السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قرآءة
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
تداعيات الصراع القائم داخل السودان الشقيق منذ أكثر من عام (15 أبريل 2023) لم تتوقف تبعاتها عند الحدود الداخلية، بل عصفت بعلاقات البلد العربي الخارجية خاصة مع دول الجوار وفي مقدمتها دولة تشاد والتي تجمع بينهما حدود كبيرة ومترامية وعلاقات قبلية.
ورغم أن الخلافات بين البلدين ليست حديثة العهد إلا أن التوترات السياسية التي يعيشها السودان بسبب الحرب بين الجيش الوطني السوداني وقوات الدعم السريع جددت من هذه الخلافات، وكشفت عن أزمة مكتومة بين نجامينا والخرطوم لم تكن موجودة في بداية الصراع، حيث تتهم الأخيرة تشاد بدعم قوات محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوداني، مكي مغربي، إن العلاقات بين تشاد والسودان ممثلا في "الجيش الوطني" في بداية الصراع كانت جيدة جدا، وقد رفضت حكومة نجامينا التورط في الصراع داخل السودان تماما؛ ذلك لأن السلطة الحاكمة تنتمي لقبيلة زغاوة أو زكاوة وهذه القبيلة امتدادتها موجودة في السودان ويتمثل في حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو ميناوي وكلاهما من قبيلة زغاوة، فالحركات الدارفورية المشاركة في السلطة كانت مفاتيح تشاد بالنسبة للسودان.
ويضيف "مغربي" في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن السلطة في تشاد كانت لفترات مضت تعرضت لمحاولة غزو من مجموعات عربية قريبة من محمد حمدان دقلو وميلشيا العدل والمساواة ما يؤكد أنه لم يكن هناك وفاق بينهما، مشيرا: لكن مع مرور الوقت وبفضل التدخلات الخارجية والإغراءات تحول الموقف التشادي من الصراع في السودان لصالح دعم الميليشيات وهنا ساءت العلاقات، حيث تشهد منطقة أم جرس داخل تشاد نشاطا كبيرا للمليشيا، وهي مركز من مراكز إخلائهم وهناك اتهامات لهم بتلقي الدعم عبر ذلك المطار.
فيما يقول الكاتب الصحفي السوداني، السماني عوض الله، عن الخلاف بين تشاد والسودان، إنه تجدد بعد أحداث أبريل عندما سمحت حكومة نجامينا لقوات الدعم السريع باتخاذ أراضيها منفذا لتلقي الدعم العسكري واللوجستي، مشيرا هناك اتهام واضح من حكومة الخرطوم ضد تشاد بسبب هذا الأمر.
وأضاف "عوض الله" - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الحكومة التشادية نفت هذه الاتهامات لكن الجيش السوداني يمتلك الأدلة الكافية التي تؤكد صحة اتهاماته فيما يتعلق بتلقي الدعم السريع المساعدات عبر العديد من المطارات الموجودة في الأراضي التشادية.
وأكد عوض الله أن الحدود الكبيرة والمترامية الأطراف بين البلدين كانت عامل ضغط على تشاد بخلاف مسألة الدعم العسكري الذي يمر عبر أراضيها لقوات محمد حمدان دقلو، مشيرا: كثير من المواطنين السودانيين الذين فروا من الصراع والحرب القائمة لجأوا إلى تشاد.
ويرى مراقبون أن تدخل حكومة البرهان أو قواته بشؤون تشاد أمر وارد جداً والعكس كذلك، فهذه ليست المرة الأولى التي تحدث إشكالات بين الجانبين"، فضلاً عن أن كل التغيرات الحكومية التي تمت في تشاد تمت من السودان، كما أن جبهة تحرير تشاد التي قادت التغير هناك أنشئت عام 1986 بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور".
كما أن تشاد هي أول من استقبل اللاجئين السودانيين خاصة من ولاية غرب دارفور في الأزمة الأخيرة، والرئيس التشادي الحالي هو الوحيد الذي قام بزيارة معسكرات اللاجئين السودانيين في منطقة إدري داخل حدود بلاده.
