وسط الصورة القاتمة التي رسمها تقرير مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة في منطقة المغرب الكبير والشرق الأوسط، برزت موريتانيا كأفضل بيئة عربية لعمل الصحفيين دون مضايقات سياسية.

وتصدرت موريتانيا الدول العربية والأفريقية في مجال حرية الصحافة بعد حصولها على المركز 33  عالميا، حيث تقدمت بـ 53 نقطة هذا العام، بعدما حصلت العام الماضي على المرتبة 86 عالميا.

وكان لافتا تقدم موريتانيا حتى على ديمقراطيات كبرى مثل الولايات المتحدة التي حلت في المرتبة 55 بسبب "الارتفاع الحاد في انتهاكات حرية الصحافة"  وهي التي كانت تعتبر نموذجًا لحرية التعبير، وفق التقرير.

إليكم تصنيف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2024 ????

برأيك، لماذا تحتل دول المنطقة مراتب متأخرة عالميا في حرية الصحافة؟#الحرة #الحقيقة_أولا #اليوم_العالمي_لحرية_الصحافة #حرية_الصحافة #الشرق_الأوسط #شمال_أفريقيا pic.twitter.com/95hQujuaD5

— قناة الحرة (@alhurranews) May 3, 2024

وقالت المنظمة في تقريرها إن منطقة المغرب الكبير والشرق الأوسط شهدت تقهقرا مهولا على مستوى المؤشر السياسي لحرية الصحافة في الغالبية العظمى من بلدان المنطقة، حيث تواصل السلطات محاولاتها للسيطرة على وسائل الإعلام بكل الطرق والأساليب، من عنف واعتقالات وقوانين سالبة للحرية والضغوط المالية واستخدام للأعراف المجتمعية من أجل الضغط على الصحفيين، ناهيك عن الإفلات المنهجي من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد أهل المهنة.

لكن موريتانيا، ومنذ إلغاء تجريم المخالفات الصحفية فيها عام 2011، أصبح بإمكان الصحفيين العمل في بيئة أقل قمعا، رغم أنهم يعيشون هشاشة كبيرة.

موريتانيا احتلت المركز 33 عالميا على سلم حرية الصحافة

وتعهد الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، في حديث للصحفيين، الجمعة، بمواصلة العمل على خلق بيئة أكثر ملاءمة للصحفيين، وذلك في تغريدة نشرها على صفحته الرسمية على منصة إكس.

ويرى الصحفي الموريتاني، أحمد الناجح، إن تصدر موريتانيا لحرية الصحافة عربيا وأفريقيا لهذا العام يرجع إلى عوامل عدة منها النضال الذي قام به الصحفيون المستقلون في تسعينات القرن الماضي من أجل حرية الصحافة".

ويقول الناجح في حديث لموقع "الحرة" إن النضال "توج إبان الفترة الانتقالية 2005/ 2007 بإلغاء حق المصادرة وحبس الصحفي بسبب النشر".

ويرى المختار بابتح صحفي موريتاني، مختص في الشؤون الأفريقية، أن تقدم موريتانيا في مؤشر حرية الصحافة بدأ منذ سنوات، إذ كانت نواكشوط تتقدم في السنوات السابقة إلا أنها هذه السنة تقدمت بشكل أكبر عن جيرانها وباقي الدول العربية.

ويرجع بابتح في حديث لموقع "الحرة" ذلك إلى ترسانة من القوانين التي شرعت منذ الانقلاب على النظام السابق في 2005 ما خلق بيئة ملائمة لعمل الصحفيين دون مضايقات.

وقال التقرير إنه نادرا ما يتعرض الصحفيون لاعتداءات جسدية، وإن كانت تطالهم هجمات لفظية أو حملات تنمر على منصات التواصل الاجتماعي.

وبينما يمكن للمراسلين التنقل بحرية داخل البلد، يبقى من الصعب الوصول إلى بعض المناطق العسكرية بالقرب من الحدود الشرقية والشمالية دون إذن رسمي.

وذكر التقرير أن لا تجاوزات أو اعتقالات في حق الصحفيين سجلت في عام 2024 الجاري.

