ما زلت أتذكر أول وعد قطعه الرئيس السيسى على نفسه فى بداية ولايته الأولى عام ٢٠١٤.. وهو عدم انضمامه إلى حزب أو تيار، وأن ظهيره السياسى سيكون الشعب باختلاف مذاهبه وعقائده ومعتقداته وانتماءاته السياسية، ولم يحنث الرئيس بوعده، ولم يجرؤ حزب أو تيار أن يقول إن الرئيس ينحاز له أو يدعمه على حساب حزب آخر، لأنه يقف على مسافة واحدة بين كافة الأحزاب، ويظل الرئيس ليس عليه فاتورة يدفعها لأحد سوى الشعب الذى اختاره رئيساً، وهذه تجربة سياسية متفردة فى أنظمة الحكم وبخاصة الجمهورية.

وظنى أن هذا التوجه هو الذى أفرز حالة الاستقرار السياسى التى تعيشها مصر، فالصراعات السياسية دائماً ما تكون على حساب الأوطان.

وظنى أيضاً أن «اتحاد القبائل العربية» قد خرج من رحم «الاستقرار السياسى»، لأن هذه الحالة هى التى شجعت القبائل على تشكيل اتحاد لها.

والقبائل العربية فى مصر -وبخاصة الموجودة فى سيناء- ليست كباقى القبائل المتعارف عليها والتى غالباً ما توصف بالفُرقة والتناحر والصراع فيما بينها، فقبائل سيناء وحدتهم الوطنية والارتباط بسيناء، التى كانت دائماً مطمعاً لكل من يستهدف مصر على مدار التاريخ القديم والحديث.. ودائماً ما كان أهل سيناء هم صمام الأمان وخط الدفاع الأول عنها، رغم اتساع رقعتها وقله عددهم.. وكان رجال القبائل العربية مشاركين لأبطال جيش مصر العظيم فى الكشف وإزالة «الألغام البشرية» -أقصد الإرهابيين- التى زرعتها جماعة الإخوان المسلمين على مدار الفترة من بعد ٢٥ يناير حتى جلائهم عن حكم مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو، وذلك خلال حربنا على الإرهاب، حيث كان يخطط الإخوان بمساعدة تنظيم القاعدة وبتمويل أمريكى لتحويل سيناء لإمارة إسلامية.

لست هنا فى معرض سرد قصص وحكايات بطولات أهل سيناء من أبناء القبائل، وتضحياتهم، فلن يتسع المكان ولن يكفى الزمان لهذه القصص والملاحم، وبخاصة التى وقعت أحداثها وقت احتلال العدو الإسرائيلى لسيناء، من يونيو 1967 حتى أكتوبر ١٩٧٣، عندما شاركوا فى حرب الاستنزاف.

لم تكن القبائل العربية متفرقة واتحدت، فقد كانت دائماً على قلب رجل واحد، والاتحاد بشكله الحالى ليس كياناً سياسياً، وليس له أى مطالب، ولكنه شكل إطارى لتوحيد الجهود وتنفيذ الأهداف المشتركة لثلاثين قبيلة بشكل أكثر تنظيماً وتنسيقاً، لمساندة توجهات الدولة، وبخاصة فى هذه المرحلة الراهنة.

وكلنا يعرف أنه لا يوجد أمن بلا تنمية ولا تنمية بلا أمن، فإن هذا الاتحاد سيكون نقطة انطلاق للتنمية الشعبية والعمل الأهلى فى سيناء، بالتوازى مع جهود الدولة فى تنمية هذه البقعة الغالية على قلب كل مصرى، والتى ارتوت بالدماء الطاهرة لشهدائنا فى حرب أكتوبر عندما هزمنا العدو الإسرائيلى وطهرنا الأرض من دنسه، وفى حربنا على الإرهاب، وهذا الاتحاد -أظنها مبادرة مهمة- هو رد فعل طبيعى من أهل سيناء بعد ما لمسوه وعايشوه من اهتمام القيادة السياسية اللامحدود بتعمير سيناء، وعبروا عن امتنانهم بإطلاقهم اسم «السيسى» على إحدى المدن الجديدة فى سيناء والتى سيتم إنشاؤها فى منطقة كانت معقلاً للإرهابيين قبل تطهيرها.. لتصبح المرة الأولى التى يطلق فيها اسم الرئيس السيسى على مشروع يقيمه القطاع الخاص أو الدولة، فعلى مدار العشر سنوات الماضية على حكم الرئيس السيسى، والتى أقيم فيها مئات المشروعات فى كافة المجالات لم يفكر الرئيس فى إطلاق اسمه على أى منها رغم توجيهاته بإطلاق أسماء زعماء مصر ومفكريها وأبطالها وشهدائها على قواعد عسكرية (قاعدة محمد نجيب) وعلى قطع حربية «السادات» و«عبدالناصر» على حاملتى طائرات هليوكوبتر (الميسترال)، وعلى طرق وكبارى ومحاور ومناطق، ولكن رمزية أن يكون اسمه على مدينة فى قلب سيناء من إنشاء القطاع الخاص وبمبادرة شعبية لها دلالة خاصة.. وهكذا يكون رد فعل الشعب عندما يتخذه الرئيس ظهيراً سياسياً.

التشكيل المعلن للاتحاد برئاسة إبراهيم العرجانى بما يملكه من تاريخ وطنى مشرف، ينبئ بنجاح الاتحاد فى تحقيق أهدافه، وسيظل أهل سيناء أدرى بشعابها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الرئيس السيسى الأحزاب السياسية شعب مصر الاهتمام بسيناء القبائل العربیة أهل سیناء

إقرأ أيضاً:

وائل سعد يكتب: حكومة تغيير الواقع

جاءت الحكومة الجديدة وسط تحديات كبيرة للغاية، وآمال عريضة ينتظرها الشارع المصري، فالبنظر إلى تشكليها بعد أداء اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، سنجد أنها تضم 20 وزيرا جديدا في سابقة هى الأولى من نوعها فى عهد الرئيس السيسى، وشهد تقليص عدد الوزراء من  32 وزيرا إلى 30 بعد ضم وزارتى الهجرة للخارجية، والتخطيط للتعاون الدولي، وضم التشكيل عدد كبير من الحاصلين على الدكتوراه والمهندسين،والشباب والسيدات. 

أعتقد أن هناك حالة من القبول الشعبي الواسع للتشكيل الحكومي الجديد، في ظل الحاجة الملحة والمطالب العديده لإجرائه، بعد تفاقم العديد من المشكلات والقضايا التى كانت مثار جدل في الشارع المصري خلال الأيام القليلة الماضية، وما تأثرت به البلاد من ظروف دولية، مثل أزمات كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، والاعتداء على غزة، والوضع في البحر الأحمر، كل ذلك كان له وقع الأثر السلبى على الوضع الأقتصادي المصري الذي لا دخل لنا فيه.

وفى ظل تلك الحالة كان لزاما إحداث تغييرا كبيرا يلبى طموحات الدولة والمواطن فى النهوض بكافة القطاعات وتغيير الواقع إلى حالة تكون أكثر قبولا وترضي المصريين.

ماحدث هو تغيير شبه كامل فى حقائب الحكومة والمحافظين وتبين من خلاله أن معيار الكفاءة والخبرة هو الأساس في عملية الاختيار، فضلا عن ظهور وجوه كثيرة من الشباب أسندت إليهم منصاب وزارة، فنحن أصحبنا الآن أمام منهج وسياسات جديدة، نأمل في أن تؤتى ثمارها سريعا.

 وفي تصورى أن أهم ملف يجب أن تركز عليه الحكومة خلال الفترة المقبلة هو النهوض بقطاع الصناعة والتصدير وتقليل عمليات الاستيراد غير الضرورية، التى تكلف الدولة عملة صعبة، والاتجاه بكل قوة إلى الإنتاج، ليكون لدينا منتج مصري بأعلى جودة للمنافسة مع المنتجات العالمية، من خلال إنشاء مصانع جديدة في كافة ربوع مصر، وتشغيل المصانع المعطلة وحل كافة المشكلات في هذا المجال، فضلا عن تحسين بيئة الاستثمار ووضع مزيدا من الحوافز المشجعه والجاذبة له بإبتكار طرق غير تقليدية تحقق هذا الهدف،والأهتمام بتعظيم إيرادات السياحة وستغلال الامكانيات التى تذخر بها مصر وما تحويه من ثلث أثار العالم، وتشجيع الإبتكار ومراقبة الأسواق.  

ولابد من الاستفادة من الموارد التى تتمتع بها الدولة المصرية من مواد وخامات أولية وصناعات لها سمعة كبير جدًا، كـ صناعات الغزل والنسيج والتشييد والبناء والحديد والأسمنت والسيراميك وغيرها من المنتجات التى تحظى بقبول عالمي.

كل ذلك سيساهم بشكل كبير في توفير العملة الصعبة وزيادة عمليات التوظيف وإتاحة المزيد من فرص العمل  والقضاء على البطالة وتوفير العملة الصعبة.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: "تقديس الكفائة" !!
  • علاء ناجي يكتب: عندما تعشق الروح
  • وائل سعد يكتب: حكومة تغيير الواقع
  • مشايخ القبائل والعواقل والنواب والموظفين يودعون محافظ شمال سيناء
  • موجهين له الشكر.. الموظفون ومشايخ القبائل يودعون محافظ شمال سيناء
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي
  • مشايخ القبائل والعواقل والموظفين يودعون محافظ شمال سيناء
  • محمد مجدي يكتب: التغيير الوزاري.. مصر تنتقل من «تثبيت الدولة» لـ«الانطلاق»
  • ماذا يطلب الأكاديميون من الحكومة الجديدة؟.. تعليم وتطوير وخدمات وتمكين
  • الحكومة الجديدة| حركة المحافظين.. تغيير القاهرة وشمال سيناء والغربية وكفر الشيخ والإسماعيلية والسويس وبورسعيد