محمد عبدالحافظ يكتب.. عندما يصبح الشعب ظهيرا سياسيا للرئيس
تاريخ النشر: 3rd, May 2024 GMT
ما زلت أتذكر أول وعد قطعه الرئيس السيسى على نفسه فى بداية ولايته الأولى عام ٢٠١٤.. وهو عدم انضمامه إلى حزب أو تيار، وأن ظهيره السياسى سيكون الشعب باختلاف مذاهبه وعقائده ومعتقداته وانتماءاته السياسية، ولم يحنث الرئيس بوعده، ولم يجرؤ حزب أو تيار أن يقول إن الرئيس ينحاز له أو يدعمه على حساب حزب آخر، لأنه يقف على مسافة واحدة بين كافة الأحزاب، ويظل الرئيس ليس عليه فاتورة يدفعها لأحد سوى الشعب الذى اختاره رئيساً، وهذه تجربة سياسية متفردة فى أنظمة الحكم وبخاصة الجمهورية.
وظنى أن هذا التوجه هو الذى أفرز حالة الاستقرار السياسى التى تعيشها مصر، فالصراعات السياسية دائماً ما تكون على حساب الأوطان.
وظنى أيضاً أن «اتحاد القبائل العربية» قد خرج من رحم «الاستقرار السياسى»، لأن هذه الحالة هى التى شجعت القبائل على تشكيل اتحاد لها.
والقبائل العربية فى مصر -وبخاصة الموجودة فى سيناء- ليست كباقى القبائل المتعارف عليها والتى غالباً ما توصف بالفُرقة والتناحر والصراع فيما بينها، فقبائل سيناء وحدتهم الوطنية والارتباط بسيناء، التى كانت دائماً مطمعاً لكل من يستهدف مصر على مدار التاريخ القديم والحديث.. ودائماً ما كان أهل سيناء هم صمام الأمان وخط الدفاع الأول عنها، رغم اتساع رقعتها وقله عددهم.. وكان رجال القبائل العربية مشاركين لأبطال جيش مصر العظيم فى الكشف وإزالة «الألغام البشرية» -أقصد الإرهابيين- التى زرعتها جماعة الإخوان المسلمين على مدار الفترة من بعد ٢٥ يناير حتى جلائهم عن حكم مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو، وذلك خلال حربنا على الإرهاب، حيث كان يخطط الإخوان بمساعدة تنظيم القاعدة وبتمويل أمريكى لتحويل سيناء لإمارة إسلامية.
لست هنا فى معرض سرد قصص وحكايات بطولات أهل سيناء من أبناء القبائل، وتضحياتهم، فلن يتسع المكان ولن يكفى الزمان لهذه القصص والملاحم، وبخاصة التى وقعت أحداثها وقت احتلال العدو الإسرائيلى لسيناء، من يونيو 1967 حتى أكتوبر ١٩٧٣، عندما شاركوا فى حرب الاستنزاف.
لم تكن القبائل العربية متفرقة واتحدت، فقد كانت دائماً على قلب رجل واحد، والاتحاد بشكله الحالى ليس كياناً سياسياً، وليس له أى مطالب، ولكنه شكل إطارى لتوحيد الجهود وتنفيذ الأهداف المشتركة لثلاثين قبيلة بشكل أكثر تنظيماً وتنسيقاً، لمساندة توجهات الدولة، وبخاصة فى هذه المرحلة الراهنة.
وكلنا يعرف أنه لا يوجد أمن بلا تنمية ولا تنمية بلا أمن، فإن هذا الاتحاد سيكون نقطة انطلاق للتنمية الشعبية والعمل الأهلى فى سيناء، بالتوازى مع جهود الدولة فى تنمية هذه البقعة الغالية على قلب كل مصرى، والتى ارتوت بالدماء الطاهرة لشهدائنا فى حرب أكتوبر عندما هزمنا العدو الإسرائيلى وطهرنا الأرض من دنسه، وفى حربنا على الإرهاب، وهذا الاتحاد -أظنها مبادرة مهمة- هو رد فعل طبيعى من أهل سيناء بعد ما لمسوه وعايشوه من اهتمام القيادة السياسية اللامحدود بتعمير سيناء، وعبروا عن امتنانهم بإطلاقهم اسم «السيسى» على إحدى المدن الجديدة فى سيناء والتى سيتم إنشاؤها فى منطقة كانت معقلاً للإرهابيين قبل تطهيرها.. لتصبح المرة الأولى التى يطلق فيها اسم الرئيس السيسى على مشروع يقيمه القطاع الخاص أو الدولة، فعلى مدار العشر سنوات الماضية على حكم الرئيس السيسى، والتى أقيم فيها مئات المشروعات فى كافة المجالات لم يفكر الرئيس فى إطلاق اسمه على أى منها رغم توجيهاته بإطلاق أسماء زعماء مصر ومفكريها وأبطالها وشهدائها على قواعد عسكرية (قاعدة محمد نجيب) وعلى قطع حربية «السادات» و«عبدالناصر» على حاملتى طائرات هليوكوبتر (الميسترال)، وعلى طرق وكبارى ومحاور ومناطق، ولكن رمزية أن يكون اسمه على مدينة فى قلب سيناء من إنشاء القطاع الخاص وبمبادرة شعبية لها دلالة خاصة.. وهكذا يكون رد فعل الشعب عندما يتخذه الرئيس ظهيراً سياسياً.
