القدس المحتلة– أطلقت في مدينة الناصرة بالداخل الفلسطيني -الجمعة- النسخة الثانية من منحة الصحافة الاستقصائية على "درب شيرين أبو عاقلة"، وذلك بمبادرة "إعلام" المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث، وذلك لتخليد ذكرى الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة، التي اغتيلت برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في مايو/أيار 2022، أثناء تغطيتها الهجوم الإسرائيلي على جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وأتى الإعلان عن النسخة الثانية من منحة الصحافة الاستقصائية خلال فعاليات اليوم الدراسي الذي كان بعنوان "الصحافيون في الـ48: واقع وتحديات"، الذي عقد بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، بمشاركة لفيف من الصحفيين والصحفيات من الداخل الفلسطيني، وتم خلاله الإعلان عن الفائزين في النسخة الأولى من المنحة.

وخلال فعاليات اليوم الدراسي الذي وثقت الجزيرة نت أبرز محاوره وجلساته، تمت مناقشة التحديات التي تواجه الصحفيين بالداخل الفلسطيني، من قمع للحريات والاعتداءات والملاحقات القانونية، والانتهاكات التي تلاحقهم من قبل المؤسسة الإسرائيلية في ظل الحرب على غزة.

إدارة مركز إعلام في الناصرة تكرم عائلة الصحفية الشهيدة شيرين أبو عاقلة (الجزيرة) صحفيون في الميدان

وتناولت جلسات اليوم الدراسي آليات العمل والتغطية الصحفية في زمن الحرب، والملاحقات الإسرائيلية للصحفيين من فلسطينيي 48 والقدس المحتلة، التي تحول دون القيام بالعمل الصحفي بشكل مهني، والمخاوف من تواصل القمع والدكتاتورية الإسرائيلية تجاه الصحفيين العرب في ظل "قانون الجزيرة" وما يترتب عنه من طمس للحقيقة.

واستعرضت الباحثة أفنان كناعنة، الصورة العامة للتحديات التي يعاني منها صحفيو الـ48 والقدس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتأثير السياسات الإسرائيلية على عمل الصحفي عبر الحد من تنقله في الميدان وردعه وترهيبه، وذلك من خلال الاعتقال ومصادرة معدات وآليات الصحافة والكاميرات.

وتناولت جلسة "صحافيون في الميدان" التي أدارتها الصحفية إيمان جبور، وشارك بها الصحفي أحمد دراوشة مراسل التلفزيون العربي، والصحفية هناء محاميد مراسلة قناة الميادين، الملاحقة التي يتعرض لها الصحفي العربي من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خلال تنقله في الميدان.

واستعرض دراوشة ومحاميد التحريض والمضايقات من قبل شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي التي تجري محاكمة ميدانية للصحفي العربي، وإطلاق أحكام عليه تحرض على القتل، ويتم ملاحقة الصحفي وتعقبه ورصد تحركاته في الميدان، وكذلك تعقب المضامين التي يبثها، حيث يتم التعامل مع الصحفيين والصحفيات العرب كأعداء.

منحة أبو عاقلة

وفي سياق أعمال اليوم الدراسي، منحت الجائزة التي تأتي تخليدا لذكرى شيرين وتهدف إلى تعزيز ثقافة الصحافة الاستقصائية في الداخل الفلسطيني، إلى 3 تقارير صحفية استقصائية سلطت الضوء على الواقع والتحديات التي يواجهها الداخل الفلسطيني، والانتهاكات التي تمارسها المؤسسة الإسرائيلية بحقهم في المجالات الحقوقية والخدمية والثقافية والتاريخية والأرض والمسكن.

وخلال اليوم الدراسي الذي شاركت به عائلة الصحفية الشهيدة أبو عاقلة، أعلن عن الفائزين بالجائزة في نسختها الأولى والتي تقاسمتها كل من مراسلة الجزيرة الصحفية فاطمة خمايسي، عن تحقيقها الاستقصائي "أسرلة الحجر"، الذي سلط الضوء على معول التهويد وطمس الآثار العربية والإسلامية في فلسطين الذي تقوم به سلطة الآثار الإسرائيلية.

ووزعت المنحة في نسختها الأولى أيضا على الصحفية نجمة حجازي عن التقرير الاستقصائي "بيتنا ركام.. بيتنا يهدم"، الذي تناولت من خلاله سياسات الإجحاف والتمييز التي تعتمدها سلطات التخطيط الإسرائيلية، وتتمحور حول مصادرة الأرض الفلسطينية وتوظيفها للاستيطان والمشاريع القومية الإسرائيلية، وهدم المنازل لفلسطينيي 48 الذين يخوضون معركة "الأرض والمسكن".

