جرى اليوم الجمعة بمدينة طنجة استعراض جهود المملكة المغربية، القانونية والإجرائية، في مكافحة مختلف أشكال جرائم غسل الأموال، إلى جانب رصد التحديات واستشراف الرهانات التي تضعها هذه الجريمة العابرة للحدود أمام الاقتصادات الوطنية.

وأبرز المشاركون، في الندوة الدولية التي ينظمها الاتحاد الدولي للمحامين بشراكة مع هيئة المحامين بطنجة وجمعية هيئات المحامين بالمغرب يومي 3 و 4 ماي بمشاركة محامين وخبراء ومسؤولين قضائيين من بلدان عربية وأوروبية، أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية قوية ساهمت في تحصين المنظومة المتعلقة بمكافحة جرائم غسل الأموال.

في كلمة بالمناسبة، أشار الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، أن غسل الأموال يمثل تهديدا للدورة الاقتصادية والتنافس الحر وتأثيرا على العمل وإنتاج التضخم، لاسيما مع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة المرتبطة بالجريمة المنظمة، مشددا على دور المحامي، طبقا لمقتضيات القانون 43.05 المتعلق بغسل الأموال، على اعتبار أنه يوجد في مفترق طرق بين التزاماته الأخلاقية والمهنية، بالنظر لدوره في منظومة اليقظة والمراقبة الداخلية، ومكانته كحلقة أساسية في المحاكمة العادلة.

من جهة أخرى، اعتبر المسؤول القضائي أن إحصائيات الربع الأول من عام 2024، تبرز أنه تم إصدار 114 مقررا قضائيا في جرائم غسل الأموال، منوها ب “التطور الإيجابي في تقليص متوسط أجل البت في القضايا، إذ تم البت في 75 في المائة من بينها ضمن الآجال الاسترشادية المحددة (180 يوما بالنسبة للقضايا الابتدائية، و120 يوما بالنسبة للقضايا الاستئنافية) مع احترام قواعد المحاكمة العادلة، وذلك رغم التحديات المرتبطة بتعقد هذا النوع من الجرائم وشساعة الاختصاص الترابي للمحاكم المكلفة بجرائم الأموال.

وشدد على أن “الجهود المشتركة والتعاون بين هيئات القضاء والدفاع يعتبر السبيل الأنجع لتجاوز التحديات المستحدثة وغير المسبوقة التي جاءت بها التكنولوجيات الناشئة (العملات المشفرة، طرق تحويل الأموال…)، مسجلا أهمية التسلح بما تتيحه التكنولوجيات المبتكرة من وسائل البحث والتحري لتعقب جريمة غسل الأموال.

من جانبه، ذكر رئيس النيابة العامة، حسن الداكي، بأن المغرب قام بمجموعة من الإجراءات العملية لتحصين المنظومة المالية المغربية، عبر الاستجابة لمعايير مجموعة العمل المالي وملاءمة التشريعات القانونية وتوسعة اختصاص المحاكم المالية، مبرزا أن هذه الجهود ضمنت خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي وساهمت في تعزيز الثقة في المنظومة الاقتصادية وجعل المغرب وجهة آمنة للاستثمارات.

وبعد أن أكد على أن النصوص التشريعية والآليات المؤسساتية غير كافيين لوحدهما للحد من مخاطر جريمة غسل الأموال، شدد على ضرورة تأهيل كفاءات مختلف المتدخلين وتطوير طرق اشتغالهم، وزيادة التنسيق والتعاون بين الهيئات القضائية والأمنية والاقتصادية والمصرفية المعنية، مشيرا إلى أن رئاسة النيابة أعدت دلائل تطبيقية في تقنيات البحث والتحقيق حول مختلف أشكال جرائم غسل الأموال بتعاون مع أجهزة إنفاذ القانون.

وسجل أن الجهود المبذولة لمكافحة هذا النوع من الجرائم، أدى الى ارتفاع مطرد في عدد القضايا المسجلة منذ دخول قانون مكافحة غسل الأموال حيز التنفيذ، حيث تم تسجيل 336 قضية في الفترة 2008 – 2018 مقابل أكثر من 2927 قضية من 2018 – 2023، بينما ارتفعت الأحكام من 27 حكما إلى 311 حكما، مبرزا التحديات الجديدة الناجمة عن التطور التكنولوجي (التجارة الإلكترونية، الأصول الافتراضية، الأنترنت المظلم …) ما يقتضي مواصلة الجهود الفردية والجماعية وتحديث الترسانة القانونية وتقوية الكفاءات وتعزيز التنسيق الوطني والدولي.

من جهته، اعتبر رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، جوهر النفيسي، أن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أخذت خلال السنين الأخيرة بعدا استراتيجيا في العلاقات الدولية، الثنائية ومتعددة الأطراف، حيث صارت محط اهتمام هيئات دولية عديدة، وفي مقدمتها مجلس الأمن ومجموعة العمل المالي الدولي والمجموعات الإقليمية التابعة لها، مشددا على أهمية انخراط مختلف المهن القضائية والقطاع الخاص في جهود ضمان مناعة المنظومة الاقتصادية والمالية ضد هذا النوع من الجرائم.