التشكيل المعلن للاتحاد برئاسة إبراهيم العرجانى بما يملكه من تاريخ وطنى مشرف، ينبئ بنجاح الاتحاد فى تحقيق أهدافه، وسيظل أهل سيناء أدرى بشعابها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الرئيس السيسى الأحزاب السياسية شعب مصر الاهتمام بسيناء القبائل العربیة أهل سیناء
إقرأ أيضاً:
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: عيد الشرطة
عندما يُضّحي الإنسانُ بحياته من أجل الوطن، وبقائه ومن أجل ترابه، ومن أجل عزّته، وطُهره، وصون مقدّراته، والحفاظ على شرفه، وعرضه؛ فتلك غاياتٌ، لا تضاهيها أخرى، وتلك ممارسة نبيلة، لا تناظرها أخرى؛ فمؤسسةُ الشرطة قد قدمت ذلك، وأكثر، وشاهد ذلك موقعة الإسماعلية 1952م التي شهدتْ مُواجهةً جَسُورةً، وشجاعة مع عدوٍ معتدٍ، أثيمٍ حينئذٍ، وهو المحتل البريطاني الذي أراد أن يفرض كلمته، وسلطته، ويمارس وصايته على شعب أجل عظيم قد تربّى على العزة، والكرامة؛ فما كان من هؤلاء الرجال البواسل إلا أن قدّموا أرواحهم، وبذلوا دمائهم؛ لتبقى كرامة الوطن مُقدّمةً على كل شيء، ويصبح الحدث الجلل المخلد في ذاكرة الأمة المصرية ما بقيتْ الحياةُ.
وفي مصر العظمي يتربّى رجال الشرطة في مؤسسة عريقة، من شأنها تشكيل الوعي، والوجدان، وتكسب المهارات، وتصقل الذات؛ ليتخرج منها بواسل الميادين؛ ليؤدوا واجبهم تحت قسم الولاء، والانتماء لتراب هذا الوطن، والحفاظ على مقدّراته المادية، والبشرية، ولو تكلف ذلك الأرواح، والدماء؛ إنها تربيةٌ لها خصوصية منذ أن يلتحق الطالب بكلية الشرطة، أو كما نسميها أكاديمية الشرطة؛ فندركُ أن المهمة قد باتت عظيمة، وأن الراحة تفارق الجفون، والأبدان، وأن السهر على أمن، وأمان البلاد غاية نبيلة، وجهاد، لا يوازيه أمر أخر، وأن تعزيز العدالة، والمساواة، وتطبيق القانون على الجميع مبدأٌ راسخٌ، لا يمكن التنازل عنه.
وما تقدمه المؤسسة الشرطية من تدريب، وصقل للخبرات المعرفية، والوجدانية يُعد فريدًا من نوعه إذا ما قورن بأخرى، وهذا ليس من قبيل المُجاملة؛ فقد أشارت التصنيفات العالمية إلى منزلة، ومكانة، وترتيب أكاديمية الشرطة المصرية وفق ما تنفذه من برامج تدريبية، وتعليمية للإعداد، والتأهيل، وما توفره من نظم تقنية متقدمة، تتيح لمنتسبيها الوصول إلى مستويات قياسية، واحترافية في المجال الأمني؛ ومن ثم يلتحق بتلك المؤسسة المتميزة العديد من الطلاب العرب، والأفارقة؛ لكونها دون مبالغة من أفضل الأكاديميات الشرطية على مستوى العالم؛ نظرًا لما تمتلكه من خبرات، وبرامج، وتقنيات بما يحقق فلسفة التكامل في الإعداد المهني، والأكاديمي على حدٍّ سواءٍ.
وزيارةُ الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأكاديمية في أوقات الاختبارات، وكلماته المعبرة، والصادقة عن رسالة الشرطة السامية، لها دلالاتها الواضحة، وتتضمن رسائل عميقة؛ حيث أشار سيادته إلى أن وزارة الداخلية، وقوات الشرطة تقوم بمهمة مُقدّسَةٍ وهي حفظ الأمن، والاستقرار في الدولة المصريّة؛ فما أجلَّ!، وأرقى هذه المهمة، وما أصعبَ مسئولية الحفاظ على الوطن!، ومقدراته، وما أشْرفها من غاية! يتحقق من خلالها أن تبيت في سربك آمنا، وقارَّ العين، ومُطَمئنَّ النفس على روحك، وكل من تحب، وما لديك، وما أعلاها من مهمةٍ! تُهيء للتنمية، والنهضة المناخ المواتي؛ ليستطيع الجميعُ أن ينتجوا، كلٌ في مجاله، وتخصصه.
وإيمانًا بالعلم، ودوره في الحياة العملية، والعلمية، والمعيشية تؤدي الأكاديميةُ الدور المنوط بها في هذا الخضمِّ؛ حيث تفتح المجال أمام طلابها، وللوافدين من الدول العربية، والأفريقية مساراتِ استكمالِ الدراساتِ العليا بمرحلتيها المعروفة الماجستير، والدكتوراه في العلوم الشرطيّة، والأمنيّة، وهذا الأمر يضيف للرصيد المعرفي عبر بوابة البحث العلمي، ويجدد من طرائق التدريب الحديثة، ويستكشف استراتيجيات أمنيّةٍ، تتماشي مع التقدم التقني المتسارع، بل ويصقل الخبرات المعنية برفع الروح المعنويّة، وتحقيق أقصى درجات الانضباط الانفعالي لمنتسبي المؤسسة الشرطية بمراحلها المختلفة.
وندرك أن نتاج الدراسات العليا يعود بالنفع على العملية التعليمية بالأكاديمية؛ حيث يفرز الجديد من المعارف، التي ثبت جدواها؛ فيصبح المحتوى التعليمي متجددًا وفق ما يتناغم، ويتسق مع النظريات القديمة منها، والمستحدثة، وهذا يؤكد أن برامج الإعداد المهني، والأكاديمي التي تتبناه أكاديمية الشرطة يتماشى مع المعايير العالمية، بل وينفذ بكل دقة، وتحت رعايةٍ، وإشرافٍ متكاملين، كما يعود النفع على المجتمع المصريّ؛ إذْ تخرج الأكاديمية أفضل العناصر الشُرْطيّة المستوفيّة الإعداد، والتي تتعامل بصورةٍ لائقةٍ مع المواطن، وتقدم له سبل الدعم، والمساندة، وفي المقابل تعمل على ضبط الأمن، والاستقرار من خلال المواجهة الحاسمة للخارجين عن سياج القانون، الذي يطبق على الجميع دون اسْتثناءٍ.
وما كان لنا أن ننسى شُهدائَنا من أبرارِ الشُرْطة الذين ضَحّوا من أجل مصر، وتحقيق أمنها، وأمانها والحفاظ عليها، وصوْنها؛ فنبعث لهم دعواتِ الرحمةِ، ونتضرّعُ إلى الله – تعالى – أن يسكنهم جنّاتِ الفرْدوسِ مع النبيين، والصديقين، والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا، ونؤكد أن ذِكْراهم مازالتْ في القلوب، والأفئدة باقيةً، وأن مِيْراثَ الشجاعة، والبطولات بيد جيلٍ تلو أخر، قد نشأوا، وترعرعوا، وتخرّجوا من تلك المؤسسة العظيمة، التي لا ينضبُ عطاؤها، ولا يجِفُّ معينُها أبد الدهر.
ويطيبُ لنا أن نُهْدِيَ برْقيةً عطِرةً تحمل التهنئة، والأمنيات بالدعوات الصادقة بدوام التقدم، والازدهار والرقيّ لتلك المؤسّسةِ صاحبةِ الرسالةِ الساميّةِ، كما تحمل في طيّاتها دعواتٍ بأن يُعين أبطالها في مهامهم، ويُسِدّدُ بالحق رميتهم، ويوفقهم لما يحب ربي - جل في علاه - ويرضى، وأن يحفظَ بهم البلادَ، والعبادَ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.