أما الجائزة الثالثة فكانت للصحفية ملك عروق، عن تحقيقها "طفولة مسلوبة"، الذي عالج ظاهرة استغلال الأطفال الفلسطينيين للعمالة واستقدامهم إلى داخل الخط الأخضر من أجل التسول، حيث يتعرضون لاستغلال من قبل العصابات التي تنشط في تشغيل الأطفال تحت مرأى ومسمع سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي لا تحرك ساكنا لمنع انتشار الظاهرة.

الباحثة أفنان كناعنة تستعرض الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصحفيين الفلسطينيين بالداخل والقدس خلال الحرب على غزة (الجزيرة) العدالة لشيرين

وخلال تكريمه للصحفيات الفائزات بمنحة الصحافة الاستقصائية، أثنى طوني أبو عاقلة شقيق شيرين على المبادرة والمشروع الذي يهدف لتثقيف النشء والجيل الجديد من الصحفيين الفلسطينيين، قائلا إن "شيرين ومن خلال مسيرتها الصحفية قدمت أغلى ما تملك، وضحت بالغالي والنفيس، ودفعت ضريبة الدم في سبيل نصرة القضية الفلسطينية".

وأكد أن سلطات الاحتلال تعمدت اغتيال شقيقته شيرين التي تعرضت لاستهداف مباشر من قبل قناص إسرائيلي، مضيفا: "المحزن جدا أن الكل يعرف من الذي قام بقتل واغتيال شيرين، لكن دون أن يدان ويحاكم، بدورنا نواصل مسيرتنا من أجل أن تتحقق العدالة ومحاسبة المسؤولين، وإن كان الأمر صعبا في ظل ممارسات الاحتلال القمعية للشعب الفلسطيني".

وأوضح أنه من الصعب جدا أن ترى الاحتلال قاتل شيرين يواصل آلة القتل ضد الشعب الفلسطيني، يداهم ويقتحم البلدات الفلسطينية ويواصل الجرائم دون حساب، مشددا على مواصلة الجهود لتحقيق العدالة لشيرين عبر المحافل الدولية.

وقال أبو عاقلة: "نعي أن ذلك ليس سهلا بسبب الدعم الدولي الذي تحظى بها إسرائيل، لكن على الرغم من ذلك نأمل أن يكون قريبا اختراق لهذا الدعم الدولي، ليعوضنا ولو قليلا عن الحزن والأسى الذي نمر به منذ اغتيال شيرين".

الكشف عن الحقيقة

وتخليدا لمسيرة الصحفية الشهيدة، أعلن رئيس "إعلام"، أنطوان شلحت، خلال الاحتفاء بالفائزات بالنسخة الأولى من منحة "شيرين أبو عاقلة"، عن تحويل المنحة إلى جائزة سنوية، وذلك بهدف تشجيع ثقافة الصحافة الاستقصائية في وسائل الإعلام بالداخل الفلسطيني.

ويولي شلحت أهمية بالغة للإبقاء على ذكرى الشهيدة الصحفية أبو عاقلة، وتعليم مسيرتها المهنية وأساليب عملها وتغطيتها للقضايا إلى الصحفيين الفلسطينيين في الداخل، وذلك عبر تشجيع الصحافة الاستقصائية التي تعنى بالبحث عن الواقع والكشف عن الحقيقة.

ولفت شلحت إلى أن إقدام المؤسسة الإسرائيلية على اغتيال أبو عاقلة كان من أجل ردع وقتل الصحفي الفلسطيني وترهيبه ومنعه من القيام بمهامه في الميدان، حيث تنظر إسرائيل للصحفي الذي يعارض روايتها وسرديتها والفلسطيني على وجه الخصوص بأنه عدو يجب استهدافه وقمعه وقتله.

وعليه، يقول شلحت "تأتي منحة على درب شيرين من أجل إكساب الصحفيين والصحفيات الآليات والمهارات لفضح وإظهار كل عمليات التعتيم، والتهجير، والتحريض والإقصاء التي تعتمدها المؤسسة الإسرائيلية للقضاء على كل ما هو فلسطيني وعربي.