ويؤكد المراقبون، أن "العلاقات السودانية- التشادية قديمة ومتجددة ومتداخلة بدرجة معقدة، فهناك 28 إثنية تتداخل على الحدود بين الدولتين، كما أن أول من سعى للحل السلمي للأزمة السودانية في دارفور عند ظهورها علناً إلى السطح، كان هو الرئيس الراحل إدريس ديبي إتنو، في اتفاقية أبريل 2004 لوقف إطلاق النار للأغراض الإنسانية.
وألقت الحرب السودانية بظلالها على العلاقات الخارجية للسودان بشكل عام، لكن انعكاساتها كانت أكثر حدة على علاقاته مع الجارة الغربية تشاد، والتي تمثلت باتهام السودان لتشاد على لسان الفريق أول ياسر العطا في ديسمبر الماضي بتزويد قوات "الدعم السريع" بالأسلحة، ما فتح الباب أمام تصعيد دبلوماسي كبير، تمثّل باعتبار تشاد تلك الاتهامات أمراً عدائياً غير مقبول، وطردها دبلوماسيّ السودان، بسبب ما اعتبرتها تصريحات خطيرة ولا أساس لها.
وفي سياق متصل، تتهم تشاد السودان بالتحريض على رئيس البلاد محمد إدريس ديبي، بهدف تنفيذ تغيير سياسي على نظامه ولانتقام من دعمه قوات الدعم السريع.
وتبدي تشاد مخاوف من تورط قائد الحرس الوطني ورئيس المديرية العامة للأمن حاليا، ورئيس الاستخبارات العسكرية سابقا في هذا التغيير.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السودان تشاد الجيش الوطني السوداني قوات الدعم السريع نجامينا حميدتي دارفور الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
المبعوث الأميركي للسودان: الدعم السريع متورطة في تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية
قال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو إن واشنطن رصدت عمليات تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية تورطت فيها قوات الدعم السريع.
وأكد بيرييلو في مقابلة مع الجزيرة -مساء الجمعة- أن بلاده "تقف ضد قوات الدعم السريع"، مشيرا إلى أهمية وجود مؤسسات وطنية في السودان تحت قيادة حكومة مدنية.
وأضاف أن الولايات المتحدة تقود الجهود لردع تدفق الأسلحة إلى السودان وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تستفيد من ذلك، بالتعاون مع شركائها وحلفائها الأوروبيين.
وأوضح المبعوث الأميركي أن العمل جار منذ شهور لزيادة المساعدات الإنسانية للسودان، وأن الولايات المتحدة شاركت في جهود المفاوضات ووقف إطلاق النار، بالتعاون مع الجانب السعودي.
السودان يعاني من حرب خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ (الفرنسية) استهداف مستشفى بالخرطوممن جانبها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، مساء الجمعة، إن قوات الدعم السريع استهدفت مستشفى "بشائر" جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بإطلاق جنودها الرصاص داخل المستشفى، يوم الأربعاء الماضي.
وجاء في بيان المنظمة الدولية: "أطلق المهاجمون النار داخل قسم الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشكل خطير".
وأضافت "ندين بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في غرفة الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم، الأربعاء".
ودعت المنظمة، قوات الدعم السريع، إلى "احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية".
إعلانوفي البيان، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان صامويل ديفيد ثيودور "دخل العديد من جنود قوات الدعم السريع غرف الطوارئ وبدأ بعضهم في إطلاق النار على العاملين الطبيين، وهددوا المرضى وموظفي أطباء بلا حدود ووزارة الصحة"، مضيفا أنه "لحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى".
وشدد على أن "الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين الصحيين غير مقبولة".
وأكد ثيودور، أنه "يجب أن تظل المستشفيات أماكن آمنة وخالية من العنف والترهيب، ولا يجوز تهديد حياة الموظفين أثناء تقديم الرعاية".
وأشار البيان إلى أن مستشفى بشائر التعليمي، يعد "أحد آخر المرافق الصحية العاملة في جنوب الخرطوم وسط الصراع المستمر، حيث حافظ موظفو أطباء بلا حدود بلا كلل على الأنشطة المنقذة للحياة في ظل ظروف صعبة للغاية".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.