قدم مركز الأزهر للفتوى تعريفا في إطار مشروعه التثقيفي «قدوة» بالشيخ حسونة النواوي في ذكرى وفاته التي توافق  24 من شوال . 

مولده ونشأته

ولد الشيخ حسونه ابن عبد الله النواوي الحنفي -رحمه الله- بقرية نواي مركز ملوي بمحافظة المنيا سنة 1255هـ/ 1839م.

حفظ القرآن الكريم، والتحق بالأزهر الشريف، وأخذ عن كبار مشايخه، حتى حصل على شهادة العَالمية، ونال إعجاب مشايخه ومعلميه.

 مسيرته العلمية 

تتلمذ الشيخ على يد عدد من علماء الأزهر الأجلاء منهم الشيخ الأنبابي، والشيخ عبد الرحمن البحراوي، والشيخ علي خليل الأسيوطي، وغيرهم.

 اشتغل بالتدريس في جامع قلعة محمد علي، إلى جانب التدريس بالجامع الأزهر، ودرَّس الفقه الحنفي وألَّف كتابًا في الفقه وتقرر تدريسُه على الطلاب، ولِسعَة علمه وعظيم مكانته؛ انتُدب للتدريس في كلية دار العلوم، ومدرسة الحقوق -كلية الحقوق حاليًّا-.

ومن أهم مؤلفات الشيخ كتاب: «سُلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين»، وقد حاز الكتابُ شهرةً كبيرةً حيث جمع فيه الأصول الشرعية مع الدقائق الفقهية، لذلك تقرر تدريسه بالمدارس الأميرية.

 عُين الشيخ النواوي وكيلًا للأزهر في عهد الشيخ الأنبابي، ولما قَدَّم الشيخُ الأنبابي استقالته من مشيخة الأزهر عام 1313هـ عُين الشيخ حسونة النواوي شيخًا للأزهر خلفًا له، وبعد وفاة المفتي الشيخ محمد المهدي العباسي تولَّى الشيخ النواوي منصب الإفتاء إلى جوار مشيخة الأزهر، فكان ضمن مجموعة قليلة من العلماء الذين جمعوا بين مشيخة الأزهر والإفتاء، كما كان عضوًا في مجلس شورى القوانين «البرلمان».

وبعد استقالة الشيخ النواوي من منصبه وتولِّي المشيخة أربعةُ علماء بعده؛ صدر قرارٌ خديوي بتعيينه شيخًا للأزهر مرة أخرى عام 1324هـ، ثم لم تكتمل ثلاث سنوات حتى استقال من منصبه عام 1327هـ؛ ليتفرغ للعلم والتعليم.   

وخلال الفترة التي تولاها الشيخ النواوي مشيخة الأزهر الشريف حرص على تطور علوم الأزهر الشريف، وتشجيع طلابه في كافة المجالات، كما  أنشأ الرواق العباسي بالجامع الأزهر، وجَمَع مكتبات الجامع الأزهر في مكتبة واحدة.

 وفاته 

بعد حياة مليئة بالعلم والتعلم والعمل لرفعة الدين والوطن؛ لحق الشيخ النواوي بالرفيق الأعلى في صباح يوم الأحد 24 من شوال سنة 1343 هـ.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر علماء الازهر مشیخة الأزهر

إقرأ أيضاً:

سيرة الفلسفة الوضعية (11)

