستتعاظم الكوارث مع الأيام، والاستباق في التفكير والإجراءات يمثل ضرورة ملحة، ونحن نقترب من مشاكل بيئية وفي خضمها ومشاكل اقتصادية، ومكانية تعالج بعقلية وقيم أزمنة ماضية لا تتناسب وتفكير مطلوب للعصر.
إن القرآن الكريم بمثانيه يحتاج مؤسسات فكرية لاستنباط الحلول الملائمة للواقع بفهمه وتحييد الجهاز المعرفي الموروث عند الجميع الذي هو عنصر تخلف وصدام وليس رقيا للآدمية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المعرفة التمكين الظلم القوة الظلم القوة المعرفة التمكين مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات أفكار سياسة سياسة سياسة رياضة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
التضامن: تعزيز رأس مال أنشطة التمكين الاقتصادى بـ 100 مليون جنيه في 7 محافظات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترأست الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس أمناء المؤسسة العامة للتكافل الاجتماعي الاجتماع الأول لمجلس أمناء .
وشهد الاجتماع اعتماد الميزانية العمومية للمؤسسة العامة للتكافل الاجتماعي فى 30 يونيو الماضى ، كما تم استعراض عدد من المحاور التنظيمية التي شملت تطوير العمل المؤسسي، حيث تم إعداد هيكلة الدورة الإلكترونية للعاملين بالمؤسسة للتعامل مع الأنظمة المختلفة وبرنامج المدفوعات الحكومية والضرائب الإلكترونية والمساعدات بما يتناسب مع سهولة وتيسير العمل الداخلى بها، كما تم إعادة هيكلة أموال المؤسسة لتحقيق أعلى عائد يمكن أن يعود بالنفع على قاعدة المستفيدين من خدمات المؤسسة .
كما تناول الاجتماع استعراض نتائج أنشطة التمكين الاقتصادي التى تدار من خلال المؤسسة العامة للتكافل الاجتماعي وتنفذ من خلال أفرعها بالمحافظات، وتمنح للأسر بهدف تحويلها من أسر مستفيدة من المساعدات إلى أسر منتجة قادرة على العمل لمساعدتها على تحسين سُبل المعيشة، وذلك بالشراكة مع كل من برنامج الأغذية العالمي وبرنامج تنمية الأسرة المصرية والوكالة الأمريكية للتنمية ، حيث بلغ اجمالى حجم تمويل أنشطة التمكين الاقتصادي 300 مليون جنيه مصري تقريباً ، يتم تحويلهم للأسر في صورة قروض دوارة ذات فائدة بسيطة تتلاءم مع القدرات المالية للأسر المستفيدة ليتم تنفيذ مشروعات متناهية الصغر في مجالات زراعية وصناعية وخدمية وتجارية .
وقد وافق مجلس الأمناء على تعزيز رأس مال أنشطة التمكين الاقتصادى بقيمة 100 مليون جنيه للأسر المستحقة فى 7 محافظات ، فضلا عن توجيه وزيرة التضامن الاجتماعي بضرورة العمل على الارتقاء بجودة مشروعات التمكين الاقتصادى بهدف التشبيك مع السوق المحلى والذى يُعد استثماراً حيوياً فى المستقبل .
هذا وقد حضر الاجتماع اللواء عبد الحكيم حمودة نائب رئيس مجلس الأمناء ، والأستاذ أيمن عبد الموجود مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي لشؤون العمل الأهلي وأمين عام المؤسسة العامة للتكافل الاجتماعي، والدكتور محمد العقبي مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للاتصال الاستراتيجي والإعلام، والمستشار كريم قلاوي المستشار القانوني للوزارة، والأستاذ هشام محمد مدير مكتب وزيرة التضامن الاجتماعي وأعضاء مجلس الأمناء.
الجدير بالذكر أن المؤسسة العامة للتكافل الاجتماعي تستهدف تغطية جميع الفئات التى لا ينطبق عليها قانون الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ويتم تقديم المساعدات بكافة أنواعها والممثلة في المساعدات المالية للحالات والأمراض المزمنة والأرامل والمطلقات والهجر ومعدومي ومحدودي الدخل كذلك الحالات الملحة بالإضافة إلى توفير الأجهزة التعويضية لذوي الإعاقة وغيرها ويصل عدد فروع المؤسسة إلى 27 فرعا على مستوى الجمهورية.