سجون خالية من الصحفيين

ويشير الناجح في حديثه للحرة إن ما تحقق من نضال الصحفيين كرس الحرية الصحفية وجعلها في نظر كثير من الصحفيين حقا مكتسبا لا مجال للتنازل عنه؛ ما دفع الأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد إلى القبول به كواقع وسن ترسانة قانونية ترسخه وتعززه بقوانين أخرى.

عامل آخر كرس حرية الصحافة في موريتانيا بحسب الناجح وهو "صعوبة السيطرة والرقابة على محتوى ما تقدمه المواقع الإلكترونية التي حلت محل الصحف الورقية التي كان منع نشر أعدادها أحد الأسلحة الفعالة التي كانت تستخدمها وزارة الداخلية" بحسب تعبيره.

ويعزز النص التشريعي المعتمد في 2006، والمعدل في 2011، حرية الصحافة كما ينص على المبادئ العامة بشأن الحق في الحصول على المعلومات وحماية المصادر، وفق تقرير المنظمة.

ورغم التصنيف الجيد، إلا أن التقرير سجل مع ذلك أن إقرار القانون المعروف بـ "قانون الرموز 2021"  في موريتانيا قد يشكل عائقا أمام الصحفيين، بسبب بعض مواده التي قد يتم تأويلها لقمع الصحفيين في حالة حديثهم عن بعض المواضيع والشخصيات.

وقالت المنظمة إنه في ظل وضع اقتصادي هش، يتعرض الصحفيون لضغوط كبيرة من السلطة السياسية. لكن بعض المنابر الإعلامية تمكنت من الحفاظ على استقلاليتها بشكل أو بآخر.

وذكر التقرير أن عام 2022 شهد إصلاح الهيئة العليا للصحافة والإعلام السمعي البصري، التي يعين رئيسها بموجب مرسوم رئاسي، حيث شملت التعديلات توسيع صلاحياتها لتشمل الصحافة الرقمية، إضافة إلى اشتراط الشهادة في الإعلام بالنسبة للأعضاء بالإضافة إلى تمثيل المعارضة.

وأشار بابتح في حديثه للحرة إلى أنه رغم بعض الخروقات البسيطة إلا أن البلاد لم تسجل سجن أي صحفي أو مصادرة أي صحيفة.

ويتوقع بابتح أن تتقدم موريتانيا أكثر في السنوات القادمة في المؤشر بسبب ما يصفه بـ "ثقافة الحديث بدون تحفظ" التي باتت سائدة في المجتمع الموريتاني في ظل تزايد دور وسائل التواصل الاجتماعي.

في يومها العالمي.. السياسة والحروب تقلص حرية الصحافة حول العالم يعتبر اليوم العالمي لحرية الصحافة، المحدد من قبل الأمم المتحدة في اليوم الثالث من شهر مايو كل عام، مناسبة لتسليط الضوء على واقع هذه الحرية والتحديات التي تواجهها وتقوضها، وفرصة لتقديم جردة حساب سنوية للانتهاكات التي تعرض لها الجسم الإعلامي والصحفيين حول العالم، ما من شأنه أن يقدم صورة عن المخاطر والاستحقاقات التي تهدد واحدة من أبرز مقومات الديمقراطية حول العالم. 

وصنف المؤشر منطقة المغرب الكبير والشرق الأوسط بكونها ذات الوضع الأسوأ على المؤشر، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تخنق الحكومات الاستبدادية الصحافة، ومن ثم أفريقيا، حيث يصنف الوضع على أنه "خطير للغاية" في 10 في المئة من دولها، و"صعب" في نصف دولها تقريباً. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: لحریة الصحافة حریة الصحافة

إقرأ أيضاً:

توقف العبور بين موريتانيا ومالي إثر أعمال شغب قام بها مهاجرون

توقفت الحركة بشكل مؤقت في معبر "كوكي" الحدودي بين موريتانيا ومالي، بعد أعمال شغب قام بها مهاجرون من مالي أبعدتهم السلطات الموريتانية بسبب وضعيتهم غير القانونية، السبت الماضي.

وقالت مصادر لـ"عربي21" إن الحركة في معبر "كوكي" الحدودي بين موريتانيا ومالي توقفت، وإن عشرات الحافلات تنتظر العبور على جانبي المعبر.