ونوه بأنه خلال خمس سنوات الأخيرة، أي منذ صدور أول تقرير حول المغرب للتقييم الذي تقوم به مجموعة العمل المالي الدولي سنة 2018، عرفت المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب “طفرة نوعية للملاءمة مع المعايير الدولية ذات الصلة، وذلك بشهادة خبراء المجموعة”، مبرزا أن “المغرب يواصل جهوده لرفع التزامه من 34 توصية من أصل 40 توصية منصوص عليها”.

وأفاد بأن “الإصلاحات القانونية والمؤسساتية والتنظيمية مكنت من خروج المغرب من اللوائح الرمادية لمجموعة العمل المالي والاتحاد الأوروبي، وهي إشادة من المجتمع الدولي بجهود المغرب وفعالية منظومته الوطنية لمكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب وتتويج لمجهودات كافة الفاعلين من القطاعين العام والخاص”.

بدوره، أكد المدير المالي بالاتحاد الدولي للمحامين، سيلفستر طاندو دي مارساك، أن غسل الأموال “موضوع مثير للقلق لكونه يمس بالاستقرار الاقتصادي والأمن العالمي، لاسيما مع الوضع الحالي للتدفقات المالية وتوسع نطاق التكنولوجيات والأصول الافتراضية المشفرة”، مبرزا أنه حسب آخر التقديرات “تمس أنشطة غسل الأموال حوالي 3 في المائة من الناتج العالمي الخام”.

أما رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، النقيب الحسين الزياني، فقد شدد على أن انعقاد هذه الندوة يشكل إسهاما من المحامين في بناء منظومة قانونية عادلة وتعزيز التعاون القائم بين مكونات منظومة العدالة إلى جانب دوره في تعزيز الثقة وتحقيق الأمن القضائي، مبرزا أن “غسل الأموال يعتبر من بين أخطر الجرائم المالية التي تطورت في عصر الاقتصاد الرقمي، إلى جانب ارتباطه بالجريمة المنظمة”.

من جهته، أكد نقيب هيئة المحامين بطنجة، أنوار بلوقي، أن “مكافحة غسل الأموال أضحت اليوم ضرورة حيوية لضمان الاستقرار الاقتصادي والأمن العالمي، وذلك بالنظر لما يعرفه العصر الحالي من تجاوز التدفقات المالية لكل الحدود بشكل غير مسبوق ولما تتيحه التكنولوجيات الحديثة من تسهيل للمعاملات”، مبرزا أن المحامي، في قلب هذه التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، يجد نفسه في مفترق طرق متعددة المخاطر، أمام الواجبات الأخلاقية والمهنية من جهة، وواجب اليقظة المرتبط بالكشف وتقييم المخاطر المرتبطة بالزبائن وتتبع معاملاتهم من جهة أخرى.

وتتطرق أشغال هذه الندوة الدولية إلى أربعة محاور تتمثل في “غسل الأموال : الرهانات الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، والقانونية”، و”التطورات القانونية والتوجهات الجديدة”، و”التكنولوجيات الصاعدة ..تحديات فريدة وفرص جذابة”، والمحامي ومكافحة غسل الأموال”.

المصدر: مراكش الان

كلمات دلالية: مکافحة غسل الأموال جرائم غسل الأموال العمل المالی

إقرأ أيضاً:

النيابة العامة: السجن 5 سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية

أنهت نيابة الاحتيال المالي تحقيقاتها مع مواطن متهم بارتكاب جرائم احتيال مالي، نتج عنها الاستيلاء على أموال عددٍ من المجني عليهم.

وكشفت إجراءات التحقيق عن قيام المتهم بعدة عمليات احتيالية، تمثلت في عرضه منتجات وهمية عبر منافذ البيع الإلكترونية، وإيهام الضحايا بوجود سلع للبيع، وبعد تحويلهم المبالغ المطلوبة إلى حسابه البنكي يقوم بحظرهم على الفور. وقد بلغ عدد المجني عليهم “41” شخصًا.

اقرأ أيضاًالمملكةسمو وزير الخارجية يلتقي مستشار الأمن القومي الأمريكي

وأصدرت النيابة العامة أمرًا بإيقاف المتهم، وإحالته إلى المحكمة المختصة، وصدر بحقه حكم يقضي بإدانته بما نُسب إليه وسجنه مدة خمس سنوات.

وأكدت النيابة العامة التزامها بحماية المجتمع من كافة جرائم الاحتيال المالي، ومواصلة جهودها في إقامة الدعاوى الجزائية المشددة بحق كل من تسوّل له نفسه الاستيلاء على أموال الآخرين عن طريق الاحتيال.

مقالات مشابهة

  • السجن 5 سنوات لمواطنٍ بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية
  • النيابة العامة: السجن خمس سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية
  • النيابة العامة: السجن 5 سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية
  • السجن 5 سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية
  • تعاون بين المملكة وكازاخستان في مجال مكافحة جرائم الفساد
  • الإمارات تستضيف قمة مكافحة الجرائم المالية
  • عرض تجارب الإصلاحات الوطنية لأنظمة الحماية والضمان والاجتماعي في ندوة دولية بمسقط
  • برئاسة محمد بن راشد.. مجلس الوزراء يعتمد 44 اتفاقية دولية لحماية وتشجيع الاستثمارات
  • لجنة من المتابعة والتفتيش المالي والإداري تصل لنادي الطلبية بالجيزة
  • المغرب يتصدر جهود مكافحة الجرائم المالية ويحقق تقدماً في التصنيف العالمي لـ 2025