د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
المرحلة الثالثة - الفلسفة الوضعية
في حوارات نجيب محفوظ الثمينة في (حكاية بلا بداية ولا نهاية)، يلتقي الدين السائد، في مواجهة صارخة، بالعلم المنزوي في معركة، كانت تكون بدون معترك إذا كان الأول هو كما هو...
على عويس: الدنيا تتغير بلا توقف ولا رحمة يا مولانا.
الشيخ الأكرم: ولكن الحقائق باقية خالدة.
- التغير هو الشيء الوحيد الخالد يا مولانا!
- التغير!
- التغير في كل يوم، في كل ساعة، في كل لحظة.
- أراك تتعلق بظاهر كاذب خداع.
- معذرة يا سيدي، فالظاهر الكاذب هو الجمود.
الفلسفة الوضعية
في المرحلة النهاية والمعروفة بالحالة الإيجابية أو بالفلسفة الوضعية، تم منح العقل حق البحث العبثي -ان صح التعبير- أو غير المنظم أو المطلق عن المفاهيم المطلقة، وعن أصل الكون وعن وجهته، وعن مجموعات الظواهر، وقد نذر العقل نفسه ووهبها كليةً في دراسة قوانينهم، أي ثوابتهم، وعلاقات التتابع والتشابه بينهم.
معا المنطق/العقل والملاحظة مجتمعان، هما وسائل هذه المعرفة وهما طرقها. وما نفهمه الآن عندما نتحدث عن شرح للحقائق هو ببساطة عبارة عن إنشاء علاقات أو علاقة بين ظواهر فردية وبعض الحقائق العامة، والتي يتناقص وينكمش عددها باستمرار مع تقدم العلم. (كونت، 2000، ص 28)
لطالما انغمس علماء الاجتماع وعلماء السياسة في كيفية تأثير الدين والحكومات أو السلطة والأنظمة السياسية على بعضها البعض تاريخياً. وقد اعترفا كل من "أوغست كونت" و"إميل دوركهايم" (Comte and Emile Durkheim) بأن الإيمان والدين سيواجهان نزولاً أو ان شئنا قلنا سقوطاً سريعاً مريعاً لا يقاوم في مواجهة التقدم العلمي والتكنولوجي (انظر هيوم، 1911، وكونت، 1855).
ومع ذلك، فقد عبروا أيضاً بالتفصيل عن الوظائف الاجتماعية للعقيدة وللدين. وتماشياً أو اتفاقاً مع هيوم (Hume) (1911)، على سبيل المثال، فإن الإحسان والاهتمام الأخلاقي المرتبط بالروحانية أو بالروحانيات هما ركائز التناغم والاستقرار الاجتماعي.
واضافةً لذلك، لاحظ دوركهايم (Durkheim) (1912) وجود مجموعة من مظاهر الممارسات الدينية والأعراف والعادات داخل التماسك الاجتماعي، وفي باطن أعماقه. وفي ثلاثينيات القرن الماضي، بدأت المدرسة البنيوية الوظيفية، بقيادة تالكوت بارسونز (Talcott Parsons)، في التأكيد على أن تماسك المجتمعات يعتمد اعتماداً كلياً على مشاركة أفرادها في هدف عام، هم ملتفين حوله، وهم متفقين فيه، وكذلك حول مفهوم أو حول مفهومات الأخلاق والهوية وأيضاً هم متفقين فيه، وايضاً هم متراضين عليه أو عليها.
وفي مثل هذا، كانوا يمتثلون لإميل دوركهايم (Emile Durkheim)، الذي لاحظ وجود هذه الضروريات الاجتماعية في أحشاء الدين. وقد أثارت هذه الطريقة العملية في التفكير المزيد من التساؤلات في الوقت الحالي الآني. ويعزو ذلك أساساً إلى دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت وما زالت قادرة على استمرار تماسكها الاجتماعي وشخصيتها القومية أيضاً، بالاقتران والانسجام مع التعددية الدينية ومع التسامح الديني.
ومع ذلك، يمكن للمفهوم البنيوي الوظيفي أن ينفذ بشكل أكثر شيوعاً على مستوى لا يتعلق بالاعتقاد الفردي المحدد ولكن بما يتماشى مع السمة الإيمانية (الأحادية) لتعدد وجهات النظر التي يقف عندها أعضاء المجتمع.
وعلى هذا المنوال، قدم ستارك (Stark) (2001) نظرية سوسيولوجيا للآلهة يعترف فيها بجمعيات التبادل الفردية الخارقة للطبيعة والهبات أو الجوائز السماوية كخاصيتين للتوحيد يؤثران على التنظيم الاجتماعي والاستقرار الاجتماعي السياسي.

وجهة نظر الفلسفة الوضعية
كانت الأفكار الوضعية الرئيسية تؤمن بأن الفلسفة يجب أن تكون علمية كل العلمية، وأن تلك التكهنات الميتافيزيقية ما هي الا محض عبث وشكل من أشكال الترف الذي لا معنى له ولا مضمون، وأن هناك تقنية أو طريقة علمية عامة ومبدئية. وتتمثل الوظيفة الأساسية للفلسفة في دراسة وفي فحص وفي اختبار تلك التقنية أو هذه الطريقة.
وتتشابه هذه الطريقة العلمية الأساسية في كل من العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية، حيث يجب اختزال كل العلوم المختلفة في الفيزياء، ويجب أن تكون الأجزاء التخيلية للعلم الجيد قابلة للحركة ويمكن التعبير عنها في عبارات حول الملاحظات. ودعمت الفلسفة الوضعية فلسفة العلوم الاجتماعية في التركيز على البيانات الكمية.
ففي المنظور الفلسفي الوضعي للكون، العلم والبحث العلمي هما السبيل وهما الطريق المعبدة للوصول إلى الحقيقة. بصراحة، يعتقد الوضعيين بأن هناك حقيقة موضوعية موجودة هناك في الخارج مستقلة عن الباحث ((لا يستطيع الباحث التأثير عليها، على الحقيقة أو التغيير فيها، فهما منفصلان -الدارس والدراسة، أو الباحث عن الحقيقة والحقيقة نفسها))، لمعرفة الكون أو لمعرفة الوجود جيداً بما يكفي، حتى نكون في وضع يسمح لنا بالتنبؤ به والتحكم فيه.
وبالنسبة إلى الوضعي أو الفيلسوف الوضعي أو المهتم بهذه الفلسفة، يعمل العالم وفقاً لقوانين السببية (السبب والنتيجة)، التي يمكننا توقعها إذا استخدمنا طريقة علمية للبحث. ويهتم هؤلاء الوضعيين بدقة وتكرار أبحاثهم ودراساتهم. وكما أنهم مهتمون بمصداقية الملاحظات والمشاهدات وقابلية تعميم النتائج. وهم يستخدمون نهجاً استنتاجياً لوضع النظريات إلى الأمام، تلك التي يمكنهم فحصها ويستطيعون دراستها من خلال تصميم بحث ثابت ومحدد مسبقاً وبمقاييس موضوعية.
وتسمح الطريقة الأساسية للباحثين الوضعيين في التجربة باختبار ارتباطات السبب والنتيجة وعلاقتهما من خلال المعالجة والملاحظة. ويعتقد العديد من الوضعيين أن الغرض من البحث هو مجرد تفسير ومجرد تعريف للظواهر التي يمكن للمرء أن يلاحظها مباشرة ويقيسها بشكل موضوعي. وبالنسبة لهم، لا يمكن الوصول إلى معرفة كل شيء أو أي شيء يتجاوز ذلك الذي ذكر - مثل العواطف والمشاعر والأفكار.
وتعتبر الفلسفة الوضعية طريقة علمية أو بحث علمي، وهي كذلك تعتمد على الفلسفة العقلانية والتجريبية. ولقد بدأت وظهرت مع أرسطو (Aristotle) وفرانسيس بيكون (Francis Bacon) وجون لوك (John Locke) وأوغست كونت (Auguste Comte) وإيمانويل كانط (Emmanuel Kant).
وتنتمي هذه الفلسفة إلى عدة مدارس فكرية، كالمدرسة التجريبية (empiricism)، والمدرسة الطبيعية (naturalism)، والسلوكية (behaviorism)، والعلموية والحتمية (scientism and determinism)، والمدرسة الاختزالية أو مدرسة الاختزال (Reductionism). وعلاوة على ذلك، فهي تعكس فلسفة حتمية تتسبب فيها أو تؤدي فيها الأسباب إلى تأثيرات ونتائج (السببية).
... وللسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...

bakoor501@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • أحمد كريمة: روايات بالبخاري ومسلم تحتاج لمراجعات وعمل علمي
  • هل يجوز الأضحية بديك وأرنب.. أحمد كريمة يرد بالدليل |فيديو
  • سيرة الفلسفة الوضعية (11)
  • «حكماء المسلمين»: الأزهر الشريف منارة الوسطية والتسامح
  • في ذكرى التأسيس .. صور ترصد مراحل تطور الجامع الأزهر عبر العصور المختلفة
  • الأزهر الشريف.. 1085 عامًا من العطاء والوحدة الإسلامية
  • سلامة داود: الأزهر الشريف كان ولا يزال وسيظل يجمع شمل الأمة ويقاوم تفرقها
  • بمناسبة مرور 1085 عاما على تأسيسه.. .محافظ القاهرة يؤدى شعائر صلاة الجمعة بجامع الأزهر الشريف
  • في ذكرى تأسيسه قبل 1085 عامًا.. وزير الأوقاف: الأزهر حصنٌ لحفظ الدين عبر العصور
  • نقل شعائر صلاة أول جمعة في رمضان 2025 من الجامع الأزهر في ذكرى تأسيسه.. بث مباشر