وكانت السلطات الموريتانية شنت قبل أيام حملة اعتقالات طالت مئات المهاجرين غير النظامين، وشرعت في ترحيلهم إلى بلدانهم.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن مهاجرين ماليين أحرقوا قبل يومين نقطة تفتيش للشرطة الموريتانية قرب المعبر الحدودي مع مالي.

وقالت وكالة الأخبار الموريتانية (خاصة)، إن باصات موريتانية تقلّ مهاجرين غير نظاميين وصلت إلى الحدود المالية، حيث قامت بإنزال عشرات المهاجرين الماليين، غير أن هؤلاء المرحّلين نظموا احتجاجات في عين المكان ورفضوا المغادرة إلى الأراضي المالية، قبل أن يقتحموا مركز الشرطة الموريتانية وإحراقه.

فيما أفادت وكالة "صحراء ميديا" المحلية، أن الهدوء عاد إلى المناطق الحدودية الموريتانية المالية، بعد توتر وقع يوم السبت قرب معبر كوكي في ولاية الحوض الغربي بموريتانيا.

ونقلت "وكالة الأخيار الموريتانية" عن السفير الموريتاني في مالي شيخنا ولد النني، قوله  إنه تواصل بخصوص الوضع على المعبر مع وزير الأمن الداخلي، ووزيرة النقل، في الحكومة المالية، مؤكدا أن القضية في طريقها إلى الحل.

تطمينات موريتانية
في غضون ذلك أعلنت وزارة الخارجية الموريتانية، أن وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك، أجرى أمس محادثات هاتفية مع وزراء خارجية ساحل العاج والسنغال وغامبيا ومالي، وذلك ساعات بعد اندلاع أعمال عنف وشغب قام بها مهاجرون من مالي أبعدتهم السلطات الموريتانية بسبب وضعيتهم غير القانونية.

وقالت الخارجية الموريتانية في بيان، إن ولد مرزوك، بحث مع نظرائه الأفارقة "تعزيز وتكثيف التنسيق في مواجهة التحديات المرتبطة بالهجرة غير النظامية، في إطار الامتثال بالقوانين والنظم ذات الصلة والالتزامات المشتركة، وبما يتماشى مع ما رسخته الروابط التاريخية التي تجمع شعوبنا الشقيقة من مبادئ حسن الجوار وقيم الضيافة والتضامن".


وحسب البيان، فقد "تم في نفس السياق تجديد الالتزام بحماية حقوق الأفراد وتوفير بيئة آمنة ومستقرة لجميع المواطنين والمقيمين، ومواصلة العمل المشترك لتعزيز التعاون والتكامل، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة".

وأكدت الوزارة على أن المقيمين النظاميين يتمتعون "بكامل الحقوق في وطنهم الثاني، موريتانيا"، مشددة عزم البلاد على "مكافحة تدفقات الهجرة غير النظامية، والتصدي، دون أي تساهل، للشبكات المرتبطة بها".

وأوضحت الوزارة أن ظاهرة الهجرة غير النظامية: " لها أبعادًا لا تخدم لا بلد العبور، ولا بلد المقصد النهائي، ولا حتى بلد المصدر. فهي، في كثير من الأحيان، تنطوي على تحديات أمنية خفية، وتسهل مختلف أشكال الاتجار، بما في ذلك الاتجار بالبشر. كما أنها تؤثر على سلاسة الهجرة النظامية نفسها وتعقدها".

وأضاف البيان: "بذلت موريتانيا جهوداً كبيرة لتمكين مواطني غرب أفريقيا، على سبيل المثال، من تسوية أوضاع إقامتهم من خلال الحصول على تصاريح إقامة بموجب إجراءات مبسطة. ومن المؤسف للغاية أن عددا كبيرًا من المهاجرين لم يلتزموا دائما بالتجديد السنوي لبطاقات إقامتهم، مما يعرضهم، بحكم الأمر الواقع، إلى وضع غير قانوني".

"دوافع لا تخلو من نيات مبيتة"
وانتقدت الخارجية الموريتانية بعض المعلقين على نقاش موضوع الهجرة الذي شغل الرأي العام الموريتاني في الأيام الماضية، ووصفتها بأنها "تعكس أحيانا، وللأسف، دوافع لا تخلو من نيات مبيتة"، مشيرة إلى أنه "لوحظ تداول كمٍّ كبير من المعلومات، هنا وهنالك، تداخلت فيها المغالطات واللبس مع التهويل والتضليل والمزايدات".