جلسة نقاشية بعنوان "صحافيون في الميدان" خلال اليوم الدراسي الذي نظمه مركز إعلام لتوزيع منحة "شيرين أبو عاقلة" بالتزامن مع يوم الصحافة العالمي (الجزيرة)

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الصحافة الاستقصائیة المؤسسة الإسرائیلیة الیوم الدراسی الذی بالداخل الفلسطینی الداخل الفلسطینی شیرین أبو عاقلة فی المیدان من أجل من قبل

إقرأ أيضاً:

بين الصحافة والسياسة

aloomar@gmail.com

بين الصحافة والسياسة جدارٌ من ورق. هناك صحافيون يمارسون المهنة بقناعات سياسية محددة بل انطلاقاً من انتماءات حزبية . لكن حتى الصحافي المنشغل مهنيا بمتابعة الشؤون السياسية يجد نفسه متورطا في السياسة. حتى ولو لم يلج المعترك السياسي إذ يجد نفسه قسرا مصنفاً سياسياً من قبل قراء غالباً أو ربما ساسة أحياناً. هذا التصنيف لا يعتمد بالضرورة على رؤاه الفكرية أو مواقفه المهنية. فغالبية التصنيفات تحملها أهواء تتراوح مصادرها بين التمجيد والتبخيس. لذلك قد تجد صحافيين انزلقوا إلى المعترك السياسي رد فعل لتصنيف ٍ ، بغض النظر عن كونه عادلاً أو ظالماً. في بعض هذه الحالات نخسر صحافياً ولا نربح سياسياً. في المقابل ثمة نشطاء سياسيون اقتحموا بلاط الصحافة في سياق شهواتهم للسلطة .ألا يصفون الصحافة بالسلطة الرابعة ؟حتى ولو كان في بلد لا توجد فيه غير سلطة واحدة؟! في مثل هذه الحالات لا نكسب صحافياً ولا نخسر سياسياً.
*****
تلك الحالات لاتتفي وجود صحافيين يغريهم بريق السلطة فيكسرون أقلامهم من أجل المناصب. رغم وجود صحافيين يكرسون أنفسهم من أجل خدمة الساسة إلا ان التكسب ليس غاية كل أولئك . فالتكسب المهني حرفة من ليس له أخلاقيات المهنة أو دافعه غايات سياسية وطنية . فبالاضافة إلى الصحافين المنشغلين بما يعرّف مهنيا بالصحافة السياسية ،يجرف التكسب بعضاً من صالات الصحافة الفنية -مثلا،- أو ميادين الرياضية . هذه الهجرة تعرّي كم هو ذلك الجدار الفاصل بين السياسة والصحافة سهل الاختراق. بل هو عند البعض جدار ٌوهمي. مثل هؤلاء المتكسبين أجهضوا حقوق رجال بذلوا بالتزامهم المهني عرقاً لا يقل غزارةً عن حبرهم وتحملوا كلفة تزيد من نبالة مواقفهم. من هؤلاء من أثبت للصحافة هيبة (السلطة الرابعة). منهم من رفع قلمه في وجه إغراءات المناصب .منهم من مارس السلطة بعقلية الصحافي فما احتملوا السلطة إو ضاق بهم محترفو المناصب.
*****
لعل محمد حسنين هيكل لا يجسد فقط أبرز الصحافيين العرب .بل هو كذلك أفضل من يمثل من استمسك بتعظيم القلم على المنصب . كماهو خير شاهد على عدم احتمال الصحافي البقاء في السلطة وضيق أهل السلطة بالصحافي .أبعد من ذلك ربما هيكل نفسه أحسن من كتب عن (العلاقة بين الصحافة والسياسة) في كتاب ممتع بهذا العنوان استعرض فيه سيرته المهنية. هيكل مزج بين الصحافة و السياسة في واحدة من أكثر تجليات تلك العلاقة وضوحاً و تأثيراً .لكأن صحيفة الاهرام كانت على أيامه إحدى مؤسسات رئاسة الدولة النافذة. لكنه في الوقت نفسه حافظ مهنياً على الجدار الفاصل بين الصحافة والسياسة على قدر ما حافظ على النأي بالاهرام من مأسسسةالدولة. رغم اعترافه في كتابه بأنها العلاقة الأكثر تعقيدا.هيكل عقّد تلك العلاقة على نحوٍ شكّل عقدة لكل من السادات ومبارك مثلما هو أيقونة في الصحافة المصرية استحال إعادة نسجها ممن حاولوا من مجايليه أو ممن مظاهيريه.
*****
لعل طارق عزيز يتميز بتألقه في السياسة أكثر من رصيده في الصحافة . رغم أنها هي منصة انطلاقته الأولى .فمن رئاسة تحرير (الثورة)الناطقة باسم حزب البعث صعد طارق عزيز وزيرا للاعلام ثم وزيرا للخارجية فغدا الناطق باسم العراق كله في جميع المنحنيات التاريخية إبان رئاسة صدام حسين خاصة سني حرب إيران وحرب الكويت .هو مجسد مواقف سيده المنافح وصوت سيده الفصيح لكنه وضع على لقاءاته الدبلوماسية والصحافية لمسات من ذاتيته الأنيقة المتعجرفة حتى لكأنه نسخة من شخصية رئيسه.
*****
مثل هيكل نال ونستون تشرشل شهرة على أعتاب الحياة مراسلا حربيا إذ تم تكليفه من قبل ( ديلي غرافيك )لتغطية صراع كوبا من أجل الاستقلال قبيل سفره إلى الجزيرة الكاريبية.كذلك حصل على تكليف من(مورننيغ بوست )بينما كان في مهمة في السودان ضمن جيش كيتشنر هازم الثورة المهدية.عقب عودته،كتب مؤلفه (حرب النهر) ليكتسب اهمية كأحد المراجع لتلك الحرب الاستعمارية. ثم اتجه تشرشل إلى جبهات التنافس السياسي فقاد بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية رئيسا للوزراء . هو لم يتألق فقط رجل دولة بل ظل يمارس الكتابة الصحافية مما جعله الكاتب الأعلى أجرا.
*****
في سياق الاستعادة لا يمكن تخطي يفغيني بريماكوف فهو رجل لا شبيه له في شرق اوربا.هو نسخة (سوفياتية) انسانية إذ ولد في اوكرانيا ثم تفتحت طفولته في جورجيا قبل الانتقال إلى روسيا يلتحق بجامعات ومعاهد موسكو. هوصحافي محترف في منصات واجهزة اعلامية متعددة.من ادارة القسم العربي في هيئة الاذاعة انطلق بريماكوف مراسلا ثم محررا قبل رئاسة القسم .من الصحافة المسموعة انتقل إلى المكتوبة في جريدة(برافدا) فتدرج كذلك فيها حتى اصبح مراسلا لها في الشرق الاوسط متخذاً من القاهرة مقرا دائما. في هذه المهمة امسى بريماكوف صحافيا معروفا على نطاق عالمي كما محاور اً. مألوفا لدى عدد غير قليل من الرؤوساء والسياسيين والقراء العرب.على صعيد الدولة شغل العديد من المناصب بينها رئاسة المخابرات الخارجية،رئاسة وفود بعثات روسية خارجيةقبل شغله منصب وزير الخارجية في ١٩٩٦ ثم رئاسة الحكومةبعد عامين.
*****
تيارات الهجرة من الصحافة إلى السياسة حملت العديد من الوجوه كماهي
في الاتجاه المعاكس .لكن كثيراً من الطحالب و العناكب غرقت بين الضفتين فذهبت كزبد البحر. لأن من طبع هؤلاء غزل خيوط في لزاجة بيوت العنكبوت بالكذب و التزلف والرياء على أي الضفتين وجدوا. غالبيتهم حاولوا العبور بوهم سهولة اختراق جدار الورق الفاصل بين الصحافة والسياسة.فامسوا فصيلا من المنبتين. الأنظمة الشمولية تهيء مواسم لتكاثر مثل هذه المخلوقات.

نقلا عن العربي الجديد  

مقالات مشابهة

  • ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟
  • بين الصحافة والسياسة
  • فيما ورد خبر من هيئة البث الإسرائيلية ذو صلة بالانفجارات … هذه هي المناطق التي استهدفها الطيران في العاصمة صنعاء ” صور ” 
  • إجراءات جديدة لتشغيل المصريين بالداخل والخارج في قانون العمل
  • «نخبة من المؤثرين» في جلسة رمضانية بـ«دبي للصحافة»
  • نقاش حول دور المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي
  • نادي دبي للصحافة ينظم جلسة رمضانية بمشاركة نخبة من المؤثرين
  • مجلس جديد للتخطيط لوظائف المستقبل وتشغيل العمالة بالداخل والخارج.. تفاصيل
  • عبدالله بن سالم وسلطان بن أحمد يشهدان المجلس الرمضاني لـ«الشارقة للصحافة»
  • الصحفية الرياضية ميمي محمد: النساء بإمكانهن تحقيق النجاحات في كل المجالات