واعتبرت الوزارة أن "الأوساط التي انخرطت في ترويج هذه المعلومات تخلط بين ثلاثة مظاهر للهجرة، تختلف من حيث التصنيف والوضع القانوني، سواءً من حيث النظم المعمول بها أو من حيث المبادئ والممارسات التي تنطبق على كل حالة من الحالات الثلاث".

وترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية تعد الأطول في المنطقة، وتبلغ ألفين و237 كيلومترا، معظمها يقع في صحراء قاحلة مترامية الأطراف.

وتنشط على طول حدود البلدين الكثير من التنظيمات التي توصف بالمتشددة، من بينها فرع "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

دعوة للهدوء
في غضون ذلك دعت وزارة الماليين المقيمين في الخارج واندماج الأفارقة، رعاياها في موريتانيا إلى الهدوء.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية المالية، إن "العلاقات بين مالي وموريتانيا تستند إلى أسس تاريخية من الصداقة والأخوة، مذكراً بالتعايش السلمي بين شعبي البلدين على مر السنين.

ودعا البيان المواطنين الماليين إلى الهدوء، مؤكدة أنها تولي اهتمامًا خاصًا بحماية مواطنيها في الخارج، بما في ذلك الماليين المقيمين في موريتانيا.

موجة هجرة غير مسبوقة
وعرفت خلال الأشهر الأخيرة موجة وصفت بغير المسبوقة للمهاجرين غير النظاميين واللاجئين الأفارقة نحو الأراضي الموريتانية ومنها إلى أوروبا.

وباتت شواطئ مدينتي نواكشوط ونواذيبو شمال غربي موريتانيا، وجهة مفضلة لآلاف المهاجرين الأفارقة الحالمين بالعبور إلى أوروبا.


وتقول الحكومة الموريتانية، إن البلاد تستضيف حاليا 400 ألف شاب مهاجر من بلدان الساحل الإفريقي وحدها، وهو ما يمثل 10 بالمئة من سكان البلد البالغ عددهم نحو 5 ملايين نسمة.

وتقول السلطات الموريتانية إنها وجهت نسبة كبيرة من موارد قواتها الأمنية، لإدارة تدفق اللاجئين والمهاجرين "مما يؤثر على قدرتهم على الاستجابة للتحديات الأمنية الأخرى".

قلق أوروبي
ويثير استمرار تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى موريتانيا، ومنها إلى أوروبا، قلق الحكومات الأوروبية، حيث استقبلت نواكشوط خلال الأشهر الأخيرة العديد من المسؤولين الأوربيين لبحث ملفات الهجرة غير النظامية.

وأعلن الاتحاد الأوروبي العام الماضي عن تقديم مساعدات بقيمة 522 مليون يورو لموريتانيا لتعزيز تنميتها الاقتصادية، والتصدي للهجرة غير النظامية.

والخميس الماضي، نفى الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، الحسين ولد مدو، أن تكون بلاده "حارس حدود لأوروبا" مضيفا أن ما يربط موريتانيا بأوروبا في مجال الهجرة هو ما يربطها بدول العالم الأخرى.

مقالات مشابهة

  • كاتبة أميركية: اعتقال خليل أكبر تهديد لحرية التعبير منذ الرعب الأحمر
  • محافظ البنك المركزي: العراق يمتلك واحداً من أعلى احتياطات الذهب عربياً بـ 162طناً
  • العلاق: العراق يمتلك واحداً من أعلى احتياطات الذهب عربياً بـ 162طناً
  • توقف العبور بين موريتانيا ومالي إثر أعمال شغب قام بها مهاجرون
  • بعد إعلان ترامب.. اعتقال طالب في جامعة كولومبيا يشعل الجدل حول حرية التعبير في أمريكا
  • اكتشاف مخطوط نادر يعود للقرن التاسع عشر في مكتبة نقابة الصحفيين
  • التقرير الطبي لسائق طعن على يد آخر بعين شمس
  • رفاهية العراقيين في مراكز متأخرة عربياً وعالمياً
  • حرية سجين
  • أحمد موسى: منذ دخولي الصحافة وأنا أدافع عن مصر.